واحد وعشرون ألف ساعة قضاها في الغابات الاستوائية يتجول بين 63 دولة ومن أجل هذه الجولة ترك وظيفة كبير المهندسين في كبري الشركات الأوروبية ومرتبا كبيرا جدا , مما جعل من حوله يتهمونه بالجنون فقد ذهب الي الغابة ليؤلف كتابا بعنوان الغابة والرحالة من 444 صفحة , أحدث ضجة في أوروبا بالنسبة للكتب المترجمة إنه المهندس أحمد الشهاوي , الذي لقبته الصحافة الأوروبية بابن بطوطة الثاني , حاورناه لنعرف تفاصيل تحوله من الهندسة الي الترحال والتجوال بين غابات العالم . كيف جاءت هجرتك للنمسا وحصولك علي جوائز رفيعة في تصميم الماكينات؟ أنا خريج كلية الهندسة وجاءتني معلومة أن أشهر كلية في تصميم الماكينات الهندسية علي مستوي أوروبا توجد في النمسا بمدينة جراتس وبالفعل سافرت الي هناك للالتحاق بها ولكنهم لم يعترفوا بشهادتي المصرية وبدأت الدراسة من جديد حتي تخرجت عام 1991 بدرجة الماجستير وعملت في كبري الشركات الأوروبية في تصميم الماكينات وحصلت علي جوائز كثيرة في مجال الابتكار والاختراع فأنا أول مصري يقوم بعمل روبوت يعمل علي درجة 100/1 من الملليمتر بدون توقف ولمدة 24 ساعة وسنين متصلة وأخذت عنه جائزة أحسن ابتكار هندسي في غرب النمسا . ما علاقة الهندسة بالترحال؟ الهندسة ترحال في العقل وأنا اعتبر أن الترحال قد بدأ بحلم والهندسة كذلك بدأت بحلم أيضا وكيفية تحويل الحلم الي حقيقة . قرار ترك الهندسة والاتجاه الي الترحال كان قرارا سهلا أم صعبا عليك وكيف اتخذته؟ صعوبة هذا القرار تتمثل في أن الناس لن تفهمه لأني كنت أحصل تقريبا منذ 20 عاما علي مرتب 100 ألف شلن نمساوي أي مايوازي 15 ألف دولار وأن أترك كل ذلك وأتجه للترحال وذلك بعد أن استقر بي الأمر في الهندسة سألت نفسي سؤالا واحدا : وماذا بعد؟ فأنا شعرت أني قدمت كل شيء لدي في مجال الهندسة وليس عندي أي جديد كي أستطيع تقديمه إلا أني اشتغل وأحصل علي راتب كبير ومش دي الحياة فقررت أن أتمرد علي هذا الوضع الكلاسيكي وأنا خلال السنين التي عملتها كونت مبلغا كبيرا يكفيني للعيش مرتاحا فقررت أن أبدأ الترحال . كيف جاء عشقك للترحال والتخطيط لأولي رحلاتك؟ منذ وجودي في مصر وأنا أحب السفر والتنقل فكنت أركب الأتوبيس دون أن أعرف الي أين يتوجه فيذهب الي أي مكان أقضي يومين أو ثلاثة ثم أرجع وعندما كنت في مرحلة الجامعة كان لي زميل صيني قال لي إن لديهم غابات لم يدخلها بشر وهي غابات مغلقة في جنوب غرب الصين في منطقة اسمها سيش وانج بانا وقلت له إني في يوم ما سوف أذهب إليها وبالفعل كانت أولي رحلاتي الاستكشافية إليها . ماهي الأدوات التي تأخذها معك في تلك الرحلات؟ سكين وعصا لطرد الثعابين الخطيرة ولا آخذ معي سوي بنطلون واحد وآكل وأشرب من الغابة . أطلقت عليك الصحافة النمساوية لقب أول رحالة عربي بعد ابن بطوطة فكيف جاء هذا اللقب؟ أنا اعتقد أن صحة هذا اللقب وإن كنت لم أطلبه لنفسي حقيقية لأني بالفعل ذهبت الي كل الأماكن التي ذهب إليها ابن بطوطة وجاءت العلاقة بيني وبين ابن بطوطة في جزيرة ب سريلانكا اسمها ابن بطوطة نسبة الي ابن بطوطة بالرغم من أن أهالي سريلانكا لايعرفون ابن بطوطة وهناك أيضا نهر يحمل اسمه وعندما صعدت الي جبل آدم الذي صعده ابن بطوطة منذ 700 سنة شاءت الأقدار أن أكون في نفس السنة التي صعد فيها حيث كان عمري حوالي 40 عاما . تحدثت عن هذا الجبل في كتابك واصفا إياه بأنه الجنة فلماذا هذا الجبل تحديدا؟ قيل إن أول ما وطئت قدم سيدنا آدم الأرض كان ذلك علي قمة هذا الجبل والحجاج يذهبون سنويا لزيارة أثر القدم الموجودة فوق قمة هذا الجبل وما لفت نظري في هذا المكان أنه النقطة الوحيدة الموجودة علي سطح الأرض التي تتجمع فيها الحضارات إلي جوار بعضها وهو نوع جميل من التوافق والسلم والمؤالفة فالمسلمون يذهبون إلي هناك لزيارة أثر قدم سيدنا آدم والمسيحيون لزيارة أثر القديس توماس الذي أدخل المسيحية في سريلانكا والبوذيون ليزوروا أثر بوذا والهندوس ليزوروا أثر قدم الإله شيسا والصعود إلي قمة هذا الجبل عملية صعبة جدا تستغرق ست ساعات . ماهو هدفك من وراء القيام بكل هذه الرحلات؟ أنا شخصيا متحير في ذلك فهل هو فعلا بحث عن الذات أم هو البحث عن المغامرات أم هي خطي كتبت علي ومن كتبت عليه خطي لابد ان يمشيها أم هي البحث عن الجنة المفقودة أو المدينة الفاضلة ولكن الرد الدقيق أنني لا أعرف بالفعل ولكني أشعر أنني أجد الجنة هناك . ألا تفتقد المدينة والضجيج وأنت في هذا الهدوء المميت بالغابات؟ لا أفتقد المدينة والضجيج لأني تشبعت منهما بما فيه الكفاية ووجدت ان المدينة غير قادرة علي اعطاء السعادة الكاملة . تعرضت للموت أكثر من مرة فماهي أكثر المرات خطورة؟ في غابات ماليزيا الاستوائية وأنا نائم علي الشبكة وقع جسم غريب علي بطني فتخيلت أنه جذع شجرة ولكني عندما نظرت إليه وجدته ثعبان كوبرا طوله 2 متر و 20 سم يبتلع سحلية ( لجوانا ) وهي من أخطر أنواع السحالي هناك . الكتاب الذي ألفته بعنوان الغابة والرحالة أحدث ضجة كبيرة في الأوساط الأوروبية ففي رأيك ما سر نجاحه ؟ أنا أري أن سر نجاحه هو أنه واقعي وكل ما تضمنه حدث معي حرفيا دون تطويل أو تهويل وأؤكد فكرة أن الله قد خلق الطبيعة الجميلة من أجل البشر وأنا لا أستطيع أن اتجاهل كل ذلك واقضي عمري بين أربعة جدران وقد جربت ذلك بالفعل ولكني وجدت أن أفضل نوم ما كان في ظل شجرة وأن أفضل غذاء ما أكلته بعد الجوع وأفضل راحة ما كانت بعد تعب ووجدت الحرية في راحة البال ووجدت راحة البال في الخلوة مع نفسي ووجدتها داخل الغابات الاستوائية . هل تنصح الشباب أن يسيروا علي خطاك في الترحال؟ أنا لا أنصح أي شخص أن يفعل مثلي فأنا رأيت الموت بعيني مرات عديدة في الغابات الاستوائية فهناك لدغت من كائنات وثعابين لا أعرف حتي اسمها .