مستشار/ أحمد عبده ماهر لست أدري كيف يقولون بلفظ [تفسير القرءان]؟أكان القرءان طلاسم تحتاج لتفسيراتهم، أم هم يكذبون الله القائل {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17...لقد كان يكفيهم كتاب يحوي الكلمة ومعناها لمن لا يجيدون اللغة العربية. بل لقد قالوا ما هو أكثر من ذلك، فقالوا بأن القرءان مجمل يحتاج لتفصيل وبيان، وقالوا عنه بأنه ناقص تكمله السنة النبوية، وما كل ذلك إلا لإبعاد الناس عن القرءان، بينما نحن نتناول هذه المصطلحات وكأنها نزلت من السماء بينما هي من حضيض الفكر البشري. والذين فسروا القرءان تجدهم وقد صالوا وجالوا في الخرافات دون ضابط حيث لا حسيب ولا رقيب طالما اطلقت لخيالك العنان. ولنتخذ لذلك مثلا وهو قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } سورة البقرة260. فتجد تفسيرا كتفسير الجلالين يحدد لك أنواع الطير التي أخذها نبي الله إبراهيم وكأنه كان مع إبراهيم وقتها....إن هؤلاء المفسرين ينقلون لنا أساطير الأولين فنتصور بأنهم علماء....بل يقول لك بأنه كان هناك نسرا من بين الطير التي أخذها نبي الله إبراهيم...ولست أعلم بأن رجلا أمسك بنسرا ونتف ريشه بينما النسر مستسلم. وراجع معي ما جاء بتفسير الجلالين: { قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مّنَ الطير فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } أملهن إليك وقطعهن واخلط لحمهن وريشهن { ثُمَّ اجعل على كُلّ جَبَلٍ } من جبال أرضك { مّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادعهن } إليك { يَأْتِينَكَ سَعْيًا } سريعاً { واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ } لا يعجزه شيء { حَكِيمٌ } في صنعه .. فأخذ طاووساً ونسراً وغراباً وديكاً وفعل بهن ما ذكر وأمسك رؤوسهن عنده ودعاهن فتطايرت الأجزاء إلى بعضها حتى تكاملت ثم أقبلت إلى رؤوسها . أما تفسير الطبري فكان له رأي آخر حيث ذكر: أنه رأى دابة قد تقسَّمتها السباعُ والطيرُ، فسأل ربه أن يريه كيفية إحيائه إياها، مع تفرق لحومها في بطون طير الهواء وسباع الأرض ليرى ذلك عيانًا، فيزداد يقينًا برؤيته ذلك عيانًا إلى علمه به خبرًا، فأراه الله ذلك مثلا بما أخبر أنه أمره به. وقال بأنه نقل ذلك عن قتادة وعن الحسن رضي الله عنهما..بل ونقل عن الضحاك بأن نبي الله إبراهيم وجد ملك الموت في داره ليريه كيف يحي الله الموتى ثم استطرد في خرافات عن رجل تخرج النار من رأسه ...وأمورا كهذه لا داع لذكرها حتى لا يصيبكم الضحك والملل معا. وذكر بن كثير في تفسيره وقوله: { قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } اختلف المفسرون في هذه الأربعة:....فروي عن ابن عباس أنه قال: هي الغرنوق، والطاوس، والديك، والحمامة. وعنه أيضًا: أنه أخذ وزًّا، ورألا -وهو فرخ النعام -وديكا، وطاووسًا. وقال مجاهد وعكرمة: كانت حمامة، وديكا، وطاووسًا، وغرابًا. وقال أيضا ابن كثير فدعاهن كما أمره الله عز وجل، فجعل ينظر إلى الريش يطير إلى الريش، والدم إلى الدم، واللحم إلى اللحم، والأجزاء من كل طائر يتصل بعضها إلى بعض، حتى قام كل طائر على حدته، وأتينه يمشين سعيا ليكون أبلغ له في الرؤية التي سألها. وجعل كل طائر يجيء ليأخذ رأسه الذي في يد إبراهيم، عليه السلام، فإذا قدم له غير رأسه يأباه، فإذا قدم إليه رأسه تركب مع بقية جثته بحول الله وقوته؛ ولهذا قال: { وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي: عزيز لا يغلبه شيء، ولا يمتنع منه شيء، وما شاء كان بلا ممانع لأنه العظيم القاهر لكل شيء، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره. فتصور يا عزيزي القارئ أن سيدنا إبراهيم كان يقدم رأس الطاووس للحمامة التي بدون رأس فترفضها الحمامة التي بغير رأس إلى أن يقدم لها نبي الله رأسها فتقبلها لتصير حمامة كاملة ونسر كامل وطاووس كامل وهكذا. من أين أتى هؤلاء القوم بتلك الخرافات، وهل هي جيفة حمار في بطون السباع والطير أم هي طيور ذبحها إبراهيم الخليل خصيصا، أم هو ملك الموت الذي أتى لإبراهيم في داره ليريه إحياء الموتى وموت الأحياء.....لكنها طقوس المفسرين الذي ينتقون كل غث وسمين ولا يبالون. فهؤلاء هم مفسريكم الذين توقرونهم وتكبرونهم ، وهؤلاء هم من تطلقون عليهم لقب [أهل العلم]. -------------------------- مستشار/ أحمد عبده ماهر محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي