تراجع أسعار الذهب في مصر: تفاصيل وتحليل للأسعار الحالية    8 مليارات دولار قيمة سلع مفرج عنها في 3 أسابيع من أبريل 2024.. رئيس الوزراء يؤكد العمل لاحتياط استراتيجي سلعي يسمح بتدخل الدولة في أي وقت    تأثير حملة مقاطعة السمك في مصر.. استجابة لارتفاع الأسعار وتحقيق جزئي للأهداف    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    حزب الله يعلن استهداف ‌‌شوميرا شمالي إسرائيل بعشرات صواريخ ‌الكاتيوشا    مفوض حقوق الإنسان أكد وحدة قادة العالم لحماية المحاصرين في رفح.. «الاستعلامات»: تحذيرات مصر المتكررة وصلت إسرائيل من كافة القنوات    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات يوم الاربعاء 2024/4/24    التشكيل المتوقع لباريس سان جيرمان ضد لوريان في الدوري الفرنسي    موجة حارة تجتاح البلاد.. تحذيرات الطقس ليوم الأربعاء 24 أبريل 2024    اقتراب ماراثون الثانوية العامة و5 محظورات على الطلاب في الامتحانات    ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 24 أبريل    حقيقة ارتفاع سعر الثوم بالأسواق.. هل الكيلو هيوصل 100 جنيه؟    طولان: الزمالك سيتخطى دريمز الغاني.. ولست ضد حسام حسن لكن اختياره خاطئ    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    صحف الإمارات اليوم.. لا مؤشرات على توقف الحرب في غزة.. وفد اقتصادي كوري شمالي يزور إيران.. وأمريكا تنذر تيك توك    الشيوخ الأمريكي يوافق على 95 مليار دولار مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا    الكونجرس يقر نهائيا قانونا يستهدف تغيير ملكية تطبيق التواصل الاجتماعي تيك توك    الكرم العربي أعاق وصولها للعالمية، "بيتزا المنسف" تثير الجدل في الأردن (فيديو)    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    عتريس السينما المصرية.. محمود مرسي تزوج مرة واحدة وتوفى أثناء التصوير    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة    نمو الطلب على إنتاج أيه إس إم إنترناشونال الهولندية لمعدات تصنيع الرقائق    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    الكونجرس يقر مشروع قانون يحظر «تيك توك» بالولايات المتحدة    يقترب من بيراميدز.. تفاصيل رحيل محمد صبحي عن الزمالك    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    موازنة النواب: تخصيص اعتمادات لتعيين 80 ألف معلم و30 ألفا بالقطاع الطبي    خطر تحت أقدامنا    نتائج مباريات ربع نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    أيمن يونس: «زيزو» هو الزمالك.. وأنا من أقنعت شيكابالا بالتجديد    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأربعاء 24/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    3 أشهر .. غلق طريق المحاجر لتنفيذ محور طلعت حرب بالقاهرة الجديدة    أداة جديدة للذكاء الاصطناعي تحول الصور والمقاطع الصوتية إلى وجه ناطق    إعلام عبري: مخاوف من إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال لمسؤولين بينهم نتنياهو    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    رغم فوائدها.. تناول الخضروات يكون مضرا في هذه الحالات    عاجل - درجات الحرارة ستصل ل 40..متنزلش من البيت    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    «رب ضارة نافعة»..أحمد عبد العزيز يلتقي بشاب انفعل عليه في عزاء شيرين سيف النصر    تنخفض 360 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د . أحمد صبحي منصور يكتب : كتاب المكي والمدني في التنزيل القرآني ( الجزء الثالث عشر )
نشر في شباب مصر يوم 09 - 05 - 2016


د . أحمد صبحي منصور
ما زال الحديث موصول بعون الله تعالي حول كتاب (المكي والمدني في التنزيل القرآني) للدكتور أحمد صبحي منصور ونقول الأتي
أسلوب ( الإلتفات ) فى خطاب التنزيل المدني في سورة الأحزاب
تميزت سورة الأحزاب على قصرها النسبى بتعدد موضوعاتها التشريعية العامة والخاصة والتاريخية المعاصرة لوقتها والتي تشي بأمور مستقبلية حدثت فيما بعد ، وتخللها اسلوب الالتفات ، على النحو التالي :
أولا : التشريع العام :
1 نزل تحريم الظهار ( أى أن يحرم الزوج زوجته كتحريم أمه عليه ، وكان هذا عادة سيئة فى العرب وقتها أن يقول الرجل لزوجته : أنت حرام علىّ كظهر أُمّى ) كما نزل تحريم التبنى ، فى قول رب العزة جل وعلا فى هذه الآية : ( مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) هنا حديث عن رب العزة جل وعلا الذى جعل ( قلبا ) واحدا أى نفسا واحدة فى ( القالب ) وهو الجسد البشرى . والتعبير برجل هنا لا تعنى الرجل الذكر ولكن تعنى ( المترجل بجسده ) من الذكور والإناث . وقد أوضحنا معنى (رجل / رجال ) فى القاموس القرآنى . ثم الالتفات المركب الى المخاطب وهم المؤمنون فى إشارة الى الأزواج ( الزوجات ) فى موضوع الظهار ، والأدعياء فى موضوع التبنى فى: ( وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ) ثم إلتفات الى الحديث عن رب العزة جل وعلا فى : ( وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ثم نفس التفات المركب الى المخاطب نفسه مع الإشارة الى الأدعياء فى : ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) ثم الحديث عن رب العزة جل وعلا فى : ( وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (5).
2 فى تحريم التبنى وكان شائعا وقتها ولا يزال :
2 / 1 . والتبنى يخالف الشريعة الاسلامية التى يترتب فيها حقوق من ميراث وحُرمة فى النكاح فى موضوع النسب من ألاباء والأمهات . وكان صعبا وقتها منع التبنى ، بل كان للنبى نفسه أبن بالتبنى هو زيد بن حارثة
2/ 2 : وننبه هنا على وجود وحى توجيهى نزلت إشارات عنه فى قصص القرآن عن نوح وموسى . وفى التاريخ المعاصر للنبى محمد عليه السلام المذكور فى القرآن الكريم نجد لهذا الوحى التوجيهى إشارات، كما فى سورة التحريم وفى الوعد بالقافلة أو النصر فى ( بدر ) . ومن خلال الايمان بالقرآن نؤمن بما اشار اليه القرآن فى هذا الوحى الشفهى ، ولا إيمان بوحى شفهى لم ترد فيه إشارة فى القرآن الذى هو الذى نحتكم اليه والذى هو المرجعية الوحيدة فى دين رب العزة جل وعلا . وسبق أن كتبنا فى هذا الوحى التوجيهى من قبل . ومن هذا الوحى التوجيهى ما يخص تحريم التبنى الذى كان عادة راسخة ، إستلزم تحريمها أن يكون النبى نفسه أول من يطبق هذا التشريع على نفسه . إذ كان للإبن بالتبنى نفس حقوق الابن من الصُّلب ، من الميراث وألا يتزوج من تزوجها الأب ، وألا يتزوج الأب من تزوجها الابن .
2 / 3 : جاء الأمر أولا صريحا بانتساب الابن بالتبنى الى أبيه الحقيقى ، فصار ( زيد بن محمد ) ( زيد بن حارثة ) تنفيذا لقوله جل وعلا : ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ). ثم كانت الخطوة الأصعب فى قطع الصلة الأبوية ، وهى أن يطلق زيد بن حارثة زوجه ( زينب بنت جحش ) ليتزوجها النبى ليكون النبى نفسه قدوة فى تكسير هذا التشريع الجاهلى فى موضوع التبنى . كان زيد يعانى من خلافات مع زوجته ، ونزل التوجيه بالوحى للنبى أن يجعل زيدا يطلق زوجته ثم بعد عدتها يتزوجها النبى ليؤكد بنفسه أنه ليس للدعى أى ( الابن بالتبنى سابقا ) أى حقوق الابن للصلب . هذا الوحى التوجيهى أحرج النبى فما كان يتوقعه ، وكان صعبا أن ينفذه خشية إنتقاد الناس واحتمالات تقولاتهم عليه ، خصوصا وهو يعايش المنافقين الذين لا يتركون فرصة للنيل منه عليه السلام .
ونتوقف مع الآيات من خلال اسلوب الالتفات :
2 / 4 : فى البداية يقول جل وعلا حكما عاما باسلوب الغائب أنه لا يصح ولا يليق بمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله جل وعلا أمرا أن يختار العصيان لأن من يعصى الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (36) الحديث هنا بالغائب ، وهو تعريض بالنبى الذى تردد وتحرّج وعصى الأمر الوارد اليه ، لذا ينتقل الخطاب من الغائب إلى النيى ، أى المخاطب فيقول له ربه جل وعلا يذكره بالعصيان الذى وقع فيه ، فقد أمره ربه أن يجعل زيدا يطلق زوجته ففعل العكس وهو أن يأمر زيدا أن يصلح ما بينه وبين زوجته وأن يتمسك بها ، يقول جل وعلا للنبى :( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ) وتأنيبا للنبى يخاطبه ربه فيقول بأسلوب لاذع ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) . بعد الخطاب المباشر إلتفات الى الغائب وهو زيد وزوجته : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً ) ثم إلتفات مركب الى المتكلم وهو رب العزة فى إشارة الى المخاطب وهو النبى والى زينب فى كلمة واحدة هى : ( زَوَّجْنَاكَهَا ) والسبب جاء بأسلوب الغائب : ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً ) أى لمنع التحرج بين المؤمنين من زواج زوجة سابقة لأدعيائهم، ثم إلتفات الى الحديث عن رب العزة جل وعلا : ( وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (37) . ثم عودة بالحديث عن النبى باسلوب الغائب كما جاء فى الآية 36 ، يقول جل وعلا يرفع عنه الحرج ( مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ) ( وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38)، ثم حديث بالغائب فيه تعريض بعصيان النبى وخشيته من الناس دون رب الناس جل وعلا : ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ ) ثم إلتفات بحديث عن رب العزة جل وعلا ( وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (39) أى فالناس لا يملكون لك حسابا ، لأنه كفى برب العزة حسيبا . ثم إلتفات مركب بتوجيه الخطاب للمؤمنين مع إشارة للنبى محمد عليه السلام : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40) )
3 : ونضع بعض الملاحظات الإضافية :
3 / 1 بعض أعداء النبى من أئمة المحمديين وجدوا فى هذا الموضوع فرصة لاتهام النبى بأنه كان مفتونا بزوجة زيد ، وأن هذا هو سبب تطليق زيد زوجته ليتزوجها النبى ، وقرأنا روايات حقيرة عن هذا فى تفسير النسفى الذي كان مقررا علينا فى الثانوي الأزهري . وأولئك المفترون لم يقرأوا الآيات واضحة الدلالة وفيها التأنيب للنبى لأنه تحرج وكان يخشى ردّ الفعل من الناس .
3 / 2 قوله جل وعلا : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ) يتحدث عن ( محمد ) الرجل والأبُّ ، يؤكد فيه رب العزة مقدما أنه لن يعيش لمحمد ولد من صُلبه يبلغ مبلغ الرجال . أى لن يكون أبا لرجل أبدا سواء كان من صلبه أو بالتبنى لأن التبنى مُحرّم . ولنتخيل لو أنه عليه السلام كان له ذرية من الأبناء ، أى عاش أولاده الذكور فماذا كان سيفعل بهم المحمديون ، وهم الذين عبدوا بنته فاطمة وزوجها والحسن والحسين وذريتهم ؟
3 / 3 فى القرآن الكريم فالوحيد المذكور بالاسم من بين ( الصحابة ) المؤمنين هو ( زيد )، وقلنا أن القصص القرآنى لا يركز على أسماء الأشخاص . ومن عجب أن اسم ( زيد ) تحول الى رمز فى علم النحو ، فى المثال المشهور ( ضرب زيد عمرا ) ، وحين يقال عن شخص مثالا فى علوم البلاغة واللغة يقال ( زيد ) أى ( زيد من الناس ) أى تحول من إسم (علم ) إلى
( نكرة ) .!
3 / 4 وضح أن العتاب واللوم جاء صراحة و تعريضا للنبى الذى كان يتصرف بطبيعته كأى إنسان شريف يخشى على سُمعته من أعدائه المتربصين به . ومات النبى ولا يزال أعداؤه يزيدون على عدة بلايين (فقط ) فى عصرنا هذا .!. منهم من يزعم حب النبى كالمحمديين الذين يتبعون ( لهو الحديث ) ، ومنهم من يكرهه من أصحاب الديانات الأرضية الأخرى، لأن أعدى أعداء خاتم النبيين ينسبون جرائمهم وإرهابهم إلى الاسلام ورسول الإسلام عليه السلام .
3 / 5 : كما قلنا فى بحث الاسناد ، فإن ( السُّنّة ) هى الشرع الالهى والمنهاج . وجاءت بمعنى الشرع الالهى حتى فيما يخص النبى محمدا نفسه فى قوله جل وعلا : ( مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38)) أى إن فرض الله / أمر الله / سُنة الله هى مترادفات . أما الرسول محمد فهو الأسوة الحسنة فى تطبيق السُّنة ،وهذا ما جاء فى نفس سورة الأحزاب : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)) لم يقل ( سنة حسنة ) بل ( أسوة حسنة ) .
3 / 6 : نلاحظ وصف الابناء بالتبنى بالأدعياء تأكيدا على نفى صلة الأبوة والبنوة بين الدعى ومن تبناه . وليس فى هذا لوم أو تقريع لهذا ( الدعى ) لأن المقصود هو وصف إنتمائه المزعوم لمن ليس أبا له . بل هو الحرص على إنتسابه لأبيه ، فإن لم يكن أبوه معلوما معروفا فهو ( أخ ) فى الدين ومولى حليف، يقول جل وعلا :
(( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )
3 / 7 : مع أنه موضوع خاص بالنبى وكان مبعث تحرج له عليه السلام إلا إنه تشريع عام ، كان النبى فيه مثالا حتى لا يتحرج المؤمنون من تطبيق هذا الشرع . لذا قال جل وعلا من البداية : ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ).
3 / 8 : والخطاب هنا للمؤمنين فى كل زمان ومكان حتى عصرنا ، ولقد جاءتنا أسئلة كثيرة فى موضوع التبنى وأجبنا عليه بالتاكيد على تحريم التبنى ، مع الاحسان للشخص دون إلحاقه بنسب مزور . ولم يكن معروفا وقت نزول هذا التشريع التأكد من نسبة فلان الى فلان ، وأصبح هذا ميسورا الآن بالحامض الوراثى( الدى إن إيه ) .
3 / 9 : معاوية هو أول من عصى هذا التشريع فى خلافته وهذا لغرض سياسى ، حين ألحق ( زياد بن أبيه ) بأبى سفيان وجعل إسمه الرسمى ( زياد بن أبى سفيان )، بعد موت أبى سفيان .. وقد تعرضنا لهذا بالتفصيل فى سلسلة مقالات ( وعظ السلاطين ) وسننشرها فى كتاب قادم بعون الله جل وعلا.
ونستكمل غدا بعون الله جل وعلا .
ثانيا : من التشريع الخاص الى التشريع العام :
التقوى هى المقصد الأعلى من مقاصد التشريع .
1 وقد بدأت السورة بالتقوى أمرا للنبى محمد عليه السلام . وقلنا إن مصطلح (النبى ) هو ما يتعلق بشخص النبى وعلاقاته بمن حوله فى عصره . وهذا خلاف ( الرسول ) الذى يعنى الرسالة وتبليغه عليه السلام للرسالة . لذا تأتى الطاعة لله والرسول حيث أن المُطاع هو الله جل وعلا فى رسالته التي ينطق بها الرسول، وتظل الرسالة أو الرسول أو القرآن هى المُطاع بحفظ الله جل وعلا لهذا الكتاب إلى قيام الساعة. أما ما يأتى لمحمد من تأنيب فهو بصفة ( النبى ) وما تأنيه من أوامر ونواهى فهى بصفته النبى ، ومنه قوله جل وعلا له فى بداية سورة الأحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) النبى هنا هو المُخاطب بهذه الأوامر والنواهى ، يليه إلتفات بالحديث عن رب العزة : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2) ثم التفات إلى نفس المخاطب وهو النبى ( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) ثم إلتفات بالحديث عن رب العزة جل وعلا : (وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (3) .
2 ومن الخاص إلى العام ، فإن التقوى مأمور بها الناس جميعا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1) النساء) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) الحج ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان ) ومأمور بها المؤمنون:( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) الزمر) ومأمور بها أهل الكتاب (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ ) (131) النساء )
الميثاق الالهى :
1 وعن الميثاق الذى أخذه رب العزة على جميع الأنبياء قبل الوجود الحسى قال جل وعلا باسلوب المتكلم ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ )ثم إلتفات الى المخاطب وهو الرسول محمد عليه السلام فى كلمة : ( وَمِنْكَ ) ثم التفات الى الغائب وهم : ( وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) ثم إلتفات إلى المتكلم رب العزة جل وعلا فى كلمة : ( وَأَخَذْنَا ) ثم الى الغائب : ( مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (7) ثم حديث عن رب العزة جل وعلا فى : ( لِيَسْأَلَ ) ثم الغائب فى : ( الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ) ثم الحديث عن رب العزة جل وعلا فى : ( وَأَعَدَّ ) ثم الغائب : ( لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً (8))
2 ومن الخاص الى العام ، فلقد أخذ رب العزة الميثاق على البشر جميعا قبل وجودهم الحسى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) سورة الأعراف،ويوم القيامة سيذكرهم بهذا العهد والميثاق :( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) يس ). وقد أخذ جل وعلا العهد والميثاق على أهل الكتاب:( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) المؤمنين ) ، واخذ جل وعلا العهد والميثاق على المؤمنين فى عهد النبى محمد عليه السلام، يقول جل وعلا للمؤمنين وقتها يدعوهم الى الايمان القلبى الحقيقى : ( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) الحديد )
الصلاة على النبى وإيذاء الله جل وعلا ورسوله:
1 قام المحمديون بتحريف معنى الصلاة على النبى فجعلوها عبادة وتقديسا للنبى ، فى نفس الوقت الذى يقومون فيه بإيذاء النبى وإيذاء الله جل وعلا ورسوله وإيذاء المؤمنين إيمانا حقا بالله جل وعلا ورسوله ، المتمسكين بالكتاب وحده . ومنشور هنا لنا مقال مُفصّل عن ( الصلاة على النبى ). ونعطى لمحة سريعة هنا من سورة الأحزاب.
فقد كانت لبعض الصحابة عادة سيئة هى إقتحام بيوت النبى بلا إستئذان برغم فرض آداب الاستئذان من قبل فى سورة النور . كانوا يتطفلون يآكلون ويثرثرون ، بل كان بعضهم تبلغ سماجته الى الدخول إلى حجرات نساء النبى والحديث معهن وبعضهم كان يطمع فى الزواج منهن بعد النبى . وكان هذا يؤذى النبى ، وبسبب سمو خُلقه عليه السلام كان يستحى من تنبيههم ، فنزلت هذه الآيات فى تشريع خاص له إمتدادته بعد موت النبى عليه السلام
ونعرض للآيات الخاصة بهذا الموضوع، ومن خلال اسلون الالتفات :
2 يقول جل وعلا :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ) ، ما سبق كان خطابا مباشرا من رب العزة إلى (المخاطب ) وهم أولئك الصحابة المتطفلون. بعده إلتفات الى الغائب وهو النبى فى:
( إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ ) ثم حديث عن رب العزة جل وعلا : ( وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ ) ثم إلتفات مركب بالمخاطب وهم المتطفلون الصحابة مع إشارة الى الغائب وهنّ نساء النبى فى : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) ثم التفات مركب بنفس المخاطب وهم المتطفلون الصحابة مع إشارة للغائب وهو الرسول عليه السلام فى : ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (53) ثم إلتفات مركب بالخطاب المتطفلين الصحاب مع حديث عن رب العزة جل وعلا فى : ( إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (54)، ثم إلتفات مركب إلى الغائب وهنّ نساء النبى مع إشارة للمسموح بالدخول عليهن من أرحامهنّ فى :
لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ) ثم إلتفات إلى مخاطب آخر وهن نساء النبى فى : ( وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55). ثم حديث عن رب العزة جل وعلا وملائكته مع إشارة للنبى عليه السلام :
( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ )ثم إلتفات مركب بالمخاطب ( الذين آمنوا ) بإشارة إلى النبى محمد عليه السلام :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) ، ثم إلتفات إلى الغائب مع إشارة إلى العصاة فى كل زمان ومكان الذين يؤذون الله ورسوله فى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58)، ثم إلتفات مركب الى النبى ( المخاطب ) مع إشارة إلى النساء المؤمنات فى عهده
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (59) ثم إلتفات الى الغائب وهم الصحابة المنافقون وأتباعهم الذين كانوا على وشك حمل السلاح ضد الدولة الإسلامية
( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) ثم إلتفات مركب بالمتكلم وهو رب العزة مع إشارة بالمخاطب وهو النبى فى كلمة واحدة هى :
( لَنُغْرِيَنَّكَ ) ثم التفات مركب الى الغائب مع إشارة الى المخاطب وهو النبى فى :
( بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً (60).
3 ونضع بعض الملاحظات :
3 / 1 : موضوع الصلاة على النبى أى ( الصلة بالنبى ) جاء فى سياق التناقض مع إيذاء النبى . فالصحابة المتطفلون فى الآية 53 جعلوا من صلتهم بالنبى إيذاء له وكان يستحى من هذه الصلة المؤذية فنزل قوله جل وعلا لأولئك الذين آمنوا : ( إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (53). ثم ثم كان المقابل للإيذاء وهو الصلاة أو الصلة الحُسنى بالنبى ، فالله جل وعلا وملائكته يصلون على النبى وبالتالى يجب على المؤمنين أن يُصلوا عليه : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56)) . الصلة هنا إيمانية هى الايمان بالكتاب الذى أنزله الله جل وعلا بملائكته على النبى محمد ، وهى صلة متجددة وقائمة ومستمرة بنزول الوحى وقتها . وبالتالي فإن صلاة المؤمنين على النبى تعنى التمسك بالقرآن الذى يؤكد هذه الصلة بالنبى، وليس مجرد (التواصل الاجتماعي ) لأن الله جل وعلا يشرح معنى الصلاة على النبى فى نفس الآية فيقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ). لم يقل صلوا عليه وسلموا سلاما ، بل ( تسليما ) والتسليم هو الإيمان القلبى . وفى الصلة بين الإيمان والتسليم القلبى يقول جل وعلا عن المنافقين مخاطبا النبى عليه السلام : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65) النساء ) .
إذن كانت الصلاة على النبى فى حياته والمطلوبة من الذين آمنوا وقتها أن لا تكون إيذاءا له وجرحا لمشاعره وإنتهاكا لحُرمة بيوته ، بل أن تتحدّد بالكتاب وتشريعاته ، أى أن تكون صلة إيمانية تشريعية ، بدليل ما جاء فى الآية 53 وما فيها من تشريعات خاصة بزمانها ووقتها ومكانها تمنع الذين آمنوا من دخول بيوت النبى إلا بالإستئذان : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ) وتفرض حجابا أو ستارة تمنع الاتصال المباشر بين الذين آمنوا ( المتطفلين ) فى : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) والتشريع الخاص الآخر الخاص بمكانه وزمانه وأشخاصه هو الاستثناء من التشريع السابق فى قوله جل وعلا عن نساء النبى ومحارمهن :( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55 ).
وجدير بالذكر أن نفس الموضوع تكرر فى تشريع آخر خاص بزمانه ومكانه عن بيوت (النبى ) فى قوله جل وعلا يحرّم على الصحابة رفع أصواتهم فوق صوت النبى وأن يجهروا له بالقول كما يفعلون فى حديثهم مع بعضهم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2)) وفى قوله جل وعلا لصحابة جاءوا ينادونه صارخين بلا ذوق ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) الحجرات ).
هذه التشريعات هى معنى ( الصلاة على النبى ) وهى البديل لما كان يفعله بعض الصحابة فى إيذاء النبى . ونعيد التأكيد على أنها (صلة إيمانية وتشريعية ) ، وليست كما يفترى المحمديون فى جعل الصلاة على النبى تقديسا بعبارات تؤلهه ويتعبدون بها لشخص النبى معتقدين أن من يقولها فإن النبى يرد عليه من داخل قبره. فكيف يكون حيا معتقلا فى قبره في حفرة ضيقة تحت أقدام الناس والى قيام الساعة دون إطلاق سراحه من هذه الزنزانة ؟ ثم كيف يرد على بلايين المحمديين الذين يسلمون عليه من قرون ولا يزالون ؟ خبل عقلى تدمع منه العيون .!!
3 / 2 وبالتالي فإن صلاة المحمديين على النبى بتلك الكيفية هى إيذاء للنبى ، لأنها إتباع لقوم النبى الذين إتخذوا القرآن مهجورا وسيتبرا منهم الرسول يوم القيامة وسيكونون أعداءه : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31) )الفرقان ) أى سيُسأل يوم القيامة عن أولئك الذين اتخذوا القرآن مهجورا وصنعوا أحاديث ضالة تزعم شفاعته وحياته فى قبره ، مع إن الله جل وعلا أكّد له فى حياته أنه ميت مثله مثل خصومه وأنه سيتخاصم مع خصومه يوم القيامة : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) يقول بعدها عن أولئك المفترين الظالمين :( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (33) الزمر ).
3 / 3 وقلنا أن ( النبى ) هو شخص ( محمد ) وعلاقاته بمن حوله ، بما فيها التشريعات الخاصة به وبأزواجه وما كان يأتيه من لوم وتأنيب . وبالتالى فإن إيذاء المتطفلين له والمقتحمين بيوته بلا إستئذان جاء الخطاب عنها بصفة النبى وبيوت النبى وإستحياء النبى .
والدليل على تعمّق الضلال لدى أئمة المحمديين أنهم إنتهكوا حُرمة بيوت النبى وخصوصياته بعد موته وموت أزواجه وهدم بيوت أزواجه . سار البخارى وغيره على سُنّة الصحابة المتطفلين فى إنتهاك حُرمة بيوت النبى فصنع أحاديث ضالة عن علاقاته الجنسية بزوجاته وعلاقاته بغيرهن على نحو ما عرضنا له فى كتابنا ( القرآن وكفى مصدرا للتشريع )
3 / 4 : وفيما سبق إنتقال من التشريعات الخاصة بالنبى إلى تشريعات عامة يأتى فيها مصطلح ( الرسول ) بعد موت شخص ( محمد النبى ) . ونعطى أمثلة :
3 / 4 / 1 : يقول جل وعلا للمؤمنين فى حياة النبى : ( إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) ، ثم يقول عنه بمصطلح الرسول ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (53). أى نكاح من صارت أرملة للنبى بعد موت النبى ، وهو بعد موته تبقى رسالته ، فيأتى التعبير عنه بالرسول . أى الذى جاء لكم بالرسالة ومات لا يصح أن تتزوجوا من مات عنها .
ولأنه الايذاء مستمر للرسول ، أى الرسالة فإن القضية تنطلق من الخاص ( النبى ) الى العام أى ( الرسول ) فيقول جل وعلا فى حكم عام ينطبق على كل زمان ومكان : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً (57) )الإيذاء لرب العزة جل وعلا ورسوله يعنى الكفر برسالته والتقول على الله جل وعلا ورسوله . ولقد تكررت الآيات التى تصف من يفترى على الله كذبا ويكذب بآياته بأنه الأظلم . وهو الأظلم لأنه يؤذى الله جل وعلا ورسوله . والذى يفعله الارهابيون الوهابيون والذى يفعله أئمة الوهابية من فُحش فى فتاويهم يصبح منسوبا إلى الإسلام هو أفظع إيذاء للاسلام ولرب العزة ورسوله الكريم .
3 / 4 / 2 : ويتبع ذلك الإيذاء للمؤمنين المتمسكين بالقرآن وحده حديثا وكتابا ، يقول جل وعلا فى الآية التالية : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58)). وأولئك المؤمنون الحقيقيون مأمومورون بتحمل الأذى ، ولقد أكّد رب العزة بكل صيغ التأكيد في اللسان العربي أن أولئك المؤمنين سيتعرضون للإبتلاء فى أموالهم وأنفسهم بما يُعدُّ ذلك الابتلاء المؤكد دليلا على أنهم على الطريق المستقيم طالما يأتيهم الايتلاء ويسمعون الأذى والاتهامات الباطلة من الضالين من أهل الكتاب والمشركين المحمديين ، ولو صبروا واتقوا فهم الفائزون ، يقول جل وعلا يخاطب المؤمنين الحقيقيين فى كل زمان ومكان : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186) آل عمران ).
3 / 4 / 3 : وفى الآية التالية فى موضوعنا فى سورة الأحزاب تشريع جاء بخطاب الى النبى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (59)) وفيه نوع من الأذى كانت تتعرض له النساء المؤمنات فى المدينة ، فجاء الأمر بالحشمة حتى لا يطمع فيهن الذى فى قلبه مرض . ومع أنه تشريع بالحشمة خاص بمكانه وزمانه إلا إن عوامله الموضوعية تجعله تشريعا سائدا لمن تريد أن تدفع عن نفسها أذى التحرش من الذين فى قلوبهم مرض ، وما أكثرهم فى بلاد المحمديين .!
فى التشريعات الخاصة :
هناك تقسيمات للتشريعات الاسلامية القرآنية ، منها الصالح تطبيقه فى كل زمان ومكانه ، ومنها التشريعات الخاصة التى يمكن تطبيقها فى نفس ظروفها ، وقد عرضنا لنماذج لها فى سورة الأحزاب . وهناك تشريعات خاصة لا يمكن تطبيقها لارتباطها بنفس الزمان والمكان والأشخاص ، وهى ما يتعلق بالنبى عليه السلام وأزواجه. ونعرض لها من خلال اسلوب الالتفات :
النبى وأزواجه :
1 يقول جل وعلا : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (6) ). فى الآية السابقة خطاب عن الغائب فى القسم الأول من الآية : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ ) ثم إلتفات إلى المخاطب وهم المؤمنون فى وقتها فى : ( إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (6) ).
التشريع الخاص هنا فى كون أزواج النبى أمهات للمؤمنين وقتئذ ، لذا لا يجوز أن ينكحهن ( النكاح هو عقد الزواج ) رجل بعد موت النبى أو بعد طلاقهن . وقد تعزز هذا التشريع الخاص بقول رب العزة فى نفس السورة : ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (53)). هنا تشريع خاص لا يلزمنا فى شىء سوى العبرة .
وللكتاب بقية فيتبع
------------------------
بقلم الدكتور / أحمد صبحي منصور
من علماء الأزهر السابقين الكبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.