تعالت الأصوات من بعد ثورة يناير العظيم بأن يتولى الشباب حكم مصر وجميع روافدها .. وكيف لا وهم من أشعلوا الثورة وأوقدوا نارها .. حقاً إنهم يستحقون التحية والإجلال وقد نالوا من القدرة على فعل ما لم يقوى أسلافهم عليه.. انتفض الشعب بمرجعية من فاقته ومن أوجاعه اثر فساد النظام المُثار عليه .. وانتصرت الثورة .. انتصرت الثورة بكل أطياف الشعب المكلوم عامة ومن ذوى الجرحى والشهداء خاصة ليس بسواعد الشباب فحسب وليس بشعارات المُناظرين القاطنين بمكاتبهم المكيفة .. انتصرت الثورة ليس بدماء الثوار إبّان يناير فحسب يل بفضل قاطنى المعتقلات طوال العقود الماضية من بعد ثورة يوليو وما قبلها .. وكذا شهداء مصر قاطبة ممن لم يبخلوا بدمائهم على كل حبة رمل من أرض الوطن .. انتصرت الثورة بدماء الشعب الفقير وليس بشعارات الأغنياء أصحاب أكاليل الغار الموضوعة فوق رؤوسهم من بعد نجاح الثورة .. انتصرت الثورة بهتافات أصحاب العشوائيات والبطون الخاوية وليس بأقلام أصحاب الرؤى والنظريات من أولئك المُتخمة بطونهم .. انتصرت الثورة بآهات الأمهات الثكالى وعويل الأرامل واليتامى .. انتصرت الثورة بكل أبناء مصر جميعهم أطفالا ونساء وشبابا وشيوخا .. انتصرت الثورة بسواعد الشباب وعقول أصحاب المشيب وخبراتهم .. نعم انتصرت الثورة بكل هؤلاء .. فجاة جاء الصف الثاني من أصحاب الظل من غير الموهوبين وقد صبُوا جام غضبهم على كل أصحاب الخبرات ومن فاقوهم فكرا وموهبة وقدرات .. بمنطق تصفية الحسابات من بعد نجاح الثورة ليصير مهللوا الأمس ثُوّار اليوم .. وليعلون بصوتهم وهتافهم على أصوات أصحاب الدم بل وجعلوا من أنفسهم وكلاءاً لدم الشهداء. لتتعالى نداءاتُهم وقد ظنوا أنه كلما علا صوتهم كلما أصابوا الأجزاء الباقية من كحكة مكاسب الثورة اذ وبمجرد نجاحها قفزوا على المناصب القيادية مؤججين حماسات الشباب وقد اتخذوا منها سنداً يرتكنون عليه رغم جهلهم وقلة موهبتهم وقد ادعوا أنهم أصحاب الثورة وأبناء الميدان وكل من دونهم من أطياف الشعب يستحقون التهميش والإبعاد والاقاله كى يضمنوا خلو الساحة من منافسيهم الأولى بمكاسبهم ومراكزهم والتى اغتنموها على جثث الشهداء ودماءهم. راحوا يُدغدغون المشاعر ولازالوا حتى اليوم يتحنجرون بخطبهم السطحية الرنّانة التى لا تخفى على كل صاحب عقل سليم بأنهم هم أصحاب الثورة وقد انحصرت مطالبهم فى استرضاء حماسة الشباب وقتل خبرات جل أبناء الوطن وراحوا وبعض الشباب من ورائهم يُخوّنون ذوى الخبرة من غيرهم المخالفين لهم بالرأى وقد كانوا من قبل يعلنون أنهم ما ثاروا الا لعدم قبول الآخر لأرائهم فى منطق متناقض غريب هم اليوم فاعلوه.. صار كل صاحب مشيب مستحق فى عرفهم للابادة والإقالة .. وصارت المناصب القيادية يُسترضى بها الشباب ومن ورائهم هؤلاء قليلوا الفكر والخبرة والموهبة بل وصارت تلك المواقع حكرا على هؤلاء وأصبحوا يقيسون مدى إخلاصهم للثورة بمدى دعوتهم لتولى الشباب كل مناصب مصر القيادية .. وراحوا يبررون هذا ببلدان أوروربا وكيف أن قادتها لا يزالون شبابا .. وقد نسوا أن لديهم وببلادهم يرضع الأطفال السياسة بمراحلهم الدراسية الأولى بينما لدينا فقد أمضيناها كأصحاب مشيب بالمعتقلات وكشباب أمام مباريات كرة القدم ودور السينما وحفلات الأغانى الشبابية فباتوا من بعد نجاح الثورة أداة هدم لحضارة بلادهم فحرقوا مؤسساتها وأثارها ومتاحفهم الأثرية بل والأدهى حرق مجمعهم العلمى والذى لا يُقدر بثمن وقد اتخذوا من التتار سلفا رمزا قد اقتفوا نهجه فأتوا على الأخضر واليابس بالبلاد .. فهل نأمن لهؤلاء قيادة .. رفع هؤلاء أصواتهم بقتل منافسيهم السابقين من ذوى الخبرات بالاتهامات التى صارت متوافرة بالعمالة والفساد وعداء الثورة من بعد نجاحها .. رفع هؤلاء لافتات مكتوب عليها أن مصر لهم من دون المصريين ضاربين عرض الحائط بنتائج الانتخابات البرلمانية وما أسفرت عنهم باللعبة الديمقراطية من عدم قبول استمرار حماستهم المفتقدة للخبرة والضاربة للأمن القومى للبلاد فى مقتل وقد ابتغوا من وراء شعاراتهم تصفية حسابات مع من فاقوهم وزناً وقيمةً مستغلين أجواء الثورة و حماسات الشباب .. بات التطاول أداة لاقصاء الأخر من أصحاب المشيب الشُرفاء .. بات الاعلام يُطبّل لذوى الصوت العالى والحماسات الثورية حتى ولو كان الثمن ذبح أصحاب الخبرات والمهارات .. تعالت أصوات أولئك البعض من القادة المزيفين كما الطبل الأجوف ومن خلال صفحاتهم الالكترونية غير عابئين بسياسية مراكزهم فراحوا يهاجمون القوات المسلحة ويجعلون من أنفسهم دعاة فتنة بين الشعب وجيشه .. رغم كون الجيش هو الذى بات زخر الشعب الأوحد من بعد مساندة ثورته وضياع كافة مؤسسات الدولة من دونه .. وكأنهم يبتغون أن تستمر المرحلة وعدم الاستقرار حتى النهاية. إذ من شأن تحقق الاستقرار ألا يكون لهم مكانة أو موطئ قدم بين كل المصريين الشرفاء .. إن رغبات الهدم ياسادة لدى هؤلاء قد استطالت لكل شئ بشعاراتهم الجوفاء والتى قفزت على أمن مصر القومى ذاته ورغم هذا لا يزالون يقبعون بأماكنهم القيادية .. لقد استبدلوا يا سادة بحماسة الشباب واسترضائهم كفاءات الشعب وخبراته وهم فى طريقهم للقضاء عليهم باسم الوطنية والروح الثورية وقد عمدوا لتخريب الوطن .. صار أصحاب الشعر الأبيض بمصرنا من بعد الثورة فى عُرف هؤلاء كخيل الحكومة يستحقون الرمي بالرصاص قتلاً ان هرموا .. لكنهم قد نسوا أن العالم المتقدم الذى باتوا يتشدقون به لم تبنيه سواعد الشباب فحسب بل تضافرت سواعد هؤلاء مع دراسات وأفكار ذوى الخبرات من الشيوخ وأصحاب المشيب انها حيرة القيادة ياسادة مابين حماسة الشباب وخبرات المشيب ..