منذ الهزيمة التي منيت فيها حركة فتح في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2006م ونحن نبحث عن السبب الحقيقي وراء هذه الهزيمة النكراء على يد حركة حماس ويد أبناء الحركة أنفسهم, واليوم بات الجميع يفهم ومقتنع بان السبب الحقيقي وراء هذه الهزيمة ليس البرنامج السياسي الذي تتبناه الحركة, وذلك يتجلى بالنتيجة التي خرجت عن نفس هذه الانتخابات والتي كان التنافس فيها بين القوائم على أساس البرامج وقد تساوت النتائج بين حركة حماس التي كان يرمز لها برقم 6 وبين حركة فتح الذي كان يرمز لها برقم 11 وهذا يدل على أن الهزيمة كانت نتاج التنافس على مقاعد الدوائر وهو التنافس الذي كان يعتمد على الأشخاص وبالتالي تركت المجال للكثيرين من أبناء الحركة للتنافس على هذه المقاعد في غياب كامل للانضباط بين أبناء الحركة الذي كان يوازيه انضباط عال لدى المرشحين والمناصرين من أبناء حركة حماس, بعد هذه التجربة المريرة والتي تلتها الكثير من الأحداث المأساوية والتي كان العنوان الرئيسي لها هو الانقلاب على الشرعية على يد حركة حماس وما نتج عنه من انقسام بين أبناء الوطن الواحد نتيجة هذه الانتخابات التي جرت في أجواء لا تخدم الحركة وكانت السبب الرئيسي لهذه الهزيمة من خلال قناعة الفرد الفتحاوي انه ظلم وتشتت أصواته دون أن يكون السبب المباشر لذلك وكونه مقتنع أن هذه الحركة لا تزال تحمل الكثير من العطاء لأبناء الشعب الفلسطيني وهي لا تزال تحظى بالأغلبية في التأييد بين أوساط الجمهور الفلسطيني, وهنا نرى أن النتيجة كانت تمثل الذهول وعدم القبول والرضا من أبناء هذه الحركة العملاقة. إن الانتخابات التي جرت عام 2006م وما نتج عنها من فوز لحركة حماس تتشابه إلى حد التطابق مع الانتخابات الجديدة في مصر ولكن بوجود اختلاف واحد وهو أن الانتخابات الفلسطينية كانت تحظى بالتدخل المباشر للاحتلال الذي اضعف القدرات المؤسساتية والأمنية للسلطة الوطنية من خلال القصف المتعمد لها, وأعاد احتلال المناطق الفلسطينية لكي يضعف السلطة وحزبها الحاكم المتمثل بحركة فتح, آما الانتخابات التي حدثت في مصر فكانت النتائج لصالح جماعة الإخوان المسلمين, وذلك لأنها جرت في ظروف غير طبيعية وعلى أنقاض الحزب الوطني الذي اختزل بكل مكوناته بشخص الرئيس السابق حسني مبارك وتم استبعاده وبشكل مقصود عن خوض تلك الانتخابات وفي غياب لغالبية الأحزاب التي كانت وقد الثورة وهي لا تعكس بالضرورة الخارطة الجديدة لقوة الأحزاب هناك. اليوم ونحن على أعتاب الانتخابات القادمة والتي ستشمل في إجرائها على التنافس على منصب الرئاسة وأعضاء التشريعي وأعضاء المجلس الوطني لا نرى وبكل صراحة أي بوادر من شانها أن تفيد بان قيادة الحركة قد استوعبت الدروس والعبر من النتائج السابقة ولا نرى أي نشاط تنظيمي يصب في مصلحة النهوض بأبناء الحركة كي يكون النصر حليفها القادم رغم أن التحدي سيكون اخطر وأعمق من نتائج الانتخابات السابقة كونها ستشمل الانتخابات الرئاسية ومنظمة الحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أينما تواجد, وعليه يجب على قيادة الحركة وأطرها التنظيمية أن تعمل من اليوم وقبل فوات الأوان على تنظيم صفوفها وان تبتعد أن الخلافات الداخلية إلى ما بعد حين حتى نتمكن من النصر وما أسهله في حال عدم تشتيت الأصوات كما حصل في الانتخابات السابقة. إن من بين الأخطاء القاتلة التي ما زال يمارسها بعض قيادات وأعضاء الحركة والتي تتمثل بان الفوز سيكون حليف الحركة في حال تسليط الضوء على ممارسات حركة حماس السلبية وأخطائها والعمل على تعريتها أمام الشارع الفلسطيني هو خطأ فادح يجب أن نتوقف عنه, وذلك لان حركة حماس لها ما لها من أعضائها ومناصريها وسوف يتم التصويت لمن ترشه الحركة حتى ولو كان حجرا أصم, وان الفوز سيكون حليفنا فقط في حال التركيز على كيفية تجميع صفوفنا والتنافس مع حركة حماس وغيرها من الأحزاب الفلسطينية على أساس التنافس على خدمة المواطن وتقديم كل أشكال الصمود له في مواجهة أعباء الحياة القاسية وفي مواجهة الاحتلال. وأخيرا إن العيب ليس في الأحزاب المنافسة ومن بينهم حركة حماس التي سيتم معاقبتها من أبناء الشعب على ممارساتها ولا بأبناء الشعب الفلسطيني ولكن العيب يكمن في سلوك الحركة وطريقة التعامل مع الموضوع والحرص الشديد على أن يتم إقناع الأصوات الهاربة من حركة حماس بان حركة فتح هي البديل الأصيل والحيلولة دون هروبهم إلى أحزاب وتوجهات أخرى ويا رضا الله ورضا الوالدين.