إن ما جاء على لسان عضو المجلس التشريعي الفلسطيني السيد إسماعيل هنية لا يعبر ولا بأي صورة عن رجل يسعى إلى المصالحة الفلسطينية ولا عن رجل يليق به وصف رئيس الوزراء الفلسطيني, فلعل هذا الرجل لا يعلم أن من أهم ما يميز الرئيس محمود عباس الذي كلفه بتشكيل الحكومة العاشرة بقوة القانون وأقاله بنفس هذه القوة هو الصراحة المطلقة إضافة إلى سياسته المعروفة للجميع وهي عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية, وقد تجلى ذلك في كل الأحداث والمناسبات على امتداد الوطن العربي وحتى انه لم يتدخل في الوضع الداخلي لدولة الاحتلال رغم صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم. إن هذه التصريحات التي خرجت على لسان السيد هنية والتي تفيد بان السيد الرئيس قام بالسعي إلى إفشال جولته الخارجية لا تعدو كونها أكذوبة مفخخة من القنابل المحتملة لحركة حماس والتي يراد منها إفشال المصالحة التي يريدها قادة الحركة في الخارج بينما تحاربها القيادة في غزة, وعليه من يصدق أن الرئيس قام بإرسال رسالة إلى الرئيس التونسي يطالبه بعدم استقبال هنية في الوقت الذي كان الرئيس من أول الزائرين للدولة تونس الشقيقة بعد الثورة والتقى بقادتها وجها لوجه ومن بينهم رئيس حركة النهضة السيد راشد الغنوشي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والتي حصدت غالبية الأصوات في الانتخابات الأخيرة, وهل يوجد ما يمنع في القانون الأساسي الفلسطيني لعضو في المجلس التشريعي الفلسطيني من زيارة الدول على شاكلة الزيارة التي قام بها السيد هنية ولم يعامل في غالبيتها على انه رئيس الوزراء الفلسطيني. أن هذه الأكاذيب لا تنطلي على احد خصوصا وان هذه الجولة برمتها كانت استفزازية منذ البداية وكانت بمثابة التحدي لموضوع المصالحة وقبيل التوافق على رئيس وزراء يمثل الكل الفلسطيني, وقد كانت جولة تصب في تعطيل المصالحة من خلال الاتهامات العديدة والتي بدأت باتهام الرئيس بسرقة أموال الشعب الفلسطيني دون الالتفات إلى أن هذا الرئيس هو الرئيس المنتخب من قبل الشعب وهو الرئيس الذي يخصص من موازنة الحكومة ما نسبته 58% لقطاع غزة ومنهم راتب السيد هنية نفسه, وبعدها خرج ليقول إن الانقلاب الذي حدث في قطاع غزة على يد حركة حماس عام 2007م كان بمثابة الملهم للثورات العربية في تزوير للحقائق, واختتم هذه الجولة بكيل الاتهامات للرئيس بمحاولة عرقلة هذه الجولة للتغطية على فشل هذه الزيارة بكل المقاييس كونها زيارة حزبية وبعيدة عن لغة المصالحة التي يريدها الجميع ومن بينهم الدول العربية والإسلامية. إن الفشل الذريع الذي منيت به هذه الجولة جعلت أصحابها يفكرون في جولة أخرى تشمل قطر وإيران وبعض الدول العربية والإسلامية علها تصلح ما أفسدته الجولة الأولى, وهنا أريد أن اسأل السيد هنية هل كان الرئيس هو السبب في عدم استقباله بشكل رسمي من قبل رئيس الوزراء المصري الذي يرزح تحت الأغلبية الساحقة لجماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات وهنا أريد أن أتحدى السيد هنية أن بضع على جدول جولته القادمة زيارة إلى سورية حيث لا يوجد ضغوط من السيد الرئيس وحيث تقبع قيادة الحركة التي ينتمي لها هناك, وأخيرا أتمنى على الرئيس التونسي أن يخرج ومن باب إظهار الحقيقة ويتحدث عن تلك الرسالة المنسوبة للسيد الرئيس بكل شفافية ووضوح إن كان هناك رسالة ويا رضا الله ورضا الوالدين.