شكراً لكل من شارك في ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي أطاحت بحكم الفرعون الأخير.. شكراً لشهدائنا الأبرار، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحرير البلاد من حكم الاستبداد.. شكراً لجرحى ومصابي الثورة الذين حرروا مصر من الطاغية الباغية.. شكراً لكل من سالت دماؤهم الطاهرة الذكية في الشوارع والميادين، من أجل غدٍ أفضل لنا ولأبنائنا.. شكراً لكل من شارك في الانتخابات، سواء كان مع الإسلاميين أو الفلول. منذ ستة عشرة شهراً تعيش مصر المحروسة حالة شديدة التعقيد، دون أمن أو استقرار، خسرت خلالها الكثير من الأموال، التي هي بأمس الحاجة إليها، فقد تدنت نسبة السائحين، وهرب كثير من أصحاب رؤوس الأموال، سواء كانوا مواطنين أو أجانب، خوفاً على أموالهم، وكما يقول المثل «صاحب رأس المال جبان»، وليس له وطن، لأن كل همه البحث عن الربح بأي طريقة مهما كانت، ودائماً يخاف على نفسه من الخسارة. الظاهر من نتائج الفرز الأولية، أنه سيكون هناك إعادة بين المرشحين محمد مرسي، المحسوب على الإخوان المسلمين، وأحمد شفيق، المحسوب على النظام المخلوع، مما يضع أبناء مصر المحروسة أمام خيارين لا ثالث لهما، أحلاهما مر، وهو إما أن يختاروا الإسلاميين، الذين خذلوهم، ولم يفوا بوعودهم التي قطعوها على أنفسهم، ولم يقدموا لهم شيئاً ملموساً على أرض الواقع منذ دخولهم إلى مجلس الشعب. وإما أن يختاروا أحمد شفيق، المقرب من الرئيس المخلوع، بل إن هناك شائعات تدور، منذ أن كان وزيراً للطيران المدني، بأن بينه وبين سوزان مبارك صلة نسب. هناك من شكك في نتيجة الانتخابات، لأن نسبة المدعوين إليها زات خمسة ملايين مواطن عن انتخابات البرلمان الماضية، ولكنه برأيي الشخصي، أنه مهما حدث فيها من تجاوزات أو تزوير، فلن تصل إلى 10% مما كان يحدث سابقاً، فقد كانت الانتخابات في السابق مزورة 100%، وليس هناك أدنى شك فيما أقول. على الرغم من أني أختلف مع الإخوان المسلمين، ودائماً أنتقد سياستهم، إلا أنه في هذه المرحلة لا يصح إلا الصحيح، ولابد لي من الوقوف معهم، من أجل ألا يصل إلى الرئاسة أحد أعوان النظام السابق، لأني أعمل من أجل مصر الحبيبة وليس لمصلحتي الشخصية، فأنا لم ولن أستفيد من الإخوان حتى وإن وصلوا إلى سدة الحكم، وكل همي هو العبور بسفينة مصر الحائرة من خضم المحيط ومعترك الأمواج إلى بر الأمان. في هذه المرحلة الحاسمة يحتاج أبناء مصر الأعزاء إلى الترابط والتكاتف، والوقوف مع مرشح واحد، وأنا من وجهة نظري، أن الأفضل لقيادة مصر العزيزة في هذه المرحلة هو محمد مرسي، لأن الإخوان المسلمين، مهما كان لديهم من أخطاء فلن ترقى لأن نضعهم في كفة واحدة مع فلول النظام البائد، الذين دمروا اقتصاد مصر، وحطموا معنويات أبنائها، وجعلوهم يشركون بالله، دون قصد، بخوفهم على أبنائهم من المستقبل، وكأنهم يعلمون الغيب، أو يشكون في أن الرزق من عند الله وليس من عند البشر، وهو الوحيد المتكفل به. إذا أردنا أن نحافظ على مكتسبات الثورة، ونرد لشهدائها الأبرار حقهم، ونحفظ لجرحاها اعتبارهم، فليس أمامنا إلا محمد مرسي، المحسوب على التيار الإسلامي، لأنه من الصعب علينا أن نخون شباب الثورة وشهداءها وجرحاها، ونسلم المحروسة، بعد كل هذا العناء، على طبق من فضة لأحد أعوان مبارك المقربين، لكي يعيد بناء النظام البائد من جديد بحرفية واقتدار. هذه من وجهة نظري، وأنا لا أعارض الرأي الآخر، بل أرحب بالنقد البناء، لأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. ولكن إذا فاز محمد مرسي، فواجب عليه أن يخلع عباءة الإخوان، لأنه سيكون حاكماً للشعب وليس لفصيل بعينه، وأن يلبس ثياب مصر العزة والكرامة، ويحول الجماعة من محظورة إلى مشهرة، وتفصح عن تبرعاتها من أين تجمعها وأين تنفقها؟ وأن يختار نائبيه من خارج الإخوان، ويتخلى الإخوان عن رئاسة الوزراء، لكي لا نعيد سيناريو الحزب الوطني مع تغيير الأسماء. كتب الله لبلدنا الحبيب أمر رشد، وحكَّم عليها من يتقي الله فيها، ووفق أبناءها إلى العمل لمصلحة وطنهم والرقي به، إنه ولي ذلك والقادر عليه. كاتب مصري