د. أحمد عبد الهادى مات إبراهيم صديقنا الطيب .. كنا نحبه جميعا .. نحب فيه طيبته ... وتسامحه مع عبثنا المستمر ومقالبنا البريئة .. مات إبراهيم ولم نكن نصدق أنه فعلا مات .. مات إبراهيم مقتولا ولم يحاسب أحد الجانى رغم أنه كان معروفا للجميع ... لكن قتله لم يكن من النوع الذى يحاسب عليه القانون ... وصاح أحدنا محتجا : لابد من محاكمة قتلته مهما كانت المبررات وملابسات الحادث . وسخر البعض من الاقتراح قائلا : وكيف نحاكم ثقافة مجتمع ؟ نحن نطالب بمحاكمة قتلة معروفين . ولكنه ضحية مجموعة من الدراويش الذين سيطروا على كل شىء فى المجتمع وأخذوا يحددون قيمة وثقافته وعلومه وعقله . وكان إبراهيم من الذين انساقوا خلفهم.. وصدقهم بسذاجته وعبطه فحدث ماحدث . إذن علينا أن نضع كل هؤلاء الدراويش فى قفص الاتهام لمحاكمتهم جميعا . وقبلها علينا أن نحاكم كل المسؤولين الذين سمحوا لمثل هؤلاء بالعمل فى وضح النهار دون رادع وفى مقدمتهم وزارة الأوقاف وأساتذة الأزهر.. ووزارة الثقافة التى تنشر بأموال الشعب أفكارهم التى تجد لدى عقليات المواطن البسيط الكثير من ردود الأفعال القوية.. ونحاكم كل الصحفيين الذين يروجون لهم نبدأ بمحاكمة كل الجهات الرقابية التى تسمح بهذه الهرطقات الغريب أن الحكومة التى واجهت كل الإرهابيين وكل تجار الدين لم تحاول من قبل مواجهة هؤلاء الدراويش.. أحاديث تطايرت من الأفواه التى تمتلكها أجساد فتيه... وقلوب خضراء لم تلوثها خطايا المعرفة بعد ... بكينا لحظتها كثيرا ... ولم نكن ندرك لحظتها من نبكيه ؟ إبراهيم صديقنا الطيب ... أم نبكى جراء صدمتنا التى تلقيناها من ثقافة مجتمع آمنا به بقوة ؟ أم نبكى صدمة تلقيناها فى مجتمع حلمنا بتطويره ذات يوم والوصول به للجنة الموعودة ؟ أم نبكى واقعا مريرا فجعنا به وفجع سنواتنا الخضراء ؟ أم نبكى جراء إغتيال هؤلاء الدراويش لواحد منا ؟ قال بعض المواطنون إن هؤلاء الدراويش تابعين للطريقة الرفاعية.. كانوا يتغنون دوما فى الموالد والأعياد والمناسبات الرسمية باسم أحمد الرفاعى وهم يحملون بعض السيوف وينشدون : لحمى السلاح ... يارفاعى وكنا نهرول خلفهم ونحن صغارا لانزل ... وكانوا يجندون بعض شباب القرية الأقوياء ويجعلونهم يحملون الأسلحة القديمة التى هى عبارة عن سيوف.. قالوا إنها السيوف التى حارب بها أحمد الرفاعى ويربطون فوق رؤسهم شارات خضراء منقوش عليها اسم الطريقة الرفاعية.. واسم خليفتها.. ويحمل بعضهم ثعابين ويتفنون فى لفها حول أعناقهم وأجسادهم.. ويضعون أفواه الأفاعى فى أفواههم ... وكان البعض الآخر يضع أٍسياخ الحديد فى بطنه وصدره لتخرج من الناحية الأخرى من أجسادهم .. وكان الجميع يشعر بهلع جراء مايحدث.. وكان هؤلاء يؤكدون للجميع أن الثعابين تخاف من الرفاعية ولاتؤذيهم .. ويكفى أن يرى الواحد فيهم أى ثعبان ويقول له " قيد يارفاعى " ... حتى يصاب الثعبان بالشلل التام ولايستطيع الحركة بعدها.. كما أنه لايستطيع أن يؤذى أى شخص رفاعى ... ثم يعقدون حلقات الذكر والإنشاد الدينى وهم يعلقون الثعابين وأسياخ الحديد فوق الأجساد ... والأموال تنهال على خليفتهم وأعضائها ... وقد أعجبت صديقنا إبراهيم ذات يوم حكاية " قيد يارفاعى " تلك .. قالوا له ماعليك إلا أن تقرأ ورد الرفاعية مساء ... فقط ورد واحد يقرأه.. وورد المساء يتم تلاوته نهاية اليوم ... وتنصاع لأوامر الخليفة.. وتقدره حق قدره .. تقبل اليد عندما تراه وتتحول إلى جثة هامدة بين يديه .. وسوف يجعلك قطب الأقطاب سيدى أحمد الرفاعى قادر على تقييد الثعابين بمجرد قولك صائحا عند رؤيتها : قيد يارفاعى ... هكذا قال لنا إبراهيم وهو يسير نحو حلقات الذكر التى يعقدها الرفاعية كل يوم أثناء المولد الذى يقام بإحدى القرى المجاورة ... وفى نهاية المولد مسح الخليفة على رأس إبراهيم وأخذ عليه العهد ... وعاهده إبراهيم على الطاعة ونشر مبادئ الرفاعية ... والمبادئ ليست صعبة.. بل جذب أكبر عدد من الأعضاء إلى الطريقة وبالذات الشباب... وكلما أخذ عضوا جديد للخليفة زادت مكانته عنده.. وطالما زادت مكانته عند الخليفة فإنه سينجح فى تقييد عدد أكبر من الثعابين .. وأخيرا بشره الخليفة بوصوله لليقين ... الآن يستطيع التحكم فى الثعابين كما يريد.. وأصبحت الثعابين تخشاه ولاتستطيع أن تؤذيه.. وسأل إبراهيم عن موعد بلوغه المرتبة العليا فى الطريقه وهى مرتبه غرس السهام فى صدره وفى وجهه دون أن تؤذيه هى الأخرى ودون قطرة دم واحدة.. فقال له الخليفة : إنها مرحلة متقدمة لم يحن وقتها بعد.. وعليه أن يجتهد من أجل بلوغها .. وصدق إبراهيم الحكاية كلها.. وجاء إلينا يزف البشرى منطلقا فى حقول القرية بحثا عن الثعابين ليختبر قوته وقدرته وموقف الثعابين منه.. ونهرناه من الانسياق خلف أفكاره وخزعبلات الرفاعية .. وتصورنا أنه يقضى وقته فى التسلية واللعب مع الرفاعية فحسب.. إلى أن غاب عنا فترة .. وعندما سألنا عنه اكتشفنا أنه بالمستشفى وتوجهنا بسرعة لزيارته .. وهالنا تضخم وجهه وتورمه.. قالت لنا أمه أنه كان يمسك بثعبان وقربه من وجهه متصورا أن الثعبان لن يؤذيه كما زعم له خليفة الرفاعية فلدغة الثعبان بمجرد أن اقترب منه .. ولم يقل لعائلته على الحكاية إلا بعدها بساعات كان السم سرى فى وجهه وجسده كله خلالها .. و... مات إبراهيم مسموما جراء سموم عديدة ... سم الأفعى التى قربها من وجهه.. وسم آخر أشد فتكا منه ومنّا ومن المجتمع كله .. ورغم كل ماحدث فى قريتنا ولصديقنا الطيب إبراهيم إلا أن دراويش الرفاعية عادوا من جديد.. عادوا ينشدون ويبتهلون ويتوسلون .. كأن شيئا لم يحدث .. وكأن إبراهيم لم يمت .. ولم يضع منا جميعا فى لمح البصر .. المصيبة أن أباه وأمه لم يصدقونا .. وصدقا كلام خليفة أحمد الرفاعى بالمنطقة .. حيث أكد لهما أنه قضاءه وقدره خاصة بعد أن كانت التكاليف شديدة عليه .. ولم يكن قد أتقنها بعد.. وبشرهما الخليفة بأن الله سوف يرسل لهم رزقا من السماء وعليهما أن يطلقا عليه اسم "الرفاعى" ... ووعداه الأم والأب بذلك ... وتهللا فرحان لأن الخليفة أكد لهما أنه سيكون العوض وسيكون سيد قومة .. وصدق أبواه ماقيل لهما مثلما يصدقها ملايين المصريين دون أن يناقش أحد ماحدث ؟ لماذا حدث ؟ وكيف حدث ؟ وفى قلب منطقة القلعة يقام للرفاعى مولد كل عام حول مسجده المقام باسمه .. على الرغم من أن لا يوجد به رفاته إلا أن الرفاعية يحتفون به احتفاءا عظيما.. أما الإذاعة والتلفزيون فإنهما يقومان وبشكل دائم بنقل شعائر صلاة الجمعة وبعض الخطب والاحتفالات الدينية من هذا المسجد.. ودائما يردد مقدمو البرامج وتكتب على شاشة التلفزيون أن شعائر الصلاة منقوله من مسجد "سيدى أحمد الرفاعى".. وحتى لحظة كتابة هذه السطور يجوب الرفاعية منازل المواطنين فى أقاليم مصر المحروسة ليبحثوا عن الثعابين الموجودة فى منازلهم ويخرجونها منها مقابل ثلاثة جنيهات فقط للثعبان الواحد .. والثعابين تخرج واحدا إثر الآخر.. ويتناولها أصحاب الطريقة الرفاعية فى خفة وبراعة ودربة .. ***** بقى أن أقول أننى اتفقت مع بعض الأصدقاء على فضح ممارسات بعض النصابين ممن يقتات باسم الرفاعية.. وكانت مغامرة صحفية قمت بتصويرها ونشرتها فى إحدى الصحف العربية المعروفة وقتها.. وانتهزنا فرصة المولد النبوى الذى يجوب فيه أصحاب الطرق الصوفية فى قرى مصر ونجوعها ومنهم الطريقة الرفاعية.. وعندما بدأوا فى توزيع نفحاتهم الإيمانية على أهالى القرية لتنظيف منازلهم من الثعابين مثلما يحدث كل عام وبدأوا فى اقتحام المنازل وإخراج الثعابين واحد إثر الآخر اتفقنا مع أحدهم لإخراج الثعابين من منزل العائلة... وقال الرجل المبروك : الثعبان الأسمر سيتم إخراجه بثلاثة جنيهات.. أما الثعبان الأخضر فخمسة جنيهات . وعندما أظهرت ضيقى ورفضى للمبلغ قال المبروك مبتسما : يابيه الفلوس دى بتروح لفقراء سيدى الرفاعى .. وطبعا طالما أن الفلوس بتروح لفقراء سيدنا الرفاعى فلا يمكننى بالطبع أن اعترض.. ودخل الرجل المنزل.. وبحث وتجوّل فيه بحريته بمفرده حسبما أمرنا لأنه يقرأ التعاويذ والأوراد الرفاعية التى تجعل الثعابين تنصاع له وتخرج من جحورها مضطرة ووجود أى شخص بجواره يفسد الأوراد.. وطبعا لازم أصدق المبروك لأنه صادق ولأنه مبروك .. والمبروك يدخل المنزل ثم يعود مهللا وسط صيحات تعلوا من الموجودين معه وحوله لأنه أخضع الثعابين ببركات وأوراد سيدنا الرفاعى.. ويضع المبروك الثعبان الأول الذى هو أخضر فى الغالب فى الجوال وهو يقول صائحا : الله واحد ... ثم يدخل المنزل من جديد ويعود ومعه الثعبان الثانى الذى يضعه فى جواله صائحا : مالوش ثانى ... ثم ثعبان ... وثعبان ... إلى أن وصل لسبعة ثعابين ... وجاء وقت الحساب .. ثلاثة ثعابين سوداء .. وأربعة خضراء ... يبقى الحساب.. وقبل أن يحسبها المبروك قلت له : يامولانا مش هنختلف.. بس الأول اعطينى الثعابين عشان أموتها بمعرفتى ... فصاح المبروك محتدا : دى مش من ضمن الاتفاق والله يامولانا كل واحد حر فى ثعابينه ودى طالعه من بيت العيلة يبقى دى بتاعتنا واحنا عايزينها.. يمكن يهفنا الهوى ونربيها فى قفص .. صرخ الرجل والهلع يطل من العين المتنمرة : لكن دى بتاعة الرفاعى لا دى بتاعتنا يانصاب ياحرامى منك له ... وكانت هذه الكلمات بمثابة كلمة السر التى انهال أصدقائى على المبروك ومن معه بعدها مباشرة.. والحكاية كلها تتلخص فى أن المبروك ومن على شاكلته يحضرون للأهالى ومعهم مجموعة من الثعابين غير السامة أو مخلوعة الأسنان والمدربه بشكل جيد لهذا الغرض.. وأسفل ملابسهم يدخلون بها المنزل تلو المنزل... ويخرجون بها واحد تلو الآخر .. ويقبضون الثمن .. ونادينا بعض الجيران الذين أخرجوا الثعابين من منازلهم ليؤكدوا أن الثعابين التى خرجت من منزلنا هى نفس وعدد الثعابين التى خرجت من عندهم .. وقبل أن يستكمل الجميع العلقة الساخنة قلت لهم : انتظرونا بس عشان اتأكد من حاجة . ثم امتدت يدى إلى جيب أحدهم لأخرج ورقة نقدية من فئة الخمسين جنيه كنت قد وضعتها على مكتبى داخل غرفتى.. والتى وضعتها طعما للمبروك وتركتها ظاهرة للعيان.. وسيادته بلع الطعم وسرقها متصورا أنه لايراه أحد .. و .... خرج الرفاعية ... خرجوا بعد أن نالوا علقة ساخنة ... ********** أما أحمد الرفاعى فهو أحد من أربعة أشخاص أطلق عليهم فى عالم الصوفية الأقطاب الأربعة.. وهؤلاء ثبتوا جذور مملكة الدراويش فى شتى أنحاء العالم الإسلامى بأثره.. وكان لهم تأثير كبير فى عالم التصوف خاصة فى مصر.. وقد نجح الصوفية فى الترويج لهؤلاء بشكل غير عادى.. ونجح المنفعجية والأرزقية فى استغلال واستثمار وضع هؤلاء الأقطاب الأربعة فى عالم الدراويش لتحقيق مصالح خاصة.. وكلما زادوا وعادوا ووسعوا من خوارقهم إنهالت النقود بين أيديهم.. وقد زعم الصوفية أنه قد حدث نزاع بين الأقطاب الأربعة وخلاف تقسيم العالم فيما بينهم.. حيث سعى كل منهم لكى يستحوذ على أكبر منطقة لكى يرعاها بنفسه.. ويرعى شئون الناس فيها.. ويحقق لهم ما يريدون ويستجيب لدعوة الداعى إذا دعاه.. ولم يحسموا الخلاف بينهم لولا تدخل الله سبحانه وتعالى بينهم.. وقام بتقسيم العالم فيما بينهم.. ومن يومها وكل قطب يرعى ويتولى شئون منطقة بعينها من الأرض.. وهذه المزاعم تحاول تشبيه الأقطاب الأربعة بالله سبحانه وتعالى.. وتحاول أن تصل بالعقل البسيط إلى مرحلة الانصياع الكامل لهم ولاتباعهم وخلفاؤهم وهو ما رأيناه فى الكثير من آثار مريدى هؤلاء الأقطاب.. أما هؤلاء الأقطاب فهم: 1 أحمد الرفاعى : ويطلق على أتباعه اسم الرفاعية 2 السيد البدوى : ويطلق على أتباعه اسم الأحمدية 3 وإبراهيم الدسوقى : ويطلق على أتباعه اسم الإبراهيمية 4 وعبدالقادر الجيلانى : ويطلق على أتباعه إسم القادرية ومن كل طريقة صوفية تفرعت عشرات الطرق.. وأصبح لكل طريقة صوفية شيخها وخليقتها.. ولكل منهم أوراد معينة وطقوس تختلف عن الطقوس المتعلقة بكل طريقة أخرى.. والرفاعى ولد عام 1109 ميلادية.. واسمه الحقيقى أحمد بن أبى الحسين الرفاعى وينسب إلى بنى رفاعة وهى قبيلة من العرب.. وسكن أم عبيدة بأرض البطائح والتى تقع بين البصرة وواسط بالعراق . وعاش الرفاعى طفولة بائسة.. حيث توفى أبوه فى طفولته فكفله خاله منصور البطائحى الذى كان شيخا لطريقة صوفية عرفت باسم الرفاعية.. وقد أرسله خاله إلى واسط للدرس على فقهائها من الشافعية وبدوره تأثر بالجو المحيط به حيث انصرف الرفاعى إلى التصوف.. وقد استقر فى أم عبيدة حتى مات بها.. وقد خلف خاله فى مشيخة الطريقة.. وقد اشتهر أمره وكثر مريدوه وتزايد عددهم بشكل ملحوظ.. واشتهر الرفاعى بالزهد والورع والتقوى.. فقد كان شديد الزهد يعيش حياة الفاقة والفقر.. وكان صبورا وواسع الحلم.. يتحمل الأذى من الناس دون أى تذمر يذكر. وكان عطوفا على الناس من حوله شديد العطف على الحيوانات وكان يرفض قتل الحشرات مهما كانت ضراوتها وقسوتها وكان يرفض أن يهش أى بعوضة تسقط على وجهه أو على جسده وكان يخدم العميان والمجذومين وكافة المصابين بالأمراض المعدية.. ولذلك فقد ارتبط إسم الرفاعية برياضة الحيوانات المفترسة والحشرات المؤذية.. وخاصة الثعابين.. كما ارتبط اسمهم بأعمال خارقة للطبيعة مثل أكل الزجاج والنيران.. وهى أعمال لم تنسب للرفاعى إلا بعد موته بامد طويل. وقد ابتدع الدراويش وكافة الصوفيين هذه الحيل لجذب المزيد من المريدين لهم.. سعيا لنشر نفوذهم وسلطاتهم على عقليات الشعب المصرى من أجل الحصول على الكثير من العطايا المالية والأدبية والنفوذ الدينى.. وقد شاع عنه الكثير من الخوارق التى يرفضها أى عقل أو منطق منها أنه إذا تحدث وهو جالس فى مكانه يسمع صوته أهل القرى المجاورة وكأنه يحادثهم.كما شاعوا عنه أنه روض كافة الحيوانات المفترسة وحولها إلى حيوانات أليفة فى عهده.. وأكدت كل الكتب والدراسات والمؤلفات القديمة ان الرفاعى لم يغادر أساسا العراق إلى مصر.. وظل فى أم عبيدة حتى توفى بها عام 1175 ميلادية.. وعرف عن الرفاعى انه شافعى المذهب وما تصدر قط فى مجلس ولا جلس على سجادة تواضعا.. وكان لا يتكلم إلا يسيرا ويقول أمرت بالسكوت.ويوم وفاته كان يوما مشهودا.. وكانت الشهادات آخر ما نطق به وقد دفن فى قبر الشيخ يحي البخارى.. وقد عرف عن الرفاعى اهتمامه بتربية المريدين بالبطائح وتخرج بصحبته جماعة كثيرة وتتلمذ على يديه خلائق لا يحصون . ورثاه المشايخ والعلماء. وقال عنه بعض مريديه إنه : واحد ممن قهر أحواله وملك أسراره. ولم يترك الرفاعى خلفه أى آثار تذكر.. اللهم إلا بعض الوصايا والأوراد والمأثورات التى أشك فى أن يكون هو الذى وضعها وإنما بعض مريديه.. وقد سئل الرفاعى عن وصف الرجل المتمكن فقال: هو الذى لو نصب له سنان على أعلى شاهق جبل فى الأرض وهبت الرياح الثمان ما غيرته. وكانت أفكاره تؤكد على أهمية الزهد فى حياة الصوفية والمتصوفين حيث قال: الزهد أساس الأحوال المرضية والمراتب وهو أول قدم القاصدين إلى الله.. وقد وصلنا عنه بعض الآراء المتعلقة بالفقر والفقراء حيث قال: الفقراء أشراف لأن الفقر لباس المرسلين وجلباب الصالحين وتاج المتقين وغنيمة العارفين . وكثيرا ما حذّر الرفاعى من الاقتراب من المناطق الدينية المحظورة ومن أقواله فى هذا الشأن: لو تكلم الرجل فى الذات والصفات.. كان سكوته أفضل ومن أقوال الرفاعى المحيرة حقا والتى لا يتفق بعضها مع قيم وتعاليم الإسلام. أكره للفقراء دخول الحمام وأحب لجميع أصحابى الجوع والعرى والفقر والذل والمسكنة وأفرح لهم إذا نزل بهم ذلك ..