صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    مانيج إنجن: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أمن المعلومات في مصر    استشهاد 24 فلسطينيًا في قطاع غزة منذ فجر السبت    ترامب: اقتراحي لإنهاء الحرب في أوكرانيا ليس عرضًا نهائيًا    ماكرون يرفض مقترح عودة صيغة "مجموعة الثماني" بمشاركة روسيا    عمرو أديب: عايزين نتعلم من درس عمدة نيويورك زهران ممداني    منها "إقصاء مادورو"، ترامب يجهز خطة "عمليات سرية" ضد فنزويلا    أول تعليق من جوارديولا بعد السقوط أمام نيوكاسل    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة نقل ذكي على سيدة بالقليوبية    غلق بوابات صحراوي الإسكندرية والدولي الساحلي بسبب الشبورة    : ميريام "2"    روسيا: لم نتلقَّ أى رد من واشنطن حول تصريحات ترامب عن التجارب النووية    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الإخوان الإرهابية تواجه تهديدا وجوديا فى قارة أوروبا.. ترامب: خطة السلام بشأن أوكرانيا ليست نهائية.. تعليق الملاحة فى مطار آيندهوفن الهولندى بعد رصد مسيّرات    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    توروب: أعرف قيمة دوري الأبطال بالنسبة ل الأهلي.. وكنت أنتظر إمام عاشور    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    فليك: فخور بأداء برشلونة أمام أتلتيك بيلباو وسيطرتنا كانت كاملة    نابولي يتربع على صدارة الدوري الإيطالي بثلاثية في شباك أتالانتا    محافظ كفر الشيخ يعلن الاستعدادات النهائية لانتخابات النواب 2025    ب16 سفينة وتصدير منتجات ل11 دولة أوروبية.. ميناء دمياط يعزز مكانته اللوجيستية العالمية    عاجل- الداخلية المصرية تحصد المركز الثاني عالميًا في أداء الحسابات الحكومية على فيسبوك بأكثر من 24 مليون تفاعل    حبس 10 متهمين في أحداث مشاجرة بعد مقتل شاب وإصابة 4 آخرين بكفر الشيخ    الوكيل الدائم للتضامن: أسعار حج الجمعيات هذا العام أقل 12 ألف جنيه.. وأكثر من 36 ألف طلب للتقديم    ضباب الشبورة يظهر على الطرق الآن.. كيف تتصرف أثناء القيادة لتجنب الحوادث    باريس سان جيرمان يكتسح لوهافر بثلاثية في الدوري الفرنسي.. فيديو    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    الري تفتح مفيض توشكى لاستيعاب تدفقات مفاجئة من السد الإثيوبي    البابا تواضروس الثاني يطيّب رفات القديس أثناسيوس بمناسبة مرور 17 قرنًا على مجمع نيقية    الحلم النووي صار حقيقة    مصطفى حسنى للمتسابق عطية الله رمضان: ربنا ينوّلنا صحبتك فى الدنيا والآخرة    مخرجة فيلم دخل الربيع يضحك: رميت السيناريو بعد التدريب.. وخليت الممثلين يعيشوا القصة من خيالهم    حكاية أثر| "تماثيل الخدم في مصر القديمة".. دلالاتها ووظيفتها داخل مقابر النخبة    رمضان 2026 - أحمد أمين ودنيا سامي في كواليس "النص 2"    المتحدث باسم الصحة: الإنفلونزا A الأكثر انتشارا.. وشدة الأعراض بسبب غياب المناعة منذ كورونا    طريقة مبتكرة وشهية لإعداد البطاطا بالحليب والقرفة لتعزيز صحة الجسم    خوري والسقا يبحثان ترتيبات احتفالات عيد الميلاد في الأراضي الفلسطينية    "الوطنية للانتخابات" تدعو المصريين بالداخل للمشاركة في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    جدول زمني للانتهاء من مشروعات الصرف الصحي المتعثرة بالقليوبية    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    شلل مرورى بالطريق السياحى اتجاه المنيب والمعادى وتوقف تام لحركة السيارات.. صور    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    شاهد الآن.. بث مباشر لمباراة الهلال والفتح في الدوري السعودي روشن 2025-2026    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    الوطنية للانتخابات: بدء فرز الأصوات بنيوزيلندا.. والكويت الأعلى تصويتا حتى الآن    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسس اللسانيات في الجزائر


الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة
توفي يوم الأحد6جمادى الثانية1438ه،الموافق ل5آذار/مارس2017م، العلاّمة اللغوي الجزائري الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح،رئيس المجمع الجزائري للغة العربية،وقد كان عالماً كبيراً بارعاً في علم اللسانيات، وأحد كبار الأكاديميين الجزائريين الذين أسسوا هذا التخصص العلمي في الجزائر،وقد حقق الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح في مشواره العلمي،والأكاديمي الطويل إنجازات كبيرة،ومتميزة ،قدم من خلالها بإخلاص شديد،ودقة متناهية إضافات علمية ثمينة خدم بها علوم اللسان واللغة العربية خدمات جمة،فهو عالم جليل،وأستاذ بار بأبنائه جميعاً،وقد كان مصدر عطاء علمي،وإنساني فياض،و عاش حياة حافلة بالجهد،والمعاناة.
ولد عبد الرحمن الحاج صالح سنة:1927م،بمدينة:«وهران»،التي تعرف باسم عاصمة الغرب الجزائري،وهو ينتمي إلى عائلة عريقة ، ومعروفة ، نزح أسلافها من قلعة بني راشد المشهورة في بداية القرن التاسع عشر ، زاول تعليمه الابتدائي في المدارس الحكومية، ثم انتقل للدراسة في المدارس الحرة التي أنشأتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ،وذلك لتعلم اللغة العربية وآدابها،وعلوم الشريعة،وسرعان ما انضم في شبابه إلى حزب الشعب الجزائري، وعمل مناضلاً بسيطاً في صفوفه،إيماناً منه بقضية الشعب الجزائري العادلة،وفي سنة:1947م،انتقل إلى مصر،بسبب تضييق السلطات الاستعمارية الفرنسية عليه، وانتسب هناك إلى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر،حيث اكتشف الأهمية الاستثنائية للتراث العلمي اللغوي العربي،غير أنه لم يتمكن من إكمال دراسته بمصر،فالتحق بجامعة بوردو في فرنسا،ثم سافر إلى المغرب الأقصى،وعمل أستاذاً في التعليم الثانوي،كما درس الرياضيات في أقسام العلوم،وبعد أن حصل على شهادة التبريز في اللغة
العربية،درّس اللسانيات باللغة العربية في كلية الآداب بالرباط أول مرة سنة:1960م،وبعد استقلال الجزائر سنة:1962م،عمل أستاذاً باحثاً في جامعة الجزائر،ورأس قسم اللغة العربية،واللسانيات سنة:1964م،ثم انتخب عميداً لكلية الآداب،وقد انتقل إلى عدة دول غربية،وعمل أستاذاً زائراً في جامعة فلوريدا،وبعد أن عاد إلى وطنه الجزائر أسس معهداً للعلوم اللسانية ،والصوتية،وأسس مجلة اللسانيات،التي حظيت بسمعة علمية مرموقة في الوطن العربي،والعالم الغربي .
عين عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق سنة:1978م،ومجمع بغداد عام:1980م،ومجمع عمّان سنة:1984م،وفي سنة:1988م عين الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح عضواً مراسلاً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة،ثم انتخب عضواً عاملاً به في سنة:2003م،في المكان الذي خلا بوفاة العلاّمة الدكتور إبراهيم السامرائي،وفي سنة:2000م،عين رئيساً للمجمع الجزائري للغة العربية.
ولا يختلف اثنان في أن أهم مشروع علمي شغل اهتمام الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح،هو مشروع الإنترنت العربي،أو الذخيرة اللغوية للغة العربية منذ العصور القديمة ،إلى أيامنا هذه،فقد ركز الدكتور الحاج الصالح من خلال رغبته في تجسيد هذا المشروع على تكنولوجيات الاتصال الحديثة ،ومدى إمكانية توظيفها في خدمة اللغة العربية من خلال حوسبتها،فهو يرى أن الذخيرة العربية يفترض أن تكون تمثيلاً حقيقياً لاستعمالات العربية عبر سلاسل زمنية متتالية من خلال حصر جميع الألفاظ التي وردت في المعاجم العربية،واستعملت في المصادر العربية القديمة، فالمحتوى العربي الإلكتروني هو مدونة حية يتم الانطلاق منها في دراسة الظاهرة الدلالية،حيث إن مشروع «الذخيرة العربية»، يعُرف بأنه عبارة عن«بنك آلي من النصوص العربية القديمة والحديثة مما أنتجه الفكر العربي،فهو ديوان العرب في عصرنا فسيكون آلياً أي محسوباً وعلى شبكة الأنترنت،وهو بنك آلي أي قاعدة معطيات حسب تعبير الاختصاصيين في الحاسوبيات،وهو بنك نصوص لا بنك مفردات، أي ليس مجرد قاموس،بل مجموعة من النصوص مندمجة حاسوبياً ليتمكن الحاسوب من المسح لكل النصوص دفعة واحدة، أو لجزء منها، كبيراً كان أم صغيراً أو نصاً واحداً وغير ذلك،فهذا المسح الآلي للنصوص(العجيب السرعة)هو شبيه بالمسح المؤدي إلى فهرسة الأعلام والمفاهيم، وأسماء الأماكن، وغير ذلك من جهة، أي إلى استخراج كل هذا ،وحصره وترتيبه مع شيء إضافي جديد، وهو استحضار سياقاته، وذكر المرجع الكامل الدقيق.ويزيد على ذلك الحاسوب الإحصاء، وتحديد تردد العناصر في النص الواحد، أو في أكثر من نص،للذخيرة صفة أخرى تمتاز بها عن غيرها،وهي أنها ذخيرة مفتوحة على المستقبل غير معّلقة مثل أكثر ما هو مكتوب فهي قابلة للزيادة ،والتجديد للمعلومات العلمية ،والتقنية، وفوق كل شيء قابلة لتصليح الأخطاء في كل وقت.
وبالنسبة إلى محتوى الذخيرة،فهي تنقسم إلى جانبين:
-ثقافي( علمي تربوي)،وجانب خاص باللغة العربية، وذلك بحسب توظيفها ،ونوعية الأسئلة الملقاة عليها ،إلا أن محتواها من النصوص يُهم الجانبين معاً.
فسيكون فيها في المرحلة الأولى والثانية(وربما تكفي الأولى بالنسبة للتراث):
-النص القرآني بالقراءات السبع وكتب الحديث الستة.
-أهم المعاجم اللغوية(الوحيدة اللغة والمزدوجة) .
-الموسوعات الكبرى العامة العربية الأصل والمنقولة عن اللغات الأخرى.
-عينة من الكتب المدرسية والجامعية القيمة(الرائجة في الوطن العربي أو في بلد واحد).
-عينة من الكتب الخاصة بإكساب بعض المهارات(منها تعليم اللغة العربية)على الطريقة الحاسوبية.
-عينة من الكتب التقانية القيمة.
-عينة كبيرة من البحوث العلمية، والثقافية القيمة المنشورة في المجلات المتخصصة.
-عينة كبيرة من المقالات الإعلامية الصحفية والإذاعية والتلفزيونية والحوارات والمداخلات المنطوقة في اللقاءات العلمية وغيرها.
-أهم ما حُقّق ونُشر من كتب التراث الأدبية(و الشعرية خاصة،)والعلمية، والتقنية من الجاهلية إلى عصر النهضة.
وحجم هذه النصوص هو-حتى في المرحلة الأولى-ضخم جداً،ويبرر أصحاب المشروع هذا الحجم الكبير جداً بضرورة التغطية الواسعة للاستعمال الحقيقي للغة العربية قديماً وحديثاً،لأنه يمثل أولاً اللغة الحية النابضة بالحياة في كل الوطن العربي ،وثانياً أفكار العرب وتصوراتهم، وفنونهم ،وعلومهم، وأحوال حياتهم الاجتماعية ،والدينية، والسياسية، وبالتالي تاريخهم الاجتماعي وتطور كل ذلك عبر الزمن»(يُنظر:من أخبار مشروع الذخيرة العربية(أو الانترنت العربي)،وثيقة رسمية أعدت من طرف مجموعة من الخبراء بطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية لدراسة هذا المشروع وتقديمه للجامعة،مجلة المجمع الجزائري للغة العربية،العدد الثاني،ذو القعدة1426ه/ديسمبر2005م،ص:263 وما بعدها).
وفيما يتعلق بأهداف الذخيرة المحوسبة وفوائدها،فمن الجانب الثقافي«فهدف الذخيرة هو تمكين أي باحث، أو طالب، أو تلميذ(وأي مواطن)أن يتحصل في وقت وجيز، وفي أي وقت المعلومات التي يحتاج إليها للقيام ببحث، أو إنجاز مشروع ،أو لسد ثغرات في معلوماته، أو تحصيل كل ما جد في ميدان معين، أو استفسار عن معلومات في شتى الميادين في الوقت الحاضر ،أو فيما مضى، وغير ذلك، ثم من جهة أخرى ولمن يرغب في ذلك:الحصول على مهارات معينة في ميادين معينة توجد فيها طرائق تعليم يتم بالحاسوب.
أما الجانب اللغوي فيمكن للباحث أن يتحصل على معلومات أيضاً في وقت وجيز ولولا الحاسوب لتعذر عليه ذلك تماماً في أغلب الأحوال، أو قضى للعثور على بغيته الأسابيع والشهور،وذلك لحصوله على معرفة وجود كلمة معينة أو عدم وجودها في نص أو عدة نصوص أو في عصر كامل وترددها إن وردت مع حصر جميع سياقاتها ،وكذلك هو الأمر بالنسبة للجذور والصيغ ،والتراكيب، وأنواع الأساليب، والأمثال وكل ما يخص اللغة، وعناصرها ،وبناها ،ومجاريها على اختلاف أنواعها.
ويعتقد مجموعة من الخبراء الذين يشرفون على مشروع الذخيرة اللغوية أنه سيكون دافعاً قوياً للكثير من الحركات، والأعمال العلمية ،وغيرها:
-سيكون حافزاً قوياً لنشر اللغة العربية السليمة في جميع الميادين العلمية، والتكنولوجية.
-وحافزاً للشباب لاختيار الشعب العلمية ،والتكنولوجية.
-و حافزاً قوياً لحركة تحقيق المخطوطات ،وإحياء التراث.
-ودافعاً لتوحيد المصطلحات العلمية، والتقنية العربية.
-ودافعاً للتعريف الواسع، والعميق للتراث العربي.
-ومساعداً عظيماً لتوسيع معلومات النشء الصغير وطلاب الجامعات ،والمثقفين عامة.
-ومساعداً عظيماً لا مفرّ منه لأعمال المجامع اللغوية العربية كمرجع موثوق به.
-ومساعداً في اكتساب المهارات في شتى الميادين.
-و مصدراً عظيماً لشتى الدراسات اللغوية، والاجتماعية، والتاريخية ،والعلمية، وغير ذلك.
-ومصدراً آلياً، ومرجعاً لا بد منه في صنع المعاجم على اختلاف أنواعها:المعجم التاريخي للغة العربية،معجم ألفاظ الحياة العامة،معجم المترادف والمشترك والمتجانس ومعاجم المعاني وغير ذلك»»(يُنظر:من أخبار مشروع الذخيرة العربية(أو الانترنت العربي) ،مجلة المجمع الجزائري للغة العربية،العدد الثاني،ذو القعدة1426ه/ديسمبر2005م،ص:266،وص:274).
كما اهتم العلاّمة الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح في مسيرته العلمية بموضوع تدريس اللغات، وأثر التحكم اللغوي فيه ، وذلك من خلال نشره مجموعة من الأبحاث، والمقالات،فقد كتب في سنوات السبعينيات مقالاً موسوماً ب:«أثر اللسانيات في النهوض بمستوى مدرسي اللغة العربية» سلط فيه الأضواء على مختلف أطوار الكلام«بتحليل المادة اللغوية، وإظهار البنى النحوية والتحويلية وصولاً بالطالب إلى اكتساب ملكة اللغة عن طريق المران،أي القدرة على إنتاج التعبير السليم عن طريق التجريب، والدربة، وفي مقالة أخرى تحدث فيها عن(التحليل العلمي للنصوص بين علم الأسلوب وعلم الدلالة والبلاغة العربية)،وهو بحث في مستويات الدلالة، وجماليات الصياغة الأدبية للغة، ويساعد الطالب كثيراً على فهم طبيعة الكلام الأدبي الإيحائية، وبنيته التركيبية البلاغية المعقدة،كما تحدث عن«علم تدريس اللغات»بصفة عامة، وكيف راجت فيه الأبحاث بأوروبا،وما ينبغي له من العتاد المخبري لتمييز الأصوات اللغوية، وأشار كذلك إلى ما قدمه«معهد العلوم اللسانية»الذي كان يُشرف عليه العلاّمة الحاج صالح من البحوث في هذا المجال.
وفي بحث قدمه إلى اتحاد الجامعات العربية في ندوة خاصة بتدريس اللغة العربية،وسمه ب: «الأسس العلمية لتطوير تدريس اللغة العربية» أكد الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح على أن انخفاض المستوى في استعمال العربية يعد من المشكلات العويصة في مجتمعاتنا،وتتقاسم المسؤولية في ذلك عدة مؤسسات،فمنها ما يرتبط بكيفية استعمال الناس للعربية في المدارس، وفي الجامعة،وفي الحياة العامة،ثم مدى مشاركة العاميات، واللغات الأجنبية إياها في مختلف المستويات والبيئات،ومنها ما يتصل بالمحتوى اللغوي ،ونوعيته في مناهج التدريس،أي بحجم الذخيرة اللغوية الصالحة للاستعمال،الموجهة للاكتساب في كل مرحلة من مراحل التعليم.
وقد لاحظ في هذا الصدد باحث في مكتب التعريب بالمغرب الأقصى نقصاً كبيراً في حجم المعارف التي تقدم إلى التلميذ في العالم العربي قياساً بمثيلتها المقدمة إلى أطفال أوروبا،وذكر أن حصيلة المصطلحات ،والمدركات في جميع الكتب المدرسية(الابتدائية في الوطن العربي)لا تتجاوز ثمانمائة مدرك،بينما يتجمع في ذهن التلميذ في الغرب ألف وخمسمائة مصطلح،أو مدرك.ويمكن أن يُقاس على هذا الفارق ما يُقدم في مراحل التعليم الأخرى،فتتبين بذلك أسباب انخفاض المستوى عندنا كما صرح الكاتب. ويضيف الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح ملاحظة أخرى على هذا الكم القليل المقدم إلى أطفالنا ،وشبابنا بناءً على الإحصاء أيضاً ، وهي«غزارة المادة اللغوية فيما لا يحتاج إليه المتعلم»كالألفاظ المترادفات الكثيرة، والألفاظ العقيمة التي هجرها الاستعمال.وهذا النقص الفادح في الذخيرة ليست اللغة العربية هي المسؤولة عنه، بل كسل أهلها، وضعف اعتناء منهم لضعفهم في أنفسهم حسب تعبير العلاّمة عبد الرحمن الحاج صالح،فراحوا يُرددون بألسنتهم مسميات الأشياء الجديدة، والموضات الوافدة بلفظها الأجنبي رغم رطانته الأعجمية،قانعين بذلك عوض أن يشتقوا أو ينحتوا من العربية، أو يعربوها حسب القواعد اللغوية،ونتج عن ذلك فوضى الاستعمال، وخلط لغوي معيب في تأدية المجامع اللغوية-إن وجدت-وكذا وسائل الإعلام لرسالتها في تصحيح الوضع،وصار الناس يخلطون في حديثهم فيجمعون بين لفظ عربي، وآخر فرنسي، أو إنجليزي في مركب لغوي واحد، وجملة واحدة ليس فيها بنية نحوية واضحة،فأنى لهذه اللغة أن تصوغ وجداننا، وتعبر عن فكر سديد...؟ »
ويرى العلاّمة الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح أنه لابد من مضاعفة مردود البحث الاصطلاحي،وذلك من خلال مجموعة من الطرائق والوسائل من بينها:
1-الرجوع إلى الاستعمال الحقيقي،والتركيز على ما قد وضع من لفظ عربي لنفس المفهوم في جهة أخرى،أو بلد آخر.
2-الحصر الكامل، والمستمر لما يضعه العلماء باستمرار من مصطلحات في سائر أقطار الوطن العربي.
3-الرجوع إلى التراث العلمي العربي،ومحاولة مسحه مسحاً كاملاً.
4-الاعتماد على مدونة من النصوص العلمية،حتى يتراءى فيها الاستعمال الحقيقي القديم، والحديث للغة العربية،في كل ميدان من الميادين العلمية،وبذلك تكون المصدر الرئيس للبحث الاصطلاحي،واللغوي بصورة عامة، وتصبح مرجعاً موضوعياً.
5-اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة،وتطوير التصور للعمل الاصطلاحي،وذلك بما يقتضيه العمل على الحاسوب.
6- لا يتم الاكتفاء بترويج المصطلحات الجديدة فحسب،بل لابد من التدخل،وذلك لنشرها على نطاق واسع بطرائق ناجعة،وعلى نطاق واسع.
7-ضرورة خلق هيئة قومية تهتم بالإشراف على جميع الأعمال الاصطلاحية العربية،وذلك بالتخطيط، والمتابعة، والتقويم العلمي،والتنسيق، وتكون لها صلاحيات مشروعة لتحقيق هذه الأهداف،ويُسمح لها بالتدخل المباشر.
8- السعي لاستثمار الثروة اللغوية التي تختص بها لغتنا العربية في أبنيتها، وجذورها».
الدكتور /محمد سيف الإسلام بوفلاقة
قسم اللغة العربية بجامعة عنابة-الجزائر
العنوان:
الدكتور/محمد سيف الإسلام بوفلاقة
Mouhamed saif alislam boufalaka
ص ب:76 A ( وادي القبة) -عنابةالجزائر
المحمول: 775858028 (213)00
الناسوخ (الفاكس) : 35 15 54 38 (213)00
البريد الإلكتروني : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.