دكتور / عبد العزيز أبو مندور نعم إننا لا نشك لحظة واحدة أن العقلاء منتشرون فى كل عصر ومصر . ومن ثم ، لا نقبل ذلك الزعم الذى يروجه كتاب تاريخ الفلسفة منذ عقود عدة طالت من أن الحضارة اليونانية وصلت إلى نبوغ عقلى فى الفلسفة و الآداب لم تصلها أمة من قبل. لماذا ؟ السبب أنهم ينقلون ما تردده كتب تاريخ الفلسفة وما يدرس لأبنائنا منذ عقود طويلة بسبب اعتماد البعض على ديورانت فى ( قصة الحضارة ) دون تدقيق فلم يتعرفوا أهم ما فى تاريخ الفلسفة من زيف . وهذا ما حذرنا منه كثيرا فى محاضراتنا لطلبة الفلسفة فهو غير صحيح من وجوه عدة ليس ذلك مجالها ولكن - أهمها أن ذلك الزعم القائل ( إن الحضارة اليونانية وصلت إلى نبوغ عقلى فى الفلسفة و الآداب لم تصلها أمة من قبل. ) هو زعم زائف غير صحيح مع أننا لا ننكر جهود هؤلاء الفلاسفة فى شرح طريقة التفكير العقلي بما كان قد توفر لهم من معلومات لم يرجعوها فى غالب اقوالهم إلى مصادرها الأصيلة وهو من باب غمط الناس ! وعموما ، فهذا زعم ( إن الحضارة اليونانية وصلت إلى نبوغ عقلى فى الفلسفة و الآداب لم تصلها أمة من قبل. ) يعد فى نظر الباحثين المدققين من الأحكام القطعية (الديجماطيقية ) فلا يصح فى مجال النقد والبحث العلمي وهو تعميم مخل فيهدر قيمة الإنسان ويحصر العقلاء فى عصر وبيئة دون أخرى. وكان يمكن القول - ونحن من الباحثين المدققين فى الفلسفة والتصوف - أن تلك حضارة عقلية بوجه يختلف عن مثيلاتها فى الحضارات الأخرى كالحضارة المصرية الفرعونية القديمة مثلا . ولعلى لا أخفى أنني أعلم بما قرأت ودرست ودققت أن معظم فلاسفة اليونان زاروا مصر منهم ( طاليس) المالطي ؛ وهو أول من تفلسف من الطبيعيين فقال إن أصل العالم ومبدأه الماء ؛ فكما ترى لم يخرج عما جاءت به التوراة من قبل فى سفر التكوين فلو عُرِفَ أنه زار مصر ورأى النيل كما كان قبلا ، ورأى كيف كان الطمي يكون دلتا النيل فلعله ربط بين آية الماء فى التوراة وتكوين دلتا النيل من الطمي والغرين . أما أفلاطون فبعد ان زار مصر قال إن فلاسفة اليونان ما هم إلا كالأطفال فى حجر المصريين .. ! ولا أطيل . أما ما جاء فى أسباب انهيار الحضارة اليونانية فبعضه صحيح من جهة القيم التربوية والخلقية وعلة ذلك تعارضها مع الفطرة السليمة. وقد وجهت نقدا شديدا لتلك النظريات اليونانية منذ سقراط والسفسطائيين حتى أفلوطين مرورا بأفلاطون وأرسطوا والرواقيين وأمثالهم كان ذلك فى دراستى للماجستير ولعلى قريبا أعد بعضها للنشر إن شاء الله. ( وعلى الله قصد السبيل ) دكتور / عبد العزيز أبو مندور