يبدو أن أمناء الشرطة سيصبحون مصدر قلق وصداع فى رأس وزارة الداخلية خلال الفترة القادمة، فتصرفاتهم خلال الأيام الأخيرة لاتبشر بخير او ترسل برسالة مطمئنة للمواطن فى الشارع. اكبر دليل على تصرفات أمناء الشرطة السلبية خلال الفترة الأخيرة مقاطع الفيديو التى أنتشرت على مواقع التواصل الإجتماعى من سحل بعض أمناء الشرطة للمواطنين فى الشارع ومحطات المترو، فالقصة الأولى كانت فى شارع فيصل بمحافظة الجيزة حيث ظهر فى لقطة الفيديو عدد من أمناء الشرطة التابعين لإدارة المرور وهم ينهالون بالضرب على مواطن فى الشارع ويسحلونه على الأرض ويجردونه من ملابسه وينعتونه بألفاظ نابية. الواقعة الثانية التى أثارت مواقع التواصل الإجتماعى وفجرت غضب الشارع كانت خاصة بفيديو ضرب وسب شاب بمحطة مترو دار السلام من قبل مجموعة من افراد وامناء شرطة أمام خطيبته، بدأت الواقعة كما رواها بعض شهود العيان أن فتاة كانت واقفة على رصيف محطة المترو تنتظر خطيبها وبدأ مجموعة من الشباب فى معاكستها وذهبت للمجند المكلف بخدمة تأمين رصيف المحطة فرفض المجند التدخل لحماية الفتاة، وعندما جاء خطيبها وذهب للعسكرى ولامه عن تاخذله فى حماية الفتاة من الشباب الذين كانوا يعاكسونها وقعت مشادة كلامية بين الشاب والمجند. وأضاف شهود العيان، أنه بعد المشاده تجمع عدد من المجندين حول الشاب وبدأ صوت الطرفين يرتفع، حتى جاء احد أمناء الشرطة وسأل الشاب عن القصة فاخبره وطلب منه تحرير محضر ضد المجند، فرفض امين الشرطة لتتحول المشاده بين الشاب وامين الشرطة، ثم تتطور الأمر الى قيام امين الشرطة بضرب الشاب وسبه بالأب والأم كما ظهر فى الفيديو المتداول على مواقع التواصل الإجتماعى. لم تقف مشاكل أمناء الشرطة خلال الأسبوع الجارى عند هاتين الواقعتين، بل أمتدت حتى محافظ الشرقية بعد أن قام عدد كبير من أمناء الشرطة التابعين لمديرية أمن الشرقية بتنظيم وقفة احتجاجية أمام ديوان عام المديرية للمطالبة بعدد من المطالب منها العلاج بمستشفيات الشرطة، وزيادة بدل المخاطر، فضلًا عن صرف الحوافز والعلاوات المتأخرة، وحافز قناة السويس. كل هذه كانت تصرفات أمناء الشرطة فى الأيام الأخيرة، لكن ماذا كان رد فعل وزارة الداخلية عن تصرفات رجالها، هذا ما اخبرنا به اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية للعلاقات والإعلام حيث قال: "توجيهات السيد مجدى عبد الغفار وزير الداخلية هى عدم التستر على اى تجاوز يحدث من رجال الشرطة"، مؤكدا أن وزير الداخلية قد أمر بتحويل أمناء الشرطة الخاصين بواقعة سحل احد المواطنين بفيصل إلى التحقيق، وتحويل هذا الملف كاملة إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيق وتصدر فيه قرارها، ومهما كانت نتجية التحقيق سوف تلتزم وزارة الداخلية فى تنفيذها وإعلان نتائجها للرأى العام. وأشار اللواء أبو بكر عبد الكريم، إلى أن تلك الوقائع تعتبر وقائع فردية لانستطيع قياس اداء الداخلية عليها، لأن مقابل مثل هذه الوقائع هناك يوميا شهداء يذهبون ضحية الإرهاب من رجال الشرطة سواء كانوا ضباط او امناء شرطة أو أفراد، حتى أسر رجال الشرطة لم تسلم من نار الإرهاب واخرهم كانت واقعة إستشهاد بنت ضابط شرطة الفيوم. اما بالنسبة لحالة الإضراب التى بدأت تدب بين صفوف أمناء الشرطة، أكد مساعد وزير الداخلية للعلاقات والإعلام أن السيد مجدى عبد الغفار، وزير الداخلية امر بتوجيه لجنة مكونه من عدد من قيادات الوزارة إلى مديرية أمن الشرقية لبحث مطالب أمناء شرطة المديرية وتلبيتها. هذا وقد نفى مصدر أمنى رفيع المستوى تضامن عدد من أمناء الشرطة فى باقى المحافظات مع زملائهم فى مديرية أمن الشرقية، وأن الوقفة الإحتجاجية التى نظمها الأمناء لم تحدث إلا فى محافظة الشرقية فقط، ويتم حلها الأن. واوضح المصدر الأمنى، انه بالنسبة لواقعة الإعتداء على شاب فى محطة مترو دار السلام فهى بها سوء تفاهم كبير، فالشاب الذى ظهر فى الفيديو وهو يضرب من امناء الشرطة هو مسجل خطر هو والفتاة التى كانت بصحبته، وأن المشاجرة بدأت بينه وبين شباب كانوا يعاكسون الفتاة التى كانت معه وعندما تدخلت الخدمة المكلفة بتأمين المحطة لفض الإشتباك قام الشاب المسجل خطر بالتطاول بالضرب على خدمة المحطة دون سبب مما دفع امناء الشرطة الى الدفاع عن أنفسهم، لكن للأسف الفيديو الذى تم تصويره تم اقتطاع الجزء الذى يعتدى فيه الشاب المسجل خطر بضرب افراد الخدمة وبث فقط الجزء الذى يدافع فيه امناء الشرطة عن أنفسهم. لكن السؤال الذى يطرح نفسه بعد أزمة أمناء شرطة الشرقية، هو مايفعله هؤلاء الأمناء قانونى ام يتعارض مع قانون التظاهر؟ .. اذا لم يكن غير قانونى فما العقوبة التى تنظرهم؟.. هل يمكن أن نسمى مافعلوه إعتصام مشروع يسمح به القانون؟.. هذا ما يجيب عنه الدكتور محمود كبيش- عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة السابق: " فى البداية ما فعله أمناء شرطة الشرقية طبقا للقانون والدستور جريمة يعاقب عليها القانون"، فقانون التظاهر نص على أن كل مواطن من حقه التظاهر بشكل سلمى ولكن قبل التظاهر يجب إصدار تصريح مسبق من وزارة الداخلية تخطر فيه بأسباب التظاهر ومكانه وتوقيته، وفى حال عدم إصدار التصريح لا يحق لهذا المواطن التظاهر، وفى حال السماح بالتظاهر تكون المظاهرة سلمية لايتم فيها اى اعمال تخريب او تعطيل حركة المرور او المصالح العامة. واوضح كبيش أن ما فعله امناء الشرطة فى الشرقية يتنافى مع كل بنود قانون التظاهر، فهم تظاهروا بدون إذن مسبق من وزارة الداخلية، ولم يخطروا الجهات المسؤولة عن مكان وموعد المظاهرة، وقاموا بتعطيل المصالح العامة بإغلاق أقسام الشرطة التى هى جهة خدمية للمواطنين لا يصح غلقها لاى سبب مثل المستشفى. وطالب عميد كلية الحقوق السابق بتطبيق القانون على هؤلاء الأمناء والقبض عليهم وتحويلهم للتحقيق بتهمة تعطيل المصالح العامة والتظاهر بدون إذن، مؤكدا أن لم تفعل الدولة هذا فستكون الفوضى هى عنوان المرحلة القادمة.