مستشار/ أحمد عبده ماهر يقول تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ{204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ{205} سورةالبقرة. إنها إحدى الصور الكثيرة التي ذكر الله فيها صفات المنافقين، فكثير من المنافقين لهم لسان رطب حلو يعجب السامعين بينما بقلوبهم مرار على الإسلام وأهله؛ وهذا الصنف يتحين الفرص لتولي زمام الأمور ليمارس الإفساد باسم الإصلاح، وفي ذلك يقول تعالى بسورة البقرة: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ{11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ{12}. ودروب الإفساد كثيرة، فمنها قطع الرحم، وقتل النفس التي حرم الله، والحرابة، والفجور في المعصية التي تمس مصالح الناس. والذي والذين لا يحبهم الله والذين وردت صفاتهم حصرا بالقرءان...وذلك حتى لا تقولوا بأن القرءان مجمل يحتاج إلى السنة لتفصيله أو لتبيينه ...لذلك فإليك بيان من لا يحبهم الله فيما يلي: الله لا يحب الفساد ) سورةالبقرة205. ولاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) سورةالمائدة64. ولاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ) سورةالبقرة190. ولاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) سورة البقرة276. ولاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) سورة آل عمران32. ولاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) سورة آل عمران57. ولاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً سورةالنساء36. ولاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً ) سورةالنساء107. ولاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين ) سورة الأنعام141. لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ ) سورة الأنفال58. ولاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) سورةالنحل23. ولَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ؛...) سورةالحج38. ولَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) سورةلقصص76. ولَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.. )سورةلقمان18. {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً }سورةالنساء148 فتجد أن الحالة الوحيدة التي لا يحبها الله ولا يحب أصحابها هي الفساد والمفسدين، ولنحاذر جميعا أن نكون من أصحاب تلك الصفات المذمومة عند الله. ومصاحبة تلك الصفات تكون بملازمتها للعبد، لكن قد يعتدي أحدنا مرة واحدة فيكون من المعتدين وقتها فقط لكن لا تكون صفة ملازمة له...وهكذا. لذلك فإن الله تعالى يقول بعدها مباشرة ومؤكدا على إصرار هؤلاء على صفاتهم المذمومة ومصاحبتهم لها حتى يواروا القبور فيقول تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ{206}. فهو لا يرعوي ولا يعتذر ولا يستحي ولا يعتبر، فيأخذه غروره بنفسه إلى آماد استمرار الإفساد بلا استحياء، فمثل هذا من أصحاب جهنم، ولذلك يقول تعالى بسورة النبأ عن جهنم: { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً{21} لِلْطَّاغِينَ مَآباً{22} لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً{23} لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً{24} إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً{25} جَزَاء وِفَاقاً{26} إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً{27}؛ فالطغيان في المعاصي وملازمتها من موارد التهلكة. أما تعبير [وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ]؛ يعني أنها لهم فراش، ويا ليته فراش فقط بل فراش وغطاء، وذلك من قوله تعالى: {لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }الأعراف41. مبروك لحكام العرب من المفسدين والظالمين الذين يتصورون بأنهم مصلحون .... فمصيبتهم لا تكمن فقط في أنهم يفسدون باسم الإصلاح...بل الأدهى والأمر أنهم لا يشعرون بفسادهم.... { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ{11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ{12}....البقرة. { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً{103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً{104} سورةالكهف. .فهنيئا لهم جهنم مهادا وغطاءا. --------- مستشار/أحمد عبده ماهر محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي