جامعة بنها تنظم رحلة ترفيهية للطلاب الوافدين لدعم السياحة الداخلية    حزب الجبهة: الإستقالات طالت كل الأحزاب ولم نعد أحد بمقعد عند التأسيس ونملك البدائل في كل المواقع    وزير النقل يستعرض مع السفير الصيني الموقف التنفيذي للقطار الكهربائي الخفيف    محافظ الجيزة يشارك في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء الأخضر    تفاصيل افتتاح مصنع لشركة أوبو العالمية فى مصر لتصنيع الهواتف المحمولة    قرار حكومى باعتبار مشروع إنشاء الطريق الدائرى من أعمال المنفعة العامة    حزب المستقلين الجدد: قرار الكنيست بضم الضفة والقدس يقوض فرص السلام    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على مواقع لحزب الله    انتقادات إنجليزية لاذعة لمحمد صلاح    بعثة الاتحاد الليبى تتوجه للقاهرة استعداداً لمواجهة المصرى بالكونفدرالية    تأجيل أولى جلسات محاكمة التيك توكر علياء قمرون ل 29 أكتوبر    ضبط صانعة محتوى تستغل مواقع التواصل فى تسهيل جرائم منافية للآداب بالإسكندرية    رابط التسجيل فى قرعة الحج على موقع وزارة الداخلية.. اعرف الخطوات    تكريم خاص لهالة صدقي بمهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا    المتحف المصرى الكبير.. بوابة الحضارة الفرعونية إلى العصر الرقمى    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    بدء تشغيل معمل الأسنان للتركيبات المتحركة بمستشفى نجع حمادي العام    بروتوكول تعاون بين المؤسسة العلاجية وفاكسيرا لإنتاج المستحضرات الحيوية    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    رابط نتيجة التظلمات بمسابقة النقل النهري.. استعلم الآن    "مخاطر العنف والتنمر" ندوة توعوية ب"فنون تطبيقية بني سويف"    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    خطة عاجلة بمركز طامية لسرعة إنهاء ملفات تقنين أملاك الدولة    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    تحالفات جديدة لتقسيم الكعكة.. صراع اللجان تحت قبة «الشيوخ»    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في أسوان    ضبط لحوم غير صالحة وسلع غذائية منتهية الصلاحية وتحرير 208 محضرا تموينيا فى أسيوط    29 أكتوبر الحكم على علياء قمرون فى نشر محتوى وفيديوهات خادشة    اليوم.. الكنيسة القبطية تستضيف اجتماع لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي    أضرار جسيمة في منشآت الكهرباء والمياه بعد هجوم بطائرة مسيرة في السودان    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    استمرار تدفق المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة    من هو الشيخ صالح الفوزان مفتي السعودية الجديد؟    مستشفى الجراحات الجديد بطنطا ينضم لمنظومة التأمين الصحي الشامل    إجراء جراحة نادرة لإنقاذ حياة مريض فلسطيني مصاب من غزة بجامعة الإسكندرية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    5 نصائح لحماية طفلك من التحرش.. بعد واقعة مدرس الدقهلية    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    إطلاق القطار السريع وافتتاح مشروعات كبرى.. أحداث هامة بمعرض TransMEA القادم    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    عمر عصر يخضع للتحقيق بالفيديو من ألمانيا بعد خناقة البطولة الأفريقية    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    فيلم السادة الأفاضل يحصد 2.2 مليون جنيه في أول أيامه بدور العرض السينمائى    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    الإعلان عن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    روزاليوسف.. ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    ميلود حمدي: فضلت الإسماعيلي رغم الصعوبات.. وأعد الجماهير ببذل كل ما أملك    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعتقدات في تاريخ السودان القديم ( 1 )
نشر في شباب مصر يوم 28 - 07 - 2015


أولا: العصور الحجرية :
أوضحت حفريات الخرطوم التي ترجع للعصور الحجرية أن جنس سكان الخرطوم كان زنجيا ، ومن الجماجم التي وجدت لهؤلاء ، نجدهم يزيلون سنين قاطعين من الفك الأعلى ، كما هو الحال لبعض قبائل جنوب السودان، مما يشير الي بداية طقوس دينية وعادات وتقاليد معينة.
ومن طقوس دفن الموتى طقس " الجثث المضطجعة" ، في قبر من القبور تم العثور علي قطعة كبيرة من إناء فخاري وضعت تحت رأس الميت كوسادة. وكان سكان الخرطوم القديمة يعيشون علي صيد الأسماك والحيوانات بجانب جمع الثمار من الأشجار ، ولا يوجد ما يدل علي أنهم كانوا يمارسون الزراعة واستئناس الحيوانات (نجم الدين محمد شريف:29-30).
كما أوضحت حفريات ( الشاهيناب) شمال امدرمان طقس معين وهو أن الجبانات أو المقابر تكون بعيدة عن آماكن السكن.
وعموما كان وعي ذكاء إنسان السودان البدائي في العصور الحجرية يتطوران مع تطور حياته وصناعة أدوات إنتاجه. وتطورت أدوات الإنتاج من حجرية إلي أدوات تصنع من العظام. وباكتشاف النار عرف إنسان السودان البدائي كيف يطهي الطعام ويتقي شر الحيوانات المفترسة، إضافة لصناعة الأدوات الفخارية ، وبناء المساكن من الآجر( الطين). هذه التطورات التقنية والمعيشية أسهمت في تطور وعي الإنسان وذكاءه وتعلم الفنون ( الرسم علي الكهوف أو الجدران) وطلاء الجدران وصناعة أواني الطين المحروقة واستدارتها ( تطور صناعة الفخار). وكانت حياته الفنية والاجتماعية تعبر عن الصيد باعتباره محور حياته الأساسية التي تقوم علي الذهاب الي الصيد والعودة منه ، وعمل المسرحيات لعملية الصيد نفسها، كما عرف الاستفادة من عظام الحيوانات وتشكيلها وصناعة أدوات إنتاجه منها ، فضلا عن صنع ملابسه من جلود الحيوانات وصوفها.
وفي مجتمع بدائي كهذا لا يعرف استعمال المعادن ، ولا النتاج الاجتماعي الفائض ولا يعرف التخصص في العمل أو الصناعة الحرية ويجهل تربية الحيوانات والزراعة، و نظام العائلة فيه يقوم علي الأمومة، ولا يعرف الملكية الخاصة والدولة والكهنة أو رجال الدين، فإنه لم يعرف الحضارة.
ومع تطور الحياة الاجتماعية التي فرضتها طبيعة العمل والإنتاج الجماعي وتطور أدوات الإنتاج ، بدأت اللغة تتطور من إيماءات وإشارات ورسومات علي الكهوف والجدران..الخ، إلا أنها لم تتحول إلي لغة مكتوبة بعد.
بهذا الشكل بدأت البنية الاجتماعية والفكرية لمجتمعات السودان البدائية تنمو وتتطور ، وبدأت تظهر بذور الطقوس والعادات والفنون واللغة والدين.
ثانيا : حضارة المجموعات:
1- حضارة المجموعة (أ):
شهدت حضارة المجموعة (أ) بذور الحضارة التي تتمثل في اكتشاف الزراعة وتربية الحيوانات والصناعة الحرفية وإن لم تكن مستقلة تمام الاستقلال، وقد انتشرت هذه الحضارة في النوبة السفلي بين الشلال وعبري.
لا تشير المصادر إلي تطور لغة سودانية محلية مكتوبة في فترة حضارة المجموعة(أ) ، ولكن يبدو أن الكتابة المصرية القديمة التي تم اكتشافها سنة 3000 ق.م هي التي كانت سائدة.
وربما يكون قد حدث تطور في فنون هذه الحضارة، فالرقص يعبر عن العمليات الزراعية من بذر وحصاد ، إضافة لتربية الحيوانات وأثر ذلك علي رسوماتهم وفنونهم ورقصهم ، وصناعة ملابسهم وأحذيتهم من جلودها ، ولا تشير المصادر إلي أشكال محددة لذلك.
ومن أشكال تطور الفنون كان الفخار يرسم علي سطحه الخارجي تموجات ، بجانب ذلك وجدت جرار عميقة مخروطية الشكل حمراء اللون لها مقابض متموجة، أما الفخار المميز لهذه الحضارة فهو الخزف الجميل الذي يتسم برقة جدرانه وصقل باطنه الأسود، كما يمتاز بتزين سطحه بزخارف ورسوم داكنة اللون رسمت علي أرضية صفراء ( نجم الدين:31-32).
وبسبب الانخفاض في الفائض الزراعي ، لم تشهد حضارة المجموعة (أ) سلالات حاكمة ، ولكن ربما شهدت هذه الحضارة بذور الانقسام الطبقي الذي يفضي إلي ظهور الدولة والسلالات الحاكمة.
هذا إضافة لتطور ديانتهم الوثنية التي كان جوهرها الاعتقاد في الحياة بعد الموت ، كما يتضح من الأشياء التي كانت توضع في الجبانات مع الموتى، كما ارتبطت الديانات عندهم بآلهة الخصب التي يتجلي دورها في إحداث فيضان النيل ، وآلهة الشر .. وغير ذلك من ديانات الشعوب البدائية.
2- حضارة المجموعة (ج):
تنتشر مواقع هذه الحضارة في النوبة السفلي بين الشلال الأول والثاني وعاصرت نهاية الأسرة السادسة المصرية ، وعاصرتها في الفترة نفسها حضارة كرمة حول الشلال الثالث.
وقد لاحظ علماء الآثار كثيرا من أوجه الشبه بين حضارة المجموعة(ج) في مرحلتها الباكرة وبين حضارة المجموعة(أ)، من ذلك مثلا: الفخار ذو الحافة السوداء وشكل القبر وطريقة وضع الجثة. وتمتاز مقابرهم بمباني علوية من الحجر الرملي بنيت علي سطح الأرض فوق حفرة صغيرة مستديرة الشكل ، أما الأشياء التي تدفن مع الميت فتتكون من أواني من الفخار الأحمر ذي الفوهة السوداء وفخار أحمر فوهته محزوزة، وأطباق عليها حزوز بيضاء ، وقد وجدت مرايا من النحاس وعدد عظيم من قلائد الخرز وأساور من الحجر والعظم ( نجم الدين:33). كما أنهم كانوا دائما يقومون بدفن رؤوس المواشي والأغنام حول مقابرهم، ومن ذلك عرفنا أنهم كانوا يربون الأغنام والمواشي فقد وجدت عظام هذه الحيوانات في الأماكن السكنية القليلة التي وجدت، وأحيانا نجدهم يرسمون المواشي علي أوانيهم الفخارية، مما يشير إلي أثر الماشية والأغنام في حياتهم الدينية والاجتماعية والفنية.
لا تشير المصادر إلي وجود لغة سودانية محلية في فترة هذه الحضارة، ويبدو أن كل الحياة الاجتماعية والفنية لتلك الحضارة كان مركزها الماشية ( البقر) والاغنام، ويتضح ذلك من تطور الفنون والتشكيل من آثار رسم الأبقار علي علي الصخور وتشكيلها بالطين ورسمها علي أسطح آنيتهم الفخارية.
كما يبدو أن سكان تلك المجموعة وبحكم طبيعتهم الرعوية ومساكنها البسيطة مثل: الخيام والقطاطي ، أنهم استنبطوا شكل البناء الدائري من الحجر الرملي فوق القبر ، أي استنباط شكل فني لا تؤثر فيه الرياح أو عوامل التعرية مثل : الخيام والقطاطي، ولكن بناء غرفة من الطوب الأخضر مكان الحفرة في القبر وتشكيلهم للأبقار من الطين ، تجعلنا نتساءل : من أين لتلك المجموعة الرعوية هذه الأشكال المتطورة؟ ، إلا يدل ذلك أيضا أنه ربما تكون هناك مجموعة مستقرة عرفت الزراعة وبناء المساكن من الطوب الأخضر داخل هذه الحضارة التي توضح آثارها طابعها الرعوي، أي أنها مارست الزراعة والرعي معا ، ولكن الزراعة لم تلعب دورا أساسيا ، كما أشار بعض علماء الآثار.
ثالثا: حضارة كرمة:
نتيجة لتطور المجتمع الزراعي الرعوي والصناعة الحرفية الذي شهدنا بذوره في حضارة المجموعات قامت حضارة كرمة والتي كانت نتاجا لذلك التطور، وشهد ت حضارة كرمة عملية الانقسام الطبقي ، وظهرت فئات الملوك والكهنة والموظفين والتجار المرتبطة بجهاز الدولة ، ومن الجانب الآخر ظهرت فئات الحرفيين والمزارعين والرقيق. وظهرت المدن كما يتضح من آثار الكتلة الطينية الضخمة.
كما حدث تطور في العادات والطقوس الدينية لدفن الموتى ، فقد تم اكتشاف أكوام من التراب مستدير الشكل تحيط به قطع من الحجر ، وفي داخلها مبني أقيم في وسطه دهليز يمتد من الشرق إلي الغرب يبلغ عرضه حوالي مترين ، ومن هذا الدهليز تتفرع شمالا وجنوبا حتى محيط دائرة القبر عدة جدران متوازية تقطعها جدران أخري في نقط متعددة مرتبطة بعضها ببعض ، ومن ذلك تتكون في كل الجزء الشمالي والجنوبي عدة حجرات صغيرة تعرف عليها عالم الآثار رايزنر بأنها مقابر وصاحب القبر كان يرقد علي سرير من الخشب وقد دفن معه عدد من الرجال والنساء يبلغ عددهم أحيانا المائة( نجم الدين:35).
أشار عالم الآثار شارلس بونية إلي: أن الكهنة كانوا يمتلكون ثروة كبيرة وهذه الثروات مع نفوذهم الديني مكنت لهم في الأرض ووجد الكهنة وقت الفراغ الذي جعلهم يفكرون آو ربما كان لهم علم بالفلك وأسرار بعض الصناعات والهندسة ...الخ وكان لهم تنظيم إداري دقيق جعلهم يتمكنون من جمع الزكاة أو الهدايا من المواطنين ، كما توضح السلال والأختام والصناديق الخشبية ،كان من وظائف الكهنة مساعدة الفقراء والمحتاجين من الفوائض الاقتصادية والعينية التي كانت تصلهم ، وربما كان المعبد الكبير ضمن مخلفات آثار تلك الحضارة ، وبحكم وضعه الديني كان التجار والأغنياء يحفظون فيه ثرواتهم وبضائعهم النادر.
ويعتبر هذا من التطورات الجديدة في ديانات السودان القديم بعد قيام مملكة كرمة.
لم توضح لنا الآثار أن ملوك كرمة تبنوا لغة رسمية مكتوبة ، وبالتالي لم يتركوا وراءهم أي سجلات تساعدنا في معرفة أسمائهم أو حدود مملكتهم ونشاطاتهم وتعاليم أديانهم..الخ.
ويري آدامز أنه لو أتيحت الفرصة للملكة كرمة تنمو نموا طبيعيا لاستطاعت أن تشق طريقها وتبلغ مراتب حضارية أعلي ، بما في ذلك تدوين أعمال الملوك
( آدامز:216).
وبالتالي لا نعرف شيئا كثيرا عن تطور البنية الفكرية لمملكة كرمة ، ولكن نسمع عن ثقافة كرمة المتطورة التي نتجت عن التفاعل بينما هو محلي ووافد من مصر وتبادل الفنون ..الخ، وحاصل هذا التفاعل هو ما نتج عنه ثقافة كرمة المتطورة والمتميزة.
وجاء التدخل المصري في السودان في زمن الأسرة الثامنة عشر ليعجل بنهاية مملكة كرمة، فوقعت بلاد النوبة بين الشلالين الأول والرابع تحت الإحلال المصري الذي أستمر حتى نهاية المملكة المصرية القديمة وبداية الحديثة وغطي الفترة ( 1570 ق.م -1085ق.م)، بعدها خرج المصريون من السودان في نهاية الأسرة العشرين.
رابعا: فترة احتلال السودان في عهد الدولة المصرية الحديثة:
عندما طرد أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشره الهكسوس من مصر وتم له توحيدها تحت لوائه واستطاع أن يكون حكومة قوية ، وجه همه إلي بلاد النوبة وشرع ينفذ سياسة توسعية نحو السودان، ولا نعلم علي وجه التحديد إلي أي حد توغلت جيوشه داخل الأراضي السودانية ، ولكننا نعلم أن تحتمس الأول ثالث ملك في هذه الأسرة هو الذي وسَع نفوذ مصر الحقيقي بدرجة أوسع مما وصلت إليه مصر في عهد الدولة الوسطي، وقد وضع هذا الفرعون لوحة مشهورة في "تمبس" جنوب الشلال الثالث عنوانا علي انتصاره علي هذه البلاد.
هذا ونعلم من الآثار الموجودة في السودان ومصر أن إخضاع السودان التام قد حدث في عهد تحتمس الثالث عندما تم احتلال السودان حتى الشلال الرابع واستمر لمدة ستة قرون ( أو خمسة قرون).
في هذه الفترة تأثر السودانيون بدرجة كبيرة بالديانة المصرية وعبدوا آلهتها وتثقفوا بثقافتها، وتطورت المدن الكبيرة في مختلف أنحاء البلاد ، وتم تشييد المعابد الفخمة والتي لا تقل بعضها عن معابد مصر في أبهتها ورونقها كما توضح آثار تلك الفترة. كما اتسعت فئة الكهنة التي بدأت تظهر منذ حضارة كرمة، والتي تأثرت كثيرا بتعاليم الديانة المصرية.
المصادر والمراجع:
1- تاج السر عثمان: التاريخ الاجتماعي للسودان القديم (بحث غير منشور).
2- نجم الدين محمد شريف: السودان القديم وآثاره، دار جامعة الخرطوم للنشر، الطبعة الولي 1971م.
3- سامية بشير دفع الله: التعريف بتاريخ السودان القديم، مجلة الدراسات السودانية ، العدد (1)، المجلد (10)، ابريل 1990م.
4- آدمز: النوبة بوابة افريقيا (بالانجليزي)، لندن 1977م.
5- علي عثمان محمد صالح: الثقافة السودانية – الماضي والحاضر- في كتاب الثقافة السودانية، دراسات ومقالات ، الطبعة الأولي، فبراير 1990م.
6- مكي شبيكة: السودان عبر القرون، 1965م.
7- شارلس بونية: كرمة مملكة النوبة، دار الخرطوم للطباعة والنشر 1997م، ترجمة أحمد محمد علي حاكم، إشراف صلاح الدين محمد أحمد.
وللحديث بقية
----------------------------
بقلم / تاج السر عثمان
كاتب وصحفي سوداني وله عدة دراسات ومقالات منشورة في الصحف السودانية ، ومشارك في العديد من السمنارات وورش العمل .
تخرج في جامعة الخرطوم، ابريل 1978
باحث ومهتم بالتاريخ الاجتماعي للسودان وغيره


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.