في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، وإبراز سماحة الأديان ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، انطلقت من مسجد السيدة نفسية رضي الله عنها ، بمحافظة القاهرة عقب صلاة المغرب مباشرة أولى فعاليات برنامج ” ندوة للرأي ” حول موضوع : “ فهم المقاصد الشرعية وأثره في ضبط مسيرة تجديد الخطاب الديني“ ، معلنة إشارة البدء في إقامة هذه الندوات من المساجد الكبرى ، والجامعات ومراكز الشباب ، والأندية الرياضية ، والمصانع الكبرى ، وحاضر فيها كل من : الدكتور محمد مختار جمعة – وزير الأوقاف ، والدكتور عبد الله النجار – العميد الأسبق لكلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ، وذلك بحضور فضيلة الشيخ جابر طايع يوسف رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف ، والذي أدار الندوة ، وفضيلة الشيخ خالد خضر وكيل وزارة أوقاف القاهرة ، وفضيلة الشيخ محمد نور وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة ، وعدد من أئمة ووعاظ الهند ، ولفيف من قيادات وعلماء وزارة الأوقاف . في بداية كلمته قدم الدكتور محمد مختار جمعة ، وزير الأوقاف ، الشكر للهيئة الوطنية للإعلام ، لإدراكها أهمية الخطاب الديني المستنير ، ولا سيما القناة الثقافية وإذاعة القرآن الكريم ، فقد أسهمتا إسهامًا واضحًا في نشر الفكر الديني الصحيح من خلال نخبة من العلماء المتخصصين ، مشيرًا إلى أن اختيار الموضوعات لتلك الندوات سيكون بعناية فائقة ، وكذلك العلماء المحاضرين ، آملين أن تتحول الاستنارة الفردية إلى استنارة عامة تحقق ما تتطلبه دقة المرحلة . وأكد وزير الأوقاف : أن المقاصد العليا للأديان هي سعادة الإنسان ، وإقامة مصالحه ، من البناء والتعمير والتشييد ، وكذا دفع الأذى عن الناس بكل أشكاله ، قال تعالى : “ طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى” ، فحيثما وجدت المصلحة فثمَ شرع الله تعالى ، فالأديان سبيل سعادة ورحمة وتيسير على الناس ، مستدلاً بقوله تعالى:” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، وبقوله تعالى : ” وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” وبقول النبي "صلى الله عليه وسلم" حينما سئل: ما أكثر ما يدخل الجنة ؟ قال :” حُسْنُ الْخُلُقِ”، وقال "صلى الله عليه وسلم" : “ إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ“، فحيثما وجدت الأخلاق وجد الإسلام ، مشيرًا إلى أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بدأ في المدينةالمنورة بإقامة الدولة الوطنية عقب بناء المسجد ، فعقد وثيقة المدينة لترسيخ أسس المواطنة والعيش المشترك وأقام سوقًا كرمز لإقامة اقتصاد قوي . كما أكد وزير الأوقاف : أن بعض الناس يقفون عند ظواهر بعض النصوص فيلبسون السنة ثوب الفريضة ، مع أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فرق بين الفريضة والسنة ، ففي الحديث جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ ، حَتَّى دَنَا ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" : «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» . فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" : «وَصِيَامُ رَمَضَانَ». قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» ، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" الزَّكَاةَ ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" : «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ” ، موضحًا أن معظم إجابات النبي "صلى الله عليه وسلم" عن أسباب دخول الجنة ، هي حسن الخلق وما ينفع الناس ، وكان من أول كلماته "صلى الله عليه وسلم" في المدينةالمنورة : «أَيُّهَا النَّاسُ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلَّوْا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ »، فمن اليسير أن يقف الإنسان عند الشكل لكن الوقوف عند المضمون أولى من ذلك ألف مرة . وأضاف وزير الأوقاف : أن المقاصد الضرورية الخمسة في الإسلام هي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض ، مؤكدًا أن المعايشة السلمية مع الجار والزوجة والأولاد ، وحب الخير لجميع الناس ، هى مقصد عظيم للدين الإسلامي . من جانبه ، أشاد الدكتور عبدالله النجار ، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهرالشريف ، بالدور العظيم الذي تقوم به وزارة الأوقاف في تجديد الخطاب الديني ومكافحة الفكر المتطرف ، واصفا وزير الأوقاف بالعالم المجدد ، حيث قام بنقل الدعوة نقلة شديدة التحضر والاستنارة ، مشيرًا إلى أنه قد استطاع أن يجعل كثيرًا من الأئمة علماء مفكرين مستنيرين ، وهو ما يعيد لمصر ريادتها الطبيعية في نشر صحيح الإسلام في ربوع المعمورة كلها ، مؤكدًا أن توحيد الخطبة من أفضل الأمور الإجرائية التي اتخذتها وزارة الأوقاف ، وهو أدعى إلى توحيد الصف وشحذ الفكر . وفي تناوله لموضوع الندوة ، أوضح الدكتور النجار : أن مقاصد الدين هي حفظ مصالح العباد والبلاد ، وكل علماء الفقه لم يخرجوا عن هذين الأمرين ، فحفظ الأوطان التي يعيش عليها الناس لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العدل والمساواة ، والأمن ، فكان حفظ الأوطان جزءًا أساسيًا من الدين ، مشيرًا إلى أن السفهاء حاولوا أن ينشروا الفساد وانتبهت الأمة لذلك ، بوجوب الدفاع عن الوطن . كما أوضح الدكتور النجار : أن مصالح العباد مقسمة إلى ضروريات وحاجيات وتحسينيات ، فكل ما يحافظ عليها هو من الدين سواء بالايجاد ، أم بدفع العدم عنها ، فلا يختلف عقل ولا نقل على هذا ، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يسعد مجتمع وأعراض الناس مهددة فيه ، لأن حفظ الأعراض من الضروريات ، وكذا ما خير رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بين أمرين إلا إختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا ، ليحقق التيسير والتخفيف عن جميع المكلفين ، وتكون الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ، وأما التحسينيات فتتعلق بمواطن الحسن والجمال في حياة الإنسان ، لتكون الشريعة جامعة لكل ما يسعد البشر ، أما الذين يتشددون في دين الله ويحاربون الله ورسوله ، بقتل الأنفس ، وترويع الآمنين ، فهؤلاء بعيدون تمامًا عن تعاليم الإسلام ، متجردون من الإنسانية . وفي مداخلة من أحد المستمعين حول دور وزارة الأوقاف من تمكين الشباب في العمل القيادي ، أجاب وزير الأوقاف : بأن تمكين الشباب من أولويات الوزارة حيث إن 90% من بعثة الحج هذا العام من شباب الوزارة ، وكذا تغطية المساجد الكبرى ، مضيفًا أن تمكين الشباب عملية تحتاج إلى توازن وتكامل ، ولا أدل على هذا من الأئمة المتميزين في المسابقة الأخيرة . وبسؤال عن الهجرة غير الشرعية أجاب الوزير : بأن الوزارة قد خصصت الخطبة المقبلة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ، وبيان آثارها المدمرة على مستوى الفرد والجماعة . وفي سؤال آخر ، عن اختيار الموضوعات المتعلقة بهذه الندوات ؟ أوضح وزير الأوقاف : بأن ذلك سيكون بالتنسيق مع المكتب الفني ، ومع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، ليتم اختيار الموضوعات الأوسع انتشارًا والتي تعالج القضايا المهمة مثل قضايا الأسرة وغيرها .