بالرغم من أن كل ما حولنا من ظروف إقتصادية وإجتماعية ومشاكل أقل ما يمكن أن تفعله بنا هو إصابتنا بالإكتئاب والإحباط إلا أنه مازال هناك بعض الأشخاص التى تدعونا بأفعالها وأفكارها لأن نتمسك بالأمل وبأن الخير سيبقى هو الأقوى دائما من هؤلاء الأشخاص المهندس هيثم عبد ربه صاحب فكرة "عربية الحواديت" والتى ربما تكون السبب فى تغيير مستقبل آلاف الأطفال فى مصر بما يقدمه لهم من علم وقيم وحب وخير .. فما هى حدوته هيثم ؟ هذا ما سيحكيه لنا فى السطور القادمة . • طفلة صغيرة فى الصف الثالث الإبتدائى كانت السبب فى عربية الحواديت • شريف منير أول من تحدث عن قيمة وأهمية الدور الذى نقدمه فى برنامجه "كلمتين وبس " • قمنا بزيارة 30 قرية وأقمنا أكثر من 50 ورشة حكى ووزعنا 30 ألف كتاب • الفنانة كندة علوش طلبت المشاركة معنا ونتمنى التواصل مع أحمد حلمى كيف بدأت فكرة عربية الحواديت؟ أولا قبل أن أتحدث عن فكرتى دعينى أعبر عن مدى سعادتى بأننى أجرى حوارا مع مجلة الشباب والتى لم اكن أعرفها حتى نهاية مرحلة دراستى الإعدادية لأن فى القرية التى كنت أعيش بها لم يكن هناك منفذا لبيع الصحف والمجلات الى أن كنت فى الصف الأول الثانوى وكنت يوما فى مدينة فاقوس فوجدت بائع الجرائد ينادى بأعلى صوته على عدد شهر يناير من مجلة الشباب والذى كان يحتوى على حوارات مع كبار النجوم ومقالات لأكبر كتاب فى البلد وقتها مثل دكتور مصطفى محمود وأحمد بهجت ومحمود السعدنى وطبعا رئيس التحرير عبد الوهاب مطاوع فدفعت كل ما كان معى لأشتريها وإستفلت فلوس العودة وعندما جاء صديقى ليطالبنى بأن أرد له الفلوس وعرف أبى بالأمر أخذت علقة محترمه ومزق أبى المجلة فإنهرت فى البكاء وبعد ما خرج أخذت ألملم أوراقها ثم فوجئت بأبى يعود الى البيت ومعه عدد جديد من المجلة وقال لى بالحرف " إقرأ لأخر يوم فى عمرك لكن متورطش نفسك " ومن يومها أصبحت مجلة الشباب عشقى الأول وكانت السبب لحبى فى القراءة لدرجة إنى كنت أراسلها بأفكار كثيرة عن أدب الطفل خاصة أن المجلة لها جمهوركبير من الأمهات الشابات إلا أنى لم أتلقى رد حتى جاء اليوم الذى أجرى حوارا بها . أما عن فكرة عربة الحواديت فقد بدأت فى رمضان 2015 ولكنها كانت تشغلنى من قبل ذلك بكثير حيث إنى دائما ما كنت أبحث عن وسيلة تصل بالأدب والثقافة الى أطفال القرى الذين يقطنون بعيدا عن العاصمة والمحافظات الكبيرة ولا يوجد لديهم مكتبة أو مسرح أو مرسم فقررت أن أذهب أنا إليهم إيمانا منى بأننا لو إستطعنا أن ننشىء جيلا جديدا محبا للعلم والثقافة والقراءة سنغير مستقبل هذا البلد وكانت البداية حيث كنت أقف بسيارتى أتصفح مجلة إشتريتها لإبنتى فوجدت طفلة تقترب من شباك السيارة وتنظر الى المجلة بشغف فأعطيتها المجلة فقالت لى إنها لاتعرف تقرأ بالرغم من كونها فى الصف الثالث الإبتدائى وقتها قررت إنى سأوزع كتب ومجلات على الأطفال فى الشوارع وسأقرأ لهم وأعلمهم وقد إخترت الأطفال لإنهم المادة الخام القابلة للتشكيل فإما أن تجد صانعا محترفا يخرج أجمل ما فيها أو العكس فهم البذرة التى تحتاج الى رعاية حتى تطرح بالخير . تلك الفكرة تحتاج الى عدد كبير من المتطوعين .. فكيف جمعتهم ؟ نحن ليسوا كثير فعدد الفريق ثمانية ومعظمهم تلاميذى وأنا لم أدعوهم للفكرة إنما هم من ألتفوا حولها وقدموا أجمل ما عندهم لما لديهم من إيمان مطلق بما يفعلوه مع العلم بأنه عمل تطوعى نحن من ننفق عليه من دخلنا الخاص . لماذا إخترت أن تبدأ فكرتك من القرى ؟ لأن تلك المناطق هى الأكثر إحتياجا للخدمة التى نقدمها من خلال عربية الحواديت حيث أن مهمتنا الأساسية هى سد الفجوة التى يسببها غياب المؤسسات الثقافية فى القرى والنجوع البعيدة والمنعزلة عن دائرة الخدمات التى يحتاجها الأطفال وأذكر مرة أننا دعينا لإقامة فعالية فى مدرسة أنترناشيونال فوجدنا هناك مكتبة فارهة وأمينة مكتبة متخصصة ومعظم الأطفال يدركون أهمية الكتاب فشعرت أننا لم نضف شيئا ومن يومها قررت أن يكون إختيارنا لأى مكان نزوره قائم على الحاجة الفعلية للمكان لما نقدمه وإلا كانت زيارتنا مجرد تسلية ونحن لانقدم تسلية وإنما نغرس مفهوم أن الثقافة والقراءة مثل الأكل والشرب وإن العلم هو أهم ما يحتاجه أى شعب فى العالم حتى يتقدم . أظن أن تمويل الفكرة ليس سهلا خاصة فى ظل إرتفاع الأسعار الحالى؟ المشروع بدأ بالفعل قبل هذا الإرتفاع الرهيب فى الأسعار وكان التمويل وقتها ذاتيا بمعنى أن أعضاء الفريق هم من كانوا يشترون الكتب وكان هناك مساعدة محدودة جدا من بعض دور النشر المؤمنة بالفكرة ومن يتابعوننا على السوشيال ميديا ولكن بعد إرتفاع الأسعار تقلصت تلك المساعدات حتى وصلت الى الصفر لذا فلم يكن أمامنا سوى الإستمرار ولكن بنصف طاقتنا حتى وصلتنا رسالة من السيدة ميرفت مرسى رئيس المركز القومى لثقافة الطفل وعرضت علينا المساعدة فى المشروع وتعاملت مع الأمر بجدية شديدة وفى خلال أسبوع وصلنا أكثر من 700 كتاب من مطبوعات المركز كما تواصل معنا الأستاذ محمد رشاد رئيس إتحاد الناشرين العرب ودعم المشروع ب600 كتاب كدفعة أولى من مطبوعات الدار المصرية البنانية كما دعمتنا أيضا الأستاذة داليا إبراهيم مدير عام دار نهضة مصر والتى بدأت تدعمنا من أول يوم رمضان كما يساعدنا أيضا الأستاذ عمر أحمد صاحب مكتبة عمر بوك ستورز والذى قام بمبادرة وهى خصم 80% لكل متبرع للمشروع وأيضا دار بوك هاوس وبردى للنشر . وماذا عن ورش الحكى ؟ هى ورش نقيمها بهدف توسيع خيال الطفل وتحويل الشخصيات الى رسومات كما نطرح فيها فكرة أو قيمة معينة ونجعلهم يقوموا بتأليف حكايات حولها وتلك الورش تحقق متعة غير طبيعية للأطفال ونحن نقيمها فى أى مكان فيمكن أن نقيمها فى جرن أو ملعب لدرجة أننا مرة قدمناها أمام ورشة ميكانيكا للأطفال الذين يعملون بالورش ومن شدة إرتباط الأطفال بها أصبح بعضهم يقطع مسافة ثلاثة أو أربعة كيلو مترات مشيا ليحضروا ورشة فى قرية مجاورة . ما هى أهم نقط الضعف التى كشفتها عربية الحواديت عند الأطفال فى القرى؟ أخطرها مستوى التعليم فى مدارس تلك القرى حيث أن الأطفال هناك قد يصلوا الى نهاية المرحلة الإبتدائية ولا يستطيعون القراءة لذا كانوا يرفضوا الفكرة ولكن بالتحفيز طلبنا منهم أن يجلسوا مع أصدقاء يقرأون لهم مما جعلهم يعافروا حتى يجيدوا هم أيضا القراءة وأكتشفنا أيضا إن معظم المكتبات فى تلك المدارس إما يشرف عليها غير متخصصين أو مغلقة من أساسه لأنهم يخافون على الكتب لكونها عهدة أضيفى الى ذلك ما يرسخه بعض المدرسين للأطفال من أن القراءة لأى شىء غير المنهج الدراسى مضيعة للوقت لذا فقد قمنا بزيارة أكثر من 70 محافظة وقرية ما بين الصعيد ووجه بحرى وأقمنا أكثر من 50 ورشة حكى ووزعنا أكثر من 30 ألف كتاب على الأطفال ولدينا دعوات لتكرار التجربة فى كل محافظات مصر. كيف ترى الدور الذى لابد أن تقدمه الدولة لدعم أطفال القرى والمحافظات؟ أتصور أن دور الدولة معروف ومحدد لكن المشكلة فى آلية التنفيذ يعنى مثلا وزارة الثقافة دورها تثقيف كل فرد فى كل شبر على أرض هذا الوطن وآلا تركز كل خدماتها فى العاصمة والمدن الكبرى وهذا يتطلب أن يتحرك المسئولين من مكاتبهم المكيفة ويذهبوا الى تلك القرى لحتكوا بالبشر ويسمعوا أحلامهم ومتطلباتهم كما أتمنى أن يأتى اليوم الذى أرى فيها وزيرا شابا للثقافة ذو فكر وإبداع مختلف ولديه طاقة تؤهله لأن يشرف على تنفيذ أفكاره بنفسه . آلم تفكر فى الإستعانة بشخصيات عامة أو فنانين لدعم فكرتك ؟ أنا ليست لى علاقة بأيا منهم ولكنى فوجئت بأن الفنان الكبير شريف منير يتحدث عنى وعن المشروع من خلال برنامجه كلمتين وبس كما فاجآتنى الفنانة كندة علوش بإتصال على الهواء فى إحدى لقاءاتى التليفزيونية وأبدت إعجابها بالفكرة ورغبتها فى المشاركة فيها قد بدأنا بالفعل الإعداد لمشاركتها فى ورش الحكى وإن كنت أتمنى أن يشاركنا أيضا نجوم مثل أحمد حلمى ونيللى كريم ودنيا سمير غانم لما لهم من مصداقية وحب عند الأطفال كما أنهم لهم رؤية فيما يقدمونه على الشاشة .