• مصر أصبحت على قائمة الدول التى بها خطف وإتجار بالأطفال • قانون حماية الطفل المصرى من أفضل القوانين الحماية فى العالم ولكن المشكلة فى تطبيقه • لابد من تكاتف المجتمع المدنى مع الدولة للقضاء على العقليات الفاسدة منذ أن قامت صفحة أطفال مفقودة وموقع مجلة الشباب بنشر تفاصيل الموقع الإلكترونى الخاص ببيع وشراء الأطفال وما قامت به وزارة التضامن بعد النشر من تدخل سريع وإبلاغ النيابة للبحث عن أصحاب هذا الموقع المشبوه وهناك حالة من الترقب المجتمعى لمعرفة نتيجة البحث وما وصلت إليه التحقيقات وهل تم القبض على من يديرون هذه التجارة فى مصر أم لا ؟ وهل حقيقى أن مصر أصبحت على قائمة الدول التى بها إتجار بالأطفال حتى أنه أصبح لهم مواقع إلكترونية للبيع والشراء وكأنهم شقق أو سيارات مستعملة .. هذا ما سنعرفه من الأستاذ أحمد مصيلحى المحامى ومدرس قانون الطفل بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية ورئيس شبكة الدفاع عن الطفل بنقابة المحامين.
ماذا عن أخر ما وصلت إليه التحقيقات حول هذا الموقع المشبوه؟ التحقيقات أكدت أنه غير مصرى وهو موقع هولندى من الأساس ويعمل فى كل أنواع التجارة المشبوهه سواء كانت مخدرات أو سلاح ولأن هناك جزء منه يستهدف المصريين والعرب فطبيعى أن توجد به إعلانات باللغة العربية ومنذ عام 2015 تم تخصيص جزء منه لبيع وشراء الأطفال وبما أن مصر أصبحت من أشهر دول العالم وأكثرها تقدما فى مجال خطف الأطفال والإتجار بهم كانت من الدول المستهدفة لمثل هذا الموقع وقد إستطاعت تحقيقات النيابة أن تصل الى إثنين من أصحاب الصفحات التى أعلنت عليه وتم القبض عليهم والتحقيق معهم وإغلاق صفحاتهم ومازالت التحقيقات مستمرة حتى يتم التوصل الى الصفحة الرئيسية التى تدير تلك الإعلانات المشبوهة وقد تقدمت ببلاغ للنائب العام ضد هذه المواقع كما تقدم أيضا أستاذ رامى الجبالى أدمن صفحة أطفال مفقودة ببلاغ أخر ضدها حتى يتم إتخاذ الإجراءات الرسمية ضدها والحقيقة إن مباحث الإنترنت قامت بالفعل بخطوات كبيرة وهامة ولكن الوصول الى نتيجة نهائية سيأخذ وقت . من يعرض إبنه للبيع بلا شك هو مجرم ولكنه غالبا ما يكون شخص بسيط يصعب عليه الوصول لمثل هذه المواقع .. فهليمكن أن تكون إعلانات البيع تحديدا غير حقيقية؟ ليس صعب بالعكس فأى شخص يستطيع الوصول إاليها بمجرد ما يكتب على الفيس بوك مواقع لبيع وشراء الأطفال ستظهر له وهناك موقع أخر إسمه "حقق حلمك عندنا" يعرض عليه مثل تلك الإعلانات المشبوهه سواء للأطفال أو المثليين وما شابه ذلك وقد تم إغلاقه أيضا . ظاهرة خطف الأطفال والإتجار بهم .. هل هى ظاهرة قديمة فى مصر ولم نكن نعلم عنها شيئا أم إنها ظهرت بقوة فى العشر سنوات الأخيرة؟ هى بالفعل ظاهرة قديمة ولكنها لم تكن بمثل هذه الشراسة الموجودة بها الأن وتعد تجارة الأعضاء من أهم وأخطر أسباب الخطف لأن الدول التى تسمح بنقل الأعضاء تشترط موافقة المنقول منه وآلا يقل عمره عن 18 عاما هذا لو كان العضو المنقول لن يؤثر على حياته أما فى حالة الموت إكلينكيا فلابد من موافقة الورثة وطبعا كل تلك الشروط لاتنطبق على الطفل المخطوف الذى غالبا ما يتم بيعه بألف جنيه وفى حالة الإتجار بأعضائه فيباع العضو منه كالقلب مثلا بمليون جنيه وهناك سبب أخر للخطف وهو تجارة المخدرات والجنس بمعنى أنه يستخدم فى بلاد أخرى كإيطاليا مثلا كموزع للمخدرات أو الترويج للجنس . ولماذا لايستخدموا أطفال من نفس البلد طالما القصة توزيع ليس أكثر؟ لأن القانون هناك فى منتهى الحسم ويحمى الأطفال بشكل صارم بمعنى أنه لو أسرة إيطاليه فرطت فى إبنها أو ثبت تقصيرها فى تربيته يتم الحكم عليها بالسجن مدى الحياة ونفس الشىء بالنسبة لدور الرعاية ومن ثم لايستطيعوا إستخدامه فى مثل تلك الأعمال المشبوهة أما الطفل المصرى لو تم القبض عليه هناك فيتم إيداعه فى دار رعاية و تتم معاملته مثل إبن البلد بالضبط سواء فى التعليم أو التربية . إذن الموضوع فى القانون .. فلماذا لانضع موادا جديدة تحمى حقوق الطفل المصرى؟ نحن لدينا أقوى قانون لحماية الطفل فى مصر وهو نفس القانون الإيطالى تقريبا إن لم يكن متطابق معه ولكن المشكلة فى العقليات الإدارية التى تتولى تنفيذ هذا القانون فالموظفين فى مصر منذ أيام جمال عبد الناصر وحتى الأن يعملون بنفس العقلية ونفس آليات التنفيذ رغم إختلاف الظروف فنحن للأسف نعانى من روتين فاسد جاهل وعقول غير قابلة للتطور ولكن لو تم تنفيذ قانون حماية الطفل كما هو موجود بالدستور لإستطاعنا الحفاظ على حقوق كل أطفال مصر. وما الحل للخلاص من تلك العقليات الفاسدة ؟ أن نسند الأمر للمجتمع المدنى بكل فئاته سواء كانت أفراد أو منظمات غير حكومية او نقابات أو صفحات على الفيس بوك مثل صفحة أطفال مفقودة والتى إستطاعت أن تقوم بدور كبير فى السنوات الثلاثة الماضية سواء على مستوى توعية الأهالى والأباء بطرق الخطف وأسبابها أو إعادة عدد كبير جدا من الأطفال الى ذويها مرة أخرى وبالتالى فأى تجمع يستطيع خدمة المجتمع وتقديم دور حقيقى وفعال فيه يمكنا أن نسند إليه الأمر تحت ظل رقابة حكومية خاصة بعد أن أكدت الأبحاث منذ عام 1986 أنه لايمكن لأى جهاز حكومى مهما كان قويا أن يصل لحل أى مشكلة مجتمعية إلا بالبحث الميدانى وبالتالى فالمجتمع المدنى بكل أفراده وخبراءه لابد أن يشارك الدولة فى تنفيذ القانون. آليست حماية حقوق الطفل المصرى من إختصاصات المجلس الأعلى للأمومةوالطفولة وخط نجدة الطفل ؟ نعم فالمجلس الأعلى للأمومة والطفولة هو الأب القانونى للطفل المصرى ولكن المشكلة أنه حدث تقليص لدوره بعدما تم ضمه لوزارة الصحة ومن ثم فقد الكثير من صلاحياته مما أدى لضياع حقوق الطفل وقد قام بعض نواب البرلمان وأنا كذلك بتقديم مشروع قانون لإعادة تشكيل المجلس القومى للأمومة والطفولة كمجلس مستقل دوره مراقبة الجهاز الإدارى والإشراف عليه أما خط نجدة الطفل فالحقيقة أنه منذ أن تم إنشاءه وحتى عام 2008 كان له دور فعال جدا فى حماية الطفل المصرى والفضل فى ذلك يرجع الى السيدة سوزان مبارك والسيدة مشيرة خطاب حيث أنه كان يتحرك لكافة الإستغاثات التى يتلقاها لحماية أى طفل يتعرض للخطر وذلك بغض النظر إن كانت تلك الإستغاثة من أحد أفراد أسرة الطفل أو أى شخص إستشعر الخطر على طفل فى الشارع أو حتى من الطفل نفسه ولكن بعد قيام الثورة تم تقليص دوره أيضا وضمه الى وزارة الصحة والنتيجة ما نراه فى الشارع الأن من أطفال مشردة وما يحدث فى دور الرعاية من تعديات جنسية وتعذيب للأطفال. دور الرعاية .. هل هى سبيل أمان للأطفال الأيتام أم بوابه لضياعهم؟ لانستطيع أن نعمم الحكم فهناك دور يتم إدارتها بشكل إنسانى ولكن الأغلبية ليست أكثر من بؤر إجرامية كافية لتخريب المجتمع بالكامل وهذا بإعتراف وزارة التضامن نفسها أن هناك دور بها تعدى جنسى وتعذيب للأطفال بدليل أن أكثر من 35 موظف من التابعين للتضامن والمسئولين عن تلك الدور تمت إحالتهم للمحاكمة التأديبية وبالمناسبة كان هناك أطفال من دور أيتام معروضة للبيع على الموقع الإلكترونى وحل مشكلة تلك الدور بتشديد الرقابة عليها والخلاص من الميراث الفاسد لموظفى تلك الدور وإبتكار مشروعات عملاقة مثل مشروع أطفال بلا مأوى وتسند إدارتها الى المجتمع المدنى بعدما أثبت نجاحه فى إدارة فكرة حماية حقوق الطفل . وماذا عن حق أطفال الشوارع؟ أطفال الشوارع لايختلفوا كثيرا عن أطفال دور الرعاية لذا فيمكن ضمهم تحت نفس أفكار التطوير ثم تجهيزهم لأسر بديلة وهناك نظام أخر ولكن للأسف لايتم العمل به فى مصر وهو نظام "البيوت الآمنة" وتكون عبارة عن بين به على حد أقصى 7 أطفال ولهم أب وأم أى أثنان موظفين دورهم أن يتولوا حماية ورعاية هؤلاء الأطفال فى الملبس والمأكل والعلاج والتعليم وذلك طبعا تحت إشراف الدولة ووزارة التضامن ومن ثم نضمن خروجهم للمجتمع كأشخاص أسوياء نافعين لأنفسهم ولغيرهم وأنا من خلال مجلكتكم ومؤسسة الأهرام أناشد السيد رئيس الجمهورية أن يضع حق الطفل المصرى وحمايته على قائمة أولوياته وأن يخصص العام القادم للطفل لأنه هو الوحيد الذى يستطيع أن يصنع المستقبل المشرق الذى تبذل الدولة أقصى ما فى وسعها لتحقيقه.