يتعامل الإعلام بكافة أشكاله وألوانه بحرفية شديدة في إظهار التيار الإسلامي وكأنه قادم من كوكب آخر، أو كأنه عبارة عن كائنات فضائية تريد أن تقضي على الكائنات البشرية وتلتهيمها ، فما من حادثة إلا وتنسب إليه وما من مصيبة إلا وتلصق به وما من كارثة إلا وهو مسئول عنها حتى لو كان هذا التيار لا ناقة له فيها ولا جمل ، حتى قيل " لو أن نملة كُسرت أو تحطمت قدمها لقيل أن التيار الإسلامي هو السبب " ، ولنقس هذا على كافة الأحداث التي وقعت في الشهور الماضية والتي كانت تنسب زوراً وبهتاناً إلى التيار الإسلامي بل إنه إذا تم تبرئته منها لا يصدق ذلك أحد من العلمانيين وغيرهم ويظل الإعلام مصراً على اتهاماته وافتراءاته ، ويالها من خسة وسوء نية وحقارة لم نكن نعتقد أن تصل إلى ذلك المستوى ولكنه الواقع المرير الذي نعيش فيه والذي يجب أن نتعامل معه . ولنعد قليلاً إلى الوراء لنعرف نقطة البداية في هذا التحامل والتجني على التيار الإسلامي بعد الثورة ، فلقد قامت الدنيا ولم تقعد بمجرد أن أعلن رئيس اللجنة المشرفة على الاستفتاء في مارس الماضي أن نتيجة الاستفتاء جاءت " بنعم " ( المدعومة من التيار الإسلامي ) وبنسبة كبيرة جداً ورأينا التحليلات حينها تقلل من هذه النسبة وتنتقد كل من قام بالتصويت " بنعم " وتسفه من آرائهم ورؤيتهم التي دفعتهم للتصويت بذلك بل وتعتبرهم جهلاء وتعتبر أنهم انساقوا وراء الداعين لهذا التصويت ، ومن هنا حدثت الصدمة التي دفعت الليبراليين والعلمانيين والماركسيين وجماعة النصارى وغيرهم ممن على شاكلتهم أن يُصدروا تعليقات مستفزة ومخيبة للآمال حتى وإن كانت معبّرة عما في صدورهم من الغيظ والحقد ، وبدأت حملة التشويه والأفتراء والتي كانت بدايتها عبر التصيد والتربص لبعض التعليقات التي صدرت عن بعض الشخصيات التي كانت تدعم اتجاه التصويت " بنعم " وخاصة من أبناء التيار الإسلامي حيث تم تضخيمها ووضعها في غير سياقها ، ولعل ما حدث مع الشيخ / محمد حسين يعقوب خير دليل على ذلك فما ذكره الشيخ في تعليقه على الأستفتاء فيما عرف بعد ذلك " بغزوة الصناديق " أعطى لهولاء المغتاظين الفرصة لشن حملة شرسة على التيار الإسلامي فلقد سنوا أقلامهم واستجمعوا قوتهم وحشدوا طاقاتهم للأنقضاض على الشيخ ومن ثم على التيار الإسلامي بأكمله ساعين من وراء ذلك إلى تشويه صورة هذا التيار وإشعار المصوتون "بنعم" أنهم كانوا على خطأ فيما قاموا به وأنهم يجب أن لا يستمعوا إلى التيار الإسلامي بعد ذلك ، وهكذا جاءت لهم الفرصة على طبق من ذهب وإن كنت على قناعة بأنهم كانوا سيختلقون مواقف وأحداث ينقضوا من خلالها على التيار الإسلامي ويشوهوا صورته بصرف النظر عن تصريحات الشيخ ، ولعل هذا ما حدث فعلاً بعد ذلك حينما رأينا إلصاق التهم الجذافية بالتيار الإسلامي دون دليل كحادثة قطع الأذن التي صوروها على أنها تطبيق للحدود وإن كانوا لم يكلفوا أنفسهم في معرفة أنه ليس هناك عقوبة أو حد بقطع الأذن ودون أن يتريثوا قليلا لمعرفة نتائج التحقيقات والتي أثبتت فيما بعد عكس ما صدّوروه للناس وظلوا ينفخون فيه عشرات الأيام والليالي ، أوكهدم الأضرحة التي أعلن التيار الإسلامي أنه ليس مسئولا عنها وأنه لا يهدم أحجاراً وإنما يهدم أفكاراً وجاء رد مشايخ الطرق الصوفية لينفي وبشكل قاطع أن يكون للتيار السلفي أي دخل في هدم الأضرحة ويتهم النظام السابق وفلوله بفعل ذلك لأحداث الوقيعة ومع ذلك ظل الآفاكين مصرّين على فرّيتهم متجاهلين لكل ذلك ، وتلا هذا حادثة أطفيح وإمبابة وماسبيرو وغيرها والتي كان يُقحم فيها التيار الإسلامي ويُحمّل مسئوليتها حتى وإن كان بريئاً منها أو لا علاقة له بها . وهكذا ارتدى هؤلاء العلمانيين وغيرهم ممن يملؤن الأعلام ضجيجاً وصراخاً وكالعادة نظرات مكبّرة نظروا من خلالها إلى أقوال وأفعال التيار الإسلامي فمهما كان القول أو الفعل هيناً بسيطاً أو حتى يمكن تأويله أو تبريره إلا أنه يكون عندهم أمراً عظيماً تقوم الدنيا له ولا تقعد وبالتالي لا يمكن تأويله أو تبريره أو حتى قبول الأعتذار عنه هذا فضلاً عن الأفتراءات والتهم التي تلصق بالتيار الإسلامي .