دكتور / عبد العزيز أبو مندور يقول عز من قائل" فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" ( الرحمن : 13 ) تكررت هذه الآية فى القرآن الكريم وسورة الرحمن ثلاثون ( 30 ) مرة. والحكمة في تكرارها كما قرأت أن الله تعالى عدد في هذه السورة نعماءه ؛ ثم اتبع ذكر كل كلمة وصفها ونعمة ذكرها بهذه الآية وجعلها فاصلة بين كل نعمتين ؛ لينبههم على النعم ويقررهم بها. شاهدت وسمعت الأديب / يوسف القعيد بالأمس 16يناير 2016م على قناة الناس يزعم أن أحدهم سأله من اللذان كان الله تعالى يخاطبهما فى سورة الرحمن بقوله تعالى : " فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ " ؟! وكانت إجابة الأديب يوسف القعيد كما قال : ( معرفش ) 000 يعنى قال لمن سأله : لا أدرى. وهذا رد ممن لا يدرى 00 ولا يعرف 00 رد جميل 00 ! إلا أن القعيد 00 لما لم يجد أحدا ممن معه فى البرنامج 00 أو أحدا من المتصلين بالبرنامج تفاعل 00 بالسلب 00 أو الايجاب معه 00 زعم أنه قرأ كتابا لواحد يزعم هو الآخر أن الخطاب 00 كان موجه إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) 00 وإلى مسيلمة الكذاب 00 ! لكنه - لما لم ينطق أحد بكلمة يبدو منها أنهم معه 00 أو ضده 00 ولا أحد حتى هم بأن يصحح هذا الهوس الكلامي المريب 00 فقد انتقلوا إلى جزئية أخرى .. ليتركوا المشاهد البسيط فى حيص بيص 00 وسكت القعيد00 ولعله اطمأن أنه استطاع أن يمررر ما أراد 00! وطبعا لأننى أتصل بالبرامج 00 وأنتظر محاولات أخرى 00 وليس لى صبر على تلك المهازل 00 قلت ليس لى حيلة إلا قلمى 00 فعلي واجب الرد 00 فلا محيص من الرد على هذا المبطل المرتاب 00 كيف ينقل تلك السخافات من عنده مسكة من عقل عمن لا عقل له 00 ؛ فلا فهم ، ولا عقل ، ولا ذوق ؟! والأسباب كثيرة عدة منها وأهمها : 1- أن ربنا جل شأنه وتباركت أسماؤه لا يجمع الحق والاباطل معا أبدا ؛ فلا تجد ذلك لا فى كتاب ولا سنة ؛ فلا تجمع الظلمة والنور معا أبدا لا لفظا ولا معنى ، فانظر إن كنت ممن يعقل 00 ! 2- وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على رجلا كان يخطب عنده ؛ أنكر عليه لأنه جمع بين الله تعالى وبين رسوله فى لفظ واحد ؛ فوبخه لسوء خلقه وضحالة عقله ، فقال صلى الله عليه وسلم له : بئس الخطيب أنت " روى ذلك الإمام مسلم فى صحيحه ( صحيح مسلم ج2ص 594) عن عدي بن حاتم، أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : من يطع الله ورسوله ، فقد رشد ، ومن يعصهما ، فقد غوى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بئس الخطيب أنت ، قل : ومن يعص الله ورسوله ". قال ابن نمير: فقد غوي ." 3- أن الخطاب بقوله تعالى " فبأى آلاء ربكما تكذبان " إنما كان للجن والإنس معا ؛ فعلى هذا جماعة المفسرين وشراح الحديث ، فالمفسرين كشيخهم الإمام الطبري فى ( جامع البيان ) تحقيق شاكر ج22ص 23) افترض الطبري أن أحدهم يسأل قال الطبري : إن قال لنا قائل : وكيف قيل " فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" فخاطب اثنين، وإنما ذكر في أول الكلام واحد وهو الإنسان ؟ ! قيل : عاد بالخطاب في قوله تعالى " فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ " إلى الإنسان والجانّ . ولم يكتف الطبري بذلك بل يقدم الدليل على صدقه ، فقال : ويدلّ على أن ذلك كذلك ما بعد هذا من الكلام، وهو قوله تعالى"خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ " (الرحمن : 14 - 15 ) وقد قيل : إنما جعل الكلام خطابا لاثنين ، وقد ابتدئ الخبر عن واحد ، لما قد جرى من فعل العرب تفعل ذلك، وهو أن يخاطبوا الواحد بفعل الاثنين أما شراح الحديث فلم يفارقا الحق فهما وعلما ؛ ففى( عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج 19ص 214) للعينى ( ت : /55 ه ) - قول الحسن البصري وقتادة في قوله تعالى: " فبأي آلاء لابكم تكذبان " فالحسن فسر: آلاء ، بالنعم . وقتادة فسر: " ربكما " بالجن والإنس ، والآلاء جمع 00 " وربكما " خطاب للجن والإنس. وإنما قال : " تكذبان " بالتثنية على عادة العرب . 4- هذا ولا أظن عاقلا يقبل أن يجمع النقيضان فى حكم واحد ، فلا يجتمعان لا عقلا ولا شرعا ولا ذوقا فى الفكر والعقيدة والسلوك جميعا ، فالجن والإنس ليسا بنقيضين فى أصل الدين والتكليف الشرعي 00 ومن ذاق عرف ، فليس كل من قرأ فهم ، ولا كل من فهم عرف. 5- أن من جمع بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين 00 وبين مسليمة الكذاب فى حكم واحد ؛ فقد غفل وجهل ، فما بالكم بمن جمع بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين عدو الله ومدعى الأوهية مسليمة الكذاب ؟!000 نقيضان لا يجتمعان أبدا ، 00 فلا يجتمع الحق والباطل أبدا فى حكم واحد 00 ! ألم تر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل ذلك 00 فعندما علم بن عليا رضي الله عنه هم بأن يتزوج بنت أبى لهب فقال " وما كان له أن يجمع بين بنت عدو الله، وبين ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " جاء فى ( السنن الكبرى ) للنسائي ج 7ص 458) وغيره ؛ فعن المسور بن مخرمة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة يخطب ثم قال: " إن بني هشام استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم عليا، وإني لا آذن، ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يفارق ابنتي، وأن ينكح ابنتهم» ثم قال: " إن فاطمة مضغة أو بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما أرابها، وما كان له أن يجمع بين بنت عدو الله، وبين ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم" وصحيح ابن حبان - مخرجا (15/ 535) أيضا من رواية المسور بن مخرمة، أن عليا خطب ابنة أبي جهل فوعد النكاح، فأتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك، وإن عليا خطب بنت أبي جهل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها " ، وذكر أبا العاص بن الربيع فأحسن عليه الثناء وقال: " لا يجمع بين بنت نبي الله وبين بنت عدو الله " وأكتفى بذلك لمن يفهم 00 ، فمن أساء الأدب فله أن يعتذر 00 فمن حسن الخلق كما قالوا : الرجوع للحق 000 فضيلة 00! ( وعلى الله قصد السبيل ) [email protected]