طيرا الحنفي كاتب مغربي ومحام حين تطرقنا لمقال عن احمد شوقي بك ,قلنا ساعتها ان الدهب الخديوي نثر له ارضا ,لكن احمد شوقي نظر بعيدا حد المدى كانه يبحث مع رامبو شاعر فرنسا الكبير ,عن نهايات الشمس وسط الضياء اليوم نلتقي بشاعر الاندلس الكبير ابن شهيد صاحب كتاب التوابع من الزوابع ,اي اناث الجن وذكرانها ومساهماتها في الالهام الشعري عند العرب ,اكانوا مشارقة او مغاربة اندلسيين ابن شهيد فتح عينيه هو الاخر برحاب القصور الاموية لعبدالرحمان التالث ,وشق له مسار ذي الوزارتين قبل ابن حزم ولسان الدين ابن الخطيب الناصر الحاجب الذي مارس ايضا سلطات الوصاية جراء الحجر على الامير لصغر السن ,قرب اليه ابن شهيد كما قرب اوديب في اسطورة اوديب ملكا ,استعصى عليه اكل تفاحة كبيرة كانت بيد الحاجب المنصور فقطعها له اربا ,فهو اذن من شعراء سيبويه اي عصير التفاح الذين فتح الاريج لهم الافاق ,بل ان الحاجب منحه اموالا اصر على ان يكون بها صاحب فضل على من يشاء وكيفما شاء ,هذه اذن هي حياة وتقاليد السلطة كما عرفت سواء باصله غطفان او غيرها من المناطق السبئية الصنهاجية الاخرى ,المهم ان المرضي عنهم يفتح لهم اريج سيبويه ويكونون اهل فضل وعطاء ومنة شاء القدر ان يتوفى الحاجب المنصور سنتين بعد ذلك ,فبدل والد ابن شهيد حياة ابنه ذي العشر سنوات من ثياب الحرير الرطب للباس الكتان الخشن ,ومن عصير سيبويه التفاحي اللزج الى علقميات شظف الحياة وبعدما استقصى عنه الامير المظفر صديق صباه ,خبر ابن شهيد عن حاله بالعويل والبكاء لان زهديات ابيه جعلته اخرويا اكثر منه ابن دنيا الناس ,فعطف عليه المظفر وارجعه الى وادي الحرير ولباس الحرير ,وطيب الحرير وفرسان الحرير ,فطاب نفسا مجددا بالحياة الحريرية,لكنه لم يصل لمستوى الوزير الكاتب ما يسمى مدير الديوان لان هذه المهمة ,قوام مرجعها الوجه الحسن والاذن الصاغية والانف الشمامة ,وهو عن هذا المجال قاصر ,لان امور الشؤون العامة تدبر بهوى ذوق العامة دخلت الاندلس في منتهى القرن الخامس الهجري في فتنة الحجابة والخلافة ,حيث اصطف الفقهاء جهة خليفة الخليفة الاموي هشام ابن الحكم من بعده حفيد عبدالرحمان التالث ,بعدما قتلوا الحاجب عبدالرحمان الناصر اخ المظفر الذي ورد قرطبة من طليطلة ,وكانوا يلقبونه بالشنجول لانه ابن افرنجية اسبانية ,وبناء فلسفة الحكم على قطع الرؤوس والدعاية السوداء والاضطهاد السياسي اي الزعزعة ,ليست فقط مذكورة عند ابن بسام في الذخيرة او القالي في الامالي ,بل ايضا مذكورة بتفصيل عند ابي زرع الفاسي في القرطاس ,وابن عذارى المراكشي في المغرب علما الانتروبولوجيا المهتمون بتاريخ بلاد سبا العربية وسفا الافرنجية ,يستغربون كثيرا عن تناقضات هذا النوع من الفلسفة الذي سمته ادبيات ديكتاتورية الحربين الكونيتين في القرن العشرين ,بان عباد الديكتاتور هم اول من يهتفون بسقوطه ,هذا النوع من العبث الممقوت جعل السلطة كما هي ,صاحبها كما قال عثمان الاموي للخوارج في قضية الخراج ,***كيف لايفضل صاحب الفضل على من عليه الفضل بفضله ***ومن هذه الفلسفة خرجت الفتنة الكبرى في نسختها الاصلية الشيعة والخوارج والمرجئة ,او نظيرتها الاندلسية ,فيما سمي بصراع الحجابة والخلافة ,هذه الامور تطورت في العصر الحديث الى القصر والاحزاب ,لخلق وسائط بديلة تقي الناش لظى تلك المدلهمات العظمى ,اعمالا لمقولة ,ذي المغراف لاتحترق يده فرغم بعد الزمن ,ما اشبه الليلة بالبارحة ,فها انتم ترون الوزير ابي سعيد المغربي كل مرة يكتوي بلظى المهمات الصعبة التي تسند اليه ,في اطار صراع دول هذه المرحلة الفتنويو الاندلسية ,الزبيريين والزيريين والكنونيين ,وراينا سابقا ان راس كنون والزيري قطعتها الفتن السلطوية ووجهت لقرطبة ,وابن شهيد شاعرنا المختار اليوم هو من الفئة الفهرية الزبيرية ,وهي فئة وان كانت لاتشكل العمود الفقري للحكم والسلطة الا انها ,تستجمع كل تراث صنهاج وسبا وبلقيس وما شابه ,لذلك ليس من غريب الصدف ان يخرج ابو بكر الزبيري من معارك فتن السلطة غير مغتال ,في الوقت الذي اغتيل فيه عمر وعثمان وعلي ,وليس غريبا ايضا ان تخرج عائشة الزبيرية من فتن الجمل وقميص عثمان في واقعة تحريض طلحة والزبير ناجية من تلك الحروب ,لكن ابنها السيكولوجي عبدالله ابن الزبير ابن شقيتها اسماء لقي مصرعه على يد كتائب الحجاج ابن يوسف الثقافي ,وحينما امعنوا في سلخه بعد الدبح للايغال في التعذيب ,رددت قولتها المشهورة ***ان الشاة لايضيرها السلخ بعد الدبح***,اي ان اهات ماوراء الموت لاتتناها لاسماع البشر ,وهنا تكون البشرية قد دخلت منعطفا اخر ,نسميه في العلوم السياسية بمنعطف خلق قاموس الاضطهاد المضاد ,لان الجلاد حينما يلفحه خطاب مضاد ,يدرك الناس وعموم السامعين ان الامر يتعلق بحرب كلامية ذكية بالاجمال اذن ذلك التاريخ اختصره ابن حزم وابن زيدون ,فمن يريد نبراس الحكم الاستعلاماتي عليه بابن حزم في طوق الحمامة ,ومن يبتغي مسارات الحكم العسكري عليه بابن زيدون في ديوانه ,ومع الاثنين هناك اساطير اخرى مثل اسطورة اوديب ملكا وكذلك ملحمة جالجاميش ,فهذه كلها تشكل زاد البشرية في طرق الحكم ابن شهيد اراد هو الاخر خلق اسطورة خاصة به على طريقة نازا الفرقدين عند ابن طفيل في حي ابن يقظان التي تعبر عن ماساة الاضطهاد المدهبي ,والركون لمستقر العادة الطبيعي ,لذلك حين عطف الحاجب على ابن شهيد كان عطف اسد ينمي شبلا ,لكن ابو مروان اب ابن شهيد كان له مسار اخر وهو ان يكبر ابنه على مقاس حياة الناس الطبيعية حيث لاسيبويه ولاحرير ابن شهيد اراد اسطورة كرنفالية فلكلوريبة مهرجانية ,يؤصل فيها للشعر في مجال الامحسوس ,ابن شهيد اختار عملا غير مسبوق ليخلد به شهرته ويغني به سيرة وجوده ,فالعودة اليه هي عودةالضرورة واستحضار لمجال التنوع في انتاج زاد البشرية ,واغناء تراثها المعرفي ,حيث خرج من حياة تلك الفتن بمشهويته ارم الخطوب بمثلها عزما ,مثل هذا رايناه مع طه حسين حين شارك في فتن الدستوريين ضد الزغلوليين ,واختصر ابن شهيد محن 25سنة الموالية لوفاة الحاجب الامير الناصر بقوله وارم الخطوب بمثلها ****عزما,فانت لها مساهم وابن شهيد ظل متعلقا بقرطبة المتناقضة ,العجوز الزانية ,فقد عانى كثيرا من حسد الحكام وضغائنهم ,حتى انه متيم بمجتمع البيضان ضد السودان الذين كانوا يطمحون لارساء معالم وحكم دولة اندلسية حامية زنجية ,فهذا الصراع الاثني شكل ايضا جزء من تراث ابن شهيد فهو بيضاني او بيضاوي بتعابير عصرنا الراهن ابن شهيد صرعه داء الفالج الذي راينا انه قضى ايضا على الطبيب الرئيس ابن سينا ,حين قولته بان الذي كان يداويه اصبح يؤذيه حتى قضى عليه كما قضى على ابن شهيد ايضا ,وهو المرض الذي اعتبره الشيخ خليل ضمن امراض الفراش التي تنال من التصرفات القانونية والشرعية ابن شهيد على غرار ابي نواس لاقى ما لاقى من ملاحقات صاحب الزنادقة ,هنا المقصود المجون وليس الاخراج عن الاجماع كما يرتجي البعض ,فابن شهيد كما ابي نواس بعيدين عن صراعات المداهب الدينية ,انما كل همهم هو عيش حياة اللذة والمجون ,فبغداد ملهمة اسطورة جالجاميش حاكمت ابو نواس الحسن ابن هاني وخرج كالشعرة من العجين في الاتهام بالكفر في ابن قوله في قصيدة **وقد صاح الديك ببشرى الصبح مرات مرات *** ما يلي = ياحمد المرتجى في كل نائبة ***قم سيدي معصي جبار السماوات بالمثل نجد عند ابن شهيد وتعلقه بالمجون بيته الشعري حيث يقول = وان طال ذكري بالمجون فانها ***عظائم لم يصبر لهن جليد ابن شهيد حين وصل مرحلة الفتى الذي عضه الردى رغم انه في العمر الدهبي 50سنة بل اقل فانه اختار الموت الرحيم 'ليبقي على ذكرى اعين ساحرة الاحورار التي تبتث وجودها في ذاته على طريقة رباعيات الخيام ,او لانه بلغ مرحلة العيادة والنقد بتعبير فيلسوف القرن العشرين جيل دولوز