يمكن شراء كل شيء عبر الإنترنت سواء الكتب أو الملابس أو غيرها. ومنذ بداية العام الحالي يجري في ألمانيا بيع حليب الأم أيضا في الإنترنت. فهل هي تجارة مربحة؟ أم مساعدة لمن لا ترضع؟ أم خطر على الأطفال؟ أم ماذا بالضبط؟ بعدما كانت تسكب حليبها في مياه المجاري لكثرته انشأت الألمانية تانيا موللر أول بورصة لتداول حليب الأم في ألمانيا، لمساعدة الأم التي لديها فائض في إعطاء من لديها نقص. ومنذ يناير/ كانون الثاني 2014 تقوم تانيا عبر الإنترنت بالوساطة بين المتبرعة (البائعة) والمتلقية (المشترية)، وتتلقى نظير نشرها الإعلان الواحد على موقعها في الإنترنت نحو خمسة يورو. أما ثمن الحليب نفسه فتتفق عليها البائعة والمشترية. ويتم تسليم الحليب إما شخصيا أو إرساله بالبريد بطريقة خاصة حتى لا يفسد.مخاطر كثيرة والمستشفيات أضمن وتواجه فكرة بيع حليب الأم عبر الإنترنت انتقادات حادة من قبل اللجنة الوطنية للرضاعة بالمعهد الاتحادي لتقدير المخاطر (BfR)، وكذلك من قبل لجنة التغذية بالجمعية الألمانية لطب الأطفال والشباب (DGKJ ). وترى اللجنتان أن تداول حليب الأم بطريقة تغيب عنها الرقابة الشاملة ينطوي على مخاطر كبيرة، تتمثل في إمكانية انتقال الميكروبات والبكتريا والفيروسات عبر الحليب، حسب رأي الأطباء والمتخصصين. ويبدو الأمر مختلفا عند تداول حليب الأم عبر "بنوك حليب الأمهات" المرتبطة أصلا بالمستشفيات. ويقول ميشائيل رادكه كبير الأطباء في مستشفى إرنست فون برغمان في بوتسدام إن أي سيدة تريد التبرع بالحليب، تجرى لها عملية فحص دقيق أولا للتأكد من خلوها من أمراض بكتيرية معدية. وبعد ثبوت سلامتها يقبل تبرعها ولكن لا يتم إعطاء الحليب لآخرين مباشرة وإنما يجري تجميد ما تتبرع بها في كل مرة. ومع آخر مرة تتبرع فيها تلك السيدة يتم إعادة فحصها مرة أخرى للتأكد من عدم تعرضها للإصابة بأمراض معدية. وبعد التأكد من سلامتها مرة أخرى يمكن منح حليبها لمن تحتاج. انتشار بنوك حليب الأم في العالم لا شك أن الرضاعة الطبيعية تحمي الأطفال من أمراض كثيرة منها الحساسية والاستعداد للسمنة. وتقول كورينا غيباور مديرة أكبر بنك ألماني لحليب الأم بمدينة لايبزيغ: "إن حليب الأم يحتوى على 300 عنصر بيولوجي مفيدة للمناعة والهضم يصعب أن توجد في الحليب الصناعي." ولا عجب إذًا أن تنتشر بنوك حليب الأم في العالم. فمنذ ما يزيد على عشر سنوات يوجد في الولاياتالمتحدة بورصات لحليب الأم. كما أن ألمانيا يوجد فيها ثلاثة عشر بنكا لحليب الأمهات والعدد في زيادة. ومعظم البنوك موجودة في مدن شرق ألمانيا، كأحد الموروثات من حقبة "ألمانياالشرقية". فقد كان يتحتم على كل مدينة في ألمانياالشرقية يسكنها عشرون ألف شخص فأكثر أن تنشيء بنكا لحليب الأم كما أنشئت عام 2010 شبكة أوربية لبنوك حليب الأم (EMBA). لكن خارج أوربا توجد أيضا بنوك من هذاالنوع. وإضافة إلى الولاياتالمتحدة توجد أيضا أماكن لتجميع حليب الأم في كندا والصين واليابان والكاميرون والهند ودول أخرى عديدة، حيث تمد هذه الأماكن الأطفال بحليب الأم وخصوصا الأطفال حديثي الولادة والرضع المرضى والضعفاء.