أنا كمواطن مصري بسيط لا احمل ضغينة للمجلس العسكري ولا للإخوان المسلمين عندما توجهت لصندوق الاقتراع في مجلسي الشعب والشورى لأدلي بصوتي لصالح حزب الحرية والعدالة فردي وقائمة كنت أدرك حينئذ الخبرة السياسية لدى جماعة الإخوان المسلمين وكنت استبشر خيرا في هذه السياسة للعبور من هذه المرحلة الخطرة التي تمر بها مصر وكانت تجاربهم السابقة في إدارة النقابات المهنية مؤشرا على ذلك , ولكن للأسف الشديد خاب ظني ثلاث مرات في تلك السياسة التي انتهجها الإخوان بعد وصولهم للبرلمان , الأولى عندما أرادوا تشكيل حكومة انتقالية وسحب الثقة من الحكومة الحالية ولكن الدستور الحالي لم يخدمهم في تنفيذ مرادهم ، والثانية عندما أرادت الجماعة أن تهيمن على اللجنة التأسيسية لوضع الدستور والاستخفاف بعقول المصريين بأن من هم من خارج المجلسين لا ينتمون للإخوان وكأن من ينتمي للإخوان فكريا وغير منضم للجماعة وغير مشترك بالحزب لا يحسب عليهم , والثالثة عندما فاجئ الإخوان المسلمين وحزبهم الجميع بترشيح المهندس خيرت الشاطر لخوض انتخابات الرئاسة في مصر في تراجع صريح للإخوان عن تصريحاتهم السابقة بعدم ترشيح مرشح أخواني للرئاسة , وفي ختام المؤتمر الذي أعلنت الجماعة فيه نبأ ترشيح الشاطر ذكر الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان أن المهندس خيرت الشاطر له دعوة مستجابة أطاحت بمبارك وعائلته قاصدا دعوة الشاطر عام 2007 التي قالها من داخل قفص الاتهام عندما تمت إحالته هو ورجل الأعمال حسن مالك وآخرون من أعضاء الجماعة بأمر من مبارك الحاكم العسكري حينئذ إلى محاكمة عسكرية استثنائية وسرية وذلك بالرغم من حصوله على البراءة عام 2006 وكأن الأخوان المسلمين إذا لم يقوموا بترشيح الشاطر للرئاسة فستكون نهايتهم ربما خوفا من دعاء الشاطر عليهم متناسين أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وأن الله سبحانه وتعالى استجاب دعوة المهندس خيرت الشاطر لأنه ورفاقه كانوا مظلومين لا ذنب لهم سوى أنهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وكونهم رجال أعمال ظن النظام السابق الفاسد أنهم يدعمون جماعة الإخوان المسلمين ولا بد من محاسبتهم ولكن هذا لا يعني أحقية الجماعة فيما تفعله حاليا بالمصريين الذين أعطوا الحزب أصواتهم وهذا التخبط في سياسة الإخوان يشكل خطورة على استقرار الأوضاع في مصر فعندما رشحت حزب الحرية والعدالة لم يدر بخلدي لحظة أنهم سيحاولون الهيمنة على تلك اللجنة التأسيسية لوضع الدستور , لأن دورهم الموافقة على القوانين والتشريعات ومناقشتها ومراقبة أداء الحكومة واستجواب وزرائها ومناقشة الميزانية العامة ونص المادة 60 من الدستور ينص على أن مجلسي الشعب والشورى ينتخبوا 100 عضو لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور ولا يصح ان يكون الناخب هو المرشح في ذات الوقت فهم من المفترض أن ينتخبوا أعضاء اللجنة الذين يريدهم الشعب وذلك لأنهم نوابا عن الشعب ، فمثلا الدكتور يحيى الجمل والدكتور محمد البرادعي والدكتور احمد زويل والدكتور محمد ابو الغار والدكتور مجدي يعقوب وغيرهم الكثير من الأسماء التي يجب أن تشارك في عضوية اللجنة التأسيسية لوضع الدستور فالدستور الجديد يجب ان يكتبه كل المصريين ويجب الا يهيمن عليه الإخوان أو المجلس العسكري , فاللجنة التأسيسية لوضع الدستور لا بد ان ينتخبها الشعب من بين الفقهاء والمتخصصين والخبراء وأساتذة القانون الدستوري المنتخبين في أقسامهم بكليات الحقوق , ويجب ان تكون ممثلة لجميع فئات الشعب كما تمثل جميع التيارات السياسية ؛ الإخوان والسلفيين واليساريين والليبراليين والناصريين وائتلافات الثورة والأزهر والصوفيين والأخوة الأقباط يجب أن يمثلوا بكافة طوائفهم , وجزئيات الدستور التي ينشأ عليها خلاف بين أعضاء اللجنة يجب استفتاء الشعب عليها بعد انعقاد مناظرة علنية بين الطرفين المختلفين وللشعب كلمته الأخيرة. أما بخصوص الرئاسة فإنني كمواطن مصري أقترح فكرة الكوكتيل ممن يستطيعون بالفعل تنفيذ برامجهم ويستطيعون جميعا التخلص من الأنا فبدلا من ان ننتخب برنامجا واحدا يقوم بتنفيذه سعيد الحظ في سباق الرئاسة فما المانع أن يقوم من سيحالفه الحظ في سباق الرئاسة بضم مجموعة من مرشحي الرئاسة ممن لم يحالفهم الحظ معه فيكون منهم من هو نائب رئيس ورئيس وزراء ونائب رئيس وزراء ووزير يخدم مصر في موقعه بغض النظر عن كونه رئيس أم لا ونستفيد نحن كشعب بحيث نضمن أن هذا الكوكتيل قادر على حل جميع مشاكلنا والتاريخ المصري يسجل انجازات كل من يساهم في رفعة الوطن سواء كان رئيسا أو وزيرا أو عالما أو عاملا , وربما يسأل سائل بأن المركب التي لها قائدين تغرق فأقول له أن هؤلاء جميعا سيعملون مع الشعب ومن أجله بغرض تحقيق هدف واحد وهو تقدم ورفعة مصر , والشرط الوحيد لنجاح هذا الكوكتيل هو تخلي كل مرشح عن الأنا لأن الكوكتيل النهائي سيأخذ الميزة التي في برنامج المرشح والتي تغفلها برامج الآخرين وكذلك يجب أن يتخلى كل منهم عن أي انتماء حزبي أو ديني أو مؤسسي تكون قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم في تطبيق العدل والديمقراطية التي هي أساس كل تقدم في كافة المجالات. دكتور / محمد عبد الصبور فهمي استاذ الرياضيات التطبيقية بكلية الحاسبات والمعلومات بالإسماعيلية – جامعة قناة السويس [email protected]