لا ألوم نفسي حين أحببتكُ ولا قلبي حين أختارك لتسكن بهِ . انا اتألم كثيراً لدرجة أنني أشتهي الموت وألعن الساعة التي ولدت فيها ، فالموت بالنسبة لي كأمنية منْ اصيب بداءٍ عضالٍ أتعبه الوجعُ . أتمنى أن أنام ، فعيوني أرهقها السهر ، ما عدتُ أميز بين الحروف ولا أستطيع التركيز .... أخشى ان أفقد بصري ، وكيف لي أنْ أرى ملامحك مرة أخرى !؟ ليتني استطيع العودة كما كنت حرّة ، بلا قيد من حبك ، جميلة بلا تشوهات من آثار عشقك ... ليتني ابتسم مثل الأطفال، بلا همٍ ولا أفكار ... ليتني استطيع فكّ أسري . فمذ عرفتك ، نسيت كيف ابتسم ، علمني حبك البكاء ، فأصبحت الدموع جزءا من حياتي . بعد انْ عشقتك كرهتُ حتى ابتسامتي ؛ لأنها تذكرني بألم التشققات على شفتي . شفتي التي كانت كحبةِ كرزٍ قبل حبك ، فحالتْ كأرضٍ جرداء متشققة دامية بعد انْ احببتك . حبك وجعٌ .. وجعٌ لذيذ وقاتلٌ جداً... لا ألوم نفسي على كل هذه الأوجاع والآلام ، فهذا ليس ذنبي ، فالذنب ذنب امّي ...! مذ كنت جنينا في احشائها ، كانت تقرأ لي روايات الحب والغزل بهمسٍ ، فكنت أسمع ترانيم العشق وعذاباته . لقد أحببتُ تلاوتها فأستعجلت ولادتها كي تخرجني مبكرا ، لأنمو بسرعة وأعيش لحظات الحب الجميلة . اخترتك واحببتك ، ولكن لم يكن حبك ورديا كما حدثتني عنه . ألومها كثيراً ، خدعتني ولم تقلْ لي انها مجرد أحلام و خيال شاعر و حروف كاذبة ، وانّ الحب وجع ليس أكثر . كانت تحدثني كثيراً عن الأمومة وكيف انّ الأم تغفر لأولادها الخطأ مهما كان كبيرا فأحببت أمومتها كثيراً ، فكُنت لي كطفلٍ مدللٍ ، وكنت أغفر كلّ أخطائك بحقي وكلامك الجارح لمشاعري .. لماذا يا أمي ، جعلتني اتشوق لأكون أمّا ، فصرتُ امّا لأول من سكن قلبي ... أوجعتني ذنوبه وأتعبني كثر غفراني له . كنتِ دائما يا أمي ، تشترين لي الحلوى ، احببتها كثيراً منذ طفولتي ، فعشقتُ لونها ، ولكنني لا ادري انني سأكبر واعشق عيونه التي تشبه الشوكولاتة . وفي لحظة ما .. اكتشفتُ أنّ مذاقها مرّا لأنّ حبيبي حرمني من النظر الى عينيه . آهٍ يا أمي ... أنتِ منْ علمّني كيف أعشق الحلوى وأعشق عينيه . لقد علمتني أمي كيف أداوي الجروح لما أجرح ، وكيف اضغط على الجرح حتى يقف النزف .. فلماذا لم تعلمني كيف أداوي جروح قلبي ، وكيف يقف النزيف بداخلي .... لماذا !؟ لطالما أنّبتني لأنني لم أنتبه في الشتاء لنفسي ولم ألبس الصوف كي أدفيء جسدي ... لماذا لم تقلْ لي انّ دفء الجسدِ من دفء القلب يا بنتي !؟ كنتُ صغيرة خالية القلب عندما أرتدي الصوف .... فماذا أدفيء الآن يا أمي ؟! ها انا أرتدي الصوف والقبعة ولم أشعرْ بالدفء ؛ لأن قلبي يسكنه شخص بارد المشاعر يتجاهل حبي له . أمي ... كنتِ تجلسين معي لساعات طويلة ، تحدثينني عن الكَرم وكيف انه صفة رائعة ، احببتها كثيراً ، وكنت كريمة معه حتى اعطيته كُلي ... لماذا يا امّي جعلتني بهذا الكرم !؟ عندما كنت أذهب الى المدرسة ، كانت وصاياكِ انْ انتبه كي لا أقع فتُكسرُ يدي أو قدمي أو ايّ شيء من جسدي ... لماذا لم توصِني انْ أنتبه لقلبي من الكسرِ ، يا أمّي !؟ فكسْرُ القلبِ لا يُجبرُ يا حبيبتي ! علامَ كان خوفك من البحر يا أمي !؟ ولماذا تكررين دائما أنك تخافين أمواجه !؟ فالبحر جميل جدا .... أما كنتِ تخافين انْ أركب أمواج البحر كي لا أغرق بقاربي ؟ ها أنا أغرق في بحر عذابات حبيبي ... أكاد ألفظ أنفاسي الأخيرة . كان عطرهُ هواءً يملأ رئتي ، كالحياة أتنفسه ، فما عدْتُ اليوم أجدهُ . ليتكِ قلتِ لي يا أمّي ، أنّ الغرق في البحر أهون من الغرقِ في بحر عينيهِ . لم يكن خوفك منطقيا يا أمي ...! كلما كنت ابكي بسبب حادث ما ، كنتِ تقولين لي ( كوني مؤمنة بقدركِ ) .... والآن أنا مؤمنه بالقدر يا أمّي ... القدر الذي جعلني أعشقه واتحمل كل هذه الأوجاع من أجله . انا ابحث عن مبررات لحبي له حين يتجاهله ، ولكني سأبقى احبه ويزداد حبي له ؛ لأنه قدري الذي لا اعرف سواه . لا أدري كيف ولماذا أعشقه حدِّ الهوس والجنون ؟! .. سأظل أبحث عن تفسير منطقي لهواه .... أما الآن وغدا ، فلا شيء سوى حبّه يحتل وجداني ! بقلم/ نور الهدى احسان