على أوتار الشغاف في خيام الدجي .. تصاعدت أنغام متدفقة بكلمات لامست قلوب هامت بها أرواح استسلمت سموا في جمال أبدعة الجمال المطلق .. ففي علم الروح .. حين تسمو الأرواح تستسلم القلوب لها استسلاما تتلاشي فيه الأنفس فتَسعد الأرواح بصفاء سموها .. و أكثر حين تستشعر فناء نزعات الأنفس في ارتقاء الروح إلى سعادة تولد موجات هوى يسري نسيمه بغرام يلامس قلوب بمعاني حب سامية تأتلف بوداد مفعم بالقدسية والجلال .. قدسية وجلال تعديا جمود العقل المجرد ليتكشف أن علم الروح علم ائتلاف مشاعر إنسانية تسمو إلى جمال حقق الائتلاف في قول النبي: ( الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف ) .. فلا غرابة أن تجد روحين تعارفا فائتلفا في حب حل فيهما فأصبحا به كأنهما اتحدا بروح واحدة في جسدين .. ترى من يقرئك دون حروف .. يفهمك دون كلام .. يحبك دون مقابل .. يعيش بشجونه وقت شجن الحبيب .. وبسعادة حين سعده .. بل يألم حين يألم الحبيب .. ويبرأ حين يبرأ الحبيب كما برأ إمامنا الشافعي .. أو كما قال : مرض الحبيب فعدته .. فمرضت من حذري عليه واتى الحبيب يعودني .. فبرئت من نظري إليه ذلك الحس الإنساني حقيقة من حقائق علم الروح .. لم يكن أبدا مجازا .. إنما حقيقة حلت بأجساد اتحدت سموا إلى جمال مطلق ارتوى فيه المحب حين شرب حبيبه .. ارتواءا صادقا عبر عنه الصديق أبو بكر رضي الله عنه عندما قال: ( شرب النبي حتى ارتويت ) .. ففي علم الروح حقائق تحل في قلوب وتتحد مع أخرى في حب سامي بأرقى درجات الأحاسيس الإنسانية والتى بها قد تنتهي حياة أحدهم كمدا حين فقد المحبوب .. كما انتهت حياة أم المؤمنين السيدة أم سلمة كمدا حين علمها ذبح حبيبها الحسين عليهما السلام .. و كذا حقائق حس راقي يُلبس المحب ثوب السقام والذي عاش به سلطان العاشقين القاضي ابن الفارض سنوات إقامته بمسجد الأزهر الشريف يأتيه الملك الكامل والعلماء يتلقوا منه العلم وهو يجسد لهم احساسه ذلك في أبيات منها: يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانحي ... ثوبَ السِّقامِ بهِ ووجدي المتلفِ عَطفاً على رمَقي وما أبْقَيْتَ لي ... منْ جِسميَ المُضْنى وقلبي المُدنَفِ فالوَجْدُ باقٍ والوِصالُ مُماطِلي ... والصّبرُ فانٍ واللّقاءُ مُسَوّفي وإذا كانت هناك أرواح ائتلفت حبا قد أظهر حقائق ملموسة مما عاينها أهلها ومما ذكرها العلماء في قصائدهم .. ففي المقابل هناك أرواح رفضت الإئتلاف وتناكرت للرقي والسمو وحكمت بالإساءة على شاعر الرسول الصحابي الجليل كعب ابن زهير لأنه القي قصيدة بدأ أبياتها في محبوبته سعاد أمام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. وبرغم إحسان النبي وتكريمه لكعب بإهدائه بردته الشريفة إلا أن الصحابي مازال عندهم مسيئا .. فإذا كان الحكم على صاحب رسول الله بأنه مسيء .. فلا غرابة من حكم بالشرك على غيره بمسمي الحلول والإتحاد في قصائد أعلام العلماء .. ولا غرابة أيضا من وجود أرواح تناكرت فاختلفت فنصبت الشر لغيرها بالقتل وبالترويع وبالإرهاب لتحقق النصف الثاني من قول النبي: ( وما تناكر منها اختلف ) .. لتختلف تلك الأرواح وتدنو أنفسها في حضيض نزعات قبح حقق معاني الفجور في قوله تعالى: ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) .. فجور امتزج بأنفس في دنيا تراهم فيها أحياء وقد ماتت أرواحهم وفارقت السمو الإنساني .. لكن الجمال في علم الروح تجلى في حقائق من عالم أرواح جسدت أرقى صور جمال إنساني حل بأسمى أحاسيس اتحدت و سمت من عالمها المادي إلى عالم اسنى ارتقى على المادة وانفلت من قيودها بأسمى مشاعر إنسانية جسدت حقائق احساس الحلول والاتحاد في قصائد الحب .. باحث إسلامي علاء أبوحقه