انفجارات ضخمة تهز كييف ومدنا أخرى وصفارات الإنذار تدوي في جميع أنحاء أوكرانيا    منتخب مصر في كأس العالم 2026: مواعيد وأماكن المباريات    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مصر القديمة دون إصابات    آمال ماهر تتألق بأغانى من السنة للسنة ولو كان بخاطرى فى مهرجان الفسطاط.. صور    «آخرساعة» تكشف المفاجأة.. أم كلثوم تعلمت الإنجليزية قبل وفاتها ب22 عامًا!    الداخلية تكشف حقيقة تغيب فتاة الشرقية وتحدد مكانها خلال ساعات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    إعلام فلسطيني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف شرق مدينة غزة    كان مشهدا فظيعا، جسيكا ألبا تكشف سبب ظهورها عارية في فيلم "الأربعة المذهلون"    6 أفلام صنعت أسطورة أم كلثوم في السينما.. حكايات نادرة من رحلة الكوكبَة على الشاشة    بوتين: نسعى لعالم متعدد الأقطاب للحفاظ على هوية الدول واحترام سيادتها    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    عاجل.. صدام قوي بين الجزائر والبحرين اليوم في كأس العرب 2025 وتفاصيل الموعد والقنوات الناقلة    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    أيمن يونس: منتخب مصر أمام فرصة ذهبية في كأس العالم    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    أولى جلسات محاكمة مسؤول الضرائب وآخرين في قضية رشوة| اليوم    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    النائب ناصر الضوى: الإصلاحات الضريبية الجديدة تدعم تحول الاقتصاد نحو الإنتاج والتشغيل    وكيلة اقتصادية الشيوخ: التسهيلات الضريبية الجديدة تدعم استقرار السياسات المالية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    "بعتيني ليه" ل عمرو مصطفى وزياد ظاظا تتصدر تريند يوتيوب منذ طرحها    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد صبحي منصور يكتب : كتاب المكي والمدني في التنزيل القرآني ( الجزء التاسع )
نشر في شباب مصر يوم 27 - 03 - 2016


د. أحمد صبحي منصور
ما زال الحديث موصول بعون الله تعالي حول كتاب (المكي والمدني في التنزيل القرآني) للدكتور أحمد صبحي منصور ونقول الأتي
في التعامل مع المشركين الكافرين سلوكيا بالاعتداء :
1 جاء لهم عرض الهي لهم بالانتهاء عن العدوان مقابل أن يغفر لهم ما سبق من عدوان ، وإذا رفضوا العرض فالأمر بقتالهم لوضع حد للفتنة أو الإكراه فى الدين ، يقول جل وعلا فى إلتفات مركب ، المُخاطب فيه هو النبي مع إشارة الى الغائب وهم الكافرون : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (38) ثم إلتفات مركب بمخاطب هو المؤمنون مع إشارة الى غائب وهم الكفار المعتدون الذين يرتكبون الاضطهاد الدينى أو الفتنة فى ( الدين ) الذى ينبغى أن يكون حرا ، المرجعية فيه لرب العزة يوم الدين : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) ثم إلتفات الى المشركين ( فَإِنْ انتَهَوْا ) ثم إلتفات الى الحديث عن رب العزة جل علا : ( فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)، وإلتفات فى الآية التالية من الغائب وهم المشركون :( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) إلى المخاطب وهم المؤمنون :
( فَاعْلَمُوا ) إلى الحديث عن رب العزة جل وعلا : ( أَنَّ اللَّهَ ) إلى المخاطب وهم المؤمنون :(مَوْلاكُمْ ) إلى الحديث عن رب العزة جل وعلا :( نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)
فى التعامل مع ( شر الدواب )
1 عبارة (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ ) جاءت مرتين فقط فى القرآن الكريم ، وفى سورة الأنفال تحديدا، وصفا لنوعين من الكافرين ( الكفار قلبيا فقط ) أو ( الكفار قلبيا وسلوكيا معا ) . وقلنا أن هناك الكافر بقلبه ولكنه مؤمن سلوكيا مأمون الجانب مسالما فيتمتع بلقب الذين آمنوا حسب الظاهر ، ولكن يظل محتاجا للوعظ حتى يهتدى قلبه ، ويظل أيضا محتاجا إلى الوعظ والتهديد والترهيب حتى لا يتحول الى الكفر السلوكي يجمع بينه وبين كفره القلبى .وهذا كان حال بعض الصحابة من المهاجرين والذين ظلوا يعبدون الأنصاب حتى أواخر ما نزل من القرآن الكريم دون أن ينتهوا عن عبادتها ( التوبة 90 : 92 ) .
2 يقول جل وعلا للمؤمنين سلوكيا
( بمعنى الأمن والسلام ) ولكن لا يطيعون الله ورسوله ويخونون الله ورسوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) .
3 ونلاحظ الآتي :
3 / 1 عدم وصفهم صراحة بالكفر بل بأنهم الصُّم البكم الذين لا يعقلون الذين يتولون عن الرسول معرضين عنه شأن الذين قالوا سمعنا بالأذُن وهم لا يسمعون أي لا يطيعون . وأنه لا فائدة منهم ولا خير فيهم .
3 / 2 أن هذه الأوصاف جاءت فى سياق خطاب الهي مباشر للذين آمنوا أو الصحابة المؤمنين سلوكيا ظاهريا دون إيمان قلبي . أي مؤمنون مأمون الجانب مسالمون سلوكيا ولكن قلوبهم كافرة ترفض سماع الحق،وهم متصفون بنفس صفات الكافرين الذين لا يعقلون ، وأنهم شر الدواب ، والدابة هى كل كائن حى يدبُّ ويتحرك بحركة مقصودة من الحشرة إلى الفيل والخيل والبغال والحمير ..
3 / 3 وجرى في الآيات السابقة أسلوب الالتفات على النحو التالى : المُخاطب هو المؤمنون سلوكيا وليس قلبيا ، وهو إلتفات مركب بإشارة الى الله جل وعلا والرسول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا ) ثم إلتفات من المخاطب الى الغائب، وهم الكفار الصُّرحاء فى ( كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21) ( واستمرار في وصف هؤلاء الكفار قلبيا :
( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23). ثم إلتفات من الغيبة الى المخاطب للذين آمنوا سلوكيا فقط ، وهو إلتفات مركب لأنه يحوى إشارة لله جل وعلا وللرسول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28).
4 عبارة (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ ) جاءت أيضا فى نفس السورة وصفا للكافرين قلبيا وسلوكيا بالاعتداء ونكث العهود ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56)) . كان الحديث عنهم بالغائب ، ثم بعده إلتفات إلى المخاطب وهو النبي في تشريع بالتعامل مع أولئك الكافرين المعتدين ناكثى العهود ( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ( 58 )
5 الخطورة هنا أن يتعاون ( شر الدواب ) داخل المدينة مع ( شر الدواب ) خارجها . الصنفان معا يصفهم رب العزة بالخيانة (الأنفال 27 ، 58). ولو تحالف الفريقان الخائنان ( من شر الدواب ) ضد النبي والمؤمنين الحقيقيين لتم تدميرهم المسلمين ودولتهم الإسلامية ، خصوصا وأن شر الدواب خارج المدينة موصفون بأنهم (يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ ). لذا كان التشريع للنبي عليه السلام فى التعامل مع ( شر الدواب خارج المدينة ) أنهم إذا اعتدوا فليحاربهم بقوة تُرهب من هم خلفهم ، اى شر الدواب فى المدينة : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ). وإنه بسبب تكرار حنثهم ونقضهم للعهود فإذا خاف خيانتهم أعلن لهم وقف العمل بالعهد معهم بكل استقامة كي لا يعطيهم فرصة الخداع والمكر:
(وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ) .
فى الاستعداد الحربى لردع العدو المعتدى
1 هنا المخاطب هم المؤمنون قلبيا وحقيقيا مع إشارة للغائب وهم الكفار المعتدون ، فى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) أولئك الذين لا يعلمونهم هم
( شر الدواب ) من المؤمنين سلوكيا بينما قلوبهم تطفح بتقديس الأنصاب والقبور المقدسة.
2 قوة الدولة الإسلامية المسالمة هى التي ترهب العدو الظاهر والعدو المحتمل المستتر الذي لا يعلمونه والذي يعلمه رب العزة جل وعلا . الإرهاب هنا فى مصطلح القرآن هو لحقن الدماء ، دماء العدو ودماء المسلمين أيضا . الدولة الإسلامية المسالمة التي لا تعتدي على أحد لو كانت ضعيفة فسيتشجع العدو المعتدى على غزوها ، لهذا لا بد أن تتقوى بكل استطاعتها لتردع أو لترهب هذا العدو المعتدى .
3 وهذا الاستعداد الحربي يتطلب نفقة مالية ، لذا يستمر الخطاب للمؤمنين :
( وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60).
4 فماذا إذا جنح العدو المعتدى للسلام ، يستمر الخطاب للنبى عليه السلام بالجنوح للسلام متوكلا على ربه جل وعلا فى إلتفات من المؤمنين إلى النبى : ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) .
5 فماذا إذا كانوا يريدون الخداع فالله جل وعلا هو الذي يكفيه والذى يؤيده بنصره وبالمؤمنين ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)) فيما سبق إلتفات مركب للمخاطب وهو النبى مع إشارة للمخادعين
6 ويأتي حديث عن رب العزة ونصره وأنه الذى ألّف بين قلوب المؤمنين الحقيقيين بما لا يستطيعه بشر :( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ )هذا حديث عن رب العزة جل وعلا ، يليه إلتفات الى المخاطب وهو النبي عليه السلام ( إلتفات مركب ) يحوى إشارة إلى المؤمنين :( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) .
7 المؤمنون سلوكيا فقط لا فائدة فيهم فى القتال لأنهم كافرون قلبيا ولأنهم مسالمون يخافون من الحرب لذا كانوا يعصون ولا يسمعون . باستبعادهم يتبقى المؤمنون الحقيقيون ، وهم أيضا مسالمون ولكن مخلصون لرب العزة دينهم . أي يحتاجون إلى التحريض على القتال لذا يستمر الخطاب للنبى مع حديث عن رب العزة جل وعلا وإلتفات إلى الغائب وهم المؤمنون الحقيقيون في : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ) ثم بعدها إلتفات إلى مخاطب آخر وهم المؤمنون الحقيقيون ونفهم أنهم وقتها أقلية ضئيلة ضعيفة لذا لا بد من التمسك بالصبر لينالوا النصر ، يخاطبهم رب العزة مباشرة فيقول :
( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)).
فى الموالاة والولاء للدولة الإسلامية :
1 انتماء المسلم الحقيقي والمؤمن الحقيقي هو للقيم العليا
( الحرية والعدل والسلام ) . وإذا تعرض للفتنة في دينه وجبت عليه الهجرة ، وإذا تخلف عنها مع استطاعته ومات ، مات كافرا
( النساء 97 : 99 ). وكانت دولة الإسلام المدنية واحة أمن للمستضعفين المؤمنين ( إيمانا سلوكيا بمعنى الأمن ) والمسلمين ( إسلاما ظاهريا بمعنى المسالمة والسلام ) . وفى داخلها تمت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار والموالاة بينهم في إطار دولتهم . وكانت الهجرة إليها مفتوحة لكل من أراد الحرية الدينية ، يمارسها كيف شاء طالما لا يرفع سلاحا ولا يضطهد أحدا في الدين .
2 وكما جاءت الآيات الأخيرة في سورة النور عن الشورى والديمقراطية المباشرة ، وجاءت الآيات الأخيرة من سورة الممتحنة عن البيعة الفردية حتى للنساء فى دخول الدولة الجديدة فإن الآيات الأخيرة من سورة الأنفال كانت عن تشريع المواطنة في هذه الدولة ، والتي هي حق لمن يعيش فيها من المهاجرين والأنصار ، وهى أيضا حق لمن هاجر إليها واستقرّ فيها ، والمؤمنون خارجها ليسوا مواطنين فيها طالما لم يهاجروا ، والمستضعفون لهم حق النُّصرة إلا إذا كان هناك عهد بعدم الحرب بين الدولة الإسلامية وتلك الدولة الفتى يعيش فيها أولئك المستضعفون . وكما أن الكفار المعتدين يوالى بعضهم بعضا فواجب المؤمنين المسالمين أن يوالى بعضهم بعضا حتى لا يكون فساد في الأرض واضطهاد أي فتنة في الدين الذين .
3 في هذا يقول جل وعلا في خطاب للغائب : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ثم إلتفات إلى من الغائب إلى المخاطب وهم المؤمنون في دولتهم الإسلامية :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72). ثم خطاب الغائب عن الكافرين المعتدين وموالاتهم بعضهم البعض :
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ثم إلتفات إلى المؤمنين : المخاطب : يقول لهم :
( إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)، وبعده إلتفات إلى الغائب :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) ثم إلتفات إلى المخاطب أي المؤمنون (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ . ) ثم الغائب في :
( وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)) .
وللكتاب بقية فيتبع .....
----------------
د. أحمد صبحي منصور
من علماء الأزهر سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.