هذا الحوار تم بالأمس مع الأستاذ عبد العظيم درويش مدير تحرير الأهرام وقبل الإعلان عن التغييرات الصحفية ، وللأمانة .. كثير من الأسئلة والإجابات لم تكن تحتاج لتعديل لأنها لم تكن تركز على أشخاص بعينهم بقدر ما هى رؤية لأحد المسئولين عن هذه الصحيفة العريقة والتى كانت مؤخراً – بشكل أو بآخر – محل إنتقادات عديدة ، بدون مقدمات أكثر تعالوا لنعرف ماذا يدور داخل صالة تحرير الأهرام الآن . تصوير : محمد لطفى جهد كبير كان – ومازال – يبذله صحفيو الأهرام منذ نجاح الثورة وحتى الأمس .. ألم تشعر بنوع من الضيق بسبب إصرار الكثيرين على عدم الالتفات لهذا الجهد قبل تغيير رئيس التحرير ؟! بصفة عامة من الظلم جداً اختزال مؤسسة فى اسم شخص واحد .. لكن هذا يعود بنا لفكرة تعطيل المادة الخاصة في قانون الصحافة بتشكيل مجلس تحرير يحدد سياسات تحرير الجريدة بحيث لا ينفرد رئيس التحرير بذلك وبالتالي يحاسب علي ما يكتبه بخط يده فقط كمقال رأي ، أما عمل الجريدة فيجب ألا يخضع لتقييم الناس لشخص رئيس التحرير . عفواً .. وهل كانت لجريدة الأهرام سياسة تحرير واضحة ؟! الأهرام كانت بالفعل له سياسة تحرير واضحة حتى 6 سنوات ماضية .. كان بالفعل ديوان الحياة ويعكس الضمير الوطنى ويترجم كلمة " قومية " ويضم كافة الأراء ووجهات النظر والتيارات ، لكن فى السنوات الأخيرة كانت هناك محاولة للحفاظ على هذه الفكرة .. لكن للأسف كان هناك نوع من " الاختطاف " لسياسة التحرير من جانب الحكومة وقيادات الحزب الوطنى ، ومال الأهرام فى هذه الفترة لمساندة الحكومة فى كل شيء رغم وجود مقالات للرأي وأعمدة تنتقد الحكومة بشكل في اعتقادي يفوق ما كانت تنشره بعض الصحف الحزبية الأكثر ضراوة فى معارضتها . لكن هذه المقالات كانت استثناء بسيط .. كما أنها اختفت بمرور الوقت بعد " تهجير " الأقلام الشهيرة والكبيرة من الأهرام ؟! بالفعل هذا صحيح .. وأنا أصف ما حدث ب " تجريف " للأقلام التى كانت تحاول أن يكون هناك توازن فى الصحيفة . ومن قام بهذا " التجريف " ؟! رئيس التحرير كانت له وجهة نظر فيما يتعلق بالكتاب ، وهو المسئول عن رحيل بعضهم بسبب تدخله فيما يكتبونه وهو ما جعلهم يرحلون . عموماً لنكن أكثر وضوحاً ، خلال ال18 يوماً للثورة وقبل تنحى الرئيس السابق كانت كثير من المظاهرات تقف أمام الأهرام وتهتف ضده .. فأين كانت سياسة التحرير الواضحة ؟! الأهرام وقع فى عدة أخطاء أكبرهما ما حدث يوم 26 يناير عندما فرض رئيس التحرير رأيه بأن تكون مظاهرات لبنان هى المانشيت متجاهلاً ما حدث فى مصر ، والزميل العزيز الذى كان مسئولاً عن الطبعة الثانية لم يقم بأي " غيار " أو تغيير للمانشيت ، الواقعة الثانية في يوم 3 فبراير – اليوم التالى لموقعة الجحش على رأي ثوار التحرير – حيث أصر رئيس التحرير على مانشيت خاص بمظاهرات التأييد في مصطفي محمود ولم ينقل حقيقة ما كان يدور في ميدان التحرير . لكن لو قمنا بتحليل مضمون لما كانت تنشره الأهرام طوال أيام الثورة .. الحكاية ليست مجرد مانشيت في يومين ، الجريدة حتى قبل تنحي مبارك كان موقفها مع النظام السابق ؟! لا ..حاولنا أن نقترب من الشارع المصرى فيما بعد 3 فبراير . وبالتالي كثيرون كانوا محقين عندما اندهشوا من مانشيت الأهرام " الشعب أسقط النظام " بينما لايزال اسم رئيس التحرير على الترويسة .. فأي نظام سقط مع بقاء أجهزة إعلامه والمروجة لسياساته بنفس قياداتها ؟! هذا المانشيت كان بداية التصحيح .. هنا قرر أسامة سرايا أن يمنح الفرصة للرأي الآخر بصورة أكثر واقعية وبدأ يستجيب فيما كان يرفضه . أيهما أفضل في رأيك .. الذين كانوا ضد الثورة من بدايتها وبعد ذلك تلونت كتاباتهم حتى ولو كانت بلا قيمة أو غير مفهومة ومكشوفة للناس .. أم من ظلوا على مواقفهم مثل عبد الله كمال ؟! بالطبع أقدر كثيراً موقف عبد الله كمال لإنه مازال متشبثاً بأفكاره وشبهته ب " موسي صبرى " الذى ظل على ولائه للرئيس السادات فى عز الهجوم عليه ، هو ظل حتى بعد الثورة يكتب ما هو مقتنع به وقرر التحول للمعارضة للنظام الجديد بنفس أفكاره . هل تعتقد أنه من السهولة وصول مفاهيم ومطالب وأفكار الثورة – بالطريقة والمضمون الذى نادي به الشباب فى ميدان التحرير – إلى المؤسسات الصحفية وخاصة الأهرام ؟! تقصد ببساطة إنه لا يعجبنا رئيس التحرير فنقرر خلعه .. أنا أتصور أن هذا صعب ، فالشعب المصرى بكل مؤسساته كان يعمل بشكل أو بآخر مع النظام القديم ، وبالتالي تفريغ هذه المؤسسات من كل قياداتها غير منطقي .. أنا أعتقد أن التمهل في لحظة الحماس الثوري مهم حتى لا نتخذ قرارات متسرعة ، ثقافة تفكير الأزمة يجب أن تختفى الآن ولابد أن نمنح فرصة لالتقاط الأنفاس والعمل ، أما فكرة اختيار رئيس التحرير بالانتخاب فهي وجيهة لو ارتبطت بالكفاءة ، فنحن لسنا حزبيين وهناك مجال للعمل السياسي ونحن مهنيين .. أي أن معايير الاختيار تتم على أسس مهنية على الأقل بنسبة 80 % والباقي لفكرة التوافق العام ، فنحن نعمل في مهنة ولسنا سياسيين . لكن هنا رأي آخر قد يرد قائلاً " ومنذ متى كانت اختيارات القيادات الصحفية تتم بأسس مهنية حتى يصبح من المفروض علينا الآن التمسك بما هو ثبت أنه شعار لا يطبق " ؟! لنفرض أن هذا كان يحدث .. لكنه خطأ وبالتالي مادمنا نعيش نتائج ثورة حقيقية لابد أن نصحح الأوضاع فى كل شيء . ولو كان الأهرام يصحح .. لماذا كان " شباب التحرير " مجرد ملحق ولم يتم تعميمه سواء تحريرياً أو فنياً على السياسة العام للجريدة ، فهل هى ماتزال على حالها بينما أكتفت بملحق " موجه " إلى شباب التحرير ؟! شباب التحرير كانت بمبادرة من شباب الثورة من صحفيي الأهرام ، وهذا الملحق ببساطة عبارة عن " إعتذار علنى " من الأهرام للقاريء ، وهو جزء من الجريدة وليس " جريدة موازية " بل هو مكمل لها ، وهناك فارق بين الملحق والجريدة ..فالأول به نوع من التجربة الذاتية والشخصية ومساحة الرأي فيه أوسع ، بينما الجريدة بطبعها " خبرية " وتتشابك مع كل قضايا المجتمع . هل تعرف خلال الشهر الماضي كم وصل توزيع جريدة الأهرام ؟! لا ..لا أعرف ، موجودة فى الإدارة .. خليط من كوني لم أطلبها ولم يضعها أحد أمامي ، عموماً هذا جانب إداري أنا بعيد عنه . لكن المسألة غير منفصلة ، مدير تحرير أي إصدار طبيعي أن يعرف لمن يتوجه وعددهم وفئاتهم ؟! كل واحد يكتب عارف هو يتحدث إلي من .. لكن عددهم فهذا لا يهم الكاتب ، فهل فى تصورك لو كان عددهم 10 أشخاص فقط كتابتي ستختلف لو كانوا 3 فقط ؟! على الأقل سأعرف أن هناك 7 قراء لا يشترون الجريدة وبالتالي سأبحث فى اسباب ذلك ؟! هناك دراسات للسوق نعرف أين نقف بالفعل وهذا يتم ، وقبل أحداث ثورة يناير كنا بدأنا فعلاً نحتفظ بفارق واضح مع بقية الصحف . وهل تعتقد أن هذا الفارق مازال موجوداً ؟! طبعاً هذا الفارق قل .. لأن المسئول عن التحرير وقتها وقع فى أخطاء ساهمت في ذلك .