لأن معظم الذين هم على الساحة السياسية المصرية الآن يحاولون تكييف هوى مصر، ومزاجها العام على أهوائهم وأمزجتهم الشخصية الخاصة؛ ويجتهدون في محاولة صَوْغِ المصلحة القومية، والإنسانية العامة لمصر قالباً كبيراً، و ضيقاً في آن كي يستوعب وفقط مصالحهم وطموحاتهم الشخصية الخاصة، الضيقة، والمختلفة ؛ أكتب هذه السطورَ في تلكم الساعات الحرجة المعدودة على الأصابع، قبل انطلاق صافرة بدء فتح صناديق الإنتخابات الرئاسية المصرية لليوم الأول من الجولة الأولى؛ لاستقبال كل مَنْ لديه الحق في التصويت من أبناء مصر، في كل عموم مصر .؛ داعياً المولى سبحانه أن يُعَمِّقَ نقشَ حروفي ويُعلي صراخ قلمي ، راجياً الربّ عزّ وجلّ في ذات الوقت أن يُخلِفَ تنبؤاتي وظني ! آمِلاً في رجال السلطة و الساسة الوطنيين في برِّ مصر؛ أنْ يعودوا ليُحَكِّموا صوت العقل، ويُغَلَِِّبوا إرادة الشعب، و مصلحة الأمة ومستقبل أمنها، ووسائل عيش، وعِزِّ أبنائها، على ما عدا كل ذلك؛ من طموحات شخصية أو حزبية فارغة، مهما نفخوا فيها وهوَّلوا ! وأمجادِ جهوية أو طائفية زائفة، مهما بالغوا فيها وهلَّلوا .. ! إنني باقٍ في تَرقُبي، مُيْقظاً وعيي ولا وعيي؛ بدءًا من تلك السويعات التالية لكتابة هذا المقال، وحتى يشاء الرحمن لنا بصالح الأحوال ؛ أُنَبِّه وأحذِّرُ من رياحٍ وشآبيبَ وعواصفَ يمكن أن تَهُبَّ علينا فتذرو كل ما تحقق لثورتنا المصرية الفتيَّة من مكتسبات، ولا تزال عنها أو تنفك؛ حتى تأتي على الأخضر منها قبل اليابس، ولا تخلِّفُ خلفها من شيءٍ إلا كعصفٍ مأكولٍ، وجويلٍ في كفِّ الريح !! أخطر تلك العواصفِ والرياح على الإطلاق تلك الريحُ المرسلةُ التي يمكن أن تأتينا عبر بوابتنا الشرقية المفتوحة على بني صهيون ! وهذا هو السيناريو الأصعب حقاً حين تتفق مصلحة رجال السلطة والمجلس العسكري الحاكم في مصر مع مصلحة جيراننا الأراذل (المدعومين بمباركة الماما الأمريكية) على حدودنا الشرقية، فيقوم الأراذل بتنفيذ عملٍ عسكريٍّ تكتيكيٍّ متفق عليه من قِبَلِ الأطراف على شريط محدودٍ من حدودنا في سيناء؛ ما يستلزم معه أن يقوم المجلس العسكري بالضرورة بإعادة تطبيق قانون الطواريء على كافة أنحاء البلاد، و يتجمّد بالتالي كل الحراك السياسي الجاري، وتتوقف كل الفعاليات الديمقراطية السائرة بالبلاد نحو العدل و الحرية ، وتسليم السلطة لحكومة وطنية مدنية ، ويبقى الحال على ما هو عليه، ونعود لنقطة الصفر ، وننزل إلى الشوارع ونملأ الميادين ونسن ألسنتنا ونجلي حناجرنا (ويسقط .. يسقط .. حكم العسكر) !! ، ونعبيء ونحشد كل يوم الأرواح والدماء لدفع فاتورة الحرية من جديد، ويوما بيوم !! ولكن .. ما الذي يمكن أن يدفع الأحداث والأحوال، ويرمي بها إلى ذلك المنزلق الخطير .. ويبث روح الجرأة على ارتكاب الأطراف لفعل أحمق كهذا، ويعطي المبرر الصوري للإقدام عليه ؟! إنه وبلا شك الخلاف المحتملُ نشوؤه بين القوى السياسية (المختلفة أو حتى المتقاربة الرؤي)، وتداعيات ذلك الخلاف، من تلاسن وتكالب، وتناحر، بل وربما فوضى يُفضي إليها تقاتُلٌ مسعورٌ على كرسي العرش في الانتخابات الرئاسية المصرية المرتفبة بعد سويعات من الآن؛ و بدءاً من اليوم الأول أو الثاني من الجولة الأولى ، وحتى إشعار آخر ( عادةً ما يأتي متأخراً) !!. ... السيناريو الثاني وهو ما يمكن أن نسميه ( الإنقلاب الديمقراطي على السلطة) ! كميات ضخمة من الأموال يقوم رجال الحزب الوطني المنحل وفلول النظام البائد بضخها في الشارع المصري منذ شهور وحتى اليوم مستغلين عَوَزَ العُوْزِ، و حاجة المحتاجين ؛ مدعومين بواسائل إعلام مأجورة، أو ذات علاقة ومصلحة وصلة؛ وسائل إعلامٍ مُتَنَفِّذة، وكثيرة، ومتعدِّدة بشكل لا يحيط به محيطٌ، إلا الله الواسعُ العليم ! ما يخلِقُ بالنتيجة فرصةً كبيرة سانحة لأنْ يَعتلي أحدُ الخَلَفِ المنبوذين كرسي عرش كبير رموز السلف المخلوعين؛ ويعود فلول الحكومات البائدة، الساقطة بفعل الثورة ودماء الثوار، إلى الحكم بفعل ضلالات الإعلام ، وزكائب أساطين المال ! ... السيناريو الثالث وهو الأكثر هَوناً، والأسهل معالجة ً؛ عندما يخسرُ كرسيَّ العرش كل الذين هم على الأطراف؛ من عسكرٍ، وتياراتٍ دينية، وفلول نظام بائد؛ ويعتلي أحدُ المرشحين من الوسطيين المعتدلين كرسيَّ الرئاسة المصرية سواء كان ( يسارياً .. اشتراكيا ًثورياً .. ناصرياً قومياً .. ليبرالياً .. أو دينياً وسطياً معتدلاً ) هنا ستتحول الحالة من إتفاق مصالح ( بين السلطة الوطنية الحاكمة من جهة ، وإسرائيل من جهة أخرى، بافتراض السيناريو الأول) إلى إتفاق مصالح (بافتراض هذا السيناريو الثالث) ولكن ؛ بدخول أطراف أخرى جديدة هي ( الحكومة والعسكر والتيارات الإسلامية والفلول من جهة، ومؤسسة الرئاسة من جهة أخري) ويبقى مجلسا البرلمان (الشعب والشورى) يراوحان بين هذا وذاك من الأطراف؛ فيما يبقيان مجلس الوزراء ومؤسسة الرئاسة نِدَّيْن متلازمين متناظرين مستنفَرين طوال الوقت، ويبقى لكل مقام مقال ، ولكل فعل ردّ فعل ! توترٌ دائمٌ دائبٌ بلا شك يؤدي في النهاية إلى موسم مُفعم بمزيد من الإنتخابات تلو الإنتخابات بمختلف أنواعها، ومسمياتها، ولن يعجز الدستوريون والقضاةُ بالتأكيد عن تقديم المبررات، والمبررات؛ ليس لإعادة إنتخابات مجلسي الشعب، والشورى، والرئاسة فحسب؛ بل وإعادة تشكيل الحكومة ، وإعادة صياغة بعض مواد الدستور نفسه مادةً تلو مادة ، وصياغةً بعد صياغة !! ... ويبقى لكل حادث حديث ولكل سيناريو تحليل ... ... ثلاث سيناريوهات للإنقلاب على ثورة 25 يناير