دمعة أولى: يا للصداع المؤلم ذلك الذى يحتل رأسه المتعب.. تبتلع المدينة الكبيرة خطواته الحائرة.. يتوه فيها.. يغرق الجسد المنهك فى بحر يلفه من العرق.. الشوارع طويلة لا تنتهى إلا لتبدأ.. آلاف السيارات.. آلاف الوجوه الحائرة.. آلاف الخطوات المشتتة.. رأسه مثقل بالهموم.. إلى بيته يعود ولديه إحساس باليتم والحزن والوحدة.. تصدمه العتمة والفوضى داخل نفسه.. يتألم ويسأل فضاء مترامى الأطراف هامسا فى وجع: يا الله.. لماذا تتجسد بشاعة زمننا فينا؟..... عندما لا يجد إجابة كعادته يلقى بالجسد المنهك على أقرب مقعد.. و..... يبكى وحيدا كالطفل. دمعة ثانية: بلا هوية تخترق الحوارى والشوارع قاصدا مكانا تعرفه جيدا وتهرب إليه فى مثل تلك اللحظات حريصا على أن لا يراك أحد.. أطفال.. وفقراء.. ومريدون يحيطون بك من كل جانب.. تشعر بأنك جزء منهم ومن زمنهم المفقود.. يطالعك مسجد الحسين.. تدخله.. بجوار الضريح المعطر ورائحة البخور تلقى بنفسك مجهدا.. تنسى منصبك.. تنسى شهرتك.. تنسى الأضواء.. تنسى كل شئ حولك.. ثم تنفجر باكيا. دمعة ثالثة: يا قلبى الذى أتعبنى وأجهدنى دوما بالانتظار.. كف عن إيلامى.. فقد أرهقتنى يا صديقى بتحديق النظر فى قادم.. أبدا.. أبدا لن يأتى.. دمعة أخيرة: وحيدا رغم الزحام والناس.. وحيدا رغم الأصدقاء.. وحيدا رغم حياتك المليئة دوما بالصخب والجنون والفوضى.. وحيدا رغم تهورك وحصارك المستمر بآلاف الناس.. وحيدا رغم مشاعرك الدفينة.. وحيدا رغم شهرتك.. ومنصبك.. وضحكاتك.. وصرخاتك.. وعنفوانك.. وقسوتك.. وحيدا فى حياتك.. وحيدا فى يأسك وفى حزنك.. حتى وأنت تواجه نهايتك.. تموت يا صديقى.. أيضا وحيدا. جريدة شباب مصر العدد 18 1/8/2006م