شهدت حديقة الزهور بمدينة ينتشوان، عاصمة مقاطعة نينغشيا الصينية ذاتية الحكم، اليوم حدثا ثقافيا مصريا فريدا من نوعه، حيث إفتتح المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، ممثلا للرئيس عبد الفتاح السيسي، المعرض الثقافي المصري، بحضور جيانغ جانغ تشي، السكرتير العام المساعد للحزب الشيوعي الصيني بالمقاطعة، والدكتور هيثم الحاج علي رئيس الهيئة العامة للكتاب، وما لي نائب حاكم نينغشيا، وعدد كبير من المسئولين المصريين والصينين. وقام الوزير المصري والمسئول الصيني برفع الستار عن لافتة المعرض، ثم قام كبار المسئولين بزرع شجرة الصداقة المصرية الصينية على باب المعرض، قبل أن يصحبهم الدكتور أحمد السعيد، مدير عام مؤسسة بيت الحكمة، التي نفذت المعرض بجولة تفقدية للأجنحة المختلفة، قام خلالها بالتعريف بمكونات المعرض ومحتوياته وفكرة التصميم والتنفيذ. ويأتي إفتتاح المعرض الثقافي المصري بمناسبة مشاركة مصر كضيف شرف للدورة الثالثة من معرض الصين والدول العربية، الذي يعقد في مقاطعة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بالصين، والذي يعد أكبر فعالية تجارية اقتصادية ثقافية بين الصين والدول العربية، وتنظمه الصين بشكل دوري كل عامين وتختار في كل دورة دولة عربية لتكون ضيف الشرف، وبمناسبة انعقاد الدورة التاسعة لمعرض الزهور العالمي بحديقة الزهور في مدينة ينتشوان عاصمة مقاطعة نينغشيا. وكان المعرض ثمرة للإتفاقية الموقعة بين هيئة المعارض المصرية وهيئة معارض نينغشيا، حيث تقوم حكومة نينغشيا بمقتضاها ببناء معرض دائم لمصر داخل حديقة الزهور الصينية كهدية صينية لمصر، وقد تم تكليف "بيت الحكمة للثقافة والإعلام بالصين" بتصميم وتنفيذ وإدارة هذا الجناح، الذي يعد أكبر نافذة ثقافية لمصر بالخارج، وذلك تحت إشراف عام من سفارة مصر بالصين ومتابعة المكتب الثقافي المصري بالصين، وقد دعت بيت الحكمة العديد من الخبراء والمختصين من الصين ومصر، وبذلت بيت الحكمة الكثير من الجهود العينية والمادية ليخرج المشروع للنور. ويقام المعرض الثقافي المصري على مساحة 4500 متر مربع داخل حديقة الزهور بمدينة ينتشوان وتتبع هيئة الحدائق بالمدينة، ومساحة البناء به تبلغ 2200 متر مربع، مقسمة إلى ثلاثة أجنحة كل جناح يتكون من طابقين، وقد التزمت بيت الحكمة للثقافة والإعلام في تصميمها وتنفيذها للمعرض مبدأ عرض الثقافة المصرية الحقيقية تحت شعار "مصر الجميلة". والثلاثة أجنحة التي يضمها المعرض مقسمة إلى ست قاعات أكبرها القاعة الرئيسية، وتبلغ مساحتها 400 متر مربع وتضم تمثالين لرمسيس الثاني يبلغ ارتفاعهما ستة أمتار ونصف وعرضهما خمسة أمتار ونفذهما نحات صيني شهير جدا، واعتمد في تصميمهما على مشاهداته خلال زيارته لمصر خصيصًا وعلى آراء مختصين دعتهم بيت الحكمة، وهناك أيضا في القاعة الرئيسية شاشة دائرية بعرض سبعة أمتار تعرض أفلاما ثلاثية الأبعاد عن مصر الجميلة تعاونت فيها بيت الحكمة مع المكتب السياحي المصري ببكين ومختصين في الترويج السياحي. وهناك أيضا الحائط متعدد الوسائط الذي يحكي قصة الحضارة المصرية عن طريق أحدث التقنيات، حيث يقوم الزائر بلمس أى جزء من الجدار فيقوم بعرض مقطع كارتوني يتضمن الصوت والشرح، وفي القاعة الرئيسية أيضا حائط العلاقات المصرية الصينية الذي يحكي بالصور تاريخ العلاقات الطيبة بين البلدين خلال ستين عاما. ويضم أهم الأحداث والفعاليات التي تضمنها تاريخ العلاقات المصرية الصينية، وفي القاعة الرئيسية أيضا حائط الحزام والطريق الذي يضم كلمات لشخصيات مصرية رسمية وغير رسمية تتحدث عن العلاقات المصرية الصينية ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ومنهم السفير المصري بالصين ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات والمستشار الثقافي المصري، ومدير عام مؤسسة بيت الحكمة التي تنفذ وتدير المشروع. وبالدور الثاني من القاعة الرئيسية نجد قاعة التاريخ المصري التي تبلغ مساحتها 400 متر مربع وتتكون من ثلاثة أقسام، القسم الأول يضم مستنسخات للآثار المصرية، أهمها كرسي عرش توت عنخ آمون وتماثيل فرعونية صممها أكبر فريق للمستنسخات المصرية في العالم تعاقدت معهم بيت الحكمة وهي مؤسسة "وايز يونيكورن" الصينية، وتحكي جدران هذا القسم مراحل التاريخ المصري وقصة الحضارة المصرية. وفي القسم الثاني لهذه القاعة يوجد عرض الصوت والضوء بالرمال المتحركة، الذي يضم عرضا لتاريخ القاهرة الكبرى بالصوت والصورة والإضاءة في مزج بين المحتوى المصري والتقنيات الصينية تعاونت فيه شركة بيت الحكمة مع أكبر شركة لتقنيات المعارض في بكين "تشي تشينغ"، والتي صممت من قبل عروضا دولية كبيرة في العالم، والقسم الثالث من القاعة يضم مراحل التاريخ المصري ما بعد الفرعوني ويركز على الفترات الرومانية واليونانية، والحكم العثماني ومصر الحديثة، عبر مجموعة كبيرة من المستنسخات عالية الدقة والشرح بالصوت والصورة. والجناح الثاني يتكون أيضا من طابقين مساحة كل طابق 320 مترا مربعا، ويضم الدور الأول العديد من الأقسام منها حائط مصر الجميلة، والذي يعرض صورا قدمتها الهيئة العامة للاستعلامات وهي الصور الفائزة في مسابقات الهيئة للتصوير، وبجانبه يوجد حائط الصين بعين مصرية. ويضم صورا التقطها خصيصا مصريون عاشوا في الصين، وفي الحائط المقابل هناك عرض "مصر بعيون صينية" ويضم صورا رسمها أطفال صينيون بعد زيارتهم لمصر، وفي نفس القاعة هناك حائط المستنسخات المصرية والحلي والجواهر المصرية القديمة ويضم 220 قطعة بديعة الصنع تضم قطعا صممها ونفذها فنانون من مصر. وتم إحضارها من مصر خصيصا للعرض داخل المعرض، وأخيرا تشمل هذه القاعة معرضا زجاجيا يضم 12 من التماثيل كبيرة الحجم وبديعة الصنع، بالإضافة إلى المشغولات النحاسية التى أبدعها فنانون من مصر القديمة وحى الجمالية تحديدا. والطابق الثاني للجناح الثاني يضم قاعة متعددة الأغراض، والتي ستكون مكانا دائما لعقد الاجتماعات والفعاليات الثقافية وتتسع ل150 شخصا وبها مسرح مجهز للعروض الفنية تنوي بيت الحكمة أن تنظم فيه فعالية فنية مصرية شهريا بالتعاون مع المكتب الثقافي المصري ببكين ووزارة الثقافة المصرية. أما الجناح الثالث فيتكون من طابقين مساحة كل طابق 320 مترا مربعا ويضم الطابق الأرضي مقهى مصري يعرض الفنون المصرية ويقدم المشروبات المصرية التقليدية ويعرّف الضيوف الصينيين بثقافة الأكل والشراب في مصر والعادات الشعبية ويتيح فرصة التعرف على حياة المصريين لكل ضيف صيني، والطابق الثاني من هذا الجناح يضم قاعة الاستقبال لكبار الزوار والتي قام بتصميمها فنانون من مصر وفرشت بسجاد نفذته خصيصا شركة النساجون الشرقيون المصرية وهو مخصص لاستقبال كبار الزوار وعقد اللقاءات الرسمية. وخارج الأجنحة الثلاثة الرئيسية توجد مساحة العرض المفتوح، والتي تدمج بين الزهور وفنون البستنة والحضارة المصرية ومنها مسلة فرعونية بارتفاع ستة أمتار، وتمثال لأبو الهول بطول ثلاثة أمتار وغيرها، كما أن المباني من الخارج مصممة على الطراز الفرعوني القديم واستخدمت بها اللغة المصرية القديمة وطراز بناء المعابد المصرية وكل الأعمدة تحاكي أعمدة معبد الأقصر. وإجمالا يضم المعرض الثقافي المصري الذي نفذته بيت الحكمة للثقافة والإعلام حوالي 300 لوحة بردي رسمت يدويا في مصر وتم نقلها للصين وتحكي قصة الحضارة المصرية القديمة، ويضم 400 قطعة من مستنسخات فرعونية دقيقة التصميم وتعج بالتفاصيل، كما يضم أكثر من 60 قطعة نحاسية مصرية، وبالنسبة للإضاءة فقد صممت خصيصا على الطراز العربي القديم وتضم 77 قطعة بين نجفة سقف وإضاءة حوائط وغيرها. ومن المتوقع أن يزور المعرض الثقافي المصري الذي تديره أيضا بيت الحكمة حوالي 20 ألف زائر صيني يوميا، كما ستقام به عروض فنية مصرية بشكل شهري ويعرض به فيلم وثائقي عن مصر بشكل دوري. وقد تأسست بيت الحكمة للثقافة والإعلام بالصين في سبتمبر عام 2011، وتعمل بشكل رئيسي في مجال التبادل الثقافي بين الصين والدول العربية، وقد توسعت بيت الحكمة في أعمالها التي تستهدف في المقام الأول أن تكون منصة مهمة ومؤثرة للتعاون الثقافي الصيني العربي، حيث تعمل حاليا في عدة مجالات ثقافية. هي: النشر والترجمة وتجارة حقوق النشر، وأفلام الرسوم المتحركة والبرامج والأفلام الوثائقية وحقوق البث، وبنوك المعلومات الرقمية، وتجارة الكتب الإلكترونية، والتحويل الرقمي، وإنشاء أكبر موقع ترجمة بين الصينية والعربية في العالم، والمعارض والمؤتمرات، والتدريب والتأهيل والدورات التدريبة في كل مجالات اللغة، وكذلك الصناعات الثقافية الحديثة، وتطوير مجال الصناعات الثقافية في الوطن العربي استنادًا على الخبرة الصينية. وسيكون هذا المعرض نافذة مصرية دائمة عن مصر تحكي للصين قصة الحضارة المصرية، وتعتبره بيت الحكمة للثقافة والإعلام أحد أهم مشاريعها في الصين، وقد لاقى المعرض في مراحل تصميمه وبنائه دعما كبيرا تمثل في الدعم الفنى من السفارة المصرية ببكين ووزارتي الثقافة والسياحة بمصر، والمكتب الثقافي المصري الذي أشرف على التفاصيل الفنية وراجع كل التفاصيل بتكليف من اللجنة المنظمة لمشاركة مصر كضيف شرف في المعرض. كما ساهم في هذا المشروع العديد من الجهات الصينية منها هيئة الحدائق والغابات ومديرية التجارة بنينغشيا وهيئة معارض نينغشيا، وفريق عمل بيت الحكمة ومستشاريها الذين سهروا على هذا العمل لمدة شهر كامل بلا انقطاع ليكون بحق جسرا ثقافيا على طريق الحرير بين مصر والصين.