بني قصر الزعفران في عهد الخديوي اسماعيل على انقاض (قصر الحصوة) الذي بناه محمد علي مؤسس الدولة المصرية الحديثة, في عام 1870م . ففي حي العباسية يقف قصر الزعفران شامخا محافظا على رونقه التاريخي وطرازه المعماري الفريد، ، حيث عهد الخديوي إسماعيل إلى مهندس يدعى «مغربي بك سعيد» بإنشائه على غرار قصر فرساي في فرنسا الذي قضى فيه الخديوي فترة تعليمه ، وكان الخديوي إسماعيل قد طلب نقش الأحرف الأولى من اسمه، وشكل تاجه الخاص، على بوابة القصر الحديدية ومداخل القاعات والغرف، لكنه في عام 1872 أهدى القصر لوالدته المريضة لتقيم فيه خلال فترة الإستشفاء من مرض أصابها، حيث نصحها الأطباء بالهواء النقي، لذا أمر إسماعيل وقتها بزراعة حديقة حول القصر مزروعة بكاملها بنبات الزعفران ذي الرائحة الزكية. يتكون القصر من ثلاثة طوابق رئيسية، الأول مخصصا للإستقبال ويضم القاعة الرئيسية وقاعتي استقبال أخريين، أما الطابق الثاني فيضم ثماني غرف للنوم، ملحق بكل غرفة صالون لإستقبال الزوار، بينما يستخدم الطابق الثالث لأفراد الحاشية والخدم، ويعد سقف القصر تحفة فنية في حد ذاته، وهو عبارة عن زجاج بلوري معشق بالرصاص، تم طلاؤه بألوان زاهية تعكس على السلم ألوان السماء في مختلف حالاتها، كما يضم الطابق الأول مجموعة من الأعمدة ذات الطراز اليوناني الروماني من الرخام الأخضر والأصفر بتيجان مذهبة. يجمع القصر بين الطرازين القوطي والباروكي، وهما من أهم الطرز المعمارية التي كانت تستعمل في كثير من قصور القرن التاسع عشر. ويحوي القصر من الداخل مجموعة من العناصر الزخرفية النادرة، يتجلى ذلك في سلم البهو الكبير المصنوع من النحاس والمغطى بطبقة مذهبة، ويكاد يكون السلم الوحيد في مصر الذي يضم هذه الكمية من النحاس، فضلا عن باب القصر المصنوع من الزجاج وزخارف على أشكال لزهور وشجرة كبيرة. يتقدم المدخل الرئيسي للقصر إحدى الواجهات، وهو يأخذ شكل البائكة بعقود نصف دائرية تعلوه شرفة كبيرة. ويمكن للزائر الصعود إلى المدخل إما مترجلا عن طريق السلالم الرخامية التي تتوسطه، أو داخل عربة، حيث توجد على جانبي المدخل ممرات منحدرة خصصت لصعود العربات عليها، وهي ممرات تعود بالزائر إلى أجواء القرن التاسع عشر، حيث موكب الخديو بالعربات التي كانت تجرها الخيول، تصعد على الممرات بينما الأمراء أمام باب القصر في شرف الاستقبال. على مر التاريخ، شهد القصر العديد من الأحداث التاريخية المهمة في مصر.. ففي عام 1882 وصلت الجيوش الإنجليزية إلى القاهرة واحتلت القصر مثلما احتلت البلاد بأكملها، وأقام به الجنود الإنجليز لمدة تجاوزت الخمس سنوات، كما شهد القصر توقيع معاهدة عام 1936 التي تفاوض فيها الزعيم مصطفى النحاس مع المندوب السامي البريطاني، والتي ما زالت تعرف حتى الآن في الوثائق التاريخية ب«معاهدة الزعفران»، نسبة إلى القصر الذي ما زال يحتفظ بالمنضدة التي تم توقيع المعاهدة عليها حتى الآن. وفي عام 1952 أصبح المقر الإداري لجامعة عين شمس. اهتمت جامعة عين شمس التي تضم هذا القصر الأثري المهم بترميم القصر، حيث بدأت أعمال الصيانة والترميم في عام 1922، كما أن القصر تم تسجيله ضمن الآثار الإسلامية، ويعتبر القصر من المباني المهيبة داخل الجامعة.