قال ابن القيم رحمه الله : طارد الخاطرة قبل ان تتحول الى فكرة وادفع الفكرة قبل ان تتحول إلى إرادة وادفع الإرادة قبل أن تتحول إلى عمل " . في هذه العبارة المدروسة والواعية للمبدأ النفسي والذهني .. وضع ابن القيم رحمه الله على عناصر داخلية معنوية .. وخفية بدبيب إصرارها بالذات البشرية وتركنا لنعيش بين لغز معنوي يتحول الى مادي مع مرور الزمن ... عناصر العبارة خاطرة ثم فكرة ثم إرادة تتجسد كلها في دورها المادي العمل ...كما نفترض أن جوارحنا تتحرك وفق ما يبثه القلب .. وكأنه يجعلنا نقرأ ما وراء السلوك الظاهري بل يمدنا بما ورائيات الذات البشرية ... التي قد توسوس في خاطره ما ومن كثرة تهافت الخاطرة تتحول الى وجود فكري وذهني فتبدأ دوافع العزيمة والنية ضاغطة وعاملة وفعالة ..تقاس بما يصدر عنها من سلوك مرئي ... فعل سبيل المثال ...تمر أمام المشاهد لقطة تتصوركخاطرة في الشريط الذهني ولو بلمح البصر وربما تحاط الصورة بإجواء ترضي غروره وطموحه في عقله اللاواعي .. فتختزن الى ان يحين وقت انا اريد تطبيق فكرتي على ارض الواقع .. فتبدا الجوارح تتماهى مع دورها الجديد .. وربما المراهق من الأشخاص التي تتكاثر الخواطر امام ناظريه وتتلون المشاهدات بشكل متسارع وخاصة في فترة المراهقة يكون الشخص لامبالي ومزاجي وانفعالي نستطيع ان نجعل خواطره بإعلامنا وكلامنا وسلوكنا غير المسؤول الذي فقط يحسن بث ما يريد لهؤلاء..وخاصة ان جهازهم العصبي حاضر للإستقبال اكثر من الاهتمام بمحاكمة الأفكار ... أما اطفالنا باسم ما يعرض من افلام الكرتون وبرامج ثقافية وما تحوي نصنع لهم خواطر العنصرية والتحيز والإيديولوجية بطريقة خفية تتحول الى فكر مع تطوره النفسي والعمري .. مختزن لها لتتحول الى فكرة تدفعها العزيمة وتساهم بنموها البيئة المحيطة بطريقة غير واعية .. ثم هناك الصنف الذي يراقب كثيرا التلفاز بطريقة ادمانية خواطره تتحرك الى أفكار مرجعيتها التلفاز او الانترنت لتتبلور بعمل وراءه العزيمة والإرادة فتنخدع الذات لإنها تعتقد أنها هي التي تصنع افكارها مع ان الواضح ان الأساس هو خواطر تستورد من تلفاز وانترنت وتتوافق بشكل عالي مع حاجاتنا الاولية النفسية والذهنية .. وربما دليلنا برامج ستار وغيرها ساهمت بها خاطرة ان تصبح نجما وبشكل سريع مكررة لمن حصل على هذا اللقب ..جعل الفكرة تترسخ وتتبلور الإرادة في تحقيق الهدف ويبدأ السلوك الظاهري يقاس بدرجات التغير والمحاكاة..او ما يعرف بالتقليد... وبنفس المشابهة ربما مع خاطرة تملك من وراءها هدفا ما .. وترددها لإن هدفك إيجابي فتصبح ارضية لبذرة الفكرة فتعيد وتكرر وترى فكرتك بشكل اعتيادي مما يساهم في إيجاد نوع من العزيمة او الدافع الإيجابي فتنهض لها وتستغل كل الفرص لتحقيقها لإنك بدأت تؤمن بها وبدأت تشعر أنها في داخلك وانك تخلص لها بالعمل فتأخذ جوارحك نحو اتجاه الهدف الإيجابي وتسير معك فكانك انسان ظاهري وباطني .. بمعنى باطن الارادة وظاهر عمل الجوارح ... هذه العبارة لابن القيم هي إسلوب في التقنية الذهنية ....والبرمجة اللغوية العصبية وهي تعكس أهمية الفكر قبل العمل ونوع التخزين قبل الأداء...وتفيدنا بمراحلنا الفكرية حيث تحفزنا الى نوع من محاكمة أفكارنا وتأمل معرفتنا وتخرجنا من قطعية الموضوعية المطلقة التي نعتقد أننا نتعامل وفقها ... فلو كان ثلاثة يسيرون في مكان معين وكل له اختصاصه ودراسته وبيئته فسوف يصدر حكمه وتقييمه وفق خلفيته وافكاره فأيهم الأصدق والأقرب للحقيقة ؟؟ الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة