في ظل التغيرات التي تشهدها الساحتين العربية والإقليمية من حولنا، وفي ظل الفشل السياسي المتوقع أصلا لعملية السلام وحالة التخبط التي وقعت فيها السلطة الفلسطينية على الساحة الداخلية، ورغم المصالحة الوطنية التي لا زالت تعاني من جدية أطرافها في ترجمتها إلى واقع ملموس، وفي ظل الحديث عن نية السلطة للذهاب إلى إجراء انتخابات في أيار المُقبل، وفي ظل تعند الطرف الإسرائيلي واستمراره في بناء الجدار وسياسة ضم الأراضي والعمل جهارا نهارا على تهويد القدس وطمس معالمها الإسلامية والعربية، ومع كل هذه التطورات والتغيرات التي يشهدها المسرح السياسي الداخلي وفي ظل انشغال العالم بالربيع العربي والمشكلة الإيرانية التي عادت لتطفو على السطح، يُفاجئ شعبنا الفلسطيني مؤخرا بالدكتور سلام فياض ورؤيته الجديدة في محاولاته الولوج بالسلطة إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وإخراجها من المأزق المالي الذي تعاني منه، يخرج على شعبنا بباقة جديدة من الضرائب وخاصة على القطاع الزراعي المُدمر أصلا وبحلقة جديدة من حلقات مسلسل الغلاء المكسيكي . كل هذا يترك في نفسي وفي نفس كل مواطن فلسطيني هذا التساؤل : كيف يجرؤ فياض على اتخاذ هذه التضييقات الاقتصادية الجديدة على أبناء شعبنا ويُشدد الخناق عليهم بالرغم من أن كثير من حكومات المنطقة بدأت بالتخفيف عن مواطنيها اقتصاديا وسياسيا بسبب ما تشهده المنطقة العربية من ثورات أعتقد أن بذورها تزرع حاليا في أرضنا وعن قريب سينبت الربيع الفلسطيني؟ وكأن لسان الحال يقول : فياض لا يعبأ بهذا الشعب وبمشاكله، فياض يتحدى هذا الشعب الذي ضحى وعانى في سبيل التحرر والاستقلال ويسوقه إلى دائرة الفقر والجوع، فياض يسعى لأن يحول هذا الشعب إلى فقراء ومن شعب يُناضل ضد الاحتلال إلى شعب يلهث وراء لقمة العيش، فياض بات الرجل الأول والأوحد في السلطة الوطنية وبيده مفاتيح كل شيء ولا احد يستطيع الوقوف بوجه سياساته التعسفية، فياض ينفرد بهذا الشعب المسكين وفتح غارقة في النوم تارة وفي مشاكلها الداخلية تارة أخرى . لكن إذا ما استمر الحال فان حركة فتح والتي تعاني أصلا من تراجع مكانتها حتى في نفوس أبنائها فإنها هي من ستدفع الفاتورة وستكون فاتورة مؤلمة بلا شك، فارتفاع الضرائب وموجة الغلاء والبطالة وحالة اليأس التي أوصلنا إليها الدكتور فياض كفيلة بان تجعل المواطن الفلسطيني يُعيد التفكير ألف مرة قبل أن يُدلي بصوته في الانتخابات القادمة والتي اعتقد أنها لن تجري ومن الغباء السياسي أن تذهب فتح لخوضها لأنها ستكون بمثابة نهاية مأساوية لحركة فتح التي وقعت رهينة بيد فياض ومن يقف ورائه، فالمواطن الفلسطيني الغلبان وحتى ابن حركة فتح لم يعد بيده أي وسيلة ضغط إلا صوته الانتخابي ومن المتوقع أن يعاقب به حركة فتح التي دخلت في غيبوبتها السياسية منذ مقتل الشهيد ياسر عرفات، الفاتورة ستكون كبيرة جدا واعتقد أن فتح لن تستطيع دفعها و تحملها، أما المشهد السياسي الداخلي فاعتقد انه سيدخل في دوامة جديدة وسيواجه المزيد من العراقيل والضغوط والتي لن تُفضي في نهاية المطاف إلا إلى انتفاضة ثالثة رغم استبعاد البعض لها . خلاصة القول : إذا ما استمر الدكتور فياض في مغامراته السياسية والاقتصادية فان حركة فتح التي ينظر إليها المواطن الفلسطيني على أنها هي السلطة ستفقد من شعبيتها بين أبناء شعبنا، فعلى الرئيس محمود عباس أن يختار ما بين أبناء الفتح وما بين رئيس وزرائه ولا اعتقد أن هناك ثمة خيار ثالث أمامه، وعلينا أن لا ننسى انتخابات عام 2006 وان نتعلم منها الدروس والعبر، والعبرة لمن يعتبر .