"يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (54) وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا" (64) سورة الأحزاب. الشاهد: هو الذى يؤيد ويثبت الحق لصاحبه، لذلك يطلب القاضى شهادة الشهود ليأتى حكمه فى القضية عن تحقيق وبينة ودليل، فإن قلت: إذن علام يشهد رسول الله؟ قالوا: يشهد رسول الله أنه بلغ أمته، كما يشهد الرسل جميعاً أنهم بلغوا أممهم كما قال سبحانه: "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا" (النساء: 14). إذن: كل رسول شهيد على أمته، وأنت شهيد على هذه الأمة أنك قد بلغتها، لكن ميزتك على من سبقك من إخوانك الرسل أن تكون خاتمهم، فلا نبى بعدك، ولذلك سأجهل من أمتك من يخلف الأنبياء الذين يأتون بعد الرسل فى مهمتهم. وقوله سبحانه (ومبشرا.) لمن استجاب لك بثواب الله، والبشارة هى الإخبار بالخبر قبل أوانه (ونذيرا.) أى: منذراً لمن لم يصدقك بعقاب الله، والإنذار هو التخويف بشر لم يأت أوانه (وداعيا إلى الله بإذنه.) أى: بأمر منه، لا تطوعاً من عندك، فقد يأتى زعيم من الزعماء أو مصلح من المصلحين بمنهج أو بأفكار من عنده ويبثها فى مجتمعه. وقوله تعالى: (وسراجا منيرا) شبه الحق سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بالسراج، ولا تستقل هذا الوصف فى حق رسول الله، فليس معنى السراج أنه كالسراج الذى يضيء لك الحجرة مثلا، إنما هو كالسراج الذى قال له عنه: (وجعلنا سراجا وهاجا) (النبأ: 31) والمراد: الشمس.