كلاكيت المشهد الثاني: كنا قد رصدنا في المقال السابق اهم ثلاثة مشاهد اخوانية يجب النظر اليها بتمعن شديد، كخارطة استدلال لابرز معالم الواقع الراهن في المنطقة العربية وفي مصر خاصة باعتبارها تعيش مخاض الولادة الثانية لتيار الاسلام السياسي، فضلا عن كونها بلد المنشأ إن صحت التسمية. وهي للتذكير في نقاط مختصرة: 1- حقيقة مشاركة التيار الاخواني في حكم مصر منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، مشاركة متضامنة تُحملها جرءا كبيرا من مسؤولية افساد الحياة السياسية في مصر. 2- نقض التيار الاخواني لتعهده الانخراط في الحياة السياسية على مبدأ المشاركة لا المغالبة وهو ما لم يحدث لا في الانتخابات البرلمانية ولا الرئاسية. 3- الانقلاب على الحركة الثورية واستغلالها لصالح الوصول الى نتائج محددة، منها العمل على تسويف تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور المصري إلى ما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية. أما في هذا المقال سنستعرض اهم بروتوكولات التيار الاخواني لاسقاط الكيانات والاستيلاء عليها بمساعدة الششعوب نفسها. البروتوكول الاول: السيطرة على السلطة اللامادية والمقصود بالسلطة اللامادية هي السلطة الرابعة سلطة وسائل الاعلام والاتصال التي باتت مع التطور التكنولوجي تتحكم في رسم المشهد السياسي والاقتصادي لاي كيان كان، وهو الامر الذي بدأ العمل عليه منذ بداية تسعينات القرن الماضي مع اقتحام الفضاء عبر القنوات الخاصة التي عملت تحت شعارات تبدو غير حزبية بعيدة عن اي سيطرة رقابية سلطوية. البروتوكول الثاني: استراتيجية الالهاء. وهي استراتيجية تقوم على تحويل انتباه الرأي العام عن القضايا الكبرى لصالح قضايا هامشية يغلب عليها طابع التسطيح الذي يعمل على التشويش بدلا من التدقيق، وهو الامر الملاحظ افتعاله منذ عقد كامل من الزمن، طرحت خلاله وسائل الاتصال عشرات القضايا التي اختطفت العوام باتجاهات بعيدة كل البعد عن قضايا الاقتصاد والعلوم والثقافة. البروتوكول الثالث: استراتيجية نزع فتيل الثقة: وهي استراتيجية تعمل على اضعاف سلطة القانون والدولة معا، وبالتالي تشظي النظام السياسي عبر اختراق الوعي الجمعي لصالح إخضاع العقل لاتجاهات بعيدة عن أهمية القيم الاجتماعية الفردية منها والجماعية، وقولبة السلوك الفردي لتكريس النزعة الأنانية وطمس الروح الجماعية المنتقدة لأي سلوك سلبي، نقداً بناء، مما يؤدي تلقائيا إلى نزع فتيل الثقة بين الحاكم والمحكوم، وصولاً إلي ايقاظ النعرات القبلية والطائفية والمذهبية، وهو الدور الذي لعبته وسائل الإعلام باتقان منذ اللحظات الأولى للقرن الواحد والعشرين. البرتوكول الرابع: إلغاء العقل عبر استثارة العواطف: وهو اسلوب يقوم على مبدأ السيطرة على حسة الأدراك عبر الوسائل السمعية والبصرية التي هي اساس عمل وسائل الإعلام، مما يساهم في استيلاب أو تزييف الوعي الجمعي عبر اختطافه وتوجيهه، توجيهاً يعمل على تعطيل التحليل الفكري المنطقي لأي حدث كان. البرتوكول الخامس: نظرية الاختراق الثقافي: وهي نظرية تحدث عنها سابقا المفكر العلامة الراحل محمد عابد الجابري، حينما طرح ورقة: العولمة والهوية الثقافية في عشر أطروحات، اشار في أهمها إلى ايديولوجيا الاختراق التي تقوم على " نشر وتكريس جملة أوهام، هي نفسها "مكونات الثقافة الإعلامية الجماهيرية في الولاياتالمتحدةالأمريكية"، وقد حصرها باحث أمريكي في الأوهام الخمسة التالية: وهم الفردية، وهم الخيار الشخصي، وهم الحياد، وهم الطبيعة البشرية التي لا تتغير، وهم غياب الصراع الاجتماعي. وإذا نحن أردنا أن نوجز في عبارة واحدة مضمون هذه المسلمات الخمس، أمكن القول إن "الثقافة الإعلامية الجماهيرية" الأمريكية، هذه، تكرس إيديولوجيا "الفردية المستسلمة"، وهي إيديولوجيا تضرب في الصميم الهوية الثقافية بمستوياتها الثلاثة، الفردية والجمعوية والوطنية القومية" بحسب تحليل الجابري. أخيراً إذا ما دققنا النظر فيما ذكر من برتوكولات إخوانية، سنجد أن هناك تطبيقاً شبه حرفي لنظرية " الفوضى الخلاقة " التي كانت قد تحدثت عنها كونداليزا رايس سابقاً كشرط اساس في مخطط ترسيم ما سمي في حينه ب " الشرق الأوسط الجديد أو الكبير" ذلك الشرق الذي بشر به وزير الخارجية الأمريكي السابق المخطط الاستراتيجي الأميركي اليهودي هنري كسنجر.