تواجهنا هذه الأيام مجموعة من المتناقضات على المستوى السياسى والدينى .. وتحديدا بعد بزوغ نجم الاحزاب الدينية القائمة تحت ستار سياسى وبدرجات مختلفة وفي بيئات متباينة إلى حدٍّ ما .. والمشكلة الكبرى من مشاكل عصرنا الراهن هي مشكلة الفصام السياسى الديني .. وكما تحفل الساحة السياسية بعدة أمراض تقف عائقا أمام الفعل السياسي النبيل والناجع إن لم يتم معالجتها سريعا تبرز شيزوفرينيا السياسية والتدين كإحدى أخطر هذه الأمراض .. وتظهر من خلال عدة سلوكيات متناقضة ما بين الفعل والكلام لدى البعض .. فمثلا عندما يطالعنا احد الاشخاص بحرمانية الديمقراطية وتجريم الانتخابات ثم يمارسها فهو فى هذا الوضع يستورد آليات الحداثة ويعمل بوسائلها ويلتحف بالأفكار الرجعية .. كمثل الذى يعد بغد افضل ولا يرى النموزج إلا فى الماضى .. أو يقول أنه يمارس السياسة (شؤون الدنيا) ويمتطي صهوة الدين .. يعمل للحصول على السلطة لتسيير شؤون الحياة ولا يقدم للناس إلا وعودا في الآخرة .. فهنا يمكن أن نقول عن سياسى ما أنه مصاب بالشيزوفرينيا .. الحرية السياسية الحقيقية تلك التي تترك فعلاً لكل إنسان أن يقرر اختيار مصيره بحرية والتزاماً مخلصاً بالكرامة الإنسانية المرتبطة بحرية قرار كل إنسان .. وعلى هذا المستوى توشك التناقضات بين الأيديولوجيات المتمركزة حول تصورات متباينة للحرية أن تتسبّب بكارثة على قدر من الضخامة يهدد بوضع حد نهائي للمغامرة البشرية .. ياساده ..الإسلام هو الإمساك عن إلحاق الأذى بالغير تحت تأثير القيم الإنسانية التي يتحلى بها المسلم المؤمن بالله وبالنص الديني وبالرسول وبكل ما ورد في النص الديني لتفاعله مع كل ذلك واعتماد تفعيل تلك القيم الإنسانية في العلاقة مع الناس جميعا سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين لا بالدين الإسلامي وحده ولا بغيره مما يرفع مكانته في المجتمع ويجعله جاذبا للإسلام لا منفرا منه .. ولا شك فإن انتشار الإيمان بالدين الإسلامي في كل أرجاء الأرض بعيدا عن كل أشكال الترغيب والترهيب التي اعتمدت في العصور الخوالي ولا زالت تعتمد إلى يومنا هذا مما يجعل المسلمين ينزلقون في اتجاه تحريف الدين الإسلامي الذي صار لا يطلب لذاته بقدر ما يطلب لشيء آخر .. ونظرا لأن الإيمان والإسلام يتفاعلان فيما بينهما تفاعلا إيجابيا أو سلبيا فإن الإيمان قد يتعمق وينتشر بسبب صدق الممارسة الإنسانية لدى المسلمين .. وقد يتراجع إلى الوراء ويصبح ادعاء الإيمان به لحاجة في نفس يعقوب .. كما هو حاصل منذ تم اعتماد أدلجة الدين الإسلامي في تأسيس الأحزاب الدينية وأن الإسلام كذلك قد يرتفع شأنه وينال احترام غير المسلمين إذا تشبع المسلمون بالقيم الإنسانية الواردة في النص الديني وقد يصبح بسبب تراجعه إلى الوراء مؤثرا تأثيرا سلبيا في المسلمين الذين يحولون الدين الإسلامي عن طريق الأدلجة إلى مجموعة من الأيديولوجيات المعتمدة في التمكين من تأسيس أحزاب وجمعيات ونقابات على أساس ديني الأمر الذي يحول الإيمان بالدين الإسلامي إلى وسيلة للسعي وراء الوصول إلى السلطة بمبرر العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية ليتحول بذلك الإيمان بالدين الإسلامي إلى سيف يوضع على رقاب المسلمين وهو ما ينفي عنه إنسانيته التي ترغب غير المسلمين فيه.