تعجب البعض من خبر تعاقد مصر مع شركتي علاقات عامة أمريكيتين لتحسين صورتها داخل أمريكا.. ولكن في الواقع هذا التعاقد ليس لتحسين الصورة ولكن لأهداف أخرى.. كما أن مصر لم تكن الأولى في ذلك.. بل سبقتها العديد من الدول لتوصيل وجهة نظر معينة وترويج بعض الأمور.. فقد نشرت وزارة العدل الأمريكية، عبر موقعها الإلكتروني، نسخ من تعاقدات وقعتها مصر، مع شركتي علاقات عامة أمريكيتين، ونشرت وكالة«أسوشيتيد برس» الأمريكية وثيقة التعاقد مع شركة «ويبر شاندويك»، التي وقعها من الجانب المصري اللواء ناصر فهمي نيابة عن اللواء خالد فوزي رئيس جهاز المخابرات،
وهي الوثيقة المؤرخة بتاريخ 18 يناير 2017، وأوضحت الوثيقة أن مهمة الشركة تتمثل في ترويج الشراكات الاستراتيجية بين مصر والولاياتالمتحدة، وتسليط الضوء على التنمية الاقتصادية التي حققتها مصر، ودور مصر الرائد في إدارة الأزمات الإقليمية، وذلك مقابل حصول الشركة على 1.2 مليون دولار تدفع سنوياً، على شكل دفعات ربع سنوية، إضافة إلى مصاريف أخرى قد تطلبها الشركة، وأضافت «أسوشيتد برس»
أن التعاقدين الأخيرين لم يكونا أول مرة تتعاقد فيها القاهرة مع هذا النوع من الشركات، مشيرة إلى أن «العديد من العقود المماثلة تم إبرامها من قبل هيئات حكومية، ولكنها كانت تتمثل في وزارات أو هيئات مختصة بأنشطة تجارية أو سياحية أو قطاعات أعمال»، مشيرة إلى أن الكشف عن التعاقدات يأتي في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للتقارب مع مصر، وانتهاج «اقتراب أكثر مرونة» مع القاهرة، وأفاد الموقع الرسمي للوزارة الأمريكية بأن التعاقد تم مع شركتي " و "كاسيدي أسوشيتس" Weber Shandwick and Cassidy & Associates Inc
هناك العديد من الدول سبقت مصر في ذلك الأمر، ففي 2015 ذكر موقع أمريكي أن السلطات السعودية رصدت عشرات المليارات من الدولارات لتمويل حملة علاقات عامة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أخرى، لتحسين صورتها في مواجهة الانتقادات الشديدة الموجهة إليها، من قبل صحف ومحطات تليفزيونية غربية، خاصة في حربها في اليمن، وسجن المغرد السعودي رائف بدوي، والحكم بالإعدام على المراهق الشيعي علي النمر، لمشاركته في مظاهرات ضد النظام،
وكشف الموقع أن السعودية وقعت اتفاقين مع كل من شركة" ايدلمان" العملاقة للعلاقات العامة، التي تعتبر الأضخم في العالم، وشركة" بوديستا غروب"، وفي العام الماضي كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن أن السعودية تنفق ملايين الدولارات على شركات ضغط ومحاماة وعلاقات عامة؛
لترويج سياساتها في أمريكا وأمام الأممالمتحدة، وسط التوتر الكبير في علاقاتها مع واشنطن والظروف الحرجة التي تمر بها على مستوى المنطقة وملفاتها الساخنة خاصة سوريا واليمن، وقالت الصحيفة في تقرير لها، نقلا عن سجلات وزارة العدل الأمريكية، إن عددا من أبرز شركات المحاماة والضغط والعلاقات العامة في واشنطن مكلفة حاليا بمهام من قبل مؤسسات حكومة سعودية، ومنها شركات Podesta Group" و BGR Government Affairs" و"DLA Piper" و"Pillsbury Winthrop".
وفي العام الماضي أيضا ذكرت صحيفة" ديلي تلغراف" أن شركة توني بلير الاستشارية طلبت مبلغ 35 مليون دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة، مقابل خدمات لتحسين صورة هذا البلد الخليجي، وبناء علامة مميزة للتأثير والنفوذ، وكشفت الصحيفة عن أن المقترح الذي قدمته شركة توني بلير لوزارة الخارجية الإماراتية هو لقاء عقد مدته خمسة أعوام، تتلقى فيها الشركة 7 ملايين دولار في العام، حيث طلبت شركة "توني بلير وشركائه" (تي بي إي) "رسوما مهنية"، بقيمة 6 ملايين و210 آلاف في العام، بالإضافة إلى 688 ألفا لتغطية نفقات الشركة السنوية.
وفي العام الماضي أيضا استعانت الحكومة التركية بخدمات شركة “APCO” العالمية المتخصصة في العلاقات العامة، مقابل أن تقدم الشركة خدمات العلاقات الإعلامية واتصالات الأزمة، والتوعية، واستراتيجية خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي والتنمية داخل الولاياتالمتحدة من أجل تعزيز العلاقات الإيجابية بين تركياوالولاياتالمتحدة،
وفقًا للعقد الذي وقّعه كل من نيل كوهين، رئيس قسم استراتيجيات العملاء ونائب رئيس مجلس الإدارة، وسفير تركيا لدى الولاياتالمتحدة، سردار كيليك.
وهناك شركة «كورفيس»، التي تعمل في نفس المجال فمقرها واشنطن وتعمل لصالح شركة "بيل بوتنجر" البريطانية وتتعاون مع عدة حكومات في المنطقة العربية،
كما تعمل لصالح شركات كبرى بهدف تنظيم حملات سياسية وعلاقات عامة بما في ذلك إصدار البيانات الصحفية وإجراء اللقاءات مع المؤثرين في صنع السياسة والقرار على مستوى التشريع والتنفيذ وترتيب إجراء المقابلات الإعلامية في التلفزيون والصحافة والتواصل مع اللوبيات المؤثرة.
كما أن مصر كان لها العديد من التجارب أيضا، ففي 2013 أعلنت وزارة الخارجية التعاقد مع شركة علاقات عامة أمريكية مشهورة “جلوفر بارك” بهدف تحسين صورتها أمام مراكز صنع القرار في واشنطن،
وبحسب صحيفة المونيتور الأمريكية، فإن الشركة نجحت في تحقيق أهداف الحكومة المصرية، موضحة أن وزارة الخارجية الأمريكية طلبت من الكونجرس الموافقة على برنامج المساعدات لعام 2017 المخصص لمصر والبالغ 1.3 مليار دولار دون أي انتقاص
إما عن إعلان تلك الشركات عن هذا التعاقد والذي ادعى البعض أنه خيانة للتعاقد أو تسريب، فهذا غير صحيح، ولكن هناك قانون أمريكي يلزم الشركات بالإعلان عن تسجيل التعاقدات مع العملاء الأجانب والمعروف اختصارا باسم" FARA"، ولذلك نشرت وزارة العدل الأمريكية خبر التعاقدات في نهاية فبراير الماضي