لست بصدد الحديث عن الإرهاب وطبيعة منفذي العمليات الإرهابية التى استهدفت كنيستي طنطا والإسكندرية، وقبلهم الكثير من الحوادث التى استهدفت الأقباط وغيرهم والتى لا يستطيع أحد أن يجزم على من تقع مسؤولية هذه الحوادث حتى وإن أعلنت بعض الجماعات مسؤوليتها عنها يظل هناك غموض يخيم على مجرى هذه النوعية من الحوادث . ما لفت انتباهي ردود الفعل عقب هذه الحوادث من كل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة ومواقع التواصل الاجتماعي إذ كلها حول الشعارات البالية تدندن : الهلال مع الصليب ،القس يمسك بيد الشيخ ، نشر أحاديث نبوية تحث على حسن معاملة الأقباط وما إلى ذلك من محفوظات فى الذاكرة تخرج حال وقوع حادث يخص شركاء الوطن . لا أنكر أن هذه المشاهد وتلك الشعارات كان لها دورها عندما كانت نابعة من القلوب البيضاء ، عندما كان هناك قساوسة يعرفون من القرآن الكريم كما نعرف ، ولديهم يقين أن المسلم الحق لا يقتل ولا يكره، يعلمون عن الفاروق عمر حينما شكت إليه امرأة مسيحية من سكان مصر أن عمرو بن العاص قد أدخل دارها في المسجد كرهًا عنها، فسأل عَمْرًا عن ذلك؛ فأخبره أن المسلمين كثروا وأصبح المسجد يضيق بهم، وفي جواره دار هذه المرأة، وقد عرض عليها عمرو ثمن دارها وبالغ في الثمن فلم ترضَ، مما اضطر عمرو إلى هدم دارها وإدخاله في المسجد، ووضع قيمة الدار في بيت المال تأخذه متى شاءت. ومع أن هذا مما تبيحه قوانيننا الحاضرة، وهي حالة يعذر فيها عمرو على ما صنع، فإن عُمر لم يرضَ ذلك، وأمر عَمرًا أن يهدم البناء الجديد من المسجد، ويعيد إلى المرأة المسيحية دارها كما كانت!! أيضا حينما كان لدينا مشايخ ينفذون وصايا النبى بالأقباط بحذافيرها ويعرفون حقوقهم ويؤدونها كما أوصى النبى وسار على نهجه الخلفاء الراشدون من بعده ، يعلمون أن أماكن العبادة للديانات السماوية محترمة، يجب الدفاع عنها وحمايتها كحماية مساجد المسلمين {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج:40] وأن الناس لا ينبغي أن يؤدي اختلافهم في أديانهم إلى أن يقتل بعضهم بعضًا،أو يعتدي بعضهم على بعض، بل يجب أن يتعاونوا على فعل الخير ومكافحة الشر {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان}[المائدة:2] تلك المشاهد والشعارات كانت مبادئ لدى الشباب المسلمين والمسيحيين قبل أن تترك الكنيسة والمسجد الشباب فريسة لأصحاب الفكر الضال من أمثال #يحيى رفاعي سرور؛ الذى أباح ذبح الأقباط ,ووصف الأقباط الذين ذبحهم تنظيم داعش في ليبيا ب"الخرفان" أيضاً حينما لم يكن لدينا أمثال القس #زكريا بطرس الذى قدم برنامج من مائة حلقة "حوار الحق" وشكك في كل شيء عن الإسلام . كما قدم من قبل برنامج "سؤال جريء " الذي استغله للتطاول علي القرآن مخصصًا ثلاثين حلقة للتطاول عليه و41 حلقة للتطاول على السنة واتهام الرسول صلي الله عليه وسلم أنه إرهابي والتطاول علي زوجاته ووصل الأمر به إلي التشكيك في نسب سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم. أمثال هذا القس وذلك الشيخ كثيرون ولهم مريدوهم من الشباب الذين يستطيعون إقناعهم بهذا الانحراف الفكرى والذى من نتائجة حالات الاحتقان الشديدة بين المسلمين والأقباط . حتى وإن ظهر خلاف ذلك . إن لم نتدارك خطورة هذه الافكار وسرعة وقف انتشارها بين الشباب ، إن لم تعد الكنيسة والأزهر إلى تكثيف حملات التوعية بين الشباب من الجانبين سنجد جيلاً يحمل الحقد والكراهية لبعضه البعض . إن الإرهاب الحقيقى إرهاب ٌ فكريٌ من الدرجة الأولى اذا نجح رعاة هذه الافكار فى إفساد المعتقد أو السلوك باستخدام الوسائل والأساليب المعنوية . سيترتب على ذلك الإخلال بالأمن العام. إن العلاقة بين قطبى الوطن تحتاج إلى المخلصين من الدعاة والقساوسة لمحاولة إصلاح ما أفسده الكارهين لوحدتنا وإنقاذ الشباب من براثن الجهل والتشكيك . وليكن شعارنا لكم دينكم ولي دين . الدين لله والوطن للجميع