منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006م ونحن نستمع إلى اسطوانة مشروخة مفادها أن المشكلة الفلسطينية تكمن في عدم احترام العالم لنتائج هذه الانتخابات, وكأن مشكلة الشعب الفلسطيني كانت تكمن في عدم وجود حزب أو ممثل للشعب الفلسطيني يريد استرجاع كل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وعلى العالم أن يدفع باتجاه استرجاع هذه الحقوق فور فوز هذا الحزب في الانتخابات والوصول إلى تمثيل الشعب الفلسطيني عن طريق الانتخابات الديمقراطية. إن تقديم الأمور بهذا الشكل يدفعنا إلى أننا كشعب فلسطيني يجب أن نحترم نتائج أي انتخابات إسرائيلية مقبلة مهما كانت نتائجها حتى ولو وصلت الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة إلى سدة الحكم في إسرائيل والتي تسعى الغالبية فيها إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ولا تزال تحمل هذه الأحزاب فكرة إسرائيل الكبرى أو الوطن البديل وعليه يجب على العالم احترام هذه النتائج وما تحمله من أفكار متطرفة لأصحابها. إن المشكلة تكمن في قرار السلطة الوطنية الفلسطينية السماح لبعض الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية بالمشاركة في الانتخابات دون الاستناد إلى قانون ينظم الأحزاب الفلسطينية ويفرض عليها أن تحترم الخطوط العريضة التي أقيمت بموجبها فكرة إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967م, والتخلي مرحليا عن المطالبة بجميع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني حتى يحين المناخ السياسي لغير ذلك. من هنا نرى أن حركة حماس وقعت في معضلة التمثيل الفلسطيني فور فوزها في الانتخابات الفلسطينية من خلال البرنامج السياسي الذي كانت تعرضه على الجمهور الفلسطيني, ولم تستطع أن تنفذ أي منه على ارض الواقع وباتت تعاني من عدم القدرة على الاستمرار من خلال المقاطعة السياسية لها كونها تحمل هذا البرنامج الذي لا يتفق مع متطلبات الأسرة الدولية والمجتمع الدولي ولا يقبل فكرة إنهاء الصراع عن طريق الالتزام بالمبادرة العربية وغيرها من المبادرات العربية والدولية التي تحظى بشبه إجماع دولي وعربي والإسلامي, ومن هنا نصل إلى قناعة مفادها أن المشكلة لا تكمن في نتائج الانتخابات ولا بالتمثيل ولكن المشكلة تكمن في البرامج السياسية والفكرية, ولو نظرنا إلى التقدم الذي حصل على العلاقة أو الاجتماعات التي جرت بين قيادات من حركة حماس وبعض الدول العربية أو الأوربية نجد أن هذا التقارب حصل بعد أن أبدت حركة حماس المرونة على الكثير من المحرمات في عقليتها السياسية والفكرية تجاه المتطلبات الدولية بخصوص إنهاء الصراع مع الاحتلال. اليوم وبعد أن عاشت جميع الفصائل الفلسطينية الكارثة التي حلت بشعبنا ومشروعنا الوطني جراء هذه المعضلة وكان على رأسها الاقتتال الداخلي وما تلاه من انقلاب على الشرعية والوصول إلى الانقسام الأليم من الواجب أن يتفق المجموع الفلسطيني وبشكل ملح وقبل إجراء أي انتخابات المضي قدما في صياغة قانون الأحزاب الفلسطيني من اجل الوصول إلى تكامل الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية والاتفاق على خطوط عريضة تحمل الهم الفلسطيني وتحمل الخطوط العريضة للنظام السياسي الفلسطيني ومن ثم الوصول إلى تعريف دقيق للثوابت الفلسطينية التي تسهل عملية التخلص من الاحتلال وتحظى بقبول ودعم دولي ويا رضا الله ورضا الوالدين.