رئيس جامعة القاهرة يترأس لجنة اختيار المرشحين لعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية    ارتفاع الذهب في مصر استجابة لتحرك السعر العالمي    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 10-5-2024 في الدقهلية    إزالة 32 حالة تعدي على أراضي الدولة ضمن حملات الموجة ال 22 في الشرقية    رفع 29 ألف طن مخلفات بالمنوفية خلال أبريل الماضي    مصدر رفيع المستوى: الحكمة في إدارة التفاوض لا تمنع مصر من حماية أمنها القومي بكل السبل    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    مواعيد أهم مباريات اليوم الجمعة 10-5-2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    مباريات الدوري السعودي اليوم.. 3 مواجهات قوية وظهور «شريف» أمام موسيماني    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 6 متهمين بارتكاب جرائم سرقات متنوعة بالقاهرة    ماس كهربائي وراء نشوب حريق محل بأكتوبر    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    مواعيد قطارات القاهرة إسكندرية المكيفة 2024 بعد التعديل لموسم الصيف    جامعة المنيا تحصد 4 مراكز متقدمة في مهرجان إبداع على مستوى الجمهورية    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    بروتوكول تعاون بين «تيودور بلهارس» و«طب الزقازيق» في مجالات التعليم والتدريب    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    سويلم: الحضارة المصرية رائدة في وضع تقنيات للري تعد الأقدم بالتاريخ    وزارة التموين تسلم 2.3 مليون طن قمح محلى من المزارعين حتى الآن    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    "يا عزيز عيني" فانتازيا أسطورية تحكي عن إيزيس وأوزيريس بطنطا    الفنانة يسرا اللوزي تشيع جنازة والدتها عقب صلاة الجمعة    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    حصاد جامعة حلوان الأسبوعى    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبدالحليم محمود بالشرقية    6 تخصصات.. "صحة مطروح" تطلق قافلة طبية في العلمين    ترفع الكوليسترول وتضر القلب.. 5 أطعمة احذر تناولها على الإفطار    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    وزير العمل يتابع إجراءت تنفيذ مشروع "مهني 2030" مع "اللجنة المختصة"    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    فريدة سيف النصر ضيفة عمرو الليثي في «واحد من الناس».. الإثنين    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى (صور)    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هو وهي
من غير عنوان
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 01 - 2011

أيام ربنا ما يعيدها‏..‏ كان التوجس فيها يسكن اليد والقلم والورق والأعصاب والدماء والجو‏..‏ كانت الخشية شعارا‏,‏ والخوف من الوقوع في أدني خطأ يعمل له ألف حساب وحساب‏,‏ والريبة من الوجه المبتسم أشد وطأة ممن يحمل ملامح العداء السافر‏, والكلمة محسوبة بالسحتوت‏,‏ واللسان حصان‏,‏ وكل من لديه اعتراض يبلعه حتي ولو بالزغطة‏,‏ أو يروح به هناك بعيد في محطة سكة حديد يفضفض به في آهة ساعة صفير القطار‏...‏ أيامها‏...‏ ناداني مصطفي أمين لمكتبه في الدور التاسع بأخبار اليوم فهرعت أطوي أدوارها وقلبي في صدري طائر مذعور يتخبط في كل اتجاه‏,‏ فسماعة التليفون لم تنقل إلي أذني سوي أمرا قاطعا باترا ساخطا موجزا في لفظة واحدة لا غير‏:‏ اطلعي‏..‏ وطلعت لأجد التوءمين الغاليين مصطفي بك وعلي بك كل منهما يدور في توتر حول الآخر وبينهما صفحة الأخبار التي تحمل يوميات العقاد وبين فقراتها رسم صغير لا يتعدي الثلاثة سنتيمترات موقع بإمضائي‏,‏ وكنت وقتها أكمل مسيرة كمال الملاخ الفنية في أخبار اليوم قبل انتقاله للعمل بالأهرام‏,‏ وبالتالي عهد إلي علي أمين رسم يوميات كبار الكتاب‏..‏ ولأن علي بك كان أكثر التوءمين حنانا وأبوة طمأنني بنظرة جانبية مؤكدا لشقيقه مصطفي أنني لم أقصد تورية ولا إسقاطا سياسيا من الأنف الطويل في الرسم‏,‏ وأن المسألة ستمر بمشيئة الله بهدوء وبلا مضاعفات مؤسفة‏..‏ وتم تأميم أخبار اليوم واعتقل مصطفي أمين داخل الأسوار‏,‏ وهاجر علي أمين لأسوار الغربة‏,‏ وأتي للدار التي شاركت في إنشائها خالتهما أم المصريين بمصاغها حكام جدد ليصرخ التليفون في غرفتي اطلعي‏..‏ و‏..‏طلعت للدور التاسع لمكتب مصطفي بك الذي احتله علي بك الإمبابي وفي الغرفة الأخري كانت الحراسة تقف زنهارا أمام مكتب كمال رفعت رجل المخابرات السابق وعضو اللجنة العليا للاتحاد الاشتراكي‏...‏ كان الشياط يلقي بحممه في هجوم الإمبابي علي شخصي الضعيف وهو يشير إلي رسم الحمار المصاحب ليوميات الكاتب الكبير أنيس منصور‏..‏ قصدك إيه من الرسم ده؟‏!‏ ولم ينقذني من التردي في هاوية الإدانة إلا كمال الملاخ فقد كان الحمار حماره‏,‏ والمقال المصاحب لم تقع عليه عيني من قبل‏,‏ وقد استعان برسم الحمار المدان سكرتير التحرير من الأرشيف بطريقة عشوائية لسد ثغرة غيابي في اجازة مرضية طويلة‏..‏ ويومها لم أستطع تخيل مدي ذلك الضرر الذي كاد أن يحيق بي والذي قال لي عنه علي بك الجديد إنني نجوت منه بمعجزة‏!!..‏ تذكرت بالأمس تلك الأيام التي سكت فيها قلم الأستاذ أنيس لنفتقد لفترة مذاقه ورونقه وفيض معارفه لا أسكت الله بعدها له قولا ولا سطرا ولا حسا تذكرتها عندما استدعي رئيس مجلس الشعب هذا الأسبوع رئيس تحرير المصري اليوم‏(‏ للاستعانة برأيه‏)‏ بشأن كاريكاتير سياسي نشر في جريدته كانت شخوصه من قطط وكلاب‏,‏ وذكر مجدي الجلاد في برنامج العاشرة مساء أنه قبل مغادرته للنقاش الودي قام باحتضان رئيس المجلس‏..‏ بلدياته‏..‏ وصافي يا لبن حليب يا قشدة‏!!‏
مع بداياتنا الصحفية في أخبار اليوم في أوائل الستينيات كنا تلميذات مصطفي وعلي أمين نسير علي هدي نصائح المخضرمات في المهنة فنسرع الخطي أمام الباب المغناطيسي الواقع في نهاية الممر بالدور الأول من بعد دوران السلم تحسبا من الوقوع في نطاق الجاذبية التي لا تقاوم‏,‏ فخلف الباب الحدوتة يجلس في مكتبين متقابلين في حجرة مستطيلة ذات نوافذ مرتفعة عند السقف كما الزنازين يستطيع ساكناها أن يجعلاك في حضرتهما تشعر بعد لحظات كأنك تسكن جبل الأوليمب مع الآلهة فوق عند السحاب صاحبا القلم والشهرة والدعوة المفتوحة وطابور المعجبات‏..‏ أنيس منصور وكمال الملاخ‏..‏ كان الدخول إلي عرينهما في سن السذاجة والانبهار بمثابة المجازفة التي لا تحمد عقباها‏,‏ فكل منهما وما بالنا بالاثنين معا في حاجة لمواجهته لدروع وصمود ويقظة بالغة وعيون مفتوحة وذهن صاحي تخوفا من وقوع العظام الطرية والتكوين الهش وقلوب العصافير بين براثن المزاح الخشن‏,‏ وهوة خفة الظل‏,‏ ومتاهات الفلسفة‏,‏ وحتمية المنطق‏,‏ ومحاورات أفلاطون وتوت عنخ أمون‏..‏ كان كل منهما ظلا للآخر وبعد سنوات من الالتصاق يفاجأ أنيس بالملاخ يخبره بأن واحدا جاء إليه وترك بطاقته‏,‏ ويريد أن يقابله‏,‏ فينظر أنيس إلي البطاقة قائلا‏:‏ آه‏..‏ إنه ابن عمي‏..‏ ليفاجأ بسؤال الملاخ‏:‏ أنيس‏..‏ هل أنت مسلم؟ ولم يكن يخطر علي باله أنه مسلم‏,‏ فلهما أصدقاء من كل دين ولغة ولون‏,‏ ولكن أحدا لم يسأل الآخر عن دينه‏..‏ ولا وجدا لذلك ضرورة‏,‏ وفي أوائل ثورة يوليو كان من عادة الرئيس عبدالناصر أن يبعث ببطاقات المعايدة لكمال الملاخ في عيد الأضحي المبارك‏,‏ وأنيس في عيد الفصح المجيد‏,‏ مع أنه كمال وليم الملاخ وهو أنيس محمد منصور‏..‏
كانا يخرجان معا ويدخلان معا ويذهبان معا للموعد العاطفي‏,‏ وكانا قد عملا معا في الأهرام سنة‏1950‏ ليتركاه إلي أخبار اليوم ليعود الملاخ بعدها للأهرام‏,‏ ومن بعده أنيس منصور‏,‏ ولحقت بهما في عام‏..1964‏
كمال الملاخ‏..‏ دخلت ساحة الصحافة فوجدته قائما وسط الساحة بقامته المديدة ورأسه الكبير وجبهته السمراء البارزة بحواجبه الكثة ومشيته المختالة بالصدر العريض كأنه تمثال فرعوني مهيب‏!‏ يخيل إليك كأنه كان هنا منذ أول الزمان‏,‏ وسيظل هنا حتي آخر الزمان‏,‏ وبقي هكذا‏,‏ لم يتغير ولم يتبدل فيه شيء‏,‏ علي مدي عشرات السنين المتعاقبات‏..‏ ولكن‏..‏ لكل جواد كبوة ولكل أجل كتاب‏..‏ كان توليفة صحفية ابتدعها أو ابتدعته لم يسبق لها مثيل‏,‏ ولم يلحق بها شبيه‏:‏ فنون جميلة‏,‏ مهندس أثري‏,‏ خبير مصريات‏,‏ رسام وخطاط وكاتب وناقد فني للفنون التشكيلية والمرئية والمسموعة‏,‏ وإلي جانب ذلك كله كان صحفيا حتي أطراف أصابعه‏,‏ يتقن فنون الحوار‏,‏ واصطياد الخبر‏,‏ وإثارة أشواق القارئ‏,‏ وإخراج الصفحات‏,‏ فخرجت من مجموع هذه المواهب وتشابكها تلك التوليفة الصحفية الفذة التي ليس لها سابقة ولا لاحقة‏,‏ ولا يدخل مع غيره في باب من أبواب الصحافة‏,‏ ولا يدخل معه غيره في الباب الذي تنفرد فيه‏,‏ ولذلك لم تكن صفحته صفحة أدب‏,‏ ولا صفحة فن‏,‏ ولا صفحة مجتمع‏,‏ ولا صفحة عالم الحيوان‏,‏ ولا صفحة أوبرا‏,‏ ولا صفحة آثار‏,‏ ولكنها صفحة كمال الملاخ‏..‏ هكذا كان يسميها القارئ‏,‏ وهكذا كنا نسميها نحن أبناء المهنة التي جعلتنا نقرأ الجرنال من الشمال لليمين‏,‏ وهكذا كان تفرده بلون أو مزيج خاص به من خط العنوان إلي آخر سطر في الصفحة‏..‏ كان أول محرر يوقع باسمه علي خبر في الأهرام لهذا لقبوه بشامبليون‏,‏ ولم يكن توقيعه باسمه الحقيقي أول الأمر بل كان يكتب تحت اسم مستعار هو القناع الأبيض الذي اعترض عليه المسئولون في الأهرام فقرر أن يكتب اسمه بطريقته الخاصة التي يمد فيها ذيل حرف الخاء في الملاخ ليشتبك في ميم كمال‏,‏ وكما تغني أسمهان لبدع الورد كان للملاخ إبداعاته الخاصة التي توارثناها لتدخل أجروميتنا الصحفية فنختصر مثله الدكتور إلي د‏.‏ والمهندس والمحافظ إلي م‏.‏ وهو الذي اختصر حروف الجمهورية العربية المتحدة أثناء الوحدة بين مصر وسوريا إلي ج‏.‏ع‏.‏م‏,‏ وكنا نكتب في الأهرام بأسلوبين‏..‏ الأسلوب الخبري الذي تعلمناه في الجامعة من د‏.‏ خليل صابات ود‏.‏ إبراهيم إمام‏,‏ المحدد بالمقدمة ثم تفاصيل الخبر الأهم فالمهم‏,‏ وعندما نكتب لصفحة الملاخ نخلع أسلوبنا ونرتدي أسلوبه التلغرافي الذي يكتب به تحقيقاته وحواراته الصحفية المشهورة مع عمالقة عصره في الأدب والفن‏,‏ حيث قدم لنا أحاديثه المثيرة مع ملوك السينما العالمية مثل جريجوري بيك وجلين فورد وموريس شيفالييه وصوفيا لورين وجينا لولو بريجيدا ونري صورته معهم جميعا فننبهر بهذا العالم المضيء‏,‏ ونحلم بالاقتراب منه ذات يوم‏..‏ عالم كان من ضيوفه الدائمين والمقيمين في سطور من غير عنوان الأديب سومرست موم وسارتر ومحمود سعيد وطه حسين والحكيم والعقاد وأغاخان والبيجوم حبيبة والأخوة أدهم وسيف وانلي وحسين صبحي والنجمة لبني عبدالعزيز والفنانة صفاء أبوالسعود والنحات جمال السجيني والرسامة جاذبية سري وصلاح كامل مدير أكاديمية روما ومحاسن الحلو بطلة السيرك‏,‏ وكان لديه ضمن فريق كوماندوز الصفحة الأخيرة الزميلة ليلي القباني المتخصصة في أخبار حديقة الحيوان في شم النسيم وأحدث ما أخرجته المطابع من طوابع وما تعرضه القاعات من لوحات‏,‏ والزميلة غادة شهبندر التي تجوب الفنادق لتأتي بسيل من لقطات وأخبار مشاهير النزلاء لا يستطيع منافستها في طزاجتها أحد‏.‏
كان كمال الملاخ إذا ما جذبته شخصية ما يدور حولها‏,‏ يتقصي أخبارها‏,‏ يقترب منها‏,‏ يصادقها‏,‏ ويحاورها‏,‏ ويوثق صلته بها لتغدو مادة يومية تحت عنوانه من غير عنوان وقد تتسع المادة وتتشعب إلي أن تغدو كتابا مستقلا ضمن مؤلفاته المتنوعة التي ضمت‏32‏ كتابا منها قاهر الظلام عن طه حسين الذي تحول إلي فيلم سينمائي‏,‏ والحكيم بخيلا حول ذكرياته مع توفيق الحكيم الذي سأله الملاخ عن تصوره للجنة فأجاب‏:‏ مكان لا يوجد فيه فلوس ولا معاملات بالفلوس‏.‏ لأن الفلوس إذا كانت من المعدن فهي تصهر في النار لتصهرك بعد ذلك‏,‏ وإذا كانت من الورق فهي قابلة للاحتراق وتحترق معك بعد ذلك وفي كل الأحوال لها صلة بالنار وليس الجنة‏..‏ ويرسل توفيق الحكيم للملاخ كلمات نشرها له علي الصفحة الأخيرة في من غير عنوان في عدد الأهرام الصادر في صبيحة المعركة في‏5‏ يونيو‏1967:‏ يا من تحملون سيوفا أعطوني سيفا‏,‏ فعدو بلادي علي بابنا‏..‏ يا من ترفرف عليكم الأعلام‏..‏ حارسين لأعتابنا‏..‏ خلفكم رابضة قلوب‏..‏ كل قلب هو قلب أسد‏..‏ أخوة وأشقاء وضمائر كالنهار‏..‏ فإذا ألقي الباطل في وجه الشمس الغبار‏..‏ فبالله الذي نفسي بيده‏..‏ وبالنيل الذي يجري في العروق دما‏..‏ وبالطفل الذي ينظر لغده‏..‏ لسوف ترون المقعد يقفز من مقعده‏..‏ والشيخ يفجر من شريانه نهرا‏..‏ والأخرس يطلق بلسانه شعرا
وتتجمع لدي الملاخ مادة تفيض وتغيض عن بابه من غير عنوان حول سيدة الغناء أم كلثوم فتصدر في كتاب جاء ضمن معلوماته الجديدة أن سيد الغناء مثلت بطولة أوبرا عايدة عندما ترجمها وصاغها أحمد رامي من ألحان الموسيقار محمد القصبجي ومثل وغني أمامها فيها كل من إبراهيم حمودة‏,‏ وفردوس حسن‏,‏ وفتحية أحمد‏,‏ وفؤاد الرشيدي‏,‏ وعبدالغني السيد‏,‏ وكان رئيس الكهنة منسي فهمي‏,‏ أما فرعون مصر فكان يحيي شاهين‏,‏ وكان من غناء عايدة أم كلثوم بمفردها في الساحة قولها‏:‏
خدعت روحي في هواهوبنيت آمالي علي رضاه
ويصحب الملاخ أم كلثوم في احتفال محافظة السويس قبل حرب‏1967‏ بأربعين يوما ليتمشيا معا علي شاطئ السخنة الذي يبعد‏50‏ كيلومترا جنوب السويس فيسألها مداعبا‏:‏ هل تصورت لون البحر الأحمر‏..‏ أحمر؟ وأنت صبية؟ فترد أم كلثوم‏:‏ ماكنتش أعرف إلا الترعة‏..‏ الساقية كانت هي البحر‏,‏ والمسقي هو النيل‏..‏ المنظر اللي بياخذني فعلا هو فيضان النيل في الترعة‏..‏ يبقي الحشيش طالع أخضر من وسط المية‏..‏ ساعات كتير كنت أحن إليه أركب وأطلع للقناطر الخيرية خصوصا أيام ما كانت مية الفيضان لونها بني مش الرايقة‏..‏ ويعود الملاخ لسؤالها عن مفهومها لكلمة البحر؟ فترد أم كلثوم‏:‏ المثل بيقول إن فلان ده بحر وده يحمل معنيين‏:‏ بحر علم‏,‏ أو بحر غريق ماتعرفلوش قرار‏..‏ ويحمل الكلام السؤال‏:‏ ومنظر البحر امتي؟ في الشروق أم الغروب؟ فتقول أم كلثوم‏:‏ في الاثنين‏,‏ ولكن لا أحبه في الظهر‏..‏ في الشروق يعطيني أمل‏,‏ وفي الغروب موعظة‏,‏ وأحب أنواع السمك إليك؟ ترد أم كلثوم‏:‏ البلطي‏,‏ ويسأل الملاخ‏:‏ شكلا ولا موضوعا؟ فتجيبه ثومة‏:‏ لا‏..‏ طعما‏..‏ البلطي المشوي علي الطريقة بتاعتنا اللي بالردة‏..‏ واللؤلؤ؟‏!!‏ خرزة واحدة أو عقد بسيط دور واحد يلف الرقبة‏..‏ ويعود نافورة الأسئلة للسؤال‏:‏ إذا كنت راكبة زورق‏..‏ وانت بتجدفي ووقعت منك جوهرة ثمينة في الماء‏..‏ ماذا تفعلين؟ فترد أم كلثوم‏:‏ أتضايق لكن ماأغامرشي بنفسي علشان أجيبها‏,‏ ولا أعرض حد تاني للخطر وهو لا يعرف العوم‏..‏ وكان السؤال‏:‏ تميلين لركوب البحر‏..‏ أم لركوب الهواء؟ فيأتي جواب أم كلثوم القاطع الشامل الساخر‏:‏ أحب ركوب الأرض‏,‏ وبعدها ركوب الصعب‏,‏ وأكره ركوب الهواء بالهمزة وليس بالياء‏..‏
وتزهر معرفة كمال الملاخ بأغاخان زعيم الطائفة الإسماعيلية كتابا شيقا من بعد ما حفل باب من غير عنوان بالكثير من أخباره علي مدي سنوات طويلة وأكثر من ثلاثين لقاء ورفقة كان يذهب فيها مع أغاخان الذي يمارس رياضة الجولف في نادي الجزيرة‏..‏ أغاخان صاحب الضريح الشهير علي ربوة الجبل غرب أسوان أغني أغنياء العالم في القرن الماضي الذي وزنه أتباعه‏9‏ مرات بالذهب والماس والبلاتين وكان متوسط وزنه‏210‏ أرطال وله من الأبناء ولدان علي خان زوج نجمة هوليوود ريتا هيوارث الذي راح ضحية حادث سيارة‏,‏ وصدرالدين خان عاشق الآثار الذي جدد حديقة الأزهر واقتني بيت الفن الأثري في درب اللبانة بالقلعة ليقوم بإعادته لرونقه القديم‏,‏ وله من الأحفاد كريم وأمين وياسمين أبناء ريتا وعلي الذين لهم حق الإرث في ثروة جدهم الضخمة في عواصم العالم من أموال وعقارات في باكستان وسويسرا والقاهرة التي تمتد أملاكهم فيها في نهاية كورنيش النيل من عند شبرا‏..‏ في دردشة أغاخان الذي كان يتقن العربية مع الملاخ قال إنه من الحماقة لأي بدين محاولة إنقاص وزنه باتباع ريجيم قاسي يتسبب في ضعفه‏,‏ فالأفضل له أن يكون قويا من أن يكون ناعما‏,‏ والعدو هنا هو الرخاوة لا الحجم‏,‏ وكان الملاخ قد دعا البيجوم أم حبيبة الزوجة الرابعة لأغاخان وكان اسمها قبل الزواج فيفيت لابرس عندما انتخبت ملكة جمال لفرنسا‏..‏ دعاها للركوب معه في سيارته العتيقة المتواضعة بسائقها المرتدي طربوشه الأحمر الطويل ليصحبها لكلية الفنون الجميلة للالتحاق بالقسم الحر لدراسة فن النحت الذي تعشقه كما اصطحب من بعدها إليزابيث تايلور ضيفته في مهرجان السينما للقاء الرئيس السادات ,‏ وكتبت أم حبيبة طلب الالتحاق في مكتب العميد لكنها لم تكمل مشروعها الفني لانشغالها بمهام زوجة زعيم الطائفة‏,‏ وباع الملاخ عربته بمبلغ قدره‏120‏ جنيها احتفظ بالمائة ومنح السائق العشرين‏,‏ وظل يلبي طلبات كبار الطائفة الإسماعيلية الذين يأتون إليه يرجونه باستخدام نفوذه لدي فندق سميراميس القديم الذي ينزل فيه أغاخان أثناء وجوده في القاهرة ليوصي بأن يملأوا لهم بعضا من مياه استحمام الزعيم في قوارير يتبركون بمائها المقدس عند العودة إلي بلادهم سواء في أفريقيا أو علي مشارف الهند وباكستان‏,‏ وقد وجدها خدم الحاشية من رجال الفندق فرصة مواتية بعد توصية الملاخ‏.‏
ورغم النجاح الذي كانت تحققه كتب الملاخ‏,‏ فقد كان صديقه الصحفي جليل البنداري يتندر عليه بقوله‏:‏ إن الملاخ لا يلجأ للتأليف إلا عندما يكون مفلسا‏,‏ فيغلق عليه بابه ويكتفي في منزله وحيدا بلا زوجة ولا أولاد بطعام من الخبز والجبن ليؤلف أويترجم كتابا يغنيه عن سؤال البنوك‏!..‏ ورغم دعابات البنداري إلا أن ثلاثة من كتب الملاخ قامت بإصدارها مجلة نيوزويك الأمريكية وحصل أحدها علي جائزة الكتاب الأول في الولايات المتحدة وكان باسم تحف توت عنخ آمون الذهبية‏,‏ ومن بعد جائزة الدولة التقديرية في الفنون منحه الرئيس حسني مبارك وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي فكان قمة تكريم له في بلده‏,‏ ليكرم بعدها من مركز أبحاث الفضاء في ولاية كلورادو الأمريكية بإطلاق اسمه علي أحد نجوم السماء تحت رقم معين سجل في لوحة تذكارية تقديرا لأبحاثه وكشوفه الأثرية ونشر الإعلام والوعي بالحضارة المصرية علي مدي‏40‏ عاما‏.‏
ولد كمال وليم يونان الملاخ ابن أسيوط في‏26‏ أكتوبر‏1918‏ ربيب الكتاب ولوح الإردواز الذي ينتقل بحكم عمل والده في بنك مصر إلي المدرسة الابتدائية بالمحلة الكبري‏,‏ وبعدها السعيدية الثانوية التي أقام فيها معرضا خاصا وهو لم يزل في الرابعة عشرة يقوم بافتتاحه الصحفي الكبير أحمد الصاوي محمد‏,‏ وبعدها معرضا آخر أثناء دراسته بقسم العمارة بكلية الفنون الجميلة في قاعة جولدنبرج بشارع قصر النيل مكان الصالون الأخضر حاليا‏,‏ وكان العارضون ثلاثة هم كامل التلمساني‏,‏ والإيطالي جان موسكاتيللي‏,‏ وكمال الملاخ أصغرهم الذي ذهب ليدعو طه حسين في مسكنه بالجوار لحضور المعرض فلبي دعوة الفنان الصغير الذي اصطحبه ليشرح له كل لوحة‏,‏ وعند تخرجه وتعيينه مدرسا في قسم العمارة نصحه طه حسين بالاتجاه للعمل بالآثار المصرية التي لابد وألا تترك للأبد في أيدي الأجانب‏..‏ ولبي الملاخ النصيحة والتحق بمعهد الآثار ليحصل علي درجة الماجستير في فقه العلوم المصرية القديمة‏,‏ وسحره الأثر والتاريخ ليغدو مرمما ومشاركا في إنقاذ الكثير من الآثار في النوبة والواحات والمنيا وتل العمارنة وسقارة‏,‏ ثم منقبا ومكتشفا يرتبط اسمه بكشف أثري بالغ الأهمية عرف باسم مراكب الشمس وحظي باهتمام الصحافة المحلية والعالمية منذ الإعلان عنه‏,‏ وكان ذلك أثناء عمله عندما كشف حفرة طولها‏30‏ مترا جنوب شرق الهرم الأكبر بداخلها مركب فرعون خوفو الذي توفي قبل‏45‏ قرنا‏...‏ وتقع المفاجأة عندما أتت بعثة أمريكية بعد‏33‏ سنة من إعلان الاكتشاف لتؤكد وجود مركب شمس ثانية في حفرة بجوار الأولي من جهة الغرب‏..‏ ويطالب الملاخ بنسب الكشف الجديد إليه بعد أن كان قد أشار إليه مسبقا منذ‏33‏ عاما‏,‏ فإذا بهيئة الآثار تجرده من الكشفين معا‏,‏ ويهيم الرجل علي وجهه حاملا حقيبته السوداء التي تحوي مذكراته الفنية والهندسية ويوميات عمله بالساعة والدقيقة أثناء الكشف عن مركبة الشمس الأولي مع ذكر قياسات وأحجام وتحليلات تربة الكتل التي تم رفعها لتتبدي المركب الخشبي التاريخي للعيان في‏26‏ مايو‏(‏آيار‏)‏ عام‏1954‏ ويبلغ طولها بعد إعادة تركيبها مايزيد بقليل علي‏47‏ مترا‏..‏ ورغم الإنكار والتجريد فإنه عندما مات لم تجد الصحف عنوانا تشير به إلي خبر رحيله سوي مات مكتشف مركب الشمس‏..‏
ولأنها كانت أقرب الناس إليه‏..‏ الصحفية والزميلة القديرة أليس الملاخ أكبر بنات أشقائه عمرا وراعيته التي يأنس لها ويثق بدأبها وخبرتها فقد عهد إليها قبل وفاته بأيام بحقيبته السوداء مصحوبة بثلاثة أشرطة كاسيت مسجلة بصوته بالإنجليزية لمؤتمر صحفي كان قد عقده في الجامعة الأمريكية بعد كشفه‏,‏ يتحدث فيه عن تفاصيل الكشف وعن المذكرات التي كتبها وكيف يعتز بها وتصحبه أينما ذهب‏..‏ وبهذا الإرث المرهق ألقي كمال الملاخ علي كاهل ابنة الأخ مهمة تكملة المشوار الصعب ونشر المذكرات في كتاب‏..‏ وكانت أليس عندما ذهبت للاطمئنان الدوري عليه بعد عيد ميلاده بثلاثة أيام وجدته قد فارق الحياة في وضع النائم وقد وضع يديه علي صدره في وضع معاكس كما هو معروف عند الفراعنة‏,‏ وقد سقطت سماعة التليفون إلي جانبه معلنة انتهاء صلته بالعالم فقد كان آخر أشقائه وشقيقاته الستة الذين فقدهم جميعا قبل رحيله‏...‏ مات مهموما وحساسية الكمد تأكل جسده قشورا تتساقط بفعل الصدفية‏..‏ استقبل الموت وفي قلبه غصة‏..‏ غصة من الأصدقاء مثل الأعداء‏..‏ غصة من زملاء سلبوه شرف اكتشافه وأبعدوه عن حبه الأوحد‏,‏ ومن مفارقات القدر أن ينعي وزير الثقافة محمد عبدالحميد رضوان الملاخ في صفحة الوفيات بينما خبر وفاته هو علي الصفحة الأولي‏,‏ وكان الاثنان قد اختصما طويلا بسبب مهرجان القاهرة للسينما‏,‏ وأوبرا أنس الوجود‏..‏ والآثار‏..‏
كان الملاخ قد كتب خبر نعيه بيده ووضعه في درج مكتبه‏,‏ وأتي زميل العمر أنيس منصور ليكتب النعي بأسلوب الملاخ ليغدو‏:‏ ولد كمال وليم الملاخ 69‏ عاما و‏36‏ساعة و‏26‏دقيقة في السنة التي ولد فيها الزعيمان جمال عبدالناصر وأنور السادات والمستشار الألماني هلموت شميت والأديب الروسي الفائز بجائزة نوبل في الأدب سولجنتسين والموسيقار برنتشين والداعية المسيحي العالمي بيلي جراهام والموسيقار النمساوي فون أنيم‏..‏ وفي نفس العام ظهرت لوحات الفنان موديلياني مستخدما الخط بدلا من الضوء والمساحة‏..‏ ونشر المهندس المعماري العالمي لوكور بوزنيه البيان الشهير وتوفي الموسيقار دبيسي‏..‏ ورغم القنابل علي فرنسا فإن أوبرا باريس قد فتحت أبوابها لتقديم أوبرا فاوست للموسيقار الفرنسي جونو‏..‏ ومنحت جائزة نوبل في الفيزياء للعالم الألماني العبقري ماكس بلانك‏..‏ وأكمل العلماء بناء مرصد ويلسون في كاليفورنيا‏..‏ ثم أعلن الحلفاء رسميا عن خسائر الحرب العالمية الأولي‏,‏ القتلي‏8‏ ملايين والجرحي‏21‏ مليونا والأسري‏7‏ ملايين والسفن الغارقة تزن‏15‏ مليون طن والقوات التي حاربت بلغت‏63‏ مليونا‏..‏ وأن الملاكم الأمريكي ديميس الذي عرض له التليفزيون أول أمس فيلما عن حياته قد انتصر بالضربة القاضية علي منافسه الجبار كارل موريس‏,‏ واستغرقت الجولة‏14‏ ثانية‏..‏ وقبل خمسين عاما في‏1868‏ ولد الأديب الفرنسي أندريه جيد والزعيم الهندي غاندي والرسام الفرنسي ماتيس والمهندس الأمريكي العالمي دافيد رايت‏..‏ وقبل مائة عام‏1818‏ ولد الفيلسوف الثوري كارل ماركس والموسيقار الفرنسي جونو والأديب الروسي ترجنيف‏..‏ أما العرافة البرازيلية جابرييللا دلاروثه فقد تنبأت بميلاد توءمين متلاصقين في الشرق الأوسط يقتل أحدهما الآخر‏!‏ فهل قصدت كمال الملاخ الفنان والأثري وكيف أنهما توءمان لا ينفصلان‏..‏ ثم إن عذابه واضطهاده كعالم أثري قد أودي بحياة الفنان فمات الاثنان معا؟‏!‏ يرحمهما الله‏..‏
بين أوراقي صحبة من الزهور العطرة رسمها كمال الملاخ يهنئني تحت زهرة منها بالعام الجديد‏,‏ ويتمني لي سرعة الشفاء مع زهرة أخري‏..‏ وربما كانت أجمل زهرة استنشقت عبيرها الزكي لم يوقعها الملاخ بإمضائه وإنما بمصريته الأصيلة جاء ذكرها علي لسان أحد علمائنا الأزهريين‏,‏ وكان قد انتدب لبعض مهام الدعوة في لندن‏,‏ فذكر أنه كان يتجول في المدينة حين ساقته قدماه بلا تحفظ إلي حي بيكاديللي‏,‏ فتقدم منه رجل عريض احتضنه بقوة وحنان وسأله في فزع‏:‏ إنت رايح فين يا فضيلة الشيخ؟‏!‏ وأخذ بيده حتي أخرجه من هذا الحي اللعين‏..‏ وكان طبيعيا أن يسأل الشيخ صاحبه‏:‏ ومن تكون؟‏!‏ فعلم أنه كمال الملاخ‏..‏ والمعروف أن حي بيكاديللي به مناطق موبوءة ومناظر فاضحة خارج نطاق الفضيلة‏,‏ ولم يكن يرقب كمال الملاخ هنا إلا الله‏,‏ وتصرفه التلقائي هذا يعكس غيرة صادقة نابعة من القلب‏..‏ تصرف كمال الملاخ يعكس إيمانه وهو القبطي بأن الشيخ بزيه المعروف وهو علم مشهر هو رمز لأمة وضمير‏,‏ وإبعاده عن مواطن الشبهة إنقاذ للشرف الوطني‏..‏ فمد يده وصدره لاحتضانه بلا تردد وبلا تفكير‏.....‏
[email protected]

المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.