%30 انخفاضًا في أسعار سندوتشات الفول والطعمية.. «الغرف التجارية» تكشف التفاصيل (فيديو)    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان الإسرائيلي على غزة    متحدثة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية: الموقف بغزة ما زال كارثيًا ومرعبا    المقاولون العرب يكشف تشخيص لؤي وائل وتطورات حالته    شتيجن يعلق على رحيل تشافي عن برشلونة    الأهلي يهزم وفاق عين التوتة ببطولة كأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد    درجة الحرارة تتجاوز 40 .. بيان هام بشأن الطقس الأسبوع المقبل: أعنف الموجات الحارة    أحمد صيام ناعيا صلاح السعدني: شخصية عظيمة رفضت التغييرات التي طرأت على الفن وتنحى جانبا    بعد قليل.. انطلاق حفل آمال ماهر وسط توافد جماهيري ملحوظ    لا يقتصر على السيدات.. عرض أزياء مميز ل «التلي» برعاية القومي للمرأة| صور    عمارة : مدارس التعليم الفني مسؤولة عن تأهيل الخريج بجدارة لسوق العمل    شروط التقديم للتدريب الصيفي لطلبة هندسة وعلوم بمركز بحوث الفلزات    مرموش يقود آينتراخت أمام أوجسبورج بالدوري الألماني    حسين فهمى ناعيًا صلاح السعدني: الأخ والصديق والحبيب    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بمحافظة الأقصر    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    ولاية ألمانية تلغي دعوة القنصل الإيراني إلى حفل بسبب الهجوم على إسرائيل    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    محافظ الإسكندرية يدعو ضيوف مؤتمر الصحة لزيارة المعالم السياحية    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    متحف مفتوح بقلب القاهرة التاريخية| شارع الأشراف «بقيع مصر» مسار جديد لجذب محبى «آل البيت»    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    وفاة رئيس أرسنال السابق    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدلالات والأبعاد النورانية فى قوله تعالى" وسراجا منيرا "00!
نشر في شباب مصر يوم 28 - 11 - 2017


دكتور / عبد العزيز أبو مندور
هذه المرة مقالة ليست كسابقتها فهى تعد بحثا مستلا من أحد كتبي التى أعدها للطبع قريبا إن شاء الله ؛ كما أنها أدخل فى أذواق الصوفية من الأكابر ، وما قدمه عظماء الأمة من العلماء والحكماء من طرائق فى البحث والتفكير بما لا يخالف الذوق السليم ، والعلم القويم ؛ فالدليل العلمي سواء كان نقلي أو عقلي مطلبنا فى كل ما يقال فى هذا المقال البحثي ؛ فكان علي أن أخلوا برجال المعرفة والفهم والذوق الرفيع فحديث المحبين وأشواق العارفين لا تقبل الغلو ولا يحسن عندها إلا كل ما بدعمه الدليل العلمي الصحيح .
ومن ثم نقول ونحن مطمئنين أنه لم يجتمع - كما نفهم - لأحد فى العالمين نور الشمس والقمر فى عين واحدة كما اجتمع لسيد ولد آدم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد جمع الله سبحانه وتعالى له صلى الله عليه وسلم من أنوار الوجود والعلم والمعرفة ومكارم الأخلاق ما تمم به كل نور بدا ، وختم به كل علم سما ، وجمل به كل كون نشا ، وغرد به كل صوت شدى !
يقول عز من قائل فى وصف نبيه وحبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم " يا أيها النبي إِنَّا أرسلناك شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً " ( الأحزاب : 45 ، 46 )
وهنا صفات ست له صلى الله عليه وسلم وهي "
الوصف الأول : كونه نبياً.
والثاني : كونه رسولاً.
والثالث : كونه شاهدا.
ً والرابع : كونه مبشراً و نذيراً.
والسادس : كونه داعياً إلى الله تعالى بإذنه.
والسابع : كونه سراجاً منيراً.
والإمام الفخر الرازي فى ( فتوح الغيب ) جعلها ثمانية صفات ، فقد عد مبشرا صفة ، ونذيرا صفة ، كما عد سراجا صفة ، ومنيرا صفة.
ولقد فهمنا – ولا يمنع استرشادنا بما قاله الإمام الرازى – أن مبشرا ونذيرا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم صفة واحدة .
وهو ما فهمناه أيضا من وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه سراجا منيرا.
والعلة فى ذلك أن تلك الصفات صفات متقابلة ، فهو صلى الله عليه وسلم مبشرا من وجه ، ونذيرا من وجه ، فالعين واحده هي ذاته صلى الله عليه وسلم ، فيكون مبشرا للمن اهتدى ، ومنذرا لمن ضل وغوى فى ذات الوقت ، فيبشر المؤمنين بأن لهم الجنة ، وينذر الكافرين من عذاب يوم شديد.
وكذلك وصفه بأن سراجا منيرا ، فهي من الصفات المتقابلة ، فهو سراج من وجه ، وهي صفة جلال ، ومنير من وجه ، وهي صفة جمال ، والعين واحدة موصوفة بالكمال الخلقي والخلقي ، وهو ما لم يتوفر لمخلوق سواه صلى الله عليه وسلم .
والحق يقال أن نور الشمس والقمر كلاهما من نوره نشا ، فليس نورا جعل فى الكون الأعلى أو الأدنى إلا من نوره صلى الله عليه وسلم ، فمن نوره صلى الله عليه وسلم ظهر الوجود ، ومن جماله أزينت الموجودات ، واكتست الأكوان حسنها ، واهتزت الأرض وربت ، فهو غيث لكل الخلائق ، ورحمة الله للعالمين ، بدأ الله سبحانه به الوجود ، وبه ختم النبوة والرسالة ، فجاءت شريعته عالمية فى الزمان والمكان ، على أحسن ما تكون عليه وجوه الوسطية من خصائص التمام والكمال والشمول والعموم و الفطرية التى لا تتوفر فى غيرها من الشرائع الكتابية ، فكانت شريعة بسيطة سهلة ميسره ، فى وزن وقسط وعدل وخير فاضل ؛ فلا عوج فيها ولا أمتا.
يقول عز من قائل فى وصف خاتم أنبيائه ورسوله المصطفى المختار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا مبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " ( الأحزاب : 45-46 )
وهنا لطائف ومناسبات جليلة وجميلة بين وصف النبى صلى الله عليه وسلم بأنه سراج ، وبين اسمه محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد ذكر لفظ السراج فى القرآن الكريم مرات أربع ، وهو نفس العدد الذى ذكر به النبي صلى الله عليه وسلم باسمه محمد ، فقد تكرر ذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم على عدد لفظ السراج أربع ( 4 ) مرت فى أربع آيات.
وذلك فى قوله تعالى " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ "
) آل عمران : 144 )
وقال سبحانه " مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً " (الأحزاب : 40 (
وقال تعالى " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ "
)محمد : 2 )
وقال عز وجل " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً "( الفتح: 29(
أما لفظ السراج ، فقد تردد ذكره فى القرآن الكريم أربع ( 4 ) مرات فى أربع آيات أيضا.
وذلك فى قوله تعالى " يا أيها النبي إنا أرسلناك مبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " ( الأحزاب : 45-46 )
و قال تعالى" تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا و وقمرا منيرا " ( الفرقان :61 )
و قال سبحانه " وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا" ( نوح : 16)
و قال تعالى جده " وجعلنا سراجا وهاجا " ( النبأ : 13 )
هذه أربع آيات جاء فيها ذكر كلمة سراج ، ولكنها ليست جميعا على نحو واحد ، أو نسق واحد ، أو وصف واحد.
وتمهل معنا أيها الكيس الفطن !
وتأمل أيها المحب القريب ، وانظر ، فهاهنا ثلاث آيات من الآيات الأربعة جاءت فى وصف الشمس الكونية بأنها سراج .
إلا أن آية واحدة من الآيات الأربع تصف الشمس بالإحراق بحسب طبيعتها.
وهو ما تبين للعلم والعلماء المحدثين ، فالشمس نجم ملتهب نارا ، فهى كما قال ربنا سبحانه وتعالى " سراجا وهاجا ".
وهنا آيتين تميزان الشمس عن القمر ، فقد وصفتا القمر بالنورانية ، فليس محرقا كالشمس ، بل هو نور ، كما وصفه ربنا سبحانه وتعلى " و قمرا منيرا "
ولا شك أن وظيفة الشمس والقمر فى استمرار الحياة على سطح الأرض والكواكب الأخرى باتت معلومة هذه الأيام بسبب تقدم العلوم الكيميائية والفيزيائية النووية ، فقد أمكن التوصل إلى معرفة بعض المعلومات عن الشمس وأهميتها البالغة بالنسبة للحياة على وجه الأرض وهذه المعلومات لم يدركها أحد من العلماء من قبل.
وهذا من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم !
فلا تدهش ، فالدليل قرآني وعلمي أيضا .
ودليلنا أن الله سبحانه وتعالى قد جعل ضوء الشمس ذاتي لها ، فقد وصفها سبحانه بأنها " سراجا وهاجا " ، فهي حارقة محرقة ، تمد غيرها بالدفء والضوء.
أما القمر ، فإنما يستمد من الشمس نوره ، فيعكسه علينا بالليل نورا ، وسلاما ، وأمنا ، ومحبة !
فما وصف القمر بالنور إلا لذلك الاستمداد ، فنوره ليس ذاتيا ، بل هو من انعكاس ضوء الشمس على سطحه.
تأمل أيها المحب الفطن واقرأ قول ربك العظيم تعرف نبيك أكثر مما كنت تعرف وتزداد علما إلى علمك !
قال له ربه سبحانه وتعالى يصف طبيعته صلى الله عليه وسلم : " وسراجا منيرا "
إنه صلى الله عليه وسلم ما وصف بهذا الوصف إلا لأن نوره رحمة وهداية وبردا وسلاما على العالمين .
ولكن- إياك أن تغفل ما فهمت ، فما زال فى الوصف للوصافين بقية إلى يوم الدين " وقل رب زدنى علما "
لا تنسى ، فنور نبيك صلى الله عليه وسلم ليس كنور القمر ، بل هو نور ذاتي ، فهو ( سراج منير ) ، فلا يستمد نوره كما فهمنا من أحد سوى ربه سبحانه وتعالى ، أما القمر الكوني فيستمد نوره - كما هو معروف - من ضوء الشمس .
وهذا يعنى أن كل من يستمد علما أو معرفة أو مكرمة أخلاقية أو محاسن وفضائل ربانية إنما يستمدها منه صلى الله عليه وسلم ، فهو السراج المنير، شمس بلا إحراق أو أذى ، فهو رحمة للعالمين ، فيه اجتمع النور الذاتي والنور المستفاد فى عين واحدة ، فهو يقسم أنواره على كل من يقترب منه ؛ نبيا كان أو وليا أو عالما بالله وارث ، فكلما ظهر من أنوارهم من نوره يستمد ويستفاد ، كما تستمد الكواكب فى المجموعة الشمسية وتوابعها نورها من الشمس ، فإذا ما ظهرت الشمس ، فما يرى لهذه الكواكب أثر نور، ولا عين.
يقول البصيري مدحا له صلى الله عليه وسلم فى بردته :
وَكُلُّ آيٍ أَتَى الرُّسُلُ الْكِرَامُ بِهَا
فَإِنَّمَا اتَّصَلَتْ مِن نُّوْرِهِ بِهِمِ
فَإِنَّهُ شَمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَوَاكِبُهَا
يُظْهِرْنَ أَنْوَارَهَا لِلنَّاسِ في الظُّلَمِ
حَتَّى إِذَا طَلَعَتْ في الْكَونِ عَمَّ هُدَاهَا
الْعَالَمِينَ وَأَحْيَتْ سَآئِرَ الأُمَمِ
أَكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زَانَهُ خُلُقٌ
بِالْحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالْبِشْرِ مُتَّسِمِ
ولا يكون تكرارا أنه صلى الله عليه وسلم فى إمداده لغيره واستمداده ليس كالشمس ، فهو لا يستمد من أحد ، فمدده من ربه سبحانه وتعالى ، فهو كما نفهم كمن وجد الكنز، فهو له ملك ، وهو عليه حفيظ عليم ، فيقسم منه على الخلائق بالعدل وبما أراه الله من الحق ، فالله معطى وهو صلى الله عليه وسلم قاسم أو كما قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم .
روى البخاري فى صحيحه - بَاب قَوْلِ اللَّه تَعَالَى " فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ "
يَعْنِي لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ وَاللَّهُ يُعْطِي "
وأيضا جاء فى رواية أخرى فى ( صحيح البخاري ) 00 قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية خطيبا يقول " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم والله يعطي ، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله "
فيا الله ، بحق أبا القسم صلى الله عليه وسلم وجاهه عندك ، كن لنا يا ربنا على من عادانا وعاداه ، أو آذانا فيه أو آذاه ، أو آذانا وأساءنا فى آل بيته المطهرين الأطهار وآذاه ، أو آذانا فى أصحابه وحملة العلم من الورثة من بعده ، فأساء إليهم ، وآذاه.
صلى عليك الله يا شمس الليل ، ونجم النهار، وقمر الضحى وعلى آلك وصحبك وسلم تسليما كثيرا .
تلك بعض ما تنبهنا إليه من دلالات قوله تعالى " وسراجا منيرا " وذلك فى وصفه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم .
ولا شك أن مثل هذه الدلالات الهامة وغيرها من دلالات تزكى ما سبق أن كشفنا عنه فى كتاباتنا فى سلسلة ( الحقيقة المحمدية00) فلقد انتهينا فى كتابنا ( نشأة العالم وأول خلق الله ) إلى أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو أول الخلق أجمع
ظاهرا وباطنا ، شريعة وحقيقة .
وهو الحق الذى تواطأ عليه أهل اللطائف والإشارات من أمثل الإمام أبو حامد الغزالى .، فقد ذهب الإمام أبو حامد الغزالى فى ( مشكاة الأنوار ) مستخدما المنهج الصاعد فى إثبات أولوية النور المحمدي صلى الله عليه وسلم ، وأنه أحق المخلوقات باسم النور.
هنا بدأ الإمام أبو حامد أولا بتجريد النور الحسي ، ثم يقارن بينه وبين نور البصر الذى يدرك النور ، فالبصر بهذا أولى باسم النور ، لأنه يدرك النور الحسي ، والنور الحسي لا يدركه.
ثم ينتقل إلى نور العقل ، فوجد أنه أولى من نور البصر باسم النور ، لأن العقل يدرك غيره ، ويدرك أنه يدرك ، وهذا لا يكون للبصر.
ولكنه - يلاحظ أن العقل لا يستطيع ، ولا يتمكن من سبر غور بعض مدركاته ، لذا فهو يحتاج إلى تنبيه ، وذلك لا يكون إلا بنور الحكمة ، نور الشرع والدين.
ولما كان كلام الله تعالى ومن جملته القرآن خاصة أعظم الحكمة ، كان القرآن أولى باسم النور من العقل ، لأنه يعين العقل على معرفة الحقيقة ، فهو بمنزلة نور الشمس عند العين الباصرة.
ثم ينتهى الإمام الغزالي إلى القول بأن النور الذى هو أولى وأحق باسم النور هو ذلك النور الذى تفيض أنواره على غيره ، فهو النور المقصود لذاته ولغيره ، وهو نور النبي محمد صلى الله عليه وسلم بخاصة ، وأنوار الأنبياء عليهم السلام ، وكذا أنوار العلماء من الورثة بعامة.
يقول " أن ما يبصر نفسه ، ويبصر غيره ، أولى باسم النور .
ثم يتابع تلك المقابلة البديعة فيقول : فإن كان من جملة ما يبصر به غيره أيضا ، فهو بذلك واسطة فى إبصار الآخرين ، مع أنه يبصر نفسه وغيره ، فهو أولى باسم النور من الذى لا يؤثر فى غيره أصلا ، بل بالحرى أن يسمى ( سراجا منيرا ) بفيضان أنواره على غيره .
وهذه الخاصية توجد للروح القدسي النبوي ، إذ منه تفيض أنواع المعارف على الخلائق.
وقد سبق أن تبين لنا أن مقام نبينا صلى الله عليه وسلم ، مقام " أو أدنى " مقام المقامات ، هذا المقام الأسنى يندرج فيه الكون كله ، وهو ما أصلناه فى كتابنا ( نشأة العالم وأول خلق الله(
ولشد ما كانت دهشتنا أن نجد ما يؤيد فهمنا من أقوال بعض العلماء الكبار من أمثال الشيخ تقي الدين ابن تيمية .
يقول فى ( مجموع الفتاوى ) : وقد ظهر فضل نبينا على الملائكة ليلة المعراج لما صار بمستوى يسمع فيه صريف الأقلام ؛ وعلا على مقامات الملائكة.
ثم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : والله تعالى أظهر من عظيم قدرته وعجيب حكمته من صالحي الآدميين من الأنبياء والأولياء ما لم يظهر مثله من الملائكة حيث جمع فيهم ما تفرق في المخلوقات.
1- فخلق بدنه من الأرض.
2- وروحه من الملأ الأعلى.
ولهذا يقال : هو العالم الصغير وهو نسخة العالم الكبير .
محمد سيد ولد آدم . وأفضل الخلق وأكرمهم عليه.
وهنا نتابع ابن تيمية فيما توصل إليه.
يقول : ومن هنا قال من قال : إن الله خلق من أجله العالم أو إنه لولا هو لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا أرضا ولا شمسا ولا قمرا.
لكن - ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا ، ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، بل ولا يعرف عن الصحابة ، بل هو كلام لا يدرى قائله .
ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله " سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض "
وقوله تعالى " وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "
وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها أنه خلق المخلوقات لبني آدم .
ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك.
ولكن يبين لبني آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم من النعمة .
فإذا قيل : فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى.
وكذلك قول القائل : لولا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بني آدم محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة [ أعظم ] من غيره صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم .
والله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، وكان آخر الخلق يوم الجمعة ، وفيه خلق آدم وهو آخر ما خلق خلق يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة .
وسيد ولد آدم هو محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - آدم فمن دونه تحت لوائه .
قال صلى الله تعالى عليه وسلم " إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته "
أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه كما يكتب الله رزق العبد وأجله وعمله وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه.
فإذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها وهو الجامع لما فيها ، وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا، ومحمد إنسان هذا العين ؛ وقطب هذه الرحى وأقسام هذا الجمع كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات.
فما ينكر أن يقال : إنه لأجله خلقت جميعها وإنه لولاه لما خلقت.
فإذا فسر هذا الكلام ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة قبل ذلك.
وأما إذا حصل في ذلك غلو من جنس غلو النصارى بإشراك بعض المخلوقات في شيء من الربوبية ، كان ذلك مردودا غير مقبول ؛ فقد صح عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله ."
وقد قال تعالى " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد "
وبهذا نفهم تسمية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سراجا منيرا، والأنبياء كلهم سرج، وكذلك العلماء، ولكن التفاوت بينهم لا يحصى، كما يقول الإمام الغزالى.
وذلك إشارة إلى قوله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " إنا أرسلناك هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " ( الأحزاب : 46 (
ومن هنا – ولكن - بأسلوب عصري يسير الشيخ محمد متولى الشعراوى على نهج الإمام الغزالى خطوة بخطوة .
و كأنى أراه وأسمعه وهو يقرأ قوله تعالى " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين " ( المائدة : 15 (
إنه يريد بالنور محمد صلى الله عليه وسلم " ، وهو ما سبق إليه معظم المفسرون من أمثال الإمام البيضاوي فى تفسيره ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) عند تفسيره لسورة المائدة .
يقول فضيلة الشيخ الشعراوى " يقول الله تعالى " نور وكتاب "
فلا بد أن النور غير الكتاب.
ونحن نعرف الكتاب الذى يشمل على المنهج ، و الذى سيخرجنا من الظلمات إلى النور ، إنه القرآن ، فإذا كان المقصود ( بالنور ) النور المعنوي ، فهذا موجود بالكتاب .
ولكن – هل الكتاب أتى أولا ، ثم دلنا على محمد صلى الله عليه وسلم ؟
أم محمد صلى الله عليه وسلم هو الذى دلنا على الكتاب ؟
إذن محمد صلى الله عليه وسلم هو النور .
ولعل فى صعوبة تصور هذه المسألة بالعقل الإنساني الكسبي ، ما دفع الشيخ الشعراوى إلى القول بأننا قبل أن نتعلم العلم التحليلي لم يكن النور فى عرفنا مادة ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ظهر لنا ماديا فى صورة مشخصة 0
الناس لم يروه نورا وإنما رأوه إنسانا !
ولكن فى عصرنا هذا وفى أواخر القرن العشرين لا يصح أن نقف عند هذا التصور للمادة ، لأنه بات من الممكن تحويل أى مادة إلى إشعاعات ضوئية ، وكذلك العكس صحيح .
وبعد ذلك يقول الشيخ الشعراوى : " وها هو العلم يؤكد ذلك المعنى ، فالنور هو البداية ، ثم عملت منه الماديات.
وعموما ، فما نود أن نلفت الانتباه إليه أن المؤمنين حين ينظرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا ينظرون إليه كما ينظر الكافرون به والمكذبون بنبوته ، والمشككون فى رسالته ، فمن نظر فى بشريته ، دون التصديق به ، فلن يرى فيه إلا رجل يمشى فى الأسواق ويأكل كما يأكل الناس ، فلا يرى نوره صلى الله عليه وسلم إلا من آمنوا به وصدقوه .
وبالرغم من ذلك كانوا يلقبونه بالصادق الأمين ويضعون عنده ودائعهم حتى بعد أن ناصبوه العداء.
إلا أن حكماء البشر لا يحيدون عن الحق ولو كان مرا .
وانظر وتأمل قول عبد الله بن سلام حين رأى وجه النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله فجئت في الناس لأنظر إلى وجهه فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، فكان أول شيء سمعت منه أن قال " يا أيها الناس اطعموا الطعام وأفشوا السلام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام كما جاء فى (الخصائص الكبرى ) للإمام السيوطي - باب اجتماع اليهود بالنبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وسؤالهم له ومعرفتهم صدقه .
وأخرج ابن سعد والترمذي والبيهقي عن أبي هريرة قال : ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم كأن الشمس تجري في وجهه وما رأيت أحدا أسرع في مشيه منه كأن الأرض تطوى له إنا لنجهد وانه غير مكترث "
اخرج الشيخان عن البراء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير"
واخرج البخاري عن البراء أنه سئل : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ؟
قال : لا ، ولكن - كان مثل القمر"
وأخرج مسلم عن جابر بن سمرة أنه سئل : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ؟
قال : لا ؛ بل مثل الشمس والقمر مستديرا "
وأخرج الدارمي والبيهقي عن جابر بن سمرة قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة ( أضحيان) وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه وإلى القمر ؛ فلهو كان أحسن في عيني من القمر"
يقول السيوطي: في الصحاح ( ليلة إضحيان بكسر الهمزة والحاء ) لا غيم فيها.
وأخرج البخاري عن كعب بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسر استنار وجهه كأنه قطعة قمر ؛ وكنا نعرف ذلك منه "
وأخرج أبو نعيم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : كان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كدارة القمر"
وأخرج البيهقي عن أبي إسحاق عن امرأة من همدان قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم قلت لها شبهيه .
قالت : كالقمر ليلة البدر لم أر قبله ولا بعده مثله "
وأخرج الدارمي والبيهقي والطبراني وأبو نعيم عن أبي عبيدة قال قلت للربيع بنت معوذ : صفي لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم.
قالت : لو رأيته لقلت الشمس طالعة "
واخرج مسلم عن أبي الطفيل انه قيل له : صف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : كان ابيض مليح الوجه "
وأخرج ابن عساكر عن علي بن ابي طالب قال ما بعث الله نبيا قط إلا صبيح الوجه كريم الحسب حسن الصوت وإن نبيكم صلى الله عليه وسلم كان صبيح الوجه كريم الحسب حسن الصوت "
( وعلى الله قصد السبيل )
[email protected]
*****


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.