يبدوا أن الحكّام العرب الذين تجتاح شعوب بلادهم إنتفاضات الحرية لايتعلمون الدروس القريبة ، فمبارك لم يستفد من درس زين العابدين ، والقذافى لم يستفد من درس مبارك ، وعلى عبدالله صالح لم يستفد من درس القذافى ، وبشار الأسد لم يستفد من الجميع 0 الجميع كرروا نفس الأخطاء ، وكانت أفعالهم صوراً كاربونية من بعضها ، ففى تونس شرارة الثورات العربية لجأ ( زين العابدين بن على ) إلى إستخدام القوة المفرطة من قوات الشرطة ضد المحتجين على تردى الأوضاع الإقتصادية فى بلادهم ، ومع ذلك إنتصر الشعب التونسى فى النهاية ، وهرب بن على قبل الفتك به 0 وفى مصر حاول مبارك إنقاذ مايمكن إنقاذه ليبقى على رأس الحكم ، فكان ضبّاط وعساكر الداخلية أدواته فى قمع المتظاهرين ، وعندما فشلت هذه الأدوات وأيقن مبارك أنها ثورة حقيقية لا رجعة فيها ، لجأ نظامه إلى البلطجية و مسجلين الخطر وأخرجوهم من السجون لإشاعة الفوضى فى مصر ، ومع ذلك إنتهى الحال بمبارك إلى السجن 0 وفى ليبيا فعل القذافى كما فعل زين العابدين ومبارك ، أطلق قواته على الشعب الأعزل فحوّل التظاهرات السلمية إلى ثورة مسلحة ملطخة بالدماء ، ثم أطلق القذافى المرتزقة المستوردين من أدغال أفريقيا فى مدن ومحافظات ليبيا لقتل المتظاهرين ، ومع ذلك إنتهى الحال بالقذافى إلى القتل والتمثيل بجثته ، ودفنه فى مكان لا يعلمه أحد إلى الآن ليموت موتة بلا شرف ، ويكون عبرة لغيره0 وفى اليمن مازال على عبد الله صالح يكرر نفس أخطاء زين العابدين ومبارك والقذافى ، ومازال يطلق قوات جيشه على شعبه ، حتى بعد نجاته من محاولة الإغتيال التى دُبرت له فى مسجد قصره ، وبعد أن رأى الموت بعينه ، لكنه عاد أكثر إجراماً ، ومازالت قواته تفتك بمعارضيه ، ولكن يبدوا أن نهايته على الأبواب0 أما فى سوريا فالوضع مختلف تماماً ، فبشار الأسد أكثر إجراماً من كل هؤلاء الحكام العرب مع أنهم أصغرهم سناً ، فأدوات بشار هى الدبابات والطائرات وقوات الجيش والشبيّحة والشرطة ، أى أستخدم كل عناصر القوة التى لديه فى قمع المتظاهرين ، لم يستحى من رد فعل دول العالم مما يحدث ، ولم يجمّل أفعاله القبيحة ، بل إزداد عناداً وتصميماً على المضى فى طريقه دون رجعة ، فكل يوم يمر يزداد فيه عدد القتلى من المدنيين السوريين ، ويتسع بحر دماء الأبرياء ليغرق فيه المزيد منهم ، ولكنى أثق فى أن نصر الله قريب ، وسيلقى بشار مصير أشد من مصير القذافى ، وأتمنى أن نرى فيه آية من الله 0 حكام فقدوا عقولهم ورشدهم بسبب كرسى الحكم ، فظلوا جالسين عليه حتى سقطوا إلى الهاوية ، وأنتهى بهم الحال إما إلى السجن أو الهرب أو القتل ، ومع ذلك لم يأخذ غيرهم من الحكام العرب العبرة من هذه الدروس ، ولم يعوا أن إراداة الشعوب أقوى من إرادة تمسكهم بالحكم 0