عميرة ايسر -حَسبَ الأًخبار الأخيرة المسّربة منَ الصَحافة الفرَنسية وعَلى رأسها صحيفة لوموند الفرنسية التي لها سمعة دولية وذات مصداقية ،لا يَرقىَ إليهاَ الشك في الشّارع الفرنسي,فان وزير الدفاع الفرنسي جوني ليفربون قد أعطي أوامره بعد موافقة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند, بشن عمليات عسكرية سرية في ليبيا منْ أجل إستهداف قيادات تنظيم داعش الإرهابي في المناطق الساحلية التي تبعد حوالي 320كلم عن شواطئ إيطاليا,وهذه العمليات التي هي تحت إشراف قسم العمليات التابع للأمن الخارجي الفرنسي ،وهذه ليس عمليات منعزلة ،أو تمت دون تنسيق مع الحكومة الفرنسية، أو جهاز الاستخبارات الفرنسي، وهي ليس الأولى منْ نوعهاَ إذْ قامت الوحدات الخاصة الفرنسية ،بتصفية القيادي الأَبرزْ لتنظيم داعش في ليبيا ،وَهُو المَدعو أبو نبيل العراقي، وذلك في شَهرْ نُوفمبر 2015بالتعاون مع جهاز المخابرات الأمريكية ,فباريس تسعى بكل ما تَمتلكهُ منْ مجهودات عسكرية، وقتالية ،لمنع التَنظيم منَ السيطرة ،على الأراضي النفطية القريبة، منَ الأراضي التي يسيطر عليها أفراده,وَرغم تكلفة هذه العمليات المرتفعة، والتي قدرها الخبراء العسكريين بازيد من 1مليون يورو يوميا، تخسرها فرنسا في ليبيا فميزانية العمليات الخَارجية، قد إرتفعت من 460مليون يورو إلي حدود 1مليار أُورو سنويا,وفَرنساَ إنْ طالَ أمدُ عملياتهاَ في هذا البلد فإنهُ ،من المرجح أن تتوقف حاملة الطائرات شارل ديغول عنْ العمل ،وتدخلَ في فترة صيانة ويعاد تأهيل طاقمها بالكامل,وهذا ما لا تريدهُ وزارة الدفاع الفرنسية ،فالتواجد الفرنسي فوق الأراضي الليبية عسكريا ،وسياسيا، قد بَدأَ يظهرُ بشكل أكبر في عهد الرئيس الفرنسي" نيكولا ساركوزي"، الذي عندما إستضاف مصطفي عبد الجليل ،رئيس المجلس الوطني الانتقالي، في ليبيا وذلك بتاريخ 20نيسان 2011،والذي تشكل برعاية ،أمريكية، فرنسية ،في أعقاب الثورة الليبية ،سنة 2011ضد حكم ،"العقيد معمر ألقذافي" ،وأخبرهُ ساركوزي بخطط غزو طرابلس، وتحريرهاَ وعندها أفشى لهُ سرَ، تواجد "القوات الفرنسية الخاصة" في أرض الميدان، وأنها ستمنع قوات ألقذافي، منَ التوجه نحو الحدود التشادية ,ولا ننسى بأنَ الإستخبارات العسكرية الفرنسية . -التي إنتقمت بأوامر من الرئيس فرانسوا هولاند ،عندما وصل إلي سدة الرئاسة سنة2012من زعماء القاعدة، وطالبان، الذين إستهدفوا القوات الفرنسية، في أفغانستان سنة2008,"فإستراتيجية الاحتواء" التي تتبناه القوات الفرنسية لمكافحة الإرهاب في ليبيا، والتي من أهم دعائمها تنفيذ عمليات خاصة سرية ،يرتدي أفرادها لباس القوات الخاصة الفرنسية، والتي يد ل عليهم,وبالتالي يسهل كشفهم ،ورصدهم ميدانيا ،وكذلك القيام بعمليات سرية ،تابعة لجهاز الاستخبارات الفرنسي ،وأفراده عادةً ،لا يتركونَ أيَ أثر يدل عليهم، وينهون عملياتهم بدقة، وإحترافية عالية ،والمرحلة الثالثة :هي إستعمالُ سلاح الطيران الجوي، للقيام بعمليات، تَجسس، وإستطلاع، منْ أجل استهداف البؤر الإرهابية ،وذلك بالتنسيق الكامل، مع بريطانيا، وأمريكا,وهذه العمليات السرية، والتي تنافي ما يقوله المسئولون، في "قصر الاليزيه "والذين يؤكدون في كل مناسبة على أنهُ منْ غير الممكن القيام بعمليات عسكرية، أو قتالية بدون التعاون، أو إخبار الحكومة المركزية ،في طرابلس، والتي كان من المفروض أنْ تُتشكلَ قريباً ,وهذا ما أثار موجة من الانتقادات، وزوبعة من المواقف ،الليبية والفرنسية، التي إنتقدت هذه العمليات ،وعارضتها بشدة,فالدولة الفرنسية التي لها أزيد من 13الف جندي منتشرين ،في مناطق ساخنة ،شهدت الكثير من النزاعات المسلحة، بحجة مكافحة الإرهاب، أَو حفظ الأمن فيها، وتنتشر هذه القوات الفرنسية ،كالتالي إذ يتركز في أفغانستان 4000جندي، منْ قوات الجيش الفرنسي ،وقد دخلت في إطار "التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب"، الذي أعلنته الولاياتالمتحدةالأمريكية ،عقب أحداث سبتمبر 2001،وتَوجهتْ لغزو أفغانستان والإطاحة بنظام طالبان فيها,وكذلك لبنان التي تشهد حروبا متقطعة، بين "إسرائيل" و"حزب الله اللبناني"، ويقدر عدد القوات الفرنسية هناك ،و مهمتها تتلخص في الحفاظ على الهدنة التي رعتها الأممالمتحدة بعد حرب حزيران 2006,والتي يُقدرُ عددها بحوالي 1350جندي لحفظ السلام، والتأكد من عدم إنهيار الهدنة,ولها كذلك قوات في "ساحل العاج" تقدر بأزيد من 900جندي لإخماد الاضطرابات المسلحة، التي تنشأْ بين الفينة والأخرى، في هذا البلد الإفريقي، الذي لا زال تحت الحماية الفرنسية لحد ألان,أما في ليبيا فقد انتشرت قوة خاصة تعدادها 4000جندي ولها قوات منتشرة، في عدة بقع تَشهدُ نزاعاتً وحروبًا عبر العالم,وفرنسا لجأ ت إلى رفع عدد قواتها منذ سنة2009حيث كان يقدر عددهاَ، بحوالي 9000جندي مُنتشرونَ خارج الأراضي الفرنسية,فالإستراتيجية الدفاعية الفرنسية قد تغيرت حسب رأي "الأدميرال الفرنسي ادوارد غيبيو" "رئيس أركان القوات المسلحة" وذلك نتيجة لعدة عوامل دولية هامة،: ومنْ أبرزهاَ إزدياد عَدد العمليات العسكرية للقوات الفرنسية ،في الخارج وكذلك المشاكل المالية، التي عاشتها البلاد نتيجة للأزمة الاقتصادية، التي يمر بها الاقتصاد الفرنسي حاليا ،والتي أثرت سلباً على الميزانية الدفاعية لفرنسا ،إضافة إلى التَحول الضخم الذي حدث على الساحة الدولية ،وذلك لأول مرة منذ سنة1962,والتي فرض علينا أن نتعامل معها ،ونُواجههاَ في أن واحد مجتمعة معا,وبالتالي فإنَ هَذا جعلَ النظام َبأكمله يرزحُ، تحت ضغط شديد,ففرنسا التي تعيش منذ أحداث "تفجيرات باريس"، صدمة كبرى جَراء فَشل الإجراءات الأمنية، في منع حدوثها على أراضيهاَ ،هذا إنْ صَدقناَ فَرضية َأنَ ،"أَجهزةَ الأمن الفرنسية"، لم تكون المسئولة عنْ حدوثها ,وهو ما دفعها للرد عن طريق تنفيذ عمليات ،سرية، نوعية ،وموضوعية، وسريعة، وهذا ما ساقه صُناع القَرار في باريس بَعد الفضيحة التي تفجرت في الإعلام الفرنسي. -ولكن الباحث والكاتب الفرنسي فَان سَان نوازى أَكدَ في كتابه الذي أَطلقَ عليه إسم "قتل باسم الجمهورية" بان هذه الطريقة التي استعملتها المخابرات الفرنسية في ليبيا ليست وليدة السَّاعة بَل إنَّ "الرئيس الفرنسي شارل ديغول "قد إتبع نفس هذا الأسلوب ،في تًصفية قًيادات "الثورة الجزائرية"، ومَنْ يَبيعُ السّلاحَ إليهم منَ التّجار منَ الفَرنسيينَ، وَهُوَ نَفسهُ الذي إستعملهُ "الرئيس فرانسوا ميتران "في كل من ،لبنان ،والقارة الإفريقية ,وبالتالي فإن هذه الأساليب في تَصفية الذين تعتبرهم "الجمهورية الفرنسية" "أعداء محتملين" لأمنهاَ القومي منَ الأسس الثّابتة في عمل، "جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي",والذي يَعتمدُ تقريباً نَفسَ الأساليب التي نفذتها "المخابرات الأمريكية" في تصفية قياديين كبار، في القاعدة ،"كمصعب ألزرقاوي "أوْ "أبو خليل السوداني",فالقوات الفرنسية في ليبيا والتي تركز على إغتيال قادة داعش المهمّين الذين يُفكرون في تنفيذ هجمات إرهابية ،مستقبلا لمَنعهم من ذلك ,وتُعتبر هذه العمليات في "العقيدة الفرنسية العسكرية" "عمليات جراحية وقائية "وليست "هجومية" والهدف منها هو التقليل منْ خَطر هذا التنظيم ،ومحاولة حصره في مناطق معزولة ،وقَطع كافة أنواع الدعم اللوجستى، والعسكري ،عنه والتأكّد منْ تَحييده في الصراع الدائر بين مختلف "الفصائل المعارضة المسلحة" في ليبيا والتي حسب تصريحات "مانويل فالس" "وزير الخارجية الفرنسي السابق " فإنّ بَاريس تَقفُ مَوقف الحياد مما يجري في ليبيا ،وتُحاولُ قًدر المستطاع أنْ تدعم "الشرعية" ،و"الحكومة المركزية "،في طرابلس وليْسَ لها أيْ علاقات مع الأطراف المتحاربة على إقتسام السلطة في البلاد منذ الإطاحة بالرئيس الليبي السابق ،رَغم تَأكيد وسائل إعلام ومحللين كبار كالأستاذ " أنيس النقاش "بأن فرنسا و"حلف الناتو" ودولا عَربيةَ وإقليميةً تدعم "العقيد خليفة حفتر" والمليشيات المُنضمة إليه، وتُحاول فَرضهُ رئيسا للبلاد في المرحلة المُقبلة . -وهَذاَ يَتعارضُ مع كَافة التّصريحات الّسياسية التي تَخرجُ مَن "قصر الاليزيه "في عاصمة الجنّ والملائكة باريس ،فالوضع الأمني والسياسي في ليبيا، معقد للغاية، في ظل المعلومات التي نشرها ويكليكس مُؤخّرا والتي تُفيد بإن تنظيم داعش في العراق، وسوريا ،قد نَقلَ عَدداً منْ قياداته الكبار، إلى ليبياَ والتي تقول إحدى القراءات السياسية، بأّن التّنظيم وبأوامر منِ خليفتهُ "أبُو بَكر البَغدادي" قد نَقل هؤُلاء القيادات إلى هُناكَ منْ أجل أنْ يَجعلَ ليبيا "القَاعدة المَركزية للتّنظيم في شمال إفريقيا "ومحاولة التّمدد، في الدول الحدودية المجاورة ،كتونس، والجَزائر,بعد أنْ بدأ التّنظيم يَتراجع في "دول الشرق الأوسط "نتيجةَ الضّربات العسكرية القاسية ،التي تلقاها على يد "الجيش العراقي "و"السوري "والتّدخل الجوي الروسي، الذي أخلط َحسابات هذا التنظيم الإرهابي، وقوات النَاتُو ,وفَرنسا التي إعتمدتْ على الأمريكانْ، ومعدّاتهم في تَنفيذ عَمليات مُسلحة ،وَجوُّية ،في سوريا ،والعراق ضدّ التنّظيم,تُحاولُ هَذه المَرة إثبات نفسهاَ، والتّعويض في ،"المسرح ألعملياتي الليبي"، وتُحاولُ أنْ تُنفّذَ عَمليات نَوعية ولكنْ دُونَ أن تسمح ،بتدخل بري ،فَوقَ الأراضي الليبية، لأنّ هَذا الأَمرَ، سَيؤدي إلي بداية ،إنهاء النّفوذ التقليدي، لفَرنسا َفي القارة السمراء,ففرنسا التي تريد السيطرة ،على البيت الليبي، وإعادة تَرتيبه، بَماَ يَضمنُ سَيطرتهاَ ،الكاملة عليه، بَعدَ أنْ حَاولَ ألقذافي كسر الطوق الهَيمنة الفَرنسية وكَانَ مَصيرهُ مُؤلماً وقاسياً جداً,وفي ظلّ رَغبة دول كبرى "كروسيا " للقيام بعمل عَسكري ظَاهرهُ الَقضاءُ على هذا التّنظيم الإرهابي وبَاطنهُ سَيكونُ إعادةَ النُفوذ الرُوسي في "منطقة شمال إفريقيا "والذّي إنحسرَ بشكل متوقع ،بعد "إنهيار الاتحاد السوفيتي "والزيارة التي قام بها "وزير الخارجية الروسي" "سيرغي لافروف" للجزائر منْ أجل اخذ الموافقة الجزائرية ،على تَنفيذ عَمليات عسكرية في ليبيا ،وإجبار الجيش الجزائري، على المشاركة فيها، مُقابل إغراءات مادية ،واقتصادية وأَهمهاَ إعادةَ رَفع أَسعار النّفط ،وعدم إغْراق السّوق ،بَكميات هائلة منه ،وهَذاَ مَا تَخشاهُ الجزائر، "الحليفُ الاستراتيجيُ" لكل من فرنسا، وروسيا ،في المَنطقة والتي ستجد نفسها ،في وضع صعب ،نَتيجة الأَزمة المَالية، التي تمر بها والنفوذ الفرنسي ،التقليدي فيها ،وَبيْنَ تَلبية المَطالب الرُوسية ،وخَرقَ أهم مَبدأ منْ مَبادئ العَقيدة القَتاليَة للجزائر، والتي ترفض إرسال أي قوات برّية خارج حدودها، واحترام سيادة، كل الدول الجوَار، مَاْ لَمْ تَتَعرضْ لعَمليات ،عَسكرية منْ إحدهَا,وهذه المبادئ التي سَيُحاولُ الرُوسُ، تَغييرهاَ وجَرّ الجزائر، وتونس، وَكُلَ دُول الجوَارْ الإقْليمي لدخول المُستَنْقع الليبي ،وَهَذا ما تُعارضه ُفًرنساَ ،التي ترَى في حَربهاَ عَلى الإرهاب فيْ ليبياَ ،"ضَرورةً إستراتيجية ًوأمنية " وتَعتبر حُروبها الّسّرية عَليه أحدَ أهَمّ الإستراتيجيَات المُطّبقة لضَمان عَدم حُدوث أَزمات أَمنية وعَسكرية ستتفاقمُ لتؤدي إلى زَعزعة أمْن، وإستقرار فَرنساَ، نَفسهاَ وَتَحويلهاَ إلى دَولة مُستهدفة ،منْ قَبل خَلاَيَاهُ وعَناصره ،وهَذا مَاْ سينّجر عَنهُ إنتقالُ الحَرْب، إلى كَافة المَوَاقع ،والدُّول ،التي فيهاَ رَعاياَ وَمَصالحُ فَرنسيةٌ، تَجبُ حمَايتهاَ ،بكّل الوَسائل المُمْكنة ،والمُتّوفرة بيَد الفَرنسّيينَ. عميرة أيسر-كاتب جزائري