مرة أخرى أتعجّب لهذا الكم الهائل من المليونيات..و التي لم تقم باي بلد عربي اخر قامت به ثورة..فلازلنا - لحد الان - نحطم رقما قياسيا في المليونيات و التظاهرات و بين آلاف الاهداف اللي ظهرت للمظاهرات دي..لم - ويبدو انني لن ايضا - اسمع عن مليونية واحدة اسمها "مليونية التنمية" او اي مسمى اخر بيدعم البناء..لكننا افرزنا كم مهول من مليونيات الهدم و المعارضات والتوحد لدرجة انني اتساءل احيانا.."هم بقوا يجيبوا اسماء للجمعات دي منين؟" "مصر إلى اين؟" السؤال اللي بيدور في خلد كل مواطن..على الاقل يدعم هذة المظاهرات او لا يدعمها..خلينا لا ننسى ان من هو ضد المظاهرات مش ضد مصر بل هو في الغالب واحد من الملايين اللي بقوا يشوفوا ان استمرار التظاهر اصبح مالهوش اي داعي..بل بقت سيئاته اكثر من حسناته بكثير.. يمكنك ببساطة شديدة ان تجيب على السؤال لو اتحت لنفسك الفرصة ان تكون حياديا.. و تخرج من كونك بطل القصة الاغريقية الملحمية..لتتحول الى قارئ عادي جدا للاحداث.. هتشوف شعب ما صدق يلاقي فرصة لاخراج كبته من نظام كبس على نفسه و فرمه تحت وطئة عشماوي لم يحترم لقمة عيشه ولا ادميته و فاقت مساوئه محاسنه بكثير..رغم اننا الان نعيش في فترة نتحسر فيها على ايام النظام هتشوف نظام يحاول بكل وسيلة اعادة تدوير نفسه كالحرباء ليخرج للصورة من جديد من غير ما حد يحس لانه ببساطة لو خرج علانية سيقابل بثورة ثانية و البلد مش هتخلص و هو من دعاة الاستقرار حتى يتسنى له النهب كما يشاء. هنشوف مجلس عسكري يحاول ان يدير ازمه.. من منظور المشاهد خارج الاسانسير اللي محبوس فيه اشخاص مذعورين..بيقنعهم انهم يستخدموا الهواء الباقي باعتدال..و هم مصرين على كسر الاسانسير للحصول على كل الهواء مرة واحدة. و لكنه في نفس الوقت مجلس ملاوع لا يلبي رغبات الشعب - لحكمة ما في نفسه - قد يرى انه الوقت غير مناسب للتنفيذ او انه اقدر على استيعاب الموقف..لو لاحظنا في نفس الجيش اطول بكثير من نفس الثوار..و أعتقد ان الثوّار هيملّوا في لحظة ستكون قبل المجلس العسكري. و اللي بالتأكيد سيلجئ لفرض قوانين الطوارئ و الاحكام العرفية في نهاية الامر حتى يستلم زمام الامور بقوة و يفرض سيطرته ليعرف كيف يدير البلاد..فلا ارى كيف نطالب بعودة الامن بينما نضرب الضباط ونسمع كل يوم عن خبر ضابط اخر يتم اقتلاع هيبته . لا بد ان نسعى لتطبيق هذة المعادلة الصعبة: الشعب والشرطة متساوون كلهم يخدم نفس الوطن. في نفس الوقت هنشوف ثوار لا ضامن لهم لما خرجوا من اجله في يوم 25 يناير و فقدوا ابناءهم واعز ما يملكون ليشتم الوطن انفاس الحرية والديموقراطية..و التي سرعان مافرّط فيها الجميع و اتحولت الديموقراطية من احترام الاراء الى مكبّر صوت واحد و الاف الآذان ..و من يخالف ذلك يتعرض للتشويه والتكفير و القتل الفكري ان لم تصل للقتل الفعلي..ولا تقلق سواء من ابناء مبارك او من الثوار او من البرادعية او من غيرهم.. ستجد دائما من ينهرك ويخبرك ان موقفك خاطئ يا خائن..هذا مؤكد و مضمون..لدرجة تجعلك تتساءل.. "طب فين الموقف الصح؟" الحقيقة انا هنا مش بأدوّر على الموقف الصح مين؟ لكن بأحاول ابين وجهات نظر كل فئة اخرى..لانني من وجهة نظري المتواضعة ارى ان حل الازمة يكمن في ان يفهم كل طرف الاخر ويدع له الفرصة لايضاح وجهته..اولا كافراد شعب ثم كمؤسسات (ثورية,عسكرية, سياسية, و غيرها....) فحلي للسؤال الاول هو ردك عزيزي القارئ على سؤالي الثاني: متى ستحاول ان تسمع الاخرين؟ محمد البرقي \ القاهرة