جاء انعقاد مؤتمر " المجلس الوطني السوري " في العاصمة التونسية من 16 18 ديسمبر 2011 كمحاولة للاستفادة من الأجواء المعنوية والنفسية لاحتفالات الشعب التونسي بالذكرى الأولى لاندلاع الثورة التونسية يوم 17 ديسمبر ، وبتوصية من الشيح القرضاوي لحكام تونس الجدد باستضافة هذا المؤتمر ، لذلك ظهر الدكتور عبد الله التركماني العضو القيادي في المجلس الوطني والمقيم في تونس كمن يريد توريط الشعب التونسي في القبول بعقد المؤتمر على أرضه ، وهو يقول: ان أهمية انعقاد المؤتمر في تونس نتيجة للأبعاد الرمزية " للثورة التونسية التي دشنت الثورات العربية وان السلطة التونسيةالجديدة وأحزاب المعارضة والمنظمات الأهلية في البلاد رحبت بعقد المؤتمر في تونس " . فهل كان ذلك صحيحا ؟؟ الوقائع تنفي هذا الادعاء ، فعلى الرغم من الحفاوة الرسمية التي حظي بها المؤتمرون والتي تمثلت في حضور رئيس الجمهورية التونسية ، وإلقاء كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أعلن فيها رفضه للتدخل الخارجي في الشؤون السورية مذكرا بالتجربة الليبية ، إلا ان ذلك الحضور لم يمر بسلام فقد خلف عاصفة في الأوساط السياسية التونسية ، وباستثناء ما صرح به " محمد بن عربية " عضو المجلس التأسيسي عن كتلة الحزب الديمقراطي التقدمي الذي ثمن هذه الخطوة " لان المرزوقي ناشطا حقوقيا قبل ان يصبح رئيسا " ، فقد اعتبرها محمد الكيلاني أمين عام الحزب الاشتراكي الثوري هذا الحضور " تدخلا في شأن خارجي .. وتجاهلا لإرادة جزء كبير من الشعب التونسي " أما السيد جنيدي عبد الجواد الناطق الرسمي باسم التجمع الحداثي الذي يضم أربعة قوى سياسية فقد صرح " ان إشراف الرئيس على اجتماع للمعارضة السورية يعد خيارا استراتيجيا دبلوماسيا يستوجب عرض المسألة على المجلس التأسيسي ومكونات المجتمع المدني " . وفي ذات السياق أعلنت عديد القوى والأحزاب السياسية رفضها لفكرة انعقاد المؤتمر على الأرض التونسية فقد دعى " التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة " لتحرك شعبي يبقي الثورة التونسية بعيدة عن التبعية والارتهان للأجنبي ، وفي ذات السياق أعلنت لهيئة التونسية لمقاومة التطبيع وحزب الاتحاد القومي رفضهما القاطع للاجتماع ودعمهما لسوريا المستهدفة نتيجة لموقفها المقاوم والمناهض للمشاريع الامبريالية . أما على المستوى الجماهيري المباشر فقد أبت الجماهير التونسية إلا ان تذكرهم بالخيبة التي عاشوها في الجزائر قبل أسبوع عندما تصدت لهم الجماهير الجزائرية وأسمعتهم ما يليق بهم ، وكانت أول المهانات عندما رفضتهم إدارة فندق " ريجنسيا "، فغيروا الحجز ونزلوا في فندق " قولدن توليب " بضاحية قمرت ، حيث وفرت لهم السفارة الأمريكية الحراسة وسيارة الإسعاف ، وثاني المهانات عندما احتشدت الجماهير التونسية أمام الفندق وراحت تهتف " شعب تونس شعب حر لا أمريكا ولا قطر " ، لتجئ ردة فعل المؤتمرين كاشفة عن معدنهم الحقيقي حيث وقف بعض أعضاء المؤتمر في شرفات الفندق وراحوا يلوحون بأحذيتهم للجماهير التونسية المحتشدة " www.facebook.com/tunisie/thawra " وقد ذكرت مواقع التواصل الاجتماعي ان من بين الملوحين الدكتوران عبدالله تركماني وبرهان غليون الذي أشار للمحتجين بإشارات مهينة فكتب احد النشطاء " إن كنت تعتقد انك ستهيننا بحذائك النجس فاعلم انك حكمت على نفسك بان تلقى خارج هذا الوطن الذي استقبلك رميا بالأحذية وأشياء أخرى " . وأمام هذه الصورة يفقد كل حديث عن النتائج السياسية والتنظيمية للمؤتمر معناه ، لينصب حول النوعية الأخلاقية لهذا النمط من المعارضين الذين وفي لمح البصر يفكون ربطات العنق ويتحولون إلى بلطجية هذا ما فعلوه في القاهرة مع الوفد الشعبي السوري ، وما فعلوه في تونس مع أبناء الشعب التونسي ، فأي مستقبل ينتظر الشعب السوري على أيدي هؤلاء . .