الأمومة غريزة وضعها الله فى المرأة كي تصبح مؤهلة نفسيا لتحمل فترة الحمل والولادة، لكن للأسف لم يعد للحمل والولادة مكانتها كما كان فى السابق ،حيث تحولت هذه الفكرة إلى بيزنس ل "تأجير الأرحام"بغرض الحصول على ربح مادى، وعلى الرغم من ظهور قضية تأجير الأرحام منذ سنوات طويلة إلا أنها عادت لتثير جدلا جديدا فى مصر. وكان عدد كبير من العلماء وأطباء مصر وأساتذة الأزهر قد أعلنوا رفضهم التام لفكرة تأجير الأرحام وأرجعوا السبب إلى مايؤديه ذلك لاختلاط الأنساب وخطورة على الأطفال الذين ينتجون عن هذه العملية .. "تغريد" تؤكد: أتقاضي 40 ألف جنيه .. ولو استسهلت الخطأ كنت بعت جسدي د. ملكة زرار تعتبره نوعاً من البغاء.. و د.ياسين زين الدين يحذر من الأمراض الوراثية.. ودار الإفتاء تؤكد: حرام
وكانت أمانة الفتوى بالأزهر قد أصدرت فتوى لأحد الأشخاص عن تأجير رحم امرأة ليكون بديلا عن رحم زوجته التى أجزم أطباء بعدم قدرتها على الحمل، مع مراعاة المعايير الطبية فى ذلك، وكان نص رد دار الإفتاء كالتالى:"إن تأجير الأرحام من أجل الولادة حرام شرعا لما فيه من مفاسد تتلخص فى إفساد معنى الأمومة كما فطرها الله وعرفها الناس، وصَبغُها بالصبغة التجارية، مما يناقض معنى الأمومة التى عظمتها الشرائع. وهذا المعنى وذلك التعظيم لا يكون من مجرد بويضة أفرزها مبيض امرأة ولَقحَها حيوان منوى من رجل، إنما تتكون من شىء آخر بعد ذلك مثل الوحم والغثيان والوهن فى مدة الحمل، والتوتر والقلق والطلق عند الولادة، والضعف والهبوط والتعب بعد الولادة، فهذه الصحبة الطويلة هى التى تولد الأمومة، كما أن تغطية الأمومة بهذا الحاجز الضبابى يؤدى إلى تنازع الولاء عند الطفل بعد الإنجاب: هل سيكون ولاؤه لصاحبة البويضة، أو للتى حملته وأرضعته؟ مما قد يعرضه لهزة نفسية عنيفة؛ إذ إنه لن يعرف إلى من ينتمى بالضبط: إلى أمه الأولى أم أمه الثانية؟ ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح. وكان الشيخ محمد الراوي الداعية الإسلامي المعروف وعضو مجمع البحوث الإسلامية قد أعلن منذ فترة طويلة عن رفض علماء المسلمين بالإجماع قضية تأجير الأرحام أو حتى مجرد مناقشتها قائلا : إذا كان الغرب يقبلها فإن المسلمين ليسوا مضطرين لقبولها ، مؤكدا أن الإسلام وضع الكثير من الحلول للقضاء على مشكلة عدم الإنجاب أهمها وأبسطها إباحته لتعدد الزوجات وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد كتب على المسلم عدم القدرة على الإنجاب ولن تجدي معه الحلول التي طرحها الإسلام فان ذلك لمشيئة لايعلمها إلا الله وهي في المقام الأول خير للإنسان العاقر وضرب مثالا على ذلك بأن الإنسان الذي لايملك القدرة على الإنجاب رحمه الله من ابن عاق قد يزيد من همومه ويثقل كاهله بانحرافه أو بمشاكله وما أكثر الأبناء العاقين في هذا الزمان الذي أصبحت فيه قضية تأجير الأرحام طبيعية واختلاط الأنساب يتزايد يوما بعد يوم.
كما أثار ظهور إحدى السيدات التى تدعى "تغريد" فى وسائل الإعلام منذ فترة والتى قامت بتأجير رحمها مقابل 40 ألف جنيه،قلق الكثيرين من احتمالية تفشى هذا الأمر فى المجتمع أو اقتناع أخريات بتفكيرها ومحاولة تقليدها .وبررت تغريد تصرفها بأنها أرملة منذ عامين ولديها طفل واحد وعانت كثيرا من قسوة الحياة وعدم وجود قوت يومها فاتجهت إلى تأجير رحمها بمقابل مادي. وأكدت تغريد - وهو اسم مستعار - انها ظهرت بالنقاب حتى لا يتعرض لها أحد أو يفكر فى إيذائها ،وأضافت :"أتساءل ما الذي يمنع من تأجير رحمي، فأنا أرملة وعمري 30 سنة، وفكرت في عمل من المنزل على الانترنت ولم أجد سوي التسويق ولا يتعدى الدخل من سوى ألف جنيه ، وفي الهند، وإيران، وتركيا، مشاع تأجير الأرحام بصورة واسعة، وأنا بكالوريوس تجارة، وحصلت على عروض من العديد من الدول عبر شبكة الإنترنت، واخترت أسرة لبنانية تزوجوا منذ عشر سنوات وفشلوا في الإنجاب". وأكملت: ''أنا لست ضد مشيئة الله ولكن الله لم يمنع من استخدام العلم وما تم معي أنه بدلاً من وضع طفل الأنابيب في الحضانة، أن يوضع في رحمي وبمجرد أن ألد الطفل ستحصل الأسرة على الطفل، وعرضت علي أن أحصل على 40 ألف جنيه كمكافأة وكذلك ستقوم بدفع الإيجار وتعطيني 1200 جنيه شهرياً، وستتكفل بمصاريف الولادة والمتابعات لدى الأطباء، وأنا حتى لن أقوم بإرضاع الطفل، وأنا لو استسهلت كنت بعت جسدي في الدعارة". وأبدت د.ملكة زرار أستاذ الشريعة والقانون بجامعة القاهرة،إستياءها الشديد مما قالته تغريد مؤكدة على أنه ينبغي على تغريد التحلي بتقوى الله، لأنها تقوم بإيجار طفل لم يولد بعد وهو أمر يختلف عن الرضاعة لأنها لا تدخل في الحيوانات المنوية والبيوضات فهو خارجي وبعد إنجاب الطفل، مشيرة إلى أن القرآن والإنجيل والتوراة والتلمود فكل الأديان السماوية لا تبيح ذلك، بل إن القانون المدني يؤكد أن إيجار الأرحام بعقد هو باطل بسبب بطلان المشروعية والباعث على هذا العقد فهذا يعتدي على النظام العام وحق الطفل المسكين الذي لم يولد بعد فإيجار الأرحام يدخل في مجال البغاء. وبالإضافة إلى رفض الدين لفكرة تأجير الأرحام،فالطب أيضا يرفض هذا التصرف على اعتبار أنه قد يتسبب فى مشاكل صحية للطفل الوليد خاصة فى حالة إصابة الأم المؤجرة ببعض الأمراض التى قد تنتقل بسهولة إلى الطفل،هذا ما يؤكده د.ياسين زين الدين استشارى النساء والتوليد والعقم فى تصريحات خاصة ل"الشباب"، وأشار إلى أن الطفل الناتج عن عملية تأجير الرحم قد يولد مشوهاً أو يحمل مرضا رواثيا تعانيه الأم المؤجرة،فهل ستقبل الأم الأصلية بابن مشوه أو يحمل أمراضاً وراثية؟..وأشار إلى وجود انقسام حول قضية تأجير الأرحام مابين المؤيد والمعترض في المجتمعات الغربية مؤكدا على أن الرأي المؤيد يحظى برضاء الأمهات اللاتي يؤكدن سعادتهن بتأجير أرحامهن، بينما يرى المعارضين أن تأجير الأرحام هو نوع من السخرة واستغلال حاجة الفقراء للأموال وهو مايؤدي في النهاية إلى وجود أكثر من أب وأم للطفل الواحد . وأضاف أنه من بين المشكلات التى قد تترتب على تأجير الأرحام حيث قد يحدث نزول بويضتين في شهر واحد لدى المرأة وقد يحدث لها حمل في نفس الشهر الذي قامت فيه بتأجير رحمها مما يؤدي إلى حملها في توأم فكيف سيتم التفريق بين الأنساب في هذه الحالة ؟! ..وأنهى د.زين الدين حديثه قائلا : ليس كل ما يصل إليه العلم يمكن تطبيقه لأننا فى النهاية نعيش فى مجتمع يحترم الدين والأعراف وبنية المجتمع فأحيانا يتوصل العلماء إلى أشياء يصعب تطبيقها خاصة إذا كان تطبيقها منافيا لأحكام الشرع والدين.