الشاعر : أيها الطبيب.. ألا من علاج أيسر ؟ فكلما كبر العمر جُرح القلب حتى كرهت أن أكبر اشتقت لطفولتي.. ورمشي الدقيق.. ومبسمي الأصغر.. اشتقت لضحكتي الصغيرة اشتقت للعبي أكثر وأكثر أريد علاجًا يرجعني عمرًا ينسيني الحب... يبعدني عن الضرر! * * * الطبيب : أجئت تنزع الثياب؟! تنتظر علاجي تنظر لي باستغراب تدمن حبها كل يوم وتعود لتطلب العلاج والشراب ألم أطالبك ألا تدمنها؟ ألم تتب من العذاب؟ أنفاسك تتلاشى فهل ألفت العقاب؟ وروحك اعتادت أن تسكن الحلقوم! فالقلم وصل لآخر حرف بالكتاب نهايتك تقترب.. وأنت في ريعان الشباب فما يفيدك حبها إن تقترب؟ قُلْ ...! فما يفيدك الاقتراب؟ ...ويلك وإن ابتعدت سهرت صراخا وما نفعك أيضًا الاغتراب فأنت خاسر هنا وهنا! فامنح لنفسك شيء من الصواب * * * الشاعر : حاولت.. حاولت كثيرا.. أن أخمد لوعات القلوب حاولت – صدقني – كثيرا حاولت أن أتوب حاولت مرارا ألا أعبث في دفاتر المساء حاولت ألا أحرك ستائر الشتاء حاولت أن أطهر نفسي من الذنوب حاولت منع الليل من القدوم حاولت أن أنسى البكاء وألا أشرب من خطوط يديها كعصفور ضائع في السماء حاولت منع شفاهي من الجداول حاولت ألا أتذكر طريقا كان يحملنا حاولت ألا أجادل حاولت أن أنسى عدد الطيور التي لعبت بين يدينا ونست على إصبعها عناوين المنازل حاولت أن أنسى عدد قبلات الأنامل حاولت أن أغلق نافذتي في وجه الريح خوفا من تذكر رائحة السنابل يا طبيبي لا تسخر من قلبي فلن تجد مثله في كل المدائن أرهقني الليل الطويل ففيه أصرخ وأرشف الهم على سقف الجدائل تأتيني من مغارة المساء ذكريات تقتلني كطفلة باكية.. مبللة الرداء وأفتح باب قلبي لسكين الذكريات وأمنحه الأمن والمهد والغطاء أمنحه.. كل كل ما يشاء ليقتلني.. وينهكني.. كزهرة فرعها امتلأ بالعياء * * * الطبيب : بُهِتَ لونك الأبيض فما بالك أصبح الجبين خمري وعينيك انتابها السواد من شدة السهرِ يا ولدي قيِّد مشاعرك قليلا فما يفيدك ضياع العمرِ فلن يفيدك اليوم دوائي فلست أعالج بالسحرِ فقلبك متمرد ومدمن الحب وأقسم ألا يتوب إلا في القبرِ فلو لم يكن القلب متمردًا لما خلقه الله في قفص صدري * * *