فى الجزء الثانى من هذا الموضوع علينا أن نتذكر أولآ مرة أخرى ان الشفاعة باختصار هى : المقصودبها فصلِ القضاء والتجاوز عن الذنوب وتخفيف العذاب وزيادة الثواب لمستحقه. اعلم أن من رحمة الله - تعالى - وفضله وجوده على عباده المسلمين أن جعلَ لهم الشفاعة يوم القيامة فهي ليست شفاعة واحدة بل هي شفاعات من رب السموات وهذه الشفاعة من مقتضيات الإيمان باليوم الآخر وعندما يقرؤها المؤمن يزداد حبًّا لرسوله - صلى الله عليه وسلم. والان تعالوا نتذكر هذا الحديث : عن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ما تلقى أمتي من بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، وسبق ذلك من الله تعالى كما سبق في الأمم، فأحزنني وشق ذلك علي، فسألت الله تعالى أن يوليني فيهم شفاعة يوم القيامة ففعل صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ......الغرض من أن اذكر هذا الحديث هو ثبوت الشفاعة اخوانى الاحباء وحديث آخر لثبوت الشفاعة : عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((لكلّ نبيّ دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمّتي في الآخرة)).صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ...... الشفاع لاتجوذ الا فى كبائر الذنوب وهذا الحديث يؤكد ذلك ويشهد له حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ نَبِي دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِي دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهِي نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا. رواه مسلم......صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ...... ولكن لمن تصح الشفاعة وما شروطها علينا أن نعرف أن : ولا تصح الشفاعة عند الله تعالى إلا بشرطين : الاول : إذن الله تعالى للشافع أن يشفع ، وقد دل على هذا الشرط قوله تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ } (البقَرة : 255) . وقوله تعالى : { وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } (سبأ : 23) . الثاني : رضا الله عن المشفوع له أن يشفع فيه ، وقد دل على هذا الشرط قوله تعالى : { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } (الأنبياء : 28) . وقد دلت النصوص أن الله لا يرضى أن يشفع إلا في أهل التوحيد ولهذا اذا اردنا ان نتحدث عن أقسام الشفاعة فهى ثمانية هى : 1 - الشفاعة العظمى وهي شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الموقف أن يقضي الله بينهم وهي المقام المحمود وهذه الشفاعة مما اختص بها نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم على غيره من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين . والدليل على ذلك هذا الحديث الصحيح : عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم بلحم، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسةً ثم قال: "أنا سيّد النّاس يوم القيامة وهل تدرون ممّ ذلك؟ يجمع الله النّاس الأوّلين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الدّاعي وينفذهم البصر وتدنو الشّمس، فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول النّاس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟ فيقول بعض النّاس لبعض: عليكم بآدم. فيأتون آدم عليه السّلام فيقولون له: أنت أبوالبشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنّه قد نهاني عن الشّجرة فعصيته نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح إنّك أنت أوّل الرّسل إلى أهل الأرض وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي عزّ وجلّ قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنّه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنّي قد كنت كذبت ثلاث كذبات- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضّلك الله برسالته وبكلامه على النّاس اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثل ولن يغضب بعده مثله وإنّي قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلّمت النّاس في المهد صبيًّا" اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول عيسى إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر ذنبًا- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم. فيأتون محمّدًا، فيقولون: يا محمّد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربّي عزّ وجلّ ثمّ يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثّناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي ثمّ يقال: يا محمّد ارفع رأسك، سل تعطه واشفعْ تشفّعْ. فأرفع رأسي فأقول: أمّتي يا ربّ، أمّتي يا ربّ. فيقال: يا محمّد أدخل من أمّتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنّة وهم شركاء النّاس فيما سوى ذلك من الأبواب. -ثم قال- والّذي نفسي بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة كما بين مكّة وحمير أو كما بين مكّة وبصرى ". وعن القسم الثانى من أقسام الشفاعة فهى : شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم أن يدخلوا الجنة . 3 - شفاعته في أقوام استحقوا النار أن لا يدخلوها . 4 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم رفع درجات أهل الجنة في الجنة . 5 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب . 6 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في تخفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته في عمه أبي طالب . 7 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الجنة أن يؤذن لهم بدخول الجنة . 8 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن يخرج منها . غفر الله لى ولكم اخوانى الاحباء والى موضوع آخر ان شاء الله