الدكتور أحمد المنشاوي يكتب: جامعة أسيوط الحكومية والأهلية... حضور متميز بمعرض «أخبار اليوم للتعليم العالي»    وظائف خالية اليوم الأربعاء.. فرص عمل بمختلف المحافظات    مدبولي يوجه بتكثيف جهود سداد مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع البترول    زلزال بقوة 6.19 ريختر يضرب تركيا    تفاصيل جلسة مجلس الأمن| مندوب فلسطين: هدف إسرائيل هو قتل شعبنا ومنع إقامة دولته    تشكيل غزل المحلة لمواجهة البنك الأهلي بالدوري    الاتهامات الموجهة للتيك توكر لوشا    وزير الثقافة يفتتح فعاليات مبادرة «القوة في شبابنا 2» بحوار مفتوح مع الشباب    توجيهات عاجلة.. تفاصيل أول اجتماع لوزير الصحة مع وكلاء الوزارة الجدد    الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش خلال يوليو غدا    المشدد 15 سنة لعاملين و3 سنوات لسائق سرقوا هاتفا تحت تهديد السلاح ببنها    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    خبيرة: الموضة الحقيقية هي ما يناسب شخصيتك وجسمك وثقافتك    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الزواج عبر الهاتف: لا ينعقد بدون الأركان الشرعية    أمين الفتوى: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    بتروجت يمنح الزمالك أولوية التعاقد مع حامد حمدان فى يناير بشروط    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يطلق استمارة المشاركة في مسابقات الدورة العاشرة    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة 33 للجنة المشتركة المصرية الأردنية    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    تأجيل محاكمة 29 متهما بالهيكل الإداري للإخوان    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    بعد توجيه السيسي بحل مشكله معاشات ماسبيرو.. "المسلماني": نشكر الرئيس    البورصة تربح 21.3 مليار جنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    إصابة 6 أشخاص بينهم طفلة بإطلاق نار جماعى فى بالتيمور الأمريكية    سعر الأسمنت اليوم الأحد 10- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    سعر ومواصفات السيارة سوإيست S07 في مصر    شاهد.. لحظة تحرك شاحنات المساعدات من مصر إلى قطاع غزة    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    تعثر الأهلي أمام مودرن يعيد التساؤلات.. هل يحتاج تدعيمات وريبيرو الأنسب؟    فلوريان فيرتز يتوّج بجائزة أفضل لاعب ألماني لعام 2025    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    التعليم العالى: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس فى إنتاج بروتينات علاجية    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    مصرف أبوظبي الإسلامي مصر يقرر زيادة رأس المال إلى 15 مليار جنيه    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    الأمن يكشف ملابسات فيديو اعتداء أب على نجله وإجباره على دخول شنطة سيارة بالشرقية    ميكروباص يصدم 9 أشخاص على طريق كورنيش الإسكندرية (صور)    مهرجان القلعة يعود في دورته ال33.. ليالٍ موسيقية بنكهة عربية وعالمية    إبعاد 6 أشخاص خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام بقرارات من الداخلية    فران جارسيا يربح رهان ألونسو ويثبت أقدامه في ريال مدريد    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية خلال 2025    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الهلال السعودي يعلن رسميًا التعاقد مع الأوروجوياني داروين نونيز حتى 2028    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل اللغز.... والمُفتقد

تسبق الثورات فكرة .. وشعب يقتنع بالفكرة وبما ترمز اليه من قيم غائبة يطمح فى تحققها .. ومناضل يتبنى الفكرة وكل تلك القيم ويؤججها فى ضمير الأمة كى تثور .. تولد الفكرة وتروى بحريّات الأنصار من المناضلين ودماءهم .. يتكاثر من خلفهم المناضلون الأحرار عقب كل نقطة دم مراقة وساعة حرية قد انتقصت .. وتكبر الفكرة وتتعاظم الهالة حول المناضل الرمز ليغدو حبسه ملهما للألسنة المحتجة واصابته وقودا مزلزلا لعروش الطغاة وينتفض الشعب بزخّات متعاقبة يعتقله الدكتاتور فتتعالى الأصوات بتحريره فيعتقل ثانية وثالثة وأخيرة ويثور الشعب بموجات الثورة المتعاقبة ليهب هبته الاخيرة المدوية يتقدمه المناضل الرمز لسانا وجسدا محمولا على الأعناق من الثوّار ويصير المناضل رمزا للفكرة والقيم الغائبة التى يطمحها الشعب فى رمزيته لها ويلتف حوله الملايين من بعد المئات والألاف فجموع الشعب المقهورة .. وتصير الهمهمات فالكلمات فالاحتجاجات جميعا صوتا واحدا كصوت الرعد يزلزل أركان عروش الطغاة وتصير الدمعة رمزا لفرحة امة ويصير الدم بمذاق نجاح الثورة والثوّار .. وتصير الصدور عارية تخيف رصاصات الأباطرة وتصير دماء الشعب فصيلة واحدة وتتعاظم الفكرة وتُستحضر القيم الغائبة ويلتف الكل وراء الهالة من حول المناضل الرمز.. انها حقا كذلك ثورات ازاحة الأباطرة .. انه مارتن لوثر كنج مناضلا لحقوق السود .. انه مانديللا جنوب افريقيا مناضلا ضد سياسة البارتهايد .. انه سعد زغلول مصر مناضل الاحتلال الانجليزى .. انه غاندى الهند مناضل البريطانيين ..انه جيفارا الثائر الزاهد عن الحكم والقائل "..إن الثورة تتجمد وإن الثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون فوق الكراسي، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة داخلي." .. انه عمر المختار.. انه حنّا بعل القائد القرطاجى التونسى.. انه كل المناضلين الثوّارالأحرار من لدن أدم وحتى يرث الله الارض ومن عليها رمزا ضروريا للثورة يكون من بعد نجاحها لسانها ان ظل حيا وبرنامجه ومبادئه ذات اللسان ان وافته المنيّة .. المهم أن يكون موجودا لا غائبا .. أصبح الرعد كصوت الشعب الثائر ..أصبح الدم كلون ثياب الثوّار وغدت رصاصات الغدر قناديل ضياء للثوار ويتعاظم ظهور المناضل الرمز الذى يختصر الشعب طموحاته فى خطبه وكلماته.. ينكسر الطغاة وتتقذّم أساطيرهم حتى تتلاشى وتولد الفكرة من جديد ويتولى المناضل الرمز قراءة برنامج الثورة المعد من قبل اندلاعها وابان نضال الثوّار .. تلك هى أبجديات الثورة وهذه هى مواثيق الثوّار .. ولو طبقنا تلك الأسس والقواعد المنطقية على أرض الثورات العربية والمصرية خاصة لرأينا الاختلاف جد ظاهر ويفسر حال بلادنا من بعد نجاح الثورة ..
لقد افتقدت ثوراتنا المناضل الرمز الذى يتبنى برنامجا للثورة .. مما أدى لان يتبنى كل واحد من الملايين الثائرة من بعد الثورة برنامجا خاصا له وأصبح للثورة ألاف المدعين بأنهم المناضل الرمز وأصبحنا نرى مجاميع هنا وهناك تحت مسمى النخب المصرية وكأن الثورة لو صح تعبيرهم قد ارتدت ثياب النظام المثار عليه من تفرقة الأمة لقطاعات حتى ولو من باب الثقافة المناهضة لعدالة الوصف من قبل الحقوق والواجبات !! ..فاللغة فقط قد اختلفت والأردية ونبرة الصوت وتونه الموسيقى ومكان الوقوف على مربعات رقعة الشطرنج بينما طريقة الاطاحة بالملك واحدة فى كل الأدوار وحركات القطع الصغرى تظل تُخدّم على ذات أسلوب الملك وتخطيه مربعات الرقعة بذات الطريقة فى كل مرة فقط الأدوار تختلف والأماكن تتبدل والأسلوب هو ذات الاسلوب .. فلم نرى اليوم من ينتقد حكومة مابعد الثورة وكل مصيبة تحدث نرتكن فى تسبيبها الى فلول النظام السابق وأليات النظام البائد ذلك الذى يقبع خلف أجهزة التنفس الاصطناعية ورجالات نظامه الذين أنهكتهم أعمارهم وأمراضهم المزمنة خلف الاسوار .. فقط نظل نهتف للقائم مهللين وللماضى منددين وتظل الثقافة هى الثقافة .. لا تتغير ..!!
لقد أصبح للثورة ملايين الألسنة تتكلم باسمها فى ظل غياب المناضل الرمز وبرنامج للثورة حال نجاحها وأصبحنا نرى نخبا هنا وهناك كما يصفون .. اللغة فقط قد اختلفت واللكنات بينما الشخوص فواحدة هى ذات الشخوص بذات الأوصاف والسحنات.. وصار الكل يتكلم باسم الثورة والثوّار.. يدعى الكل انه المناضل الرمز .. فى الوحدات الادارية يوجد من يظن أنه المناضل الرمز تدفعه أحقاده على نظرائه وضغائنه من رؤسائه بشكايتهم كيدا باسم الثورة والتغيير وتهدمت تلك الوحدات هدفا وقصدا خُلقت لأجله فصارت مرتعا للفتن والدسائس والمؤامرات هنا وهناك تعززها القيادات الجديدة من باب الخوف تارة ومن باب الاحقاد ماقبل الثورة تارة اخرى وأصبح الرعب مسيطرا على صانع القرار الادارى من مغبة اتخاذه وصارت صورة سلفه المحاكم والمحقق معه شعبيا من قبل التحقيق القضائى شاخصة أمامه ترهبه وتخيفه وصارت الوحدات الادارية مشلولة .. وهو ذات الحادث على صعيد دور الحكومة ذاتها فأصبح القرار الشعبى هو المتحكم وعليها الانصياع له وباتت صورة ماحدث للنظام السابق مرعبة ومرهبة لها من اتخاذ القرار الصائب بغض النظر عن مسايرته للمطالب الشعبية .. لانه ليس كل مايطالب به الشعب على صواب والا لكان أمر زحف الشعوب الى الحدود الشرقية من تلقاء نفسها باسم العروبة وتحرير القدس أمرا صائبا وما كان للشعوب فى أنظمتها حاجة .. بالطبع هذا أمر جد خطير ولا يمكن قبوله .. الميديا هى ذاتها فلغة الاعلام واحدة من قبل ومن بعد الثورة وان اختلفت اللكنات فالشخوص هى ذات الشخوص باسم النخب المصرية وكأن مصر قد عقمت أن تلد فكرا ومفكرين .. ولايمكن لثورة ناجحة أن تمحو جزءا من تاريخها كبر أو قصر لمجرد ان حكمها فيه دكتاتور مُثار عليه .. فتعتبره نقيصة فى حقها فلا تعترف له بثمة ايجابية فان كان هذا حقيقى فلم لاننكر انه كان هناك دولة ومؤسسات كالجيش ..لم تهتز رغم كل ماحدث ؟! .. لايمكن ياسادة فصل جزء من تاريخ الأمة لمجرد ان حكمها دكتاتور.... ولايمكن لثورة ناجحة أن تبدأ من حيث بدأ نظام مثار عليه فتمحو كل ماقام به مهما اختلفنا حول ايجابه وسلبه فنرى حرق ملفات أمنية بأكملها فى وءد متعمد لتاريخ أمة حتى تبدء من جديد من عصور القبيلة من قبل تنظيم الدولة ككيان وانشاء العقد الاجتماعى بين أفراد الشعب ..وعلى الأقل سيترتب على هذا عودة الدولة لثلاث عقود قد ولّت لتبدأ من جديد أفى هذا عقل وادعاء بأنها مطالب ثورة ؟!..لايمكن ان نلغى الملفات الامنية وهى محتوية على تاريخ أمة راصدة أسماء وكيانات اجرامية قد هددت الوطن من قبل حتى وان احتوت على كثير من المظلومين فقط علينا تنقيتها لا محوها بالكلية .. علينا تنقية الجهاز الشرطى من رجالات قد خانوا الشعب وظلموه لا ان نزيله بالمرة ونبدأ من جديد ولايمكن القياس على ماحدث بعد حرب 1967 ففرد الجيش يتعامل مع الأخر عبر الحدود ومعروف وجهته ولكن الشرطى يتعامل مع جهات عديدة لايمكن بدءه من جديد ومحو تاريخه فالمجرمون كثر والأخطار متعددة ولابد من تاريخنا ان يكون محفوظا ..والا سيضيع من بين أيدينا سجلات الخارجين عن القانون كما سيضيع من بين أيدينا خبرات أمنية عظيمة تعلمهم جيدا وتعلم امكانيات التعامل معهم وبالأقل ربما سيكون البعض منهم لو تمت تنحيته أداة فاعلة من ورائهم ومحفزة لهم على أدوار الشر والفتنة .. ومن ثم الطريق من بعد الثورة لابد من اعادة النظر اليه تصحيحا وتوضيحا .. لابد اذا أن نبدأ من حيث انتهى النظام السابق مع تصويب الأخطاء لا أن نبدأ من جديد ومن حيث بدأ هو.. وعلينا أن نقف وقفة تقييم للماضى بايجابياته لنتخذه حافزا ..وسلبياته لنتخذها دروسا وعبر كى نصحح أوضاعنا .. تلك هى أصول نجاحات الثورة اى ثورة .. لايمكن ان ننظر لكل مشيب أنه قد عاصر النظام البائد فحريا عزله واقصاءه .. لايمكن أن ننظر لكل فعل وقول للنظام المثار عليه بكونه هراء ومحض عمالة وخيانة والا لوجب علينا أن نحتقر انفسنا بصبرنا عليه ثلاثين عام مضت . وكانت ثورتنا فى حاجة لألف ألف ثورة كى يصحح مثارها !!.. لايمكن ياسادة ممارسة ثقافة الانتقام والحنق من الكل نحو الكل بأدوات التخوين بالانتماء للنظام السابق فقد كنا جميعا منتمين اليه ثلاثين عاما ومصفقين لأجله ألاف المرّات وباكين لأجل محاولات اغتياله بأديس أبابا وغيرها ومعزّين له فى وفاة حفيده تعزية شعب لقائد وليس محتل وماكانت أقلام صحافتنا وصحفيينا الوطنيين يصفقون كما يقذفون اليوم بل وأكثر ..فعلينا تركهم للقضاء والتاريخ وننظر نحن للامام ومقتضيات الحفاظ على الدولة ومصالحها العليا وتفعيل أطر المصالحات الشعبية كما حدث بدول كثيرة من بعد ثوراتها والا لماقامت لبلداننا قائمة وما نجحت لنا ثورة .. ان ماحدث من بعد الثورة فى ظل غياب المناضل الرمز وظهور ملايين المناضلين المتكلمين والخطباء والصارخين والمجادلين بالليل والنهار لأكبرمفسدة تشهدها البلاد ويعد أول مظهرا من مظاهرها انكار الماضى بالكلية وجعله مبررا للاجهاز على كل تاريخ مصر ونجاحات المصريين .. وأية ذلك أنه قد فتحت مصر من بعد الثورة زراعيها دون قراءة للملفات الأمنية السابقة والأخطار الاقليمية المحدقة وتهديدات الاستراتيجيّات المحيطة ودواعيها ومبرراتها للأطياف الفكرية المختلفة ومنها المتغذيّة بأفكار خارجية وتربية يمينية متطرفة دون اعدادات دراسية للتأهيل الاجتماعى لها من بعد الثورة والاعداد لقدومها واندماجها داخل النسيج الاجتماعى والوطنى ومن ثم كانت خطوة يجب ارجائها حتى الاعداد لها جيدا .. ولكن قد عادوا بكل أفكارهم الغير معالجة والمتعايشة ببلدان تتبنى العقيدة القتالية عقود عديدة ضاعت بهم ومعهم هذه البلاد فنكون نحن فى أخطار محدقة من قبل التمهيد لقدومهم .. كانت هذه خطوة متسرعة بعض الشىء وكأن تداعيات الثورة يجب أن تكون بلا ضوابط .. وكان سبب اتخاذ هذا القرار فى أغلب الظن عدة أمور منها جبن مصدر القرار من بعد الثورة تحت معتقد مصر لكل المصريين وهذا معتقد صحيح ولكن بضوابط ..والا لكنا أمام مفاسد عظيمة ظهرت بوادرها الأن على الساحة .. اذ كان ضروريا عقد ميثاق شرف اجتماعى معهم يقبل المواطنة وحريّة العقيدة والدولة المدنية والدولة كنظام قانونى وليس عرفى يوكل فيها اقامة العدل لنظامها القانونى والقضائى لا لقضاء الجماعات أنفسهم .. وكذا احترام العبادات ودورها أيا كان المعتقد وأنه لا اكراه فى الدين والاندماج داخل أطر الدولة الاجتماعية والسياسية من منظمات أهلية واجتماعية او أحزاب سياسية لاكيانات منزوية تصير أوراما سرطانية بجسد الأمة فتضيع الأمة وتضيع الدولة ككيان .. وأركز هنا على نقطة هامة ألا وهى أن هناك حالة من القهروالرعب تتملك مصدر القرار بمصر والعالم العربى من بعد الثورة وهذه نتيجة حتمية لأليات ايقاع الثورة والتى لم تحدث من قبل فى تاريخ الثورات من سيناريوهات قد أقحمت من أيادى خارجية أو عميلة فى الداخل على الثورة السلمية بمصر وغيرها فى العالم العربى فلا يمكن القول بأن من ضمن أدوات الثورة السلمية بمصر وغيرها اقتحام السجون ومقرات الشرطة وقذف رموز هيبة الدولة بالأحذية وغيرها من الأدوات واستباق الأحكام القضائية بمحاولات اذلال شعبية للأشخاص محل المحاكمات كل هذا كان تخطيطا ممنهجا للقضاء على هيبة دولة وهيبة مؤسسات الأمر الذى لايمكن استعادته على المدى القريب الا بجهد جهيد شعبى وحكومى .. هذا الامر لاشك أصاب مصدر القرار على المستوى الشخصى بنوع من الارهاب والخوف الشديدين من عواقب قراره على ذاته والذى يتملكه عند اتخاذه صورة من سلفوا من متخذى القرار أمثاله فارتعش القلم واهتر مصدر القراروترهّل القرار ذاته وبات مصدر القرار حكما هو الشعب ذاته والذى تغيب عن رؤيته فى الغالب حقيقة تقارير لايعلمها هو ولكن يعلمها مصدر القرار .. ويقصد بمصدر القرار هنا من أعلى قيادة بالدولة وحتى أصغر قيادة فى وحدة ادارية .. وهذا هو عين مبتغى ذوات الاجندات الخاصة داخليا وخارجيا من شل حركة الجهاز الادارى والقرار السيادى فى دولة عظيمة ذات تاريخ كمصر .. ومن ثم يمكن القول بأن الشعب بات هو الذى يحكم بألسنة مليونية تعداد ألسنة الثائرين فى ظل غياب المناضل الرمز وأصبح الشعب هو الذى يقرر فتزعن الدولة لما قرر واصبح الشعب يعترض على القرارات السيادية وتزعن الحكومة لاعتراضه .. وتستعيض الدولة عن دورها فى اقامة الأمن بالدولة العرفية عن القانونية فتستعين برجال الدين من السلفيين والأقباط فى انهاء الأزمات والاحتقانات فى غيبة من دور فاعل وقوى لها وأصبحت الحكومة تتباسط مع الشعب ضاربة هيبة الدولة أمامه فى مثالية منتقدة فيجلس رئيسها يؤاكل بدو سيناء فان كان ولابد فليفعل ذلك محافظها وتظل للدولة هيبتها فى حكومتها ورئيسها .. فالشعوب المليونية لاتحكم بأكواب العصير وأطباق الفاكهة بل بهيبة وحرية تلك الحريّة المنضبطة والمسئوولة والتى يحكمها سيادة القانون .. وهنا يتساءل البعض لم لم نجد تغييرا ملموسا من بعد الثورة رغم قرابة الأربعة أشهر على نجاحها .. والاجابة واضحة هى ان مبادىء الثورة هلامية دون برنامج محدد ومُعد سلفا ولسان مناضل رمز .. وأصبحنا نسمع تعبير العدالة الاجتماعية ونتساءل أين ألايات تحققها .... نسمع تعبير الحرية والديموقراطية ونتساءل أين أليات تحققها .. ومن ثم تعددت الرؤى المليونية لتوصيف العدالة كفكرة والحرية كمبتغى .. ومايراه الأول من توصيف لها ينكره الأخر انكارا تاما أمام رؤاه الخاصة وتوصيفه لهما .. وأصبحت فكرة العدالة ذاتها والحريّة كذلك محلا وسببا للاختلاف والتناحر حتى أن البعض تمنى غيابها بل وتجاوز البعض متباكيا على نظام سابق ظالم شريطة وجود الأمن والتواؤم الاجتماعى .. تلك هى الحقيقة ياسادة والسبب هو غياب المناضل الرمز وميثاق الشرف الاجتماعى وكذا البرنامج المناضل والمثار لأجله .. ولكن السؤال المُلح وهو الى أى مدى تسير الأوضاع فى ظل غياب هذه الأسس وما هو المخرج ؟!..
نرى أن علاج الامر ليس مستحيلا ولكنه مشروط تحققه بالانضباط الاعلامى الذى بات منفلتا غير مقدر لظروف البلاد الأنية مابين الافراط والتفريط والدعاية والتحريض.. فأصبحنا نرى تجاوزا لكل الخطوط الحمراء من اللعب على وتيرة الطائفية مستغلين حوادث هنا وهناك حتى وصل أحدهم بالمطالبة بحماية دولية للأقباط وأخر لتقسيم البلاد على غرار جارة الجنوب وهذا كمن يستجير من النار بالرمضاء .. ان مصرنا ياسادة ليست للحمتها الوطنية فى العالم بأثره ثمة تشابه ان بعدت الاصابع الخفية من العملاء والأدوات الصهيونية .. وان كانت هناك فتنة طائفية الأن فكم كانت صورة المصريين ابان الصورة وهل كانت زائفة .. ويامن قمت بتشبيه مصر بالبوسنة بأحد البرامج التليفزيونية فى تصوير لحاجة الاقباط للحماية الدولية والتدخل الدولى .. أنسيت من حمى الأقباط بأجسادهم فى ميدان الثورة حين صلاتهم ومن حمى المسلمين حين صلاتهم كذلك بأجسادهم اليسوا الأقباط .. أيمكن القول من بعد ذلك أنها طبيعة المصريين أم أيادى العابثين بلحمة الوطن أمثالك ؟! ..لابد من اعادة النظر بمفهوم النخب المهيمنون على الالة الاعلامية بالبلاد .. حكومية كانت أو خاصة فظرف البلاد لايتحمل كل هذا الهراء تحت مبررات الحرية الاعلامية اذ نراها اليوم منفلتة ..تلك النخب تطل بأفكارهم ورؤاهم وهى ذات النخب استمرارا لمورثيهم فى الأنظمة السابقة وان اختلفت اللغات والأردية وان كانوا هم المسيطرون بالوراثة على الأدوات الاعلامية.. فيقصى البعض منهم البعض الأخر ثم يعاودون تبادل الأدوار مرّات ومرّات ويظل الشعب غائبا.. ذلك الشعب المهمش والفاعل حين الثورة بدمائه وصدوره ام القاعدة الحاكمة هى أن الفقراء دوما يموتون بينما الاغنياء فيضعون أكاليل الغار ؟!.. لا ياسادة فالشعب محروما حتى من بعد الثورة من حقه فى أن يعلم وأن يُعلم عنه وكذا هو محروما من أن يظهر من بينه أقلاما وافكارا بدماء جديدة تعبر تعبيرا حقيقيا عن أطياف شعب لايعلم من تضاريس العالم غير التضاريس المصرية فلاتربى ببلاد الامريكان ولا كانت ثقافته ببلاد العم سام فهو مصرى لحما ودما وهو محروم حتى من ثمن دمائه فى ايصال رأيه وألامه .. نريد صحفا جديدة تدعمها الدولة لتفتح أبوابها للشعب وأقلام أبنائه المهمشين من الفقراء والعامة .. نريد قلما للفلاح الفصيح وصحيفة بعد أن نفض عن عينيه أسطورة الوحوش الكاسرة من الحكام المستعلين عليه والمذلين له ذلك القلم المفعم بالحكمة والألام وتجارب التاريخ .. نريد بنايات تشريعية حقيقية تخدم الفقراء والمهمشين .. نريد كما حاربنا توريث الحكم ان نحارب كذلك توريث المناصب والمزايا والأفكار.. نريد أفكارا متجددة فلا يمكن لدولة أن تقف تحت أقدام الماضى .. لايمكن لكل منا أن ينتقد الأخر ولاينتقد نفسه .. دعونا جميعا ننتقد أنفسنا فما وصلت حياتنا الى ماهى عليه الا بمسئوليتنا الجمعية فكل منّا مقصّر وكل منا عليه نصيب فى هذه المسئولية سلبا او ايجابا ولايمكن أن نكون كلنا ملائكة فمن أين أتى الشيطان اذا .. لاأحد منا فوق النقد مهما كان قدره ومركزه بلا تخويف الى الناقد ولا ترهيب الى المنتقد.. لايمكن أن يكون أحد فزّاعة للأخرين يقضى ولايسمح للأخرين بانتقاد قضاءه.. نريد كُتّابا جدد لجوار القدامى وأبناء القدامى وأحفاد القدامى فمن من هؤلاء القدامى شحذ اللقمة وأبكاه الجوع وضاعت أماله بفقدانه واسطة مرجوة أو ثروة تدفعه لتحقيق حلمه من رشوة مفروضة هنا وهناك ؟!..
لابد وأن نغير ثقافة الكاتب الرمز ابن الكاتب الرمز سليل الكتاب الرموز .. لابد وأن نغير ثقافة القاضى الرمز ابن المستشار الرمز سليل القضاة الرموز .. لابد وان نغير ثقافة السياسى الرمز ابن السياسى الرمز سليل الساسة الرموز.. لابد وان نغير ثقافة الضابط الرمز ابن اللواء الرمز سليل الضباط الرموز.. !!!!!!!
ان مصر ياسادة لم تنضب قريحتها من الفكر والمفكرين كما لم تعقم عن ولادة الساسة والكتاب والضباط وحملة القانون والمثقفين ...ومصر لنا جميعا لايستأثر بها بعضنا دون البعض فكلنا سواء أمام الحقوق والأعباء وكلنا نرفض لغة التكبر والاستعلاء البائدة فقد كانت ضمن دواعى الثورة .. هيّا ياسادة لتفعيل دور الشعب فى ثورة أخرى تقوم بها الدولة ذاتها .. ثورة قوامها العدالة الحقيقية وتفعيلها سواء فى الوظائف العامة وحتى السيادية منها بلاتفرقة من عمل الأب ولا كنية العائلة فكنيتنا جميعا أننا مصريون لافرق بيننا الا فى المهارات والموهبة والمقدرة الشخصية .. هيا لنعلى قيم الاسلام فى حياتنا وقيم المسيحية كذلك من تسامح واخاء ..فكلنا جسدا واحدا وكيانا واحدا .. اللهم ان لم نفعل لنكون قد فشلنا فى رأب صدع شديد جرّاء فقدان المناضل اللغز.... والمفتقد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.