نائبة وزيرة التضامن تشهد احتفالية توزيع جوائز مسابقة "إنجاز العرب" للشباب رواد الأعمال    مجلس جامعة القاهرة يوافق على توفير 26 منحة دراسية لأبناء المحافظات الحدودية    مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 بمحافظة السويس    انخفاض أسعار الذهب عالميا ل 4005.54 دولار للأوقية مع صعود العملة الأمريكية    أسعار البيض اليوم الجمعة 31 أكتوبر    وزير الصناعة والنقل يتابع جاهزية الطريق الدائري والمحاور الرئيسية المؤدية إلى المتحف المصري الكبير    شهادة الادخار الرباعية من البنك العربي الإفريقي.. عائد تراكمي 100% خلال 4 سنوات ومزايا استثمارية جذابة    سعر الريال السعودي في بداية التعاملات اليوم 31 أكتوبر 2025    اتصالات لوزير الخارجية مع نظيره الايرانى والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    الإعصار «ميليسا» يغادر كوبا نحو الباهاماس ويخلف نحو 50 قتيلا    استئناف محادثات الحدود الأفغانية-الباكستانية في إسطنبول الأسبوع المقبل    نزوح أكثر من 4500 سودانى فى كردفان بسبب انتهاكات الدعم السريع    الأهلي ينتخب مجلس جديد.. والتزكية تقترب    ديربي الرياض.. تشكيل الهلال المتوقع أمام الشباب في الدوري السعودي    آدم كايد يغيب عن الزمالك فى السوبر المحلي بالإمارات    انطلاق التصويت بانتخابات النادي الأهلي    سيولة مرورية في شوارع وميادين القاهرة الكبرى اليوم الجمعة    العظمى 27.. تعرف على حالة الطقس اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 في بورسعيد    إصابة ربة منزل وزوجها ونجلهما ب«مادة كاوية» في مشاجرة بالجمالية    مصرع شاب أصيب فى حادث اصطدام أتوبيس بعربة كارو وإصابة والدته بكرداسة    بالصور.. سقوط هادي الباجوري وزوجته خلال رقصهما في حفل زفافهما    سفيرة المكسيك بالقاهرة تحتفل بيوم الموتى بمزيج من التراثين المكسيكي والمصري القديم (صور)    نقابة العاملين بالصحافة والطباعةعن افتتاح المتحف الكبير: ميلاد "الهرم الرابع"    لوموند تشيد بالمتحف المصرى الكبير..أكبر صرح فى العالم مخصص لحضارة واحدة    هل اعتزلت حلا شيحة الفن؟..والدها يحسم الجدل    وكيل مديرية الصحة بدمياط تتابع سير العمل بمركز طب أسرة ثاني والسنانية    قرارات جديدة بشأن البلوجر مايا علي في اتهامها بنشر فيديوهات خادشة    أسعار مواد البناء في مصر اليوم الجمعة    «تالجو وروسي».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    أول ظهور للمطربة الشعبية رحمة محسن بعد ضجة الفيديوهات المسربة (صور)    تراجع أسعار الذهب عالمياً في بداية تعاملات الجمعة    شاشات عرض عملاقة بالميادين والأماكن السياحية بجنوب سيناء لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير    «زي النهارده».. استقالة مهاتير محمد من حكم ماليزيا 31 أكتوبر 2003    بعد إعلان ترامب.. «فانس» يدافع عن التجارب النووية وبيان مهم ل الأمم المتحدة    «آخره السوبر.. مش هيروح بالزمالك أبعد من كدة».. أحمد عيد عبد الملك يوضح رأيه في فيريرا    هيجسيث يأمر الجيش بتوفير العشرات من المحامين لوزارة العدل الأمريكية    قوات الاحتلال تداهم عددًا من منازل المواطنين خلال اقتحام مخيم العزة في بيت لحم    مصدر مقرب من حامد حمدان ل ستاد المحور: رغبة اللاعب الأولى الانتقال للزمالك    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل محافظ القاهرة لتهنئته بانتخابه لرئاسة المجلس    موعد وشروط مقابلات المتقدمين للعمل بمساجد النذور    وفري فلوسك.. طريقة تحضير منعم ومعطر الأقمشة في المنزل بمكونين فقط    محمد مكي مديرًا فنيًا ل السكة الحديد بدوري المحترفين    واشنطن بوست: ترامب أراد هدية واحدة في آسيا ولم يحصل عليها هي لقاء كيم جونج    افتتاح ميدان النيل على الطريقة الفرعونية.. فتاة بزي نفرتيتي تحمل مفتاح الحياة وتسلمه لمحافظ المنيا في موكب احتفالي    سقوط هايدى خالد أثناء رقصها مع عريسها هادى الباجورى ومحمد رمضان يشعل الحفل    مواقيت الصلاة فى الشرقية الجمعة حسب التوقيت الشتوي    د.حماد عبدالله يكتب: "حسبنا الله ونعم الوكيل" !!    سنن يوم الجمعة.. أدعية الأنبياء من القرآن الكريم    ندوة «كلمة سواء».. حوار راقٍ في القيم الإنسانية المشتركة بالفيوم    إصابة 12 شخصاً في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    مش هتغير لونها.. طريقة تفريز الجوافة لحفظها طازجة طوال العام    التخلص من دهون البوتاجاز.. طريقة سهلة وفعّالة لتنظيفه وإعادته كالجديد    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    بث مباشر.. مشاهدة مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي في دوري أبطال إفريقيا 2025    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوك‏.. لوك
نشر في بوابة الشباب يوم 03 - 07 - 2011

لو‏ قسنا‏ حجم‏ الكلام‏ الذي‏ تكلمته‏ البشرية‏ منذ‏ بدايتها‏.. منذ‏ انتصب‏ الإنسان‏ واقفا‏ بعد‏ أن‏ كان‏ يمشي‏ علي‏ أربع‏.. و‏ اكتشف‏ تلك‏ الآلة‏ العجيبة‏ التي‏ تطلق‏ أصواتا‏ من‏ داخل‏ زوره‏ حتي‏ الآن‏.. سنكتشف‏ أننا‏ في‏ مصر‏ و‏ منذ‏ أول‏ يوم‏ في‏ الثورة‏.. قد‏ تكلمناه‏ كله‏.. جبنا‏ العداد‏ من‏ أوله‏.. و‏ يمكن‏ قلبناه‏ كمان‏.‏
يبدو أننا كنا نمارس رياضة الصمت لسنوات عديدة .. و فجأة فتحنا في الكلام ولكن بلا توقف .. لو كانت هناك أجهزة كونية تقيس حجم الضجة الصادرة عن حناجرنا .. أعتقد أنها كانت سترصد ظاهرة غير مسبوقة .. في هذه المنطقة من العالم .. يوجد ستة و ثمانين مليون بني آدم .. منهم حوالي سبعين .. ما بطلوش رغي بقالهم خمس شهور .. و شكلهم مستمرين في المسيرة .. و ناويين يرغوا و يزيدوا بتاع حقبتين تلاتة كمان ..
وبما إن الكلام ده مجهود .. عضلة شغالة بلا توقف .. فهي تستهلك شوية حاجات جنبها .. تجهد المخ في المقام الأول .. توقف نشاطه وتحول كل ملفاته لخدمتها هي فقط .. حتي أنني أكاد أسمعه يصرخ .. استني أما افكر طيب .. انا عمال أدي أوامر للأجهزة المساعدة فقط .. الغدد اللعابية والأحبال الصوتية و عضلات التعبير في الوجه .. وفك صواميله قربت تهرهر من كتر الحركة .. وفتحتين مناخير عمالين يوسعوا وشكلهم ناويين يستمروا في توسيع الدايرة رافضين العودة لحجمهم الطبيعي .. وعضلات رقبة تنفر وتستكين .. وصارفلك إيدين تشوح بيها .. ومش مديني فرصة اشتغل شغلي الأصلي .. استني طيب أجمعلك أفكار تتكلم و تحنجر بيها .. أنا أديتك شوية المعلومات اللي كنت محوشها طول السنين اللي فاتت .. و لكني عطلان منذ خمسة أشهر .. ما خزنتش ولا معلومة جديدة ..
يابني مش اتفقنا ان المعلومات اللي كانت بتتكون في العالم في عشر سنين .. و انت بدورك تحصلها في عشر سنين زيهم .. أصبحت تتكون في يوم واحد في هذا العصر المعلوماتي التكنولوجي السريع .. سرعة انتشار ووصول المعلومة سبق الضوء و الصوت و النفس .. و انت واقف مطرحك ما بتتحركش .. بتتكلم بس .. ماهو أنا لو أملك أشغللك أجهزة الكلام دي عالتوماتيكي .. زي الطيار التوماتيكي كده .. واسيبك و اروح أجمع معلومات جديدة .. ما كنتش اتأخرت .. لكن انت ما بترحمش ..
خمسة أشهر مارسنا فيها كل أنواع الكلام .. الهاتف و الهادف و الزعيقي والحنجوري و العاقل و اللئيم و الخبيث والوضيع و الجارح و المخلص و المحب .. كل الموديلات ..
فينا من خطب و هتف بإخلاص و إيمان مناديا بكل القيم النبيلة .. و فينا من خطب بهدف الزعامة و الزعيق و الطلوع في التصاوير و التساجيل و اليوتيوبات .. و فينا من جعر في الميكروفونات و هو يتحسس الرزمة في جيبه و يتلمس العلامات البارزة عليها .. و كان أثناء إلقاء الكلمات الرنانة والعبارات المهيجة التحميسية مشغل الآلة الحاسبة .. حاحط الدولارات في الحساب ده والريالات في الحساب دوكهوا .. و فينا من جلس أمام الكاميرات و أقلام الصحفيين يحكي حواديت كلها كذب و ادعاء بطولة .. ونهش في سيرة ناس لم يكن يجرؤ أن يعبر من الطريق اللي جنب الهاي واي اللي تحت الكوبري اللي علي ناصية الميدان الذي كان يسكن به هؤلاء الناس .. و منا من جلس يتناظر في مؤتمرات و يعدد أسباب و مزايا ومقومات حزب .. و منا من انجعص علي منصة في تجمع و هاتك يا تحريم و تقفيل وارهاب وسد نفس و بث روح فرقة و قتامة قالبا معني التكفير و الهجرة إلي التفكير في الهجرة .. ومنا من اصطاد برامج التوك شو ليصعب علينا رؤية ملامحه من كتر التفتفة اللي ملت الشاشة .. قمة في الزرزرة والحماقة و براعة متناهية في إطلاق عبارات صاخبة تخرج من زوره في هيئة بلغم .. وآخرين اتفردوا قوي وقرروا ينزلوا انتخابات الرئاسة و عرضوا برامجهم بمنتهي القناعة إن هي دي اللي حاتجيبلنا الدوري .. ده أقصي طموح ومنتهي سقف الخيال ..
و منا من تزعم المظاهرات و الوقفات والاعتصامات وقطع طرق المواصلات واستعراض كل مظاهر التخلف و الفوضي والهبل ..
و منا فئة ناصحة قوي بقي .. اشتغلت بنظام مزدوج .. بق و إيد .. حاجة كده عاملة زي التوافق العضلي العصبي .. حنك شغال بسرعة و إيد بتكتب بلاغات في أي حد وكل حد .. و جري عالنائب العام .. الشعب كله مبلغ في الشعب كله ..
خمسة أشهر من الضجيج .. قليله مفيد .. ومعظمه استهلاك للطاقة مما يعتبر ليس غريبا علينا .. فنحن شعب استهلاكي بطبعه .. حتي في الكلام .. ملوك اللوك لوك ..
كان مفهوما في البداية .. و الواحد قال لنفسه .. ياللا .. مكتومين بقالهم عقود .. خليهم يتفكوا شوية .. اكيد حايقولوا كلام مفيد .. مانتي كمان بتتكلمي .. لكن اللي قالوا كلام مفيد قلة .. و الباقي لوك لوك ..
خلاص .. استعرضنا كل فنون الكلام بجميله و أقبح قبيحه .. لعبنا كتير و هزرنا كتير .. مش نشتغل بقي ..
مش نسيب التخصصات تاخد مكانها وتلعب دورها .. مش ندي فرصة بقي للناس اللي احنا قاعدين لهم عالواحدة دول .. دي الست لو واقفة تطبخ و جوزها .. اللي هو جوزها مش حد غريب .. و اللي حياكل الأكل ده .. دخل وقف جنبها في المطبخ .. الطبخة بتبوظ .. إيشحال بقي الأجهزة المعنية ..
مش ورانا أكل عيش احنا كمان .. وللا نايمين علي ثروات و مش عارفين نودي الفلوس فين .. مش نشتغل بقي ..
فجأة اكتشفت أني تعبت .. و زهقت .. وللا أقول يئست .. لكن تنبهت في لحظة إن اللي بقوله بعيده .. و نظرت حولي .. لما أبقي عندي جديد حاتكلم بقي .. أما الآن .. فهناك مسئوليه و أرزاق و بيوت ناس و صناعة واقفة و حالة كرب .. أنا خلصت الكلام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.