يقال إن أحد الحرامية من الأنذال دخل بيتا قصد سرقة ما فيه فلم يجد شيئا ثمينا يسرقه ... ولأنه نذل خسيس لم يقوى على مغادرة البيت دون أن يترك أثرا فأتصل برقم هاتف في أمريكا وترك السماعة مرفوعة ، وأشعل جميع الأضواء وفتح حنفيات المياه في المطبخ والدوش وخرّب كلّ الأقفال ، وبعد ذلك تبوّل على فراش النوم والأرايك والملابس ثمّ غادر المكان ... منذ بداية التاريخ والشعوب تعاني من حكّام أنذال ملاعين مثل ذلك الحرامي المحتال اللعين ... حكّام مجانين لا يؤثّر فيهم ما يصدر عن الشعب من أنين ولا تخفق قلوبهم عند مشاهدة الفقر والجوع على وجوه المساكين ولا يعنيهم مطلقا أن يفنى الشعب على بكرة أبيه مقابل الحفاظ على تاج الملك والعرش الثمين ... تتحدّث الروايات عن الإمبراطور الروماني نيرون الذي كان يستمتع بمشاهدة الناس يحترقون في النار أثناء حريق روما الشهير سنة 64 م حيث إلتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر، وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذي خلب لبه وبيده آلة موسيقية يغنى بمصاحبتها أشعار هوميروس ... وتتحدّث الروايات أيضا عن الكونت فلاد دراكولا أمير مقاطعة والاشيا القريبة من البلقان والذي إشتهر بإستعمال الخاروق لقتل أكثر من مائة ألف من أبناء شعبه حتى باتت ولاشيا عبارة عن مقبرة جماعية ضخمة ومستنقع رهيب للموت... وتخبرنا كتب التاريخ أن ملك بريطانيا إدوارد الثالث الذي إعتبر حربه مع فرنسا أمراً شخصياً وكان مصراً على ضمها لممتلكاته بأي ثمن ، وبسبب هذا الطموح أشعل أطول حرب في التاريخ (حرب المائة عام) التي افلست الخزينة البريطانية فاضطر إلى فرض ضرائب مضاعفة على الناس لتمويل حربه التي إنتهت بالإعلان الرسمي عن إفلاسه الشخصي عام 1339.... قصص من الزمن البعيد تحيلنا الى معاناة الشعوب في هذا العصر الجديد على يد حكّام يعتبرون القضاء على شعوبهم بمثابة يوم العيد حيث يفرح الصبيان بالذبيحة وشواء لحمها على الحطب كما جرت العادة ودأب التقليد ... حكّام فشلوا في إدارة بلدانهم فأصبح تدمير تلك البلدان من أهمّ أحلامهم وأصبح التنكيل بالشعب غوايتهم وهوايتهم وإنتقامهم ، لأن الشعب في إعتقادهم هو السبب في فشلهم وآلامهم ، وهو الذي وقف كحجرة العثرة أمامهم وقدّامهم ... حكّام مفسدون وفُسّاد لا تهمّهم معاناة العباد ، وإذا أدركوا أنّ أيامهم أصبحت معدودة ، هدّموا سقف البيت على ساكنيه ودمّروا ما بقي ثابتا من الأسس والأوتاد وفجّروا السّدود كي تغرق البلاد ... ثمّ يقفون على أطلالها فيحكمون الخراب وبقايا أشلاء تتناهشها الكلاب وشيء من التاريخ يخجل المؤرّخون من ذكره في الكتاب ... وصدق الشاعر أحمد مطر حينما قال : أثنان في أوطاننا يرتعدان خيفة من يقظة النائم : اللص والحاكم !