بعد تعيين نواب «الشيوخ».. «مستقبل وطن» يستحوذ على 39% من مقاعد المجلس و24 % ل «حماة الوطن»    النقل: تركيب الكمرات لمسار مترو الإسكندرية بين محطتي طوسون وغبريال    نائب محافظ الجيزة يتفقد مشروعات الرصف بمنشأة القناطر ويشدد على الالتزام بمعايير الجودة    وفد باكستاني رفيع بقيادة شهباز شريف يشارك في قمة شرم الشيخ حول غزة    إصابة 5 أشخاص فى تحطم مروحية على شاطئ مدينة هنتنجتون بكاليفورنيا.. فيديو    قوات باكستانية تدمر مواقع لطالبان الأفغانية وتسيطر على 19 موقعا حدوديا    المغرب تستضيف الملحق الإفريقي في تصفيات لكأس العالم    محمد المنياوي يتوج بذهبية بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    تحديد بديل ليفاندوفسكي في برشلونة    اجتماع تنسيقي بتموين الفيوم لمتابعة أعمال الإدارات وتعزيز الرقابة على الأسواق    السجن المؤبد ل«قاتل طفل مغاغة» في محافظة المنيا    تأجيل محاكمة صيدلي متهم بقتل والدته ب الشرقية لجلسة الخميس المقبل    بينهم محمد عبد العزيز وخالد النبوي وهيام عباس.. 5 تكريمات بالدورة ال46 لمهرجان القاهرة السينمائي    أجندة قصور الثقافة.. انطلاق مهرجان أسوان "تعامد الشمس" وعروض شباب المخرجين    هل تُخرج الزكاة عن الذهب المُشترى للزينة والادخار معًا؟.. أمينة الفتوى تجيب    محافظ الدقهلية يتفقد المستشفى الدولى بالمنصورة ويوحه بسرعة تسكين الحالات الحرجة    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد بدء أعمال الجلسة العلنية لاختيار الأطباء المقيمين بكلية الطب البشري    مصر تدين الهجوم على مركز لإيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية    27 مدينة أسترالية تنتفض تضامنا مع فلسطين: اوقفوا تمويل الإبادة    على الصعيد المهنى والعاطفى.. حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأحد 12 أكتوبر    مي فاروق: أغنية «باركوا» علامة في كل الأفراح.. ومشاركة زوجي في ألبوم «تاريخي» صدفة    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    "الخارجية" تستقبل خالد العناني بأول زيارة منذ انتخابه مديرًا عامًا لليونسكو    منذ الألفية الثانية قبل الميلاد.. إفلاطون بنار بتركيا يتحدى الجفاف    جاكبو يقود تشكيل منتخب هولندا ضد فنلندا في تصفيات كأس العالم 2026    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    تأجيل محاكمة 312 متهم بالإنضمام ل " جبهة النصرة " وولاية سيناء التابعة لتنظيم داعش الإرهابي    محافظ المنوفية يدشن فعاليات مبادرة الكشف عن فيروس سي والأنيميا والسمنة بمدرستين في شبين الكوم    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم سيارة ربع نقل بالرصيف في الدقهلية    قافلة دعوية برعاية «أوقاف مطروح» تجوب مدارس الحمام لتعزيز الانتماء ومحاربة التنمر والتعصب    ما حكم زيارة مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين؟ الإفتاء تفسر    رئيس جامعة بنها ووكيل الأزهر يفتتحان ندوة "الإيمان أولا"    بعد قرار الرئيس، هل يختلف نائب الشيوخ المنتخب عن المعين؟    «يونيفيل» تعلن إصابة أحد عناصرها بقنبلة إسرائيلية في جنوب لبنان    وزير الدفاع يشهد تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية (صور)    "إي آند مصر" تطلق مبادرة "صحة مدارسنا"    سويلم يلتقى نائب وزير البيئة والزراعة السعودى ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    رام الله: مستوطنون يقتحمون خربة سمرة بالأغوار الشمالية    هانى العتال عن تعيينه فى مجلس الشيوخ: شرف كبير أنال ثقة الرئيس السيسي    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع حي شرق المنصورة وقرار عاجل بشأن النظافة والإشغالات    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    أسعار طبق البيض اليوم 12-10-2025 في قنا    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    الرئيس السيسى يتابع مع شركة أباتشى الموقف الاستكشافى للمناطق الجديدة    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    ترشيح هذه الفنانة للوقوف أمام محمد فراج في أب ولكن    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصدقية الأميركية في الحضيض الفلسطيني
نشر في شباب مصر يوم 04 - 09 - 2011

في انحطاط جديد وصل الى الحضيض لصدقيتها في أوساط الشعب الفلسطيني، تبدو الولايات المتحدة الأميركية اليوم في مواجهة مع المفاوض الفلسطيني لا تقل حدة عن مواجهتها الطويلة مع المقاومة الوطنية، لكنها ومفاوض منظمة التحرير الفلسطينية على حد سواء يبدوان في الظاهر حريصين على استمرار العلاقات الثنائية دون تغيير. وربما تكون هذه هي "التبادلية" الوحيدة المتفق عليها في العلاقات الثنائية.
غير أن عدم الثقة الفلسطينية في الصدقية الأميركية، في اطار الحملة الأميركية الجارية على قدم وساق ضد مسعى المنظمة لدى الأمم المتحدة، لا يستبعد ان تكرر واشنطن مع الرئيس الحالي محمود عباس "تغيير النظام" الذي نفذته ضد سلفه الراحل ياسر عرفات.
فواشنطن لم تعد تعبأ حتى باظهار الحد الأدنى من الاحترام لمشاعر الشعب الفلسطيني وهي تلقي بوزنها الكامل اليوم ضد الحد الأدنى لطموحاته الوطنية في تقرير المصير والتحرر والاستقلال بينما تنحاز دون اي تحفظ الى دولة الاحتلال الاسرائيلي، لتكون اسرائيلية أكثر من الاسرائيليين في معارضتها لاعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، في اجماع قومي اميركي لا شواذ فيه يشمل الحزبين الديموقراطي الحاكم والجمهوري المعارض، والسلطات الأربعة التنفيذية والتشريعية والقضائية والاعلامية.
فرأس السلطة التنفيذية باراك أوباما يجزم بأن الأمم المتحدة "لن تكون قادرة" على "توليد" دولة فلسطينية أعرب في أيلول / سبتمبر الماضي من فوق منبرها عن أمله في رؤية دولة كهذه تحتل مقعدها فيها. وفي أسفل السلم الاداري في حكومته يبلغ القنصل العام الأميركي في القدس المحتلة، دانييل روبنشطاين، مفاوض منظمة التحرير بأن بلاده سوف تستخدم حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد أي مشروع قرار يعترف بدولة فلسطينية ويمنحها عضوية الأمم المتحدة. ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تتعاون مع دولة الاحتلال الاسرائيلي في حملة دبلوماسية دولية لاحباط المسعى الفلسطيني بالضغط خصوصا على حوالي عشرين دولة صغيرة في العالم لا يزيد عدد سكان بعضها على عدد سكان مدن فلسطينية وبمحاولة شراء أصواتها في الأمم المتحدة.
والمشرعون الأميركيون في الكونغرس يهددون بقطع المعونات الأميركية عن سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني عقابا. ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، "الجمهورية" اليانا روس-ليهتينن، تتقدم بمشروع قانون للكونغرس بقطع المساهمة المالية الأميركية عن أي وكالة تابعة للأمم المتحدة، ومنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، تتعامل مع "دولة فلسطينية" بينما يبلغ رئيس الأقلية "الديموقراطية" في مجلس النواب، ستيني هوير، رئيس دولة الاحتلال شمعون بيريز بأن الفلسطينيين سوف "يرتكبون خطأ بطلب اعتراف من الأمم المتحدة دون مفاوضات" ويؤكد له عدم وجود أي اختلاف بين الحزبين "بشأن اسرائيل".
ولم تتأخر السلطة القضائية في الدلو بدولها، ففي منتصف الشهر الماضي نقضت محكمة الاستئناف الفدرالية في واشنطن العاصمة حكم محكمة أدنى برفض مقاضاة السلطة الفلسطينية بموجب قانون مكافحة الارهاب الأميركي لسنة 1991 في دعوى مرفوعة ضدها بتهمة مقتل المتعاقد الأمني الأميركي مارك بارسونز في غزة عام 2003.
وفي هذه الأثناء تستمر "السلطة الرابعة" في الاعلام الأميركي في تكرار التحذير من "النتائج العكسية" لاستجابة الأمم المتحدة للطلب الفلسطيني.
لقد نفت القنصلية الأميركية في القدس المحتلة ان تكون واشنطن هددت منظمة التحرير ب"اجراءات عقابية"، تماما مثلما نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور ان يكون أوباما وهيلاري كلينتون قد هددا محمود عباس ب"قائمة من العقوبات" – حسب عباس - في مكالمتهما الهاتفية معه في السابع عشر من شباط / فبراير الماضي، قبل ساعات من "الفيتو" الذي استخدمته الولايات المتحدة في اليوم التالي ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي مصاغ بعبارات مأخوذة من البيانات الرسمية الأميركية بشأن الاستيطان الاستعماري في الضفة الغربية المحتلة.
حقا تفوقت إدارة أوباما على كل الادارات الأميركية السابقة في عدم احترام وعودها وتعهداتها المعلنة لمنظمة التحرير وفي التراجع عنها. وكما قال عباس أواخر نيسان / أبريل الماضي، فانه "صعد الشجرة" مع أوباما "ثلاث مرات" (بشان الاستيطان والدولة واستئناف المفاوضات) لينزل الثاني عنها بسلم ويسحب السلم ويطلب من عباس أن "يقفز" حتى لو دقت عنقه. وفي المناسبة ذاتها قال عباس إنه "اكتشف" في نهاية المطاف ان المبعوث الرئاسي الأميركي المستقيل جورج ميتشل لم يكن ينقل "أفكاره" التي كان يطلب منه نقلها الى الجانب الآخر، ليتبين أن ميتشل لم يكن أكثر احتراما لوعوده من رئيسه.
لقد كانت الصدقية الأميركية ساقطة منذ مدة طويلة في الأوساط الشعبية الفلسطينية، لكن استفحال سقوطها في عهد أوباما يكاد يسقط رهانا لمنظمة التحرير على الولايات المتحدة أثبت فشله بثمن باهظ على القضية الفلسطينية والوحدة الوطنية. فعباس الذي أعلن غداة تسلم بنيامين نتنياهو السلطة عام 2009 بأن "الانتظار" هو استراتيجيته مستقويا برهانه الأميركي يجد نفسه اليوم بعد أن انقشع الوهم الأميركي انه لم يعد يستطيع انتظار "غودو" الأميركي الذي لن يأتي والذي "يحمل عصا، دون أي جزرة" كما قال مؤخرا.
لكن المفارقة المستهجنة أن عباس الذي اعتبر المعارضة الأميركية لمسعاه في الأمم المتحدة "غير منطقية" ولا تنسجم مع وعود ادارة أوباما وتعهداتها لا يستخلص النتائج المنطقية المنسجمة مع هذه المقدمات، فهو يستقل طائرة الايرباص المعارة من الامارات العربية المتحدة متجها لالقاء خطابه في الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري وهو يرى بأن المعارضة الأميركية لا ينبغي أن تمنع الحوار مع الولايات المتحدة، ولا ان تؤثر في علاقاته معها، وهو لا يريد مقاطعتها، ويتعهد بمواصلة العمل والتعاون معها، ولن يدخل في مواجهة معها حتى وهي تفرض المواجهة عليه.
ان "الآمال" التي ما زالت القيادة المفاوضة للمنظمة تعرب عنها في أن "لا يقاطعهم" الأميركيون بدورهم في المقابل، انما تذكر بالوثائق الأميركية التي نشرها موقع ويكيليكس والتي تؤكد بأن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على الاحتفاظ بالقيادة الفلسطينية الحالية دون تغيير كممثلة لشعبها وحريصة حتى على "رؤية الوجوه نفسها" دون تغيير، كما قال مساعد وزيرة الخارجية السابقة ديفيد ويلش في تشرين الثاني / نوفمبر عام 2008.
وفي سنة 2009 قالت وزير الخارجية كلينتون تعليقا على تصريحات لعباس أعلن فيها انه لن يرشح نفسه لانتخابات رئاسية جديدة بقولها: "عدم ترشيح أبو مازن لنفسه في الانتخابات ليس خيارا، ولا يوجد بديل له"، وفي الشهر الأخير من العام ذاته أبلغ القنصل العام الأميركي في القدس المحتلة واشنطن في برقية ان حركة "فتح" تظل هي البديل الوحيد في اي انتخابات فلسطينية جديدة، حسب تقرير للغارديان البريطانية استعرضت فيه هذه الوثائق في الرابع والعشرين من كانون الثاني / يناير الماضي.
لكن عدم الثقة الفلسطينية في الصدقية الأميركية لا يضمن أن يظل هذا هو الموقف الأميركي.
ومن المؤكد ان لا أحد من العرب والمسلمين يسعى باختياره الى مواجهة مع الولايات المتحدة تستعدي عليه القوة الأعظم عسكريا في العالم بل في التاريخ، وبخاصة الفلسطينيون منهم الذين بالكاد يحافظون على بقائهم في صراعهم على الوجود الذي يخوضونه منذ ما يزيد على قرن من الزمان مع الحركة الصهيونية العالمية ثم مع دولة الاحتلال الاسرائيلي المنبثقة عنها.
لكن القوة الاميركية الأعظم لا تترك للعرب والمسلمين، وأولهم الفلسطينيون، اي خيار سوى المواجهة معها، وبخاصة في فلسطين، حيث ترفض اي تغيير في المعادلة العسكرية والسياسية التي فرضتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على المنطقة ثم عززتها بعد انهيار نظام القطبين الدولي باحتلال العراق وأفغانستان بينما تحاول اليوم ترسيخها كأمر واقع الى أجل غير مسمى، بتصفية ما تبقى من أنظمة اقليمية تحرص على ان تكون مستقلة عنها اكثر من حرصها على ان تكون معارضة لها، في سورية اولا ثم في ايران لاحقا.
وهذه هي المعادلة التي أفرزت الوضع الراهن الذي يتواصل فيه احتلال الأرض الفلسطينية وتهويدها وتشريد اهلها والتوسع الاقليمي الديموغرافي والجغرافي لدولة الاحتلال ومستوطنيها، وهو توسع لا يقتصر على الأرض الفلسطينية بل يتجاوزها وراء حدودها المعروفة بين النهر وبين البحر، سواء بالاحتلال العسكري المباشر كما في هضبة الجولان العربية السورية أم بفرض المناطق العربية العازلة المنبثقة عن معاهدات "السلام" كما يتضح بصفة خاصة في شبه جزيرة سيناء العربية المصرية.
* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.